مقتل أكثر من ألف عنصر من «داعش» بغارات التحالف الإقليمي ـ الدولي

مخاوف من اقتحام التنظيم للقامشلي.. والطيران الحربي السوري يقصف الرقة ودوما

أعمدة الدخان تتصاعد من أبنية في منطقة الدومة التي تخضع لسيطرة الثوار بعد قصفها في غارة للقوات الجوية النظامية (أ.ف.ب)
أعمدة الدخان تتصاعد من أبنية في منطقة الدومة التي تخضع لسيطرة الثوار بعد قصفها في غارة للقوات الجوية النظامية (أ.ف.ب)
TT

مقتل أكثر من ألف عنصر من «داعش» بغارات التحالف الإقليمي ـ الدولي

أعمدة الدخان تتصاعد من أبنية في منطقة الدومة التي تخضع لسيطرة الثوار بعد قصفها في غارة للقوات الجوية النظامية (أ.ف.ب)
أعمدة الدخان تتصاعد من أبنية في منطقة الدومة التي تخضع لسيطرة الثوار بعد قصفها في غارة للقوات الجوية النظامية (أ.ف.ب)

وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل أكثر من ألف عنصر من تنظيم داعش بغارات التحالف الإقليمي - الدولي في سوريا منذ انطلاق عملياته قبل 3 أشهر، في حين برزت مخاوف لدى أهالي مدينة القامشلي من اقتحام التنظيم مدينتهم بعد تحقيقه، أمس، تقدما جنوب المدينة بريف الحسكة.
وقال المرصد، إن عدد الذين تمكن من توثيق مقتلهم خلال 3 أشهر من غارات التحالف وضرباته على مناطق في سوريا، ارتفع إلى 1171، هم 1046 مقاتلا ينتمون إلى «داعش»، وغالبيتهم من جنسيات غير سورية، و72 من «جبهة النصرة».
ونفذت طائرات التحالف مطلع الأسبوع 5 ضربات على الأقل استهدفت «داعش» في مدينة عين العرب «كوباني» في ريف حلب، وأفاد المرصد بمقتل 4 عناصر على الأقل من التنظيم جراء إصابتهم برصاص قناصة مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية، وأثناء محاولتهم إرسال سيارة مفخخة مدعمة بجرافة نحو مبنى المركز الثقافي في كوباني.
ودارت اشتباكات عنيفة بين وحدات حماية الشعب الكردي من طرف، وتنظيم داعش من طرف آخر، في منطقة أبو قصايب بريف تل حميس في جنوب مدينة القامشلي، كما دارت اشتباكات بين عناصر التنظيم وقوات الدفاع الوطني الموالية للنظام والمتمركزة على حواجز في منطقة أبو قصايب، انتهت إلى تقدم عناصر «داعش» في المنطقة وسيطرتهم على أجزاء منها، بحسب المرصد، الذي تحدث أيضا عن تدفق العشرات من مقاتلي تنظيم داعش ريف الحسكة الشرقي قادمين من العراق نتيجة الاشتباكات الدائرة هناك.
وأشارت «شبكة سوريا مباشر» إلى أن «داعش» سيطر على قرية تل غزال ومخفر أبو قصايب إثر اشتباكات مع قوات حماية الشعب الكردية وقوات النظام جنوب مدينة القامشلي بريف الحسكة، لافتة إلى مقتل ضابط و10 من قوات النظام خلال العملية. وذكرت الشبكة أن هناك حالة تخوف لدى أهالي مدينة القامشلي من تقدم مسلحي التنظيم واقتحام مدينتهم كما فعل بمدينة كوباني قبل عدة أشهر.
وقال «مكتب أخبار سوريا»، إن الطيران الحربي السوري النظامي شن أمس 6 غارات، على مدينة الرقة شمال سوريا، استهدفت مساجد ومدارس تقع وسط المدينة وفي الأحياء الشمالية والغربية. ونقل المكتب عن مصدر طبي قوله، إن 20 مدنيا قتلوا نتيجة الغارات. وشملت غارات النظام أيضا مدينة دوما في ريف دمشق، وأفاد المرصد بأن «الطيران الحربي أطلق 4 صواريخ فراغية على مدرسة في مدينة دوما الخاضعة لسيطرة المعارضة خلال الدوام الرسمي للطلاب، مما أدى إلى مقتل 4 أطفال، وإصابة 30 مدنيا بينهم أطفال أيضا، كحصيلة أولية للقصف».
وأفادت «شبكة سوريا مباشر» بأن الطيران التابع للنظام استهدف المدرسة الإعدادية الوحيدة في بلدة سفوهن بإدلب، حيث أسقط برميلا متفجرا عليها مما أدى لمقتل 3 مدرسين وطالبين.
وتحدث ناشطون معارضون عن مقتل 3 من عناصر «حزب الله» وآخر من قوات الدفاع الوطني في مدينة يبرود الخاضعة لسيطرة النظام بريف دمشق، مساء أول من أمس (الاثنين) إثر تفجير لغم عن بعد لدى مرور سيارة كان العناصر يستقلونها. وقال «مكتب أخبار سوريا»، إن عناصر تابعين لفصائل المعارضة المنتشرة في منطقة جرود القلمون استهدفوا السيارة أثناء خروجها من حي القاعة شمال غربي يبرود باتجاه قرية السحل المجاورة، لافتا إلى أن العملية تبنتها فصائل المعارضة في القلمون الغربي من دون تحديد فصيل معين.
وأشار المكتب إلى أنه وعلى الأثر استهدف «حزب الله» منطقة وادي إسكفتا، المتاخمة لحي القاعة على أطراف يبرود، بعشرات القذائف. وذكرت وكالة «مسار برس» أن كتائب المعارضة تصدت لمحاولة قوات النظام اقتحام قرية البياض قرب بلدة شبعا بريف دمشق، لافتة إلى أن عناصر الأمن السوري شنوا حملة دهم واعتقالات في حي ركن الدين بدمشق لإلزام الشباب بالخدمة العسكرية.
وفي دير الزور، تمكن عناصر «داعش» من التقدم باتجاه الجبل المطل على المدينة والسيطرة على عدة نقاط وتدمير دبابة ورشاش ثقيل لقوات النظام، بحسب المرصد.
وقال «اتحاد التنسيقيات»، إن مروحيات النظام ألقت براميل متفجرة على مدينة بصر الحرير، وعلى أحياء في درعا البلد، فيما وثقت «شبكة شام» قصفا مماثلا على مدينة طفس وبلدة النعيمة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.