ضم رودريغيز إلى إيفرتون... مغامرة غير محسوبة أم إحياء لأحلام اللاعب الذهبية؟

المهاجم الكولومبي تألق في مونديال 2014 ثم جلس على مقاعد البدلاء في ريال مدريد وبايرن ميونيخ

زيدان لم يجد مكاناً لرودريغيز في تشكيلة ريال مدريد (الشرق الأوسط)  -  رودريغيز بعد هزه شباك أوروغواي في مونديال 2014 (الشرق الأوسط)
زيدان لم يجد مكاناً لرودريغيز في تشكيلة ريال مدريد (الشرق الأوسط) - رودريغيز بعد هزه شباك أوروغواي في مونديال 2014 (الشرق الأوسط)
TT

ضم رودريغيز إلى إيفرتون... مغامرة غير محسوبة أم إحياء لأحلام اللاعب الذهبية؟

زيدان لم يجد مكاناً لرودريغيز في تشكيلة ريال مدريد (الشرق الأوسط)  -  رودريغيز بعد هزه شباك أوروغواي في مونديال 2014 (الشرق الأوسط)
زيدان لم يجد مكاناً لرودريغيز في تشكيلة ريال مدريد (الشرق الأوسط) - رودريغيز بعد هزه شباك أوروغواي في مونديال 2014 (الشرق الأوسط)

من الممكن أن تكون التوقعات الكبيرة بشأن مستقبل أي لاعب شاب مميز بمثابة لعنة كبرى عليه؛ لأنه لا يتم الحكم على هذا اللاعب من خلال ما قدمه بالفعل؛ لكن يتم الحكم عليه بناء على المستقبل الذي ينتظره منه الجميع. وعندما يزيد عمر هذا اللاعب ويتوقف العالم عن النظر إليه على أنه لاعب واعد ينتظره مستقبل مشرق، وعندما يقرر النادي الكبير التخلي عن خدماته لأنه لم يقدم المتوقع منه، فهناك ناديان لا ثالث لهما في إنجلترا ينقضان للحصول على خدمات هذه النوعية من اللاعبين: وستهام يونايتد وإيفرتون!
ويمكن القول بأن هذين الناديين باتا مقصداً لمن يمكن وصفهم بـ«اللاعبين الذين ضل سعيهم» في كرة القدم العالمية، إن جاز التعبير. وعندما ترغب الأندية الكبرى في التخلص من اللاعبين الذين لم يقدموا المستويات المأمولة، فإن هؤلاء اللاعبين يجدون مكاناً لهم في هذين الناديين اللذين يواصلان دفع الرواتب العالية لمثل هؤلاء اللاعبين، رغم أنهم لم يعودوا قادرين على تقديم مستويات جيدة، ورغم أنهم اقتربوا من نهاية مسيرتهم الكروية، وأصبحوا على وشك الاعتزال!
ووفقاً للنظريات الاقتصادية المعقولة والمنطقية، فإن الأندية متوسطة المستوى مثل إيفرتون يتعين عليها أن تبحث عن التعاقد مع لاعبين صغار في السن من دوريات متوسطة في أوروبا، كأن تتعاقد مع لاعب يبلغ من العمر 22 عاماً قادماً من أوغسبورغ مثلاً، أو جناح واعد من بنفيكا، أو مدافع شاب سريع من ميتز، وتعمل على تحسين وتطوير مستواهم، ثم بيعهم بأسعار أكبر بعد ثلاث أو أربع سنوات. لكن مرة أخرى، يلهث النادي وراء اللاعبين الذين تتخلى عنهم الأندية الكبرى بعدما لم يعد لديهم ما يقدمونه، وكانت النتيجة أن يضم النادي بين صفوفه لاعبين من نوعية ثيو والكوت، ومويس كين، وأليكس إيوبي، وغيلفي سيغوردسون، وفابيان ديلف، ولوكاس ديني.
هذا لا يعني أن هؤلاء اللاعبين ليسوا جيدين، فكين لا يزال في العشرين من عمره، وإيوبي في الرابعة والعشرين من عمره، وما زال أمامهما متسع من الوقت للتألق. ولا يعني ذلك أيضاً أن هؤلاء اللاعبين لا يتناسبون مع إيفرتون، أو أن هؤلاء اللاعبين يفتقرون إلى الالتزام. وإذا كان هؤلاء اللاعبون أنفسهم يرون أن انضمامهم إلى إيفرتون هو خطوة للوراء، فكيف يمكن النظر إلى ذلك؟ في الحقيقة، دائماً ما كان نادي إيفرتون مجرد خطوة سواء للأمام أو للخلف؛ لكنه نادراً ما كان وجهة دائمة في حد ذاته. لكن الشيء الواضح للجميع أن إيفرتون يضم مثل هؤلاء اللاعبين بأسعار مبالغ فيها.
ويجب الإشارة إلى أن إيفرتون ليس في وضع جيد من الناحية المالية. وفي موسم 2018 – 2019، تكبد النادي خسائر قدرها 112 مليون جنيه إسترليني. ووفقاً لما نشره الخبير المالي سويز رامبل على حسابه على موقع «تويتر»، فمن بين أغنى 20 نادياً في العالم من حيث الإيرادات (يحتل إيفرتون المركز التاسع عشر)، لا يوجد نادٍ أعلى من إيفرتون فيما يتعلق بنسبة الأجور إلى معدل دوران رأس المال، بنسبة 85 في المائة. وتضم هذه القائمة ثلاثة أندية فقط تتجاوز نسبة الأجور إلى معدل دوران رأس المال 65 في المائة. ويؤكد ذلك أن إيفرتون يتصرف بطريقة غريبة للغاية لا تتناسب مع وضعه المالي.
وبالتالي، من المنطقي أن يعمل النادي على خفض فاتورة الأجور والتخلص من عدد من اللاعبين الذين يحصلون على أجور مرتفعة؛ خصوصاً في ظل تدني الإيرادات بسبب تفشي فيروس «كورونا». ومع ذلك، يبدو أن إيفرتون ما زال مصراً على دفع مزيد من الأموال لإبرام صفقات جديدة، في ظل التعاقد، أو قرب التعاقد مع كل من عبد الله دوكوري، وآلان، وأعظم من «ضل طريقه» في عالم كرة القدم، اللاعب الكولومبي خاميس رودريغيز!
وفي الحقيقة، يجسد رودريغيز مخاطر ما يمكن أن يحدث عندما يرى رئيس نادٍ لاعباً يتألق خلال بطولة كبرى ويقرر على الفور التعاقد معه. لقد كان رودريغيز يقدم مستويات جيدة مع بورتو وموناكو، وكان من الواضح أنه يمتلك فنيات وقدرات جيدة وواعدة للغاية. وعندما كان في الثانية والعشرين من عمره، سجل هدفاً رائعاً «على الطائر» في مرمى أوروغواي في نهائيات كأس العالم 2014، وحصل على لقب هداف البطولة. وسرعان ما سال لعاب رئيس نادي ريال مدريد، فلورنتينو بيريز الذي تعاقد مع اللاعب في صفقة جعلته رابع أغلى صفقة في تاريخ كرة القدم! وكان الموسم الأول للاعب الكولومبي في ملعب «سانتياغو برنابيو» تحت قيادة المدير الفني الإيطالي كارلو أنشيلوتي، جيداً نسبياً؛ حيث سجل 13 هدفاً وصنع 13 هدفاً؛ لكن الإصابات عطلته كثيرا؛ حيث خضع لجراحة في مشط القدم بعد تعرضه للكسر، كما عانى من مشكلة مزمنة في الفخذ.
ورحل أنشيلوتي عن النادي الملكي بعد عام واحد، وجاء بدلاً منه رافائيل بينيتيز الذي يبدو أنه لم يثق أبداً في رودريغيز، ولم يقتنع بالعمل الذي يقوم به أو بانضباطه الخططي والتكتيكي داخل الملعب. ونتيجة ذلك، أعير رودريغيز إلى بايرن ميونيخ الذي كان يقوده أنشيلوتي آنذاك، لمدة عامين. ومرة أخرى، كان الموسم الأول للاعب الكولومبي واعداً؛ حيث أحرز 7 أهداف وصنع 11 هدفاً؛ لكن أنشيلوتي أُقيل من منصبه في نهاية سبتمبر (أيلول)، وأصبح رودريغيز، سواء كان ذلك منصفاً أم لا، رمزاً للفترة التي لم يحقق فيها العملاق البافاري نتائج جيدة تحت قيادة المدير الفني الإيطالي.
ولم يُفعِّل بايرن ميونيخ بند أحقية الشراء في عقد اللاعب، وبالتالي عاد رودريغيز إلى ريال مدريد؛ لكن المدير الفني للفريق الملكي زين الدين زيدان الذي يعمل بطريقة برغماتية مثل تلك التي يعمل بها بينيتيز، لم يجد مكاناً لرودريغيز في تشكيلة الفريق. ومع وصوله إلى أواخر العشرينات من عمره، وهي المرحلة العمرية التي ينبغي أن يكون فيها في أوج عطائه الكروي، لم يشارك رودريغيز الذي كان ينظر إليه قبل ست سنوات على أنه أبرز موهبة شابة في جيله، إلا في 18 مباراة في الدوري الإسباني الممتاز على مدار موسمين.
وبالتالي، فإن السؤال الذي سيطرح نفسه هو: أين كان سيذهب رودريغيز لو لم ينتقل إلى إيفرتون؟ من المؤكد أن أي نادٍ يحسبها جيداً من الناحية المالية لم يكن ليتعاقد مع لاعب في التاسعة والعشرين من عمره ومستواه في تراجع واضح، حتى لو كان المقابل الأول للصفقة يصل إلى 20 مليون جنيه إسترليني. ومن المؤكد أن صفقة كهذه غير منطقية تماماً من الناحية المالية. وعلاوة على ذلك، كانت هناك أيضاً أسئلة حول الهدف من تعيين أنشيلوتي على رأس القيادة الفنية لإيفرتون ومدى ملاءمته للعمل في النادي! ورغم أن المدير الفني الإيطالي لم يقدم – حتى الآن – ما يبرر التعاقد معه، فإن وجوده على رأس القيادة الفنية للفريق كان له جانب إيجابي يتمثل في إمكانية التعاقد مع لاعبين من نوعية رودريغيز وآلان اللذين ربما كان من الصعب للغاية أن ينضما إلى إيفرتون، لولا فرصة العمل مع أنشيلوتي الذي عملا تحت قيادته من قبل!
قد ينجح رودريغيز في تقديم مستويات جيدة وقد يفشل؛ لكنه على الأقل يستحق فرصة المتابعة لمعرفة ما سيقوم به. ومن المؤكد أن وجود آلان ودوكوري سيجعل خط وسط إيفرتون أكثر ديناميكية وحركة وقوة من خط الوسط الضعيف الذي اعتمد عليه أنشيلوتي في معظم فترات النصف الثاني من الموسم الماضي.
وقد تحقق هذه الصفقات مردوداً جيداً داخل المستطيل الأخضر؛ لكن الشيء المؤكد أنها ستزيد معاناة النادي فيما يتعلق بفاتورة الأجور! في الحقيقة، يبدو التعاقد مع رودريغيز بمثابة مغامرة كبيرة، وكان يمكن لإيفرتون أن يقوم بدلاً من ذلك بالتعاقد مع لاعب خط وسط يبلغ من العمر 22 عاماً من نادٍ مثل أوغسبورغ، أو جناح من نادي بورتو، أو مدافع شاب سريع من نادي ميتز.
وأخيراً، قد يتمكن رودريغيز من الهروب من الأحلام الذهبية لشبابه ليصبح شيئاً ذا معنى في الوقت الحاضر، فمن يدري؟


مقالات ذات صلة

رئيس وحدة ترشح السعودية لمونديال 2034 لـ«الشرق الأوسط»: المملكة تعيش لحظات تاريخية

خاص حماد البلوي (الشرق الأوسط)

رئيس وحدة ترشح السعودية لمونديال 2034 لـ«الشرق الأوسط»: المملكة تعيش لحظات تاريخية

أكد حماد البلوي رئيس وحدة ترشح السعودية لمونديال 2034 أن شعوره بالفوز رسمياً بالاستضافة هو شعور أي سعودي يعيش هذا اليوم بكل فخر واعتزاز.

فارس الفزي (الرياض)
رياضة سعودية ياسر المسحل خلال حضوره اجتماع كونغرس الاتحاد الدولي لكرة القدم (أ.ف.ب)

السعودية تستعرض رؤيتها الطموحة لاستضافة كأس العالم 2034 في كونغرس الفيفا

في كلمة ألقاها رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، ياسر المسحل، خلال عرض الملف الرسمي لاستضافة المملكة لكأس العالم 2034 في كونغرس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

هيثم الزاحم (الرياض)
رياضة سعودية الفيصل والمسحل خلال «كونغرس فيفا» (أ.ف.ب)

ياسر المسحل: ولي العهد أشرف على ملف السعودية لمونديال 2034 بنفسه

قال ياسر المسحل، رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أشرف على ملف المملكة العربية السعودية لاستضافة مونديال 2034 بنفسه.

فارس الفزي (الرياض)
رياضة عالمية سونز قال إن كرة القدم لا تنتمي فقط إلى الغرب (رويترز)

خبير ألماني: السعودية دولة مهمة في كرة القدم

دافع سيباستيان سونز، الخبير الألماني المتخصص في شؤون الإسلام والسياسة، عن قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الأربعاء بمنح السعودية حق استضافة مونديال 2034.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة سعودية الأمير عبد العزيز بن تركي يحتفل لحظة الإعلان رسمياً عن استضافة السعودية كأس العالم 2034 (وزارة الرياضة)

وزير الرياضة السعودي: نسخة «كأس العالم 2034» ستكون استثنائية

أكد الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، وزير الرياضة، الأربعاء، أن نسخة «كأس العالم 2034» التي ستستضيفها السعودية ستكون استثنائية.

سلطان الصبحي (الرياض)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.