«نظرية الحمص»... لمسات وهوية مختلفة لاختصاصية تغذية

مدوَّنة تقدم لذائذ المطبخ الفلسطيني التقليدي بطرقٍ صحية

TT

«نظرية الحمص»... لمسات وهوية مختلفة لاختصاصية تغذية

زعتر أو بيستو بدلاً من الصلصات الدسمة، وخضراوات لا تُستخدم عادةً في السلاطات، وريحان طازج يؤنس الأطباق، ذلك بعضٌ مما تجرّبه ديالا شاهين التي تضيف بكل حماسٍ العدس إلى السلاطة مع أن الفلسطينيين اعتادوا في تراثهم على طهيه إما في الحساء أو في المجدرة.
وترتجل اختصاصية التغذية في إجراء تعديلٍ كاملٍ على الفريكة، أحد المكونات المشهورة في المطبخ الفلسطيني والتي تُحضر كشوربة في أيام الشتاء، طاهيةً منها أكلة كريمية مليئة بالنكهات، وفي نهارات مليئة بالحب تعجن فطائر السبانخ كاملة القمح وتقدم إلى جانبها سلاطة الكينوا الفلاحية أو سلاطة البرغل مع قوس قزح الخضراوات.
تنفتح شهيتها أكثر في أيام الجُمع لتحضير الفطور الفلسطيني المعروف بغموساته، راسمةً من مكونات محلية مغذية لوحة ألوان في صحون الخزف الزرقاء المزخرفة؛ مزدانة بالشكشوكة وقلاية البندورة والحمص والفول ومناقيش الزعتر؛ واللبنة مع الجوز والتين.
ولا يقاوم محبو «البرغر التقليدي» برغر ديالا النباتي، محتفيةً بمقاديره «الفلافل والفليفلة الحمراء المشوية مع الجبنة النابلسية البيضاء والبقدونس والرمان»، وتبدو لذيذة قوارب الباذنجان البيتري -نسبة إلى قرية بيتر في بيت لحم- المشوية مع صلصة الطحينة، لقد نجحت في تغيير المفهوم النمطي للطبق الصحي والذي يمكن أن يتجاوز ما هو أبعد من سلاطة وصدر دجاج مشوي، حسب قولها.
ديالا شابة خَليلية تخرجت في جامعة بريتيش كولومبيا في كندا «تخصص تغذية وصحة»، اختارت اسما جذاباً لمدونتها «نظرية الحمص» التي تخاطب فيها منذ ثلاثة أعوام باللغتين العربية والإنجليزية المجتمع المحلي والعالمي على حدٍّ سواء.
لا رتابة في أسلوب العرض، فوميض القصة والصورة له إشراقة محببة عند حديثها عن أطباق صحية ومحّدثة ذات جذور فلسطينية تقليدية تحضرّها بطريقة بسيطة وعملية لتجذب فئة الشباب بما يتماشى مع إرشادات التغذية الصحية، ضمن توليفة تختصر الطعام والثقافة والفن والعادات والتقاليد والتاريخ تطبخها جميعاً على نارٍ هادئة، آملةً من وراء هذا الجهد أن تغدو مدونتها دليلاً نافعاً لجيل الشباب.
ديالا في حديثها مع «الشرق الأوسط» أبدت اعتزازها بالمطبخ الفلسطيني الذي تراه واحداً من أغنى مطابخ العالم بالمكونات الصحية سيما مصادر البروتين النباتية مثل البقوليات التي لا غنى عنها كالعدس والحمص والفول، ويُعد محظوظاً بزيت الزيتون والدهون الصحية والخضراوات والفواكه والأعشاب واللحوم والتي تشكّل جمعاء منه نظاماً غذائياً مثالياً.
«هل من السهل على المرء أن يتخذ قراراً بالسير على نظامٍ صحي؟»... عاشقة «الحمص الحَب والطحينية»؛ الحمص الذي ألهمها باسم مدونتها ثائرة على أي محاولة لسرقته وتهويده من قِبل (إسرائيل)، تجيب عن سؤالي بالقول: «لا بد من توفر إرادة ونية للتغيير، ومن الضرورة بمكان الاقتناع بأهمية بناء علاقة صحية بين الأسرة والطعام والأخذ بزمام المبادرة لتغيير بعض عادات الطهي في ظل توفر وصفات صحية سهلة التطبيق، أعلم أنها ليست بخطوة سهلة وتتطلب وقتاً ومعرفة كافية، فأحياناً نظن أن عاداتنا صحية في حين أنها تكون بخلاف ذلك بسبب المعلومات المغلوطة المتداولة في موضوع التغذية».
- مسخّن للأحباب
في أثناء دراستها في كندا وبعد أن صارت ديالا تعيش بمفردها اكتشفت شغفها بالطهي ثم أخذت بنهم تتابع وصفات الطهاة وتنضم لحصص طبخ إن سنحَت الفرصة، وفي تلك الفترة لاحظت أن الكثيرين لا يعرفون عن الشعب الفلسطيني وثقافته ويتساءلون حول ذلك، ثم ظهرت أمامها فجوة أخرى تكمن في عدم معرفة المجتمع العربي نفسه بمكونات المطبخ التقليدي وعظم قيمتها الصحية، مما ولّد رغبة ملحّة لديها للكشف عن كنوز الأطباق الشعبية وإبراز ما تحويه من عناصر غذائية، معقبة بالقول: «يحزنني ابتعاد الأجيال الجديدة عن المطبخ الفلسطيني واستبدال الأطعمة الجاهزة والدهون غير الصحية به».
وتضيف: «متى سندرك أن الطبق الصحي لا يعني مكونات من المستحيل إيجادها أو التنازل عن الطعم والرائحة أو الحرمان من الطعام المفضل؟ طبق صحي يعني تغييرات صغيرة وبدائل بسيطة مع تحديد الكميات».
ولأجل طبق متوازن تنصح بملء نصف الطبق بالخضراوات الطازجة «أقل من مطبوخة» وأن يحتوي النصف الآخر على نوع من الكربوهيدرات المعقدة مثل الفريكة والبرغل والباستا كاملة القمح والأرز البني والبطاطا الحلوة، وبعضاً من البروتين عالي الجودة على أن يكون النباتي منه مرتين أسبوعياً على الأقل، ونصيحتها الدائمة: «تأكدوا من إضافة خضراوات أو فواكه طازجة قدر الإمكان، وتجبنوا الإضافات عالية السعرات مثل الصلصات والتتبيلات».
تميل ديالا كثيراً إلى استخدام البقوليات مثل العدس والحمص والفول، وكذلك إلى المكونات المتوسطية مثل جبنة الفيتا والبندورة المجففة والريحان، بالإضافة إلى البهارات مثل الزعتر والسماق، كلها تمنح نكهة طيبة وتحقق التوازن المطلوب، تبعاً لقولها، أما الحمص فإنها لا تتردد في تناوله مع أي طبق وأياً كان موعد الوجبة، ولا تملّ أبداً من تحضيره بنكهات وأطباق جديدة، وبالنظر إلى الفلافل فإنها قدمته بطرقٍ مختلفة وفي جميعها كان مشوياً.
«إذا حدا بحبك كتير بحضرلك مسخن» لا يختلف اثنان على ذلك، لذا سارعت الشابة الفلسطينية إلى تحضير المسخن بطريقة صحية تتحكم بموجبها في كمية زيت الزيتون، وتحلّ هنا صدور الدجاج بدلاً من الأفخاذ مع السماق والبصل و«خبز شراك» وإلى جانبه اللبن أو السلاطة الملونة، وبطبيعة الحال نال «مسخنها» إعجاب الكثيرين، فيما قدّمت الشاورما على هيئة سلاطة وتحكمت فيها بمقدار الزيت والبهارات، وقلّلت في المخبوزات من السكر والزبدة.
وتحاول لفت الانتباه إلى التنوع؛ فبدلاً من التركيز على الدجاج واللحوم الحمراء تتجه إلى تقديم الأسماك بطرق سهلة وصحية، ولا تَغفل عن تحضير وجبات رئيسة مشبعة تعتمد على مصادر البروتين النباتية، آخذة في الحسبان الحلويات التقليدية مثل مهلبية البرتقال.
إذن من الواضح أن تطوير الوصفات يكلفها الكثير من الوقت والجهد بما تقدره بخمس ساعات يومياً يتخللها تصوير وكتابة ونشر في وسائل التواصل الاجتماعي، ومع ذلك لا تشعر بأي تعب لأنها أولاً وأخيراً تستمتع باستحداث بدائل تحتاج إليها شخصياً ومن ثم تشاركها مع الناس.
- ببساطة وذكاء وحب
تنقل ديالا لمتابعيها أجواء يومياتها في أسواق مدينة رام الله التي تجولها بصحبة والدها لتنعم بفرحة صغيرة عندما تشم رائحة الخُضرة البلدية، ويوماً بعد آخر يزيد التفاعل معها بشكلٍ يفوق التوقعات، بعد أن تعرضت في البداية لانتقادات إزاء تغييرها في بعض الوصفات، في حين يجهل كثر أن المكونات التي تدخلها إنما هي من صميم المطبخ التقليدي ولكن يندر استخدامها الآن - والكلام لها.
تختار بحسٍّ جريء وخطى مدروسة أطعمة يفضلها الناس وتصحّح مفاهيم لم يكونوا على دراية بكنهها، فالذين غرقوا في سيل المعلومات المتناثرة هنا وهناك؛ وجدوا دليلاً سهلاً وواضحاً في «نظرية الحمص» وصار بوسعهم تحضير الطعام الصحي والالتزام به.
وعلى نحو لطيف تخص بعض الأطباق بأسماء طريفة مثل «ماما غنوج» الذي راق لها عندما تناولته في أحد المطاعم «بس هون رح تلاقي بابا غنوج بطريقة غير اعتيادية ومع قرمشة أكتر»، تقول ديالا، وبعيداً عن الترويج تزاول في مدونتها نشاطاً جميلاً بترشيح مطاعم ومخابز فلسطينية تقدم خيارات صحية، منها ما يوفر الخبز كامل القمح وخالياً من الغلوتين، ومخبوزاتٍ بلا سكر، قائلة: «أحب زيارة المطاعم التي تطهو كل شيء ببساطة وبذكاء وحب زي البيت بالظبط».
مشاعر الامتنان تغمر قلبها لأن المدونة فتحت لمستقبلها آفاقاً أرحب ضمن النظام الغذائي الطبيعي، من دون التسمرّ أمام المفاهيم العلمية الجامدة التي لا يتجاوزها بعض اختصاصيي التغذية. تخبرني بارتياح أنه تسنى لها في وقت باكر البدء بصنع هويتها الخاصة من خلال تقديم طرق سليمة وعصرية وسهلة وجاذبة للعين والاهتمام.
وتحدثني عن أنشطتها في هذا الصدد: «أحاول أحياناً الدمج بين المطبخ الفلسطيني والمطابخ العالمية حتى ألفت الأنظار إلى وجود مطبخنا وتنوعه، على سبيل المثال طبق الفاهيتا المكسيكي قدمته مع خبز الصاج والحمص».
تطوير لائحة الطعام الصحي لدى المطاعم الراغبة من بين أعمالها، وكذلك تنظيم دورات مجانية للأطفال ما بين حينٍ وآخر ليقينها أن تدفق المعلومات له فوائد أكبر عندما يأتي في عمر صغير، ومما يصقل خبرتها العمل في عيادة مع أطفالٍ لديهم صعوبات سيكولوجية وتغذوية، فمثلاً مرضى الصرع منهم توصي أمهاتهم باتباع نظامٍ يعتمد على الخضار والفواكه والحبوب الكاملة واللحوم قليلة الدهون.
عائلة ديالا تُعد مصدرها الأول الذي تستند إليه في وصفاتها، وأي حيوية تسري في عروق يديها حين تطبخ «المِدردرة» التي تعلّمتها من «خالتها مها»! واصفة إياها بالنسخة الصحية لوصفة المجدرة إذ تستبدل بالأرز البرغل في هذا الطبق المغذي الخضري والذي يدفئ القلب ويجمع العائلة حول «الطنجرة» وفق تعبيرها، فالبرغل يحتوي على فيتامينات ومعادن وألياف أكثر وسعرات أقل، لتسجلّ هدفاً في شِباك مرمى المثل القائل «العزّ للرز والبرغل شنق حاله».
تسعى هذه الفتاة بجِد إلى أن تصبح مدونتها مرجعاً ميسراً عند المجتمعات عامة؛ والشباب على وجه الخصوص لإعداد أطعمة أصيلة قادرة على تفادي أمراض مهمة مثل السمنة والسكري، أما الشق الثاني من رسالة المدونة فتقول بشأنه في ختام الحديث: «أتمنى أن تشبع (نظرية الحمص) شيئاً من فضول المهتمين خارج فلسطين للاطلاع على ثقافة وتاريخ وتراث شعب يُفتخر به، إيماني قوي بأن التغذية لغة عالمية يتوجب علينا استثمارها لإظهار جوهر حضارتنا، فالغذاء والفنون جنباً إلى جنب لغة مدهشة تملك إمكانية الوصول إلى البشرية».


مقالات ذات صلة

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات الشيف الفرنسي بيير هيرميه (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه لـ«الشرق الأوسط»: العرب يتمتعون بالروح الكريمة للضيافة

بيير هيرميه، حائز لقب «أفضل طاهي حلويات في العالم» عام 2016، ويمتلك خبرةً احترافيةً جعلت منه فناناً مبدعاً في إعداد «الماكارون» الفرنسيّة.

جوسلين إيليا (لندن )
مذاقات الشيف العالمي أكيرا باك (الشرق الأوسط)

الشيف أكيرا باك يفتتح مطعمه الجديد في حي السفارات بالرياض

أعلن الشيف العالمي أكيرا باك، اكتمال كل استعدادات افتتاح مطعمه الذي يحمل اسمه في قلب حي السفارات بالرياض، يوم 7 أكتوبر الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
مذاقات الشعيرية تدخل في أطباق حلوة ومالحة (الشرق الأوسط)

حكاية أقدم صانع شعيرية كردي في شمال سوريا

من بين حبال رقائق الشعيرية الطازجة ولونها الذهبي ورائحتها الطيبة، يقف الصناعي الكردي عبد الناصر قاسم برفقة زوجته، بوصفه أحد أقدم الحرفيين في صناعة الشعيرية…

كمال شيخو (القامشلي)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
TT

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً، وعندما نسمع أي طاهٍ يردد المقولة الأشهر: «الطهي بحبّ» (التي قد يجد البعض أنها أصبحت «كليشيه»)؛ أقول لهم إنه لا يمكن أن يبرع أي شيف بمهنته إلا إذا أحب مهنته ووقع بغرام الطهي لأن هذه المهنة لا يمكن أن ينجح بها إلا من يطبخ بحبّ.

يجب أن يتحلى الطاهي الخاص بمهنية عالية (الشرق الاوسط)

الطهي أنواع، والطهاة أنواع أيضاً، فهناك من يطبخ في مطعم، وهناك من يطبخ لعائلة أو يطبخ بشكل خاص في المنازل. أما «الشرق الأوسط» فقد قامت بتجربة الطعام في أحد المساكن الراقية، التابعة لـ«أولتميا كولكشن» (Ultima Collection) التي تضم عدة شاليهات وفيلات في أماكن كثيرة، مثل جنيف في سويسرا، وموجيف في فرنسا، وغيرها من الوجهات الراقية.

بوراتا مع الطماطم (الشرق الاوسط)

الإقامة في مجموعة «أولتيما» صفتها الرقي والرفاهية التي تمتد إلى ما هو أبعد من السكن، لتصل إلى الطبق، وبراعة فريق العمل في المطبخ في تقديم أجمل وألذّ الأطباق بحسب رغبة الزبون، ففكرة «أولتيما» تدور حول تأجير العقار لمدة أقلّها أسبوع، حيث يتولى فريق كامل من العاملين تلبية كافة احتياجات النزل، بما في ذلك تأمين طلبات الأكل وتنفيذ أي طبق يخطر على بال الزبون.

من الاطباق التي تبتكر يوميا في مجموعة أولتيما (الشرق الاوسط)

لفتنا في طهي الشيف أليساندرو بيرغامو، الطاهي التنفيذي في «أولتيما كوليكشن» والمسؤول عن ابتكار جميع لوائح الطعام في مجموعة أولتيما، أنه يحمل في نكهاته رائحة الشرق الأوسط، وبساطة الأطباق الأوروبية والمنتج الطازج وطريقة التقديم التي تنافس أهم المطاعم الحاصلة على نجوم ميشلان.

من الاطباق المبتكرة في "أولتيما"

في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، شرح الشيف أليساندرو بيرغامو كيفية تنفيذ عمله بهذه الطريقة الحرفية لمجموعة أشخاص تختلف ذائقاتهم وذوقهم في الأكل، فكان ردّه أنه يتم إعداد قوائم الطعام بعد دراسة ما يفضله الزبون، ويتم تعديل قائمة الطعام استناداً إلى تفضيلاتهم، ومعرفة ما إذا كان أحدهم يعاني من حساسية ما على منتج معين، بالإضافة إلى تلبية الطلبات الخاصة في الأكل.

طبق فتوش لذيذ مع استخدام البهارات الشرقية (الشرق الاوسط)

يقوم الشيف أليساندرو بالطهي لجنسيات مختلفة، لكن كيف يمكنك طهي طعام يناسب الجميع؟ أجاب: «يأتي كثير من العملاء لاكتشاف أطباق جديدة، ومطبخ كل طاهٍ ومنطقة. نحن نعدّ مجموعة متنوعة من الأطباق على طريقة طبخ البيت لتلبية كل الطلبات».

طاولة طعام تحضر لمجموعة واحدة من النزل (الشرق الاوسط)

تتمتع أطباق الشيف بيرغامو باستخدام كثير من البهارات العالمية، فسألناه عن سرّ نجاحه في الدمج بينها، فقال: «نحاول تحقيق التنوع في النكهات بين الحريف والحامض والحار والمالح. يتعلق الأمر بتحقيق التوازن والتناغم. وتتوفر لدينا اليوم أنواع متعددة من البهارات تسمح لنا بإجراء بحث ممتد، والتعاون مع طهاة عالميين من أجل التطوير المستمر للعمل».

مائدة طعام في أحد مساكن أولتيما العالمية (الشرق الاوسط)

وأضاف: «بالطبع، أحب البهارات، والإضافة التي تقدمها إلى طبق ما، أو نوع من الخضراوات. هناك كثير من البهارات التي أستمتع بها. منها جوزة الطيب والكزبرة والسماق والبابريكا».

وعن طبقه المفضل الذي لا يتعب من تحضيره، أجاب: «أحب طهي المعكرونة بأشكال مختلفة متنوعة، إلى جانب أطباق اللحم بالصوص».

مهنية تامة وروعة في التقديم (الشرق الاوسط)

ومن المعروف عن بعض الزبائن، الذين يختارون الإقامة في عقارات تابعة لمجموعة أولتيما، أن طلباتهم قد تكون كثيرة وغير اعتيادية أحياناً، والسؤال هنا؛ كيف يستطيع الطاهي الخاص أن يقوم بتلبية جميع الطلبات الخاصة؟ فأجاب الشيف ألسياندرو بأنه يحاول الاتصال بكل من يعرفه للعثور على المنتجات المطلوبة. وبفضل الموردين الذين يتعامل معهم، يضمن السرعة والكفاءة في الاستجابة لأي طلبات خاصة. وبالتالي يتمكن في غضون 24 ساعة من تحديد موقع المنتج وإحضاره لاستخدامه في أي طبق يطلبه الزبون.

أطباق جميلة ولذيذة (الشرق الاوسط)

يبقى السؤال الذي يطرحه نفسه هنا: أيهما أصعب، العمل في مطعم أم العمل كطاهٍ خاص؟ وكان ردّ الشيف أليساندرو: «في رأيي لأصبح طاهياً خاصاً، من الضروري أولاً العمل في المطاعم لأتعلم المهنة وطرق وفنون الطهي، ثم بعد ذلك إذا كنت أشعر بالارتياح تجاه التعامل بشكل مباشر مع العملاء، يمكن التفكير في أن أصبح طاهياً خاصاً. إن الأمر مختلف جداً لأنه في المطعم تكون لديك قائمة طعام، ويختار العملاء أطباقهم، لكن عندما تكون طاهياً خاصاً، تكون الوجبات معدّة بشكل كامل بناءً على تفضيلات العملاء».

مائدة الفطور في "غراند أولتيما" (الشرق الاوسط)

من هو الشيف أليساندرو بيرغامو؟

ولد في إقليم كومو في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 1989. نظراً لشغفه بالطهي الذي ظهر في سن مبكرة، وحلمه بالفعل بالمشاركة في مسابقة «بوكوس دور»، تدرب في مركز التكوين المهني والتمهين في مدينة سوندالو، بالقرب من مقاطعة سوندريو، ثم في مدرسة «كلوزوني» للطهي مع طهاة على صلة بالمسابقة.

بدأ بعد ذلك مسيرته المهنية الاحترافية بالعمل في فنادق رائدة كطاهٍ تنفيذي في كل من برغامو وفينيسيا وتاورمينا. وفي عام 2009، استقر في مدينة ليون، حيث عمل مع الطاهي بيير أورسي لمدة عامين في مطعمه الحائز على نجوم ميشلان، قبل الانضمام إلى فريق يانيك ألينو في «لي 1947 شوفال بلان» المطعم المملوك لكورشفيل الحائز على 3 نجوم ميشلان.

كذلك انضم، وهو يضع مسابقة «بوكوس دور» نصب عينيه، إلى فريق ريجيس ماركون، الطاهي الحاصل على 3 نجوم، والفائز بمسابقة «بوكوز دور» عام 1995 في سان بونيه لي فروا بفرنسا، ثم للطاهي بينواه فيدال في بلدة فال دي إيسير ليحصل مطعمه على ثاني نجمة من نجوم ميشلان بعد ذلك بعامين.

بعد تجاربه في فرنسا، انتقل أليساندرو إلى مونتريال في مطعم «ميزو بولود ريتز كارلتون» للعمل مع الطاهي دانييل بولود، وبعد فترة تدريب قصيرة في اليابان، عاد إلى إيطاليا للعمل إلى جانب مارتينو روجيري. وأثناء العمل في مطعم «كراكو» في «غاليريا فيتوريو إيمانويل» بميلانو، قرّر تحقيق حلمه، وبدأ مغامرة جديدة، وهي عالم منافسات الطهي.

أصبح أليساندرو عام 2019 مدرباً مساعداً في أكاديمية «بوكوس دور» بإيطاليا، وفاز بمسابقة «سان بليغرينو يانغ شيف»، التي تغطي إيطاليا وجنوب شرقي أوروبا، ليتمكن بذلك من الوصول إلى نهائيات العالم. وفي عام 2020، أثمر العمل الجاد لأليساندرو، وشغفه، ومساعدة فريق العمل معه، عن الفوز بمسابقة «بوكوس دور» في إيطاليا، ما أهّله إلى النهائيات الأوروبية، ثم إلى نهائيات العالم للمسابقة عام 2021، التي أقيمت في ليون، ما مثّل حدثاً مقدساً حقيقياً له، هو الذي لطالما كان يحلم بهذه التجربة المذهلة.

اليوم، بصفته طاهياً تنفيذياً، ينقل أليساندرو خبرته وشغفه، ويتألق من خلال تفانيه في العمل، ما يجعل فريق العمل في مؤسسة «أولتيما كوليكشن» يشعر بالفخر بوجوده معهم.