توتر بين الأهالي و«قسد» في ريف دير الزور الشرقي

شغب في سجن «دواعش» بالحسكة ومطالبات بمحاكمة قضائية

TT

توتر بين الأهالي و«قسد» في ريف دير الزور الشرقي

شهدت قرية جديد عكيدات في ريف مدينة دير الزور توتراً عسكرياً بين سكان المنطقة و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، بعد أن ألقت الأخيرة القبض على شاب بتهمة انتسابه إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، كما تظاهر أهالي بلدة الباغوز المجاورة احتجاجاً على التجاوزات والاعتقالات التعسفية.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن الأهالي هاجموا حاجز القرية لتقوم القوات بشن حملة أمنية واحتجزت 7 أشخاص من سكان القرية، واستقدمت تعزيزات عسكرية وفرضت طوقاً أمنياً.
غير أن مصدرا أمنيا من «مجلس دير الزور العسكري» المدعوم من واشنطن، أكد أن خلايا موالية للتنظيم شاركت في الهجوم المسلح واستهدفت إحدى نقاطها العسكرية بمحيط القرية. وقال: «عدد كبير من خلايا التنظيم شارك في الهجوم واستخدم أسلحة خفيفة ومتوسطة، الأمر الذي دفع القوات لاستقدام تعزيزات عسكرية لإنهاء الفلتان الأمني وإعادة الاستقرار وألقت القبض على المتورطين».
وكان المجلس العسكري ذكر في بيان قبل يومين أنه ألقى القبض على خلية تابعة للتنظيم في بلدة الشحيل ضمت 7 أشخاص، كانت تعمل على تصنيع العبوات الناسفة وتنفيذ الاغتيالات والتفجيرات في المنطقة.
كما ذكر المرصد بخروج مظاهرة أمس الأربعاء ضمت عشرات الأهالي بمشاركة سيدات من بلدة الباغوز احتجاجاً على التجاوزات التي تقوم بها عناصر «قوات سوريا الديمقراطية» أثناء المداهمات وعلى حواجزها، وطالبوا بإطلاق سراح المعتقلين وناشدوا التحالف الدولي بمساعدة البلدة التي شهدت معارك عنيفة ربيع العام الماضي وتعرضت للقصف، والعمل سريعاً على ترحيل جثث مسلحي التنظيم الذين قتلوا في المواجهات المنتشرة في منطقة المخيم، وقدر الأهالي بأن أعدادها تفوق 8 آلاف جثة متفسخة خشية من انتقال الأمراض الخطيرة والأوبئة المعدية.
في غضون ذلك، اندلعت ليل الثلاثاء - الأربعاء الماضي أعمال شغب داخل سجن الصناعة الخاص بعناصر «داعش» الواقع في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، ويضم نحو خمسة آلاف موقوف بينهم أجانب من جنسيات مختلفة يخضع للحراسة الشديدة على مدار 24 ساعة من خلال تفقدهم ومراقبتهم بالكاميرات.
وكشف مصدر أمني أن «الاستعصاء بدأ بعد منتصف ليل الثلاثاء ولا يزال مستمرا وتدخلت قوات التدخل السريع وعناصر الأمن الداخلي (الأسايش) وفرضت طوقاً أمنياً حول السجن، ومنعت التنقل والوضع تحت السيطرة وأحبطنا محاولات الفرار»، ويُعد هذا الاستعصاء الرابع من نوعه خلال العام الحالي، كما أغلقت قوات التدخل السريع جميع المداخل والمخارج المؤدية إلى السجن الكائن في حي الغويران شرق المدينة، تزامنت مع تحليق طيران التحالف الدولي بعلو منخفض وتدخلت قواتها لفض الأحداث.
وبحسب القيمين على السجن، يطالب هؤلاء المحتجزون السماح لهم بالاتصال بعائلاتهم وتقديمهم إلى محاكمات، حيث لم يسبق الخضوع لعمليات استجواب أو تقديمهم إلى القضاء، وهم منقطعون عن العالم الخارجي والتطورات الميدانية التي شهدتها المنطقة بعد احتجازهم قبل عام ونصف بعد انتهاء معركة الباغوز والقضاء جغرافياً وعسكرياً على التنظيم المتطرف.
من جهة ثانية، أعلنت آنا كوزنيتسوفا رئيسة المكتب الصحافي لمفوضة الرئيس الروسي لحقوق الأطفال، استعادة 15 طفلاً روسياً من مخيمي «الهول» و«روج» ضمن مناطق «الإدارة الذاتية شمال شرقي» سوريا. وكانت موسكو قد تسلمت 26 طفلاً منتصف الشهر الماضي ليصل عدد الأطفال من أبناء مسلحي تنظيم «داعش» الذين شاركوا سابقاً في العمليات القتالية بسوريا، إلى 76 طفلاً خلال العام الحالي من بين ألفي سيدة وطفل يقطنون في مخيمات اللجوء شمال شرقي سوريا.
وجدير بالذكر أن آنا كوزنتسوفا كشفت خلال تصريحات صحافية نهاية يوليو (تموز) الماضي، عن تنظيم أربع رحلات جوية لإعادة الأطفال الروس اليتامى من سوريا، بعد زيارة وفد من الأطباء الروس للمنطقة وأخذ عينات الحمض النووي لأكثر من 70 طفل يتيماً في مخيمات اللاجئين الخاضعة لنفوذ الإدارة الذاتية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.