«النهضة» ترفض إجراء تعديل في حكومة المشيشي

«قلب تونس» يجتمع اليوم لتحديد موقفه من الائتلاف الجديد

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (أ.ب)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (أ.ب)
TT

«النهضة» ترفض إجراء تعديل في حكومة المشيشي

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (أ.ب)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (أ.ب)

أكد نور الدين البحيري، قيادي حركة النهضة التونسية (إسلامية)، أن حزبه لم يطرح خلال اجتماع مكتبه التنفيذي الأخير مسألة إجراء أي تعديل وزاري في حكومة هشام المشيشي بعد منحها ثقة البرلمان. وقال إن خيار كل الأطراف السياسية «هو مواصلة دعم الحكومة ومساندتها، والوقوف إلى جانبها، مع تسخير كل الطاقات والإمكانات حتى تتمكن تونس من الفوز في معركتها ضد المرض والفقر والتهميش والفساد... وإخراج البلاد من عنق الزجاجة ووضع القطار على السكة»، على حد قوله.
وبخصوص التحالف البرلماني الذي شكلته حركة النهضة مع حزب «قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة»، قال البحيري إن هذا التحالف «قام على أساس أولوياتها وخياراتها الاجتماعية والاقتصادية، وليس بين الأشخاص، وهناك فرق شائع بين قضية تلاحق رئيس حزب سياسي (نبيل القروي)، وبين رئيس حكومة لم يوفق بين معركته الشخصية ومعركة إنقاذ تونس»، في إشارة إلى إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة المستقيل.
ونفى البحيري أن يكون التحالف البرلماني، المكون من أكثر من 120 نائبا، موجها ضد أي طرف سياسي أو اجتماعي، بما في ذلك رئيس الجمهورية قيس سعيد، مبرزا أن هذا التحالف «تشكل فقط لخدمة تونس، وضمان المصلحة الوطنية العليا، ودعم حكومة هشام المشيشي، ومساعدتها على النجاح في تنفيذ أولوياتها الاجتماعية والاقتصادية».
وكانت بعض الأحزاب، التي تحولت الآن إلى صفوف المعارضة، قد ربطت بين منح الثقة لحكومة المشيشي من قبل أحزاب «النهضة» و«قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة»، وتعهد رئيس الحكومة بإجراء تحوير وزاري، يشمل سبع حقائب وزارية، وتغيير الأسماء المقترحة بسبب وجود عدة تحفظات بشأنها.
وفي هذا السياق، كشف زهير المغزاوي، رئيس حركة الشعب المعارضة، عن قرب تشكيل برلماني يتكون من 82 نائبا برلمانيا بهدف تعديل المشهد البرلماني، ومحاصرة الأطراف التي تسعى، حسبه، لابتزاز حكومة المشيشي، والسيطرة على قرارها السياسي بعد منحها أصواتها في جلسة نيل الثقة.على صعيد متصل، تعقد الكتلة البرلمانية لحزب «قلب تونس» أيامها البرلمانية اليوم وغدا الأحد، بهدف مناقشة عدد من الملفات الشائكة، وفي مقدمتها تحديد موقفها من حكومة المشيشي، وطبيعة العلاقة التي ستربطها مع بقية الأحزاب السياسية، ومطالبتها بإجراء تعديل على تركيبة الحكومة، بعد أن تحفظت على بعض الأسماء التي اقترحت لمناصب وزارية.
وفي هذا الشأن، أكد أسامة الخليفي، المتحدث باسم «قلب تونس»، أن من أولويات حزبه «إرساء المحكمة الدستورية المعطلة منذ أكثر من خمس سنوات، وهيئة الاتصال السمعي البصري، وسن ميثاق وطني لمقاومة الفقر، والمصادقة على عدد من القوانين الهادفة إلى تنشيط الاقتصاد، وحل عدد من الملفات الاجتماعية العالقة».
كما كشف الخيلفي عن وجود مشروع قانون لتعديل النظام الداخلي للبرلمان التونسي، واقتراح قانون انتخابي جديد، وتطوير الدور الرقابي للبرلمان التونسي.
وبخصوص علاقة حزب «قلب تونس» بحكومة المشيشي وبقية الأطراف السياسية، سواء الداعمة للحكومة أو المعارضة لتوجهاتها، أكد الخليفي أن التنسيق متواصل مع الكتل البرلمانية التي دعمت الحكومة، في إشارة إلى حركة النهضة و«ائتلاف الكرامة» وكتلة «المستقبل»، مبرزا أن الهدف الأساسي من تشكيل تحالف برلماني هو دعم حكومة المشيشي في الجلسات البرلمانية، ومحاولة تمرير القوانين التي تصب في مصلحة التونسيين، على حد تعبيره.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.