الليرة التركية «الأكثر فشلاً في 2020» وتمضي نحو الهاوية

العملة تواصل الاحتراق مقابل الدولار ولا نوافذ للإنقاذ

تتهاوى العملة التركية في سقوط حر دون أدنى مؤشر على وجود آلية حكومية لإنقاذها (إ.ب.أ)
تتهاوى العملة التركية في سقوط حر دون أدنى مؤشر على وجود آلية حكومية لإنقاذها (إ.ب.أ)
TT

الليرة التركية «الأكثر فشلاً في 2020» وتمضي نحو الهاوية

تتهاوى العملة التركية في سقوط حر دون أدنى مؤشر على وجود آلية حكومية لإنقاذها (إ.ب.أ)
تتهاوى العملة التركية في سقوط حر دون أدنى مؤشر على وجود آلية حكومية لإنقاذها (إ.ب.أ)

وسط تخبط حكومي بالغ وفشل واضح في وقف نزيف العملة المحلية، وتزايد مخاوف المواطنين من استنزاف مدخراتهم، تهاوى سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار الثلاثاء إلى أدنى مستوياته على الإطلاق متجاوزا الأرقام التي حققها الأسابيع الماضية، حيث سجل الدولار تداولات مقابل 7.4869 ليرة، مع توقعات خبراء ومحللين بإمكانية «احتراق» العملة التركية وانهيارها إلى هاوية عند مستوى 15 ليرة مقابل الدولار قبل نهاية العام الجاري، خاصة أنها أصبحت العملة الأكثر فشلا منذ بداية العام مع فقدانها لأكثر من 20 في المائة من قيمتها، دون أي نافذة واضحة لاستعادة أي جانب من خسائرها.
وخلال الأسبوع الماضي أخذ الدولار في الارتفاع عقب إعلان هيئة الإحصاء التركية معدلات التضخم والنمو، حيث ارتفع الدولار من 7.37 ليرة إلى 7.44 ليرة ومن ثم استهل تعاملات هذا الأسبوع مسجلا 7.45 ليرة ليرتفع بعدها إلى 7.46 ليرة.
وهوت الليرة التركية إلى مستوى قياسي منخفض جديد الاثنين، مواصلة اتجاها نزوليا وسط مخاوف بشأن التضخم وسياسة نقدية فضفاضة واستنزاف احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي. واستهل الدولار تعاملات الثلاثاء عند مستوى 7.45 ليرة، ومن ثم ارتفع الدولار إلى أعلى مستوياته على الإطلاق أمام الليرة مسجلا 7.48 ليرة، وهو أضعف مستوى لها على الإطلاق ومنخفضة أكثر من 20 في المائة عن مستواها في بداية العام... فيما بلغ سعر صرف اليورو في تركيا الثلاثاء 8.82 ليرة، في حين بلغ سعر صرف الجنيه الإسترليني 9.81 ليرة.
ومما يزيد من القلق، قفزة في الطلب بين الأتراك على العملات الصعبة والذهب وتدخلات مكلفة في أسواق الصرف الأجنبي وأيضا عقوبات محتملة من الاتحاد الأوروبي بسبب التوترات بين تركيا واليونان في شرق البحر المتوسط.
وأدت السياسات الفاشلة للرئيس رجب طيب إردوغان وتدخله في القطاعات المالية إلى تعميق أزمات تركيا الاقتصادية والسياسية وفرار المستثمرين. ووفق بيانات معهد الإحصاء التركي، فإن توقعات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني من عام 2020 تشير إلى انخفاض مستمر، حيث انخفض الناتج الإجمالي 9.9 في المائة مقارنة بالربع المماثل من العام السابق 2019. وتخلفت الليرة التركية عن معظم العملات الأخرى هذا العام بسبب مخاوف من استنزاف احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي التركي وتدخلات مكلفة للدولة في سوق الصرف وأسعار فائدة حقيقية سلبية بشكل حاد. وتواجه تركيا واحدة من أعقد أزماتها النقدية والمالية الناتجة عن تذبذب وفرة الدولار في الأسواق المحلية، الناتجة عن ضعف الثقة بالليرة من جانب المواطنين المحليين، وتراجع مصادر النقد الأجنبي، خاصة عائدات الصادرات والسياحة. ومما يعزز المخاطر حيال تركيا، أن الإصابات الجديدة بـ(كوفيد - 19) قفزت في الأسابيع الأخيرة. وارتفعت أسعار المستهلكين 11.77 في المائة في أغسطس (آب). وقال معهد الإحصاء التركي الأسبوع الماضي إن الرقم الشهري للزيادة في أسعار المستهلكين بلغ 0.86 في المائة.
وما زال التضخم مرتفعا في خانة العشرات منذ بداية العام الجاري، ولامس هدف البنك المركزي البالغ خمسة في المائة المرة الماضية في 2011. ورفع البنك توقعه للتضخم بنهاية العام إلى 8.9 في المائة في يوليو (تموز)، مراهنا على أن التضخم سيبدأ التراجع في وقت مبكر ربما في ذلك الشهر... لكن عددا قليلا من المحللين يتوقع حدوث ذلك قريبا، وحدد استطلاع للرأي أجرته «رويترز» التضخم بحلول نهاية العام عند 11 في المائة.
ومما يزيد من الطين بلة، تراجع أرباح أدوات الاستثمار التركية المحلية، ممثلة بالفوائد على الودائع بالعملة المحلية وأدوات الدين المحلية، والبورصة العاملة في السوق، بالتزامن مع أزمات متصاعدة تعرض لها الاقتصاد المحلي، بصدارة أزمة انهيار الليرة في سوق الصرف المحلية... وهو ما يؤدي إلى هروب المستثمرين من العملة التركية والانكباب على أدوات الاستثمار الأجنبية، ممثلة بالدولار والذهب المدرة للأرباح.



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».