إخماد حريق مرفأ بيروت وأديب يطالب بمحاسبة المسؤولين

التهم جزءاً من مساعدات «الصليب الأحمر»... وجدد المطالب بتحقيق دولي

الدخان كان لا يزال يتصاعد أمس من موقع الحريق في مرفأ بيروت (د.ب.أ)
الدخان كان لا يزال يتصاعد أمس من موقع الحريق في مرفأ بيروت (د.ب.أ)
TT

إخماد حريق مرفأ بيروت وأديب يطالب بمحاسبة المسؤولين

الدخان كان لا يزال يتصاعد أمس من موقع الحريق في مرفأ بيروت (د.ب.أ)
الدخان كان لا يزال يتصاعد أمس من موقع الحريق في مرفأ بيروت (د.ب.أ)

دعا الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، مصطفى أديب، إلى محاسبة المسؤولين عن حريق «مرفأ بيروت» الذي طال مساعدات إنسانية لـ«الصليب الأحمر الدولي» وبضائع أخرى لمستوردين لبنانيين، وسيطر عليه رجال الإطفاء بعد 20 ساعة من العمل المتواصل.
وأخمدت فرق الإطفاء صباح أمس الحريق الضخم الذي شبّ في مرفأ بيروت المدمر الذي اندلع في مستودع في المرفأ تخزن فيه «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» مساعدات تتضمن آلاف الطرود الغذائية، ونصف مليون لتر من الزيت المنزلي، كما كان يحوي إطارات سيارات.
وأعلنت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» أن النيران اشتعلت «في جزء من مخزون (اللجنة الدولية) من الطرود الغذائية في مستودع مُوَرِّدنا». وأضافت: «ليس بإمكاننا في ظل وجود الأنقاض والخطر الذي ينطوي عليه الأمر تحديد حجم الخسائر».
وتتضمن المساعدات وفق «اللجنة الدولية»، «زيت دوار الشمس وزيت الزيتون والسكر والملح والشاي والسمن النباتي والمعكرونة ومعجون الطماطم والبرغل والحمص والعدس والفول».
وكانت «اللجنة الدولية» نقلت جزءاً كبيراً مما تمكنت من إنقاذه من مخزونها في المرفأ بعد الانفجار. وقالت: «لا شك أن الانفجار والحريق سيكون لهما تأثير على المساعدات الإنسانية التي تقدمها (اللجنة الدولية)، سواء في لبنان أو سوريا».
ومنذ اندلاعه، أول من أمس، سارعت فرق الدفاع المدني وفوج الإطفاء إلى المكان وانضمت إليهم طوافة تابعة للجيش اللبناني وعملت على إخماد الحريق الذي تمدد إلى مستودعات أخرى تخزن فيها مواد مستوردة.
وأعلن الدفاع المدني اللبناني في بيان، صباح أمس، أن عناصره أخمدوا «بمؤازرة طوافة تابعة للقوات الجوية في الجيش اللبناني وفوج إطفاء بيروت الحريق، وعملوا على تبريد الموقع منعاً لتجدد الحريق». ولا تزال أسباب اندلاع الحريق غير واضحة، إلا أن وزير الأشغال عامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال، ميشال نجار، تحدّث، أول من أمس (الخميس)، عن «معلومات أولية» تفيد بأن «أحد العمال كان يقوم بورشة تصليح، مستخدماً صاروخاً، ما أدى إلى تطاير شرارة واندلاع الحريق».
أما رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي اجتمع مساء أول من أمس (الخميس)، بالمجلس الأعلى للدفاع، فقال إن الحريق قد يكون عملاً «تخريبياً» أو نتج عن «خطأ» أو «إهمال».
وشدد رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب، أمس، على أن «حريق أمس في مرفأ بيروت لا يمكن تبريره»، مؤكداً أن «المحاسبة شرط أساسي لعدم تكرار مثل هذه الأحداث المؤلمة».
وأثار حريق المرفأ غضباً سياسياً وشعبياً، كما جدد المطالب بتحقيق دولي في انفجار المرفأ الذي وقع في 4 أغسطس (آب) الماضي.
وأكد عضو تكتل «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) النائب عماد واكيم أنه «لا ثقة بالسلطة الحالية داخلياً ولا خارجياً، لذا من الأفضل لها أن ترحل»، ولفت إلى أن «هذه الدولة الفاسدة لا تسأل بالناس ولا بالعباد وتستبيح كل شيء، والدليل الذعر والرعب الذي عاشه الناس»، أول من أمس. وقال في تصريح: «وعدونا بتحقيق دقيق وشفاف في انفجار الرابع من أغسطس (آب)، إلا أننا لم نرَ شيئاً حتى اليوم، ولا نعرف حتى الساعة الأسباب وراء حريق الأمس، ونشك ما إذا كان مجرد حادث أو إخفاء لأدلة عبر العبث بمسرح الجريمة».
واعتبر الوزير السابق كميل أبو سليمان أن «اندلاع حرائق في مرفأ بيروت فضيحة أخرى لا يمكن السكوت عنها وخارج أي منطق». وقال: «إذا أرادت السلطات إظهار حد أدنى من المسؤولية عليها وضع المرفأ، مسرح الجريمة، تحت إشراف دولي فوراً»، و«اتّخاذ قرارات فورية بوضع كل مسؤول مدني أو عسكري أو قضائي يمارس مهامه حالياً ومرتبط بملف فاجعة المرفأ بالتصرف لحين إنجاز التحقيق».
إلى ذلك، اعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم في تصريح أن «البعض لا يتعلم مِن الأخطاء والخطايا، وكأن ما حصل في 4 أغسطس كان حدثاً عادياً، واستمر الإمعان في الأهمال والتقصير والقصور لتأتي حلقة حريق المرفأ استكمالاً لزلزال آب (أغسطس) في سلسلة مآسي هذا الوطن».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».