السحر والساحرات.. والخيال الفني

من عصر النهضة حتى نهاية القرن التاسع عشر

السحر والساحرات.. والخيال الفني
TT

السحر والساحرات.. والخيال الفني

السحر والساحرات.. والخيال الفني

نظم المتحف البريطاني في الصالة رقم 90 معرضا جديدا يحمل عنوان «الساحرات والأجساد الشريرة»، ويستمر حتى 11 يناير (كانون الثاني) المقبل، وقد ضم أكثر من 30 لوحة وعملا فنيا طباعيا لفنانين كبار من طراز آلبرخت دورر، وفرانشيسكو غويا، وديلاكروا، وإدوار بيرن - جونز، ودانتي غابريل، وروزيتي أوغستينو فينيزيانو، وهانزبولدنغ، وسالفاتور ورزا، ومايكل أنجلو، إضافة إلى كثير من الأعمال التي تعود إلى عصر النهضة.
يغطي المعرض الحقبة التاريخية الممتدة من عصر النهضة حتى نهاية القرن التاسع عشر، مستكشفا العلاقة بين الساحرات والسحر والخيال الفني لعدد غير قليل من الفنانين الأوروبيين الذين أنجزوا أعمالا طباعية مميزة، ورسومات تخطيطية في مجملها صورت لنا أشكال الساحرات والسيرينات والمخلوقات الأسطورية التي تجمع بين رؤوس النسوة وأجساد الطيور أو الكائنات البرية والبحرية.
لم ينج أحد من تهمة السحر، فالرجال والنساء وحتى الأطفال متهمون بممارسة السحر سواء بإرادتهم أم من دون هذه الإرادة، فقد تفرض هذه القوة الخارقة على شخص ما ألا يجد بدا من تفريغ شحناتها، والتأثير على الآخرين إلى الدرجة التي قد تصل إلى حد التلاعب بمصائر الناس، ورسم خرائط جديدة لحيواتهم، لكن تهمة السحر بوصفه عقيدة وممارسة تبقى لصيقة بالمرأة، فيما يستطيع الرجل أن ينفض عن نفسه هذه التهمة في معظم الأوقات.
وعلى وفق هذا التصور، فقد ارتبط السحر بالمرأة، لكن شكل الساحرة لم يكن جميلا ولافتا للأنظار إلا ما ندر، ولا غرابة في أن تأخذ شكل العفريت أو بعض الكائنات الممسوخة. تمتطي الساحرات في الأعم الأغلب عصي المكانس الطويلة أو ظهور التنانين والبهائم الخرافية أو الحقيقية التي تشد انتباه المتلقي، وتضعه في دائرة الرعب والتوتر والقلق.
لا بد من الوقوف عند لوحة «ساحرة تمتطي ظهر معزاة» للفنان الألماني آلبرخت دورر، وهي عمل طباعي يعود إلى عام 1501، لكنه لا يزال غامضا وملتبسا بعض الشيء شأنه شأن كثير من الأعمال الفنية التي تتمحور حول موضوع السحر والساحرات اللواتي يقمن بهذا العمل الذي ينطوي على مغامرة غير مأمونة العواقب. فالدارسون ونقاد الفن التشكيلي لم يقدموا حتى الآن تأويلات منطقية لهذا العمل الطباعي، فقد أهملوا العناصر التصويرية التي تكون هيكل هذا العمل وبنيته الداخلية. فهم يعتقدون أن المرأة ليست ساحرة، ذلك لأن الساحرات في الرسوم والتخطيطات والأعمال الطباعية على مختلف السطوح التصويرية في العصور الوسطى لم يرسمن عاريات ما عدا بعض الاستثناءات هنا وهناك مثل الفنان هانز بولدنغ، وهو للمناسبة أحد الذين تتلمذوا على يد الفنان دورر حيث بنى مجده وركز سمعته الفنية على الثيمات الطباعية الإيروسية التي أحبها الناس آنذاك ووجدوا فيها ضالتهم الفنية.
لا يقل العمل الطباعي الموسوم بـ«الجثة» للفنان الإيطالي أوغستينو فينيزيانو غموضا وإبهاما عن عمل دورر، ولم يفدنا الباحثون والنقاد والمؤرخون الفنيون بشيء لتبديد الغموض الذي يلف هذا العمل الفني الذي يتمحور في مجمله حول موكب ساحرة يمر خلال العالم السفلي المظلم والمخيف في آن، فالساحرة تجرها عربة مصنوعة من هيكل عظمي لجثة مخلوق وحشي رهيب بينما يرافقها كثير من الرجال والحيوانات والطيور. لم تتضح فكرة هذا العمل، ولم نقرأ تأويلا معقولا لثيمة هذا العمل البصري الذي ظل مستغلقا ويحتاج لمن يفك رموزه وشفراته الداخلية التي تسرد أحداث القصة برمتها وتجعلنا نمسك بسرها الفني الذي صمد على مدى 5 قرون أو يزيد.
لا شك في أن هانز بولدنغ رسام وطباع ألماني متميز، وقد استطاع أن يخلق لنفسه أسلوبا متفردا، مكتظا بالألوان، ومحتشدا بالتعابير، ومفعما بالخيال، هذا إضافة إلى جرأته في رسم الفيغرات الأنثوية العارية حتى من أوراق التوت كما في لوحة «سبت الساحرات» حيث يلتقين يوم السبت لممارسة السحر ومزاولة بعض الطقوس الأخرى.
لم يكتف الرسام الإسباني فرانشيسكو غويا بتصوير الاضطرابات السياسية والاجتماعية في بلده، وإنما نفذ الكثير من الموضوعات التي يصعب حصرها في هذا المقال مثل «كوارث الحرب» و«النزوات» وما إلى ذلك، ولعل الشيء المهم في هذا الجانب هو عمل «سبت الساحرات»، وهو أحد الأعمال الـ14 من سلسلة «الرسوم السوداء» التي حول فيها موضوع الساحرات إلى أشكال فنية تنطوي على كثير من الدلالات والمعاني الظاهرة والمضمرة على حد سواء.
يتكرر فعل مسخ صور الساخرات وتشويه معالمهن الخارجية، فلا غرابة أن ترى الساحرة بوجه قبيح، وخصلات شعر أفعوانية متعثكلة، ونهدين كبيرين متهدلين، لكن هذا لا يمنع من أن تكون الساحرة جميلة أو مقبولة الملامح.
ثمة لوحة كبيرة جدا تحمل عنوان «عيد الغطاس» لمايكل أنجلو أنجزها بحدود 1550 – 1553م ونفذها بالطباشير الأسود بحجم 2.32×1.65 تظهر فيها صورة السيدة مريم العذراء بينما يجلس المسيح الطفل في حضنها، ويحتمل أن يكون الشخص الواقف إلى يمينها القديس يوسف الذي دفعته بعيدا عنها.
يذكر أن بعضا من هذه الأعمال الفنية من ممتلكات المتحف البريطاني، أما البقية فهي مستعارة من متاحف بريطانية أخرى.



انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
TT

انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

كرمّت «مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية»، صباح اليوم (الأحد)، الفائزين بجوائز الدورة الـ19 للجائزة، مع انطلاق هذه الدورة التي حملت اسم مؤسس وراعي الجائزة الراحل عبد العزيز سعود البابطين، تخليداً لإرثه الشعري والثقافي.

وأُقيم الاحتفال الذي رعاه أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، بحضور (ممثل أمير البلاد) وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبد الرحمن المطيري، ومشاركة واسعة من الأدباء والمثقفين والسياسيين والدبلوماسيين وأصحاب الفكر من مختلف أنحاء العالم العربي، كما حضر الحفل أعضاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

جانب من حضور دورة الشاعر عبد العزيز سعود البابطين (الشرق الأوسط)

وقال وزير الثقافة والإعلام الكويتي، عبد الرحمن المطيري، في كلمته، إن هذا الملتقى «الذي يحمل في طياته عبق الشعر وأريج الكلمة، ليس مجرد احتفالية عابرة، بل هو تأكيد على أن الثقافة هي الروح التي تحيي الأمم، والجسر الذي يعبر بنا نحو مستقبل زاخر بالتسامح والتعايش والمحبة».

وأضاف: «إن لقاءنا اليوم ليس فقط تكريماً لمن أبدعوا الكلمة وشيَّدوا صروح الأدب، بل هو أيضاً دعوة لاستلهام الإرث الثقافي الكبير الذي تركه لنا الشاعر الراحل عبد العزيز سعود البابطين (رحمه الله)، والذي كان، وسيبقى، قامة ثقافية جمعت بين جمال الكلمة وسمو الرسالة... رسالة تُعبِّر عن القيم التي تجمع بين الحضارات. ومن هنا جاءت مبادراته الرائدة، التي عرَّف من خلالها الشرقَ بالشعر العربي، وقدَّم للغرب بُعدَه الإنساني، جاعلاً من الشعر جسراً يربط القلوب، ومفتاحاً للحوار بين الثقافات».

رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين يلقي كلمته في افتتاح الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

في حين قال رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية»، سعود البابطين، إن هذه الدورة تأتي احتفاءً «بالشعر، فن العرب الأول على مر العصور، وتكريماً للمبدعين والفائزين مِنَ الشعراءِ والنقاد، ووفاءً ومحبة لشاعر هذه الدورة (عبد العزيز البابطين) الذي أخلص في رعاية الشعر العربي وخدمة الثقافة العربية بصدق ودأب وتفانٍ طيلة عمره كله، بلا ملل ولا كلل».

وفي خطوة لافتة، قدَّم رئيس مجلس الأمناء، أمين عام المؤسسة السابق، الكاتب عبد العزيز السريع، الذي رافق مؤسس الجائزة منذ نشأتها، ليتحدث عن ذكرياته مع راعي الجائزة الراحل، والخطوات التي قطعها في تذليل العقبات أمام إنشاء المؤسسة التي ترعى التراث الشعري العربي، وتعمل فيما بعد على بناء جسور التواصل بين الثقافات والحضارات.

وأعلن البابطين، في ختام كلمته عن مضاعفة القيمة المالية للجوائز ابتداءً من هذه الدورة، وفي الدورات المقبلة لـ«جائزة عبد العزيز البابطين».

ونيابة عن الفائزين، تحدَّث الأديب والشاعر الكويتي الدكتور خليفة الوقيان، مشيداً بـ«جهود (مؤسسة البابطين الثقافية) في دعمها اللامحدود للفعل والنشاط الثقافي داخل وخارج الكويت».

وأضاف: «في هذا المحفل الثقافي البهيج، يمرُّ في الذاكرة شريط لقاءات تمَّت منذ 3 عقود، كان فيها الفقيد العزيز الصديق عبد العزيز البابطين يحمل دائماً هَمّ تراجع الاهتمام بالشعر، ويضع اللَّبِنات الأولى لإقامة مؤسسة تُعنى بكل ما من شأنه خدمة ذلك الفن العظيم، ثم ينتقل عمل المؤسسة إلى الأفق الدولي، من خلال ما يُعنى بقضية حوار الثقافات والحضارات».

وألقى الشاعر رجا القحطاني قصيدة عنوانها «إشعاع الكويت»، من أشعار الراحل عبد العزيز البابطين.

يُذكر أن فعاليات الدورة الـ19 مستمرة على مدى 3 أيام، بدءاً من مساء الأحد 15 ديسمبر (كانون الأول) إلى مساء الثلاثاء 17 ديسمبر الحالي. وتقدِّم الدورة على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي 5 جلسات أدبية، تبدأ بجلسة بعنوان «عبد العزيز البابطين... رؤى وشهادات»، تليها 4 جلسات أدبية يعرض المختصون من خلالها 8 أبحاث عن الشاعر عبد العزيز سعود البابطين المحتَفَى به، و3 أمسيات شعرية ينشد فيها 27 شاعراً.

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

الفائزون:

* الفائز بالجائزة التكريمية للإبداع الشعري الشاعر الدكتور خليفة الوقيان، وقيمة الجائزة 100 ألف دولار.

* الفائزان بجائزة الإبداع في مجال نقد الشعر «مناصفة»، وقيمتها 80 ألف دولار: الدكتور أحمد بوبكر الجوة من تونس، والدكتور وهب أحمد رومية من سوريا.

* الفائزة بجائزة أفضل ديوان شعر، وقيمتها 40 ألف دولار: الشاعرة لطيفة حساني من الجزائر.

* الفائز بجائزة أفضل قصيدة، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر عبد المنعم العقبي من مصر.

* الفائز بجائزة أفضل ديوان شعر للشعراء الشباب، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر جعفر حجاوي من فلسطين.