انقسام حول قانون الانتخابات العراقية

تباينات بين القوى حول تقسيم الدوائر... واتهامات بالتخطيط للتزوير

ناخبون في الموصل خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة (أ.ب)
ناخبون في الموصل خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة (أ.ب)
TT

انقسام حول قانون الانتخابات العراقية

ناخبون في الموصل خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة (أ.ب)
ناخبون في الموصل خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة (أ.ب)

رغم التصويت عليه قبل شهور تحت ضغط الشارع الذي كان منتفضاً، فإن الألغام التي زرعت في قانون الانتخابات العراقي بدأت الآن تنفجر في وجه مشرعي القانون، فيما عمدت قوى سياسية إلى استثمار ضغوط الشارع المستمرة رغم تشتتها بين مطالب فئوية ومناطقية.
ولا يزال قانون الانتخابات يدور في أروقة الكتل السياسية خاضعاً لصراع القوى والأحزاب الكبيرة مرة؛ وفي أروقة اللجنة القانونية التي تحاول إيجاد مقاربة مرضية للجميع بخصوص المادتين «15» و«16» الخاصتين بالدوائر المتعددة والتصويت الفردي؛ مرة أخرى.
ولا توجد مؤشرات على إمكانية التصويت على القانون في جلسة البرلمان التي تعقد اليوم، بسبب عدم إيجاد حل لقضية الدوائر المتعددة التي تطالب بها أحزاب وقوى وترفضها أخرى لأسباب متباينة، بينها الموقف الكردي الرافض للفكرة في ظل عدم وجود إحصاء سكاني، مما يعني خسارة الأكراد مزيداً من المقاعد في المناطق المتنازع عليها لصالح المكونات الأخرى في تلك المناطق، خصوصاً في كركوك.
وتمتد النزاعات حول القانون إلى آليات الانتخاب ذاتها، ففي حين تريد كتل وأحزاب اعتماد البطاقة البايومترية بوصفها الحل الوحيد الذي يحد من عمليات التزوير، فإن قوى وأحزاباً أخرى تحاول وضع العراقيل كي تُعتمد البطاقة الإلكترونية القابلة للتزوير بسهولة.
ويرى النائب عن تحالف «عراقيون» حسين عرب أن «الجدل حول القانون يتركز حول الدوائر الانتخابية»، مشيراً إلى أن «ائتلاف دولة القانون» الذي يتزعمه نوري المالكي، مثلاً، «يريد أن تكون المحافظة دائرة انتخابية واحدة، والأكراد، خصوصاً (الحزب الديمقراطي الكردستاني)؛ (بزعامة مسعود بارزاني) يريدون أيضاً دائرة انتخابية واحدة، لكن قوى أخرى منها قوى شيعية مثل (تحالف سائرون)؛ (المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر) تريد أن يكون المقعد الواحد دائرة انتخابية».
وقال عرب لـ«الشرق الأوسط» إن تحالفه الذي يتزعمه عمار الحكيم لديه «قناعة بأن كل 4 مقاعد نيابية تكون دائرة انتخابية واحدة، بينما القوى السنية ترغب بأن تكون الدائرة الانتخابية إما على أساس الأقضية؛ وإما على أساس الدائرة المتوسطة، وهي كل 4 مقاعد دائرة انتخابية واحدة». وأوضح أن «هذا تقريباً هو محور الجدل والنقاش، وبالتالي سيترك الأمر للتصويت داخل قبة البرلمان ما لم يكن هناك خلاف على موضوع الدوائر الانتخابية». وشدد على التمسك باعتماد البطاقة البايومترية «كي لا يكون هناك مجال للتزوير، وكي لا يتم شراء البطاقات الإلكترونية لغرض التزوير».
غير أن عضو اللجنة القانونية في البرلمان النائب بهار محمود عدّ أن «تطبيق أغلب فقرات قانون الانتخابات على أرض الواقع شبه مستحيل». وأضافت أنه «لو اعتبر كل قضاء دائرة انتخابية، فلا توجد لدينا إحصائية موثوقة بالأقضية، وهناك بعض الأقضية في المناطق المتنازع عليها، بعضها تابع للإقليم (كردستان العراق)، والبعض خارجه».
وأضافت أنه «رغم محاولات بعض الكتل إعادة القانون للتصويت عليه مرة أخرى في البرلمان، فإن رئاسة البرلمان ترفض ذلك وفق النظام القانوني. لكن يمكن إرجاع القانون تارة أخرى للبرلمان لإجراء التعديلات عليه، في حال صادق عليه رئيس الجمهورية ونشره في الجريدة الرسمية».
في السياق نفسه، اتهم النائب عن «ائتلاف دولة القانون» منصور البعيجي «الأحزاب الكبيرة المتنفذة» بـ«السيطرة على مليون ونصف المليون بطاقة انتخابية». وقال في تصريح صحافي، أمس، إن «هيئة رئاسة البرلمان مطالبة بجدية وواقعية أكثر في حسم قانون الانتخابات، وكذلك اعتماد النظام البايومتري لتصحيح مسار الانتخابات... أكثر من مليون بطاقة انتخابية مفقودة، استولت عليها الأحزاب الكبيرة، وبإمكان هذه البطاقات تنصيب 10 نواب من الآن ضمن مقاعد تلك الأحزاب في البرلمان المقبل».
وأشار إلى أن «جميع الأحزاب تملك بطاقات مفقودة، والانتخابات المبكرة لا أرضية لها لغاية اللحظة». وأضاف أن «الأحزاب ستأخذ أصوات العازفين (عن الاقتراع) إذا لم يتم تفعيل النظام البايومتري. في حال بقاء نظام البطاقة الإلكترونية، فإن الأحزاب نفسها ستعود وسيعود الفاسدون المنصبون من قبل حيتان الفساد... 20 في المائة من الأحزاب فقط تريد البايومتري والبقية يريدون النظام الإلكتروني، ومن يصر على الإلكتروني يريد التزوير حتماً».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.