محادثات «مثمرة» لوزير الخارجية السويسري في طهران

محادثات «مثمرة» لوزير الخارجية السويسري في طهران
TT

محادثات «مثمرة» لوزير الخارجية السويسري في طهران

محادثات «مثمرة» لوزير الخارجية السويسري في طهران

أعلن وزير الخارجية السويسري إغناسيو كاسيس، أنه أجرى مباحثات «مثمرة» في طهران مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، أمس، ركزت على السلام والتنمية الاقتصادية وحقوق الإنسان.
تأتي الزيارة في ظل توتر متصاعد بين الولايات المتحدة التي ترعى سويسرا مصالحها في طهران، والنظام الإيراني، مع سعي واشنطن لإعادة فرض عقوبات دولية على طهران بعد الانسحاب من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني.
لكن مسؤولين إيرانيين نفوا أي علاقة بين الزيارة، ومحاولة إطلاق حوار محتمل بين طهران وواشنطن، مدرجين إياها في سياقها الرسمي المعلن، وهو الذكرى المئوية لعلاقات برن وطهران. وكتب كاسيس عبر «تويتر» بعد لقائه ظريف: «السلام، التنمية الاقتصادية وحقوق الإنسان. محادثة مثمرة مع نظيري محمد جواد ظريف».
من جهته، كتب ظريف عبر «تويتر» أيضاً: «محادثات ممتازة بشأن القضايا الثنائية، الإقليمية، والعالمية. مع تقديرنا للجهود السويسرية للتخفيف من التخريب الأميركي، العودة إلى التجارة الطبيعية هي أولوية عالمية».
وعقد الوزيران خلوة صباح أمس تلاها اجتماع بمشاركة الوفدين، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وبعد ظهر أمس، استقبل الرئيس الإيراني حسن روحاني، الوزير السويسري.
وتتولى سويسرا رعاية المصالح الأميركية في إيران منذ عام 1980، في أعقاب قطع العلاقات الدبلوماسية بين العاصمتين الإيرانية والأميركية إثر انتصار الثورة. كما تتولى سويسرا رعاية مصالح إيران في كندا وفي السعودية، وبالعكس، منذ 2016.
وكرر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، أمس، التأكيد أن لا علاقة للزيارة بما ذكرته تقارير صحافية عن دور سويسري في محاولة إطلاق حوار إيراني - أميركي. وأتت التقارير في أعقاب إعلان الخارجية الأميركية أن الوزير مايك بومبيو، أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره السويسري قبل توجهه إلى إيران.
وقال خطيب زاده، في مؤتمر صحافي، إن زيارة كاسيس «هي في إطار الزيارات الطبيعية بين وزيري خارجية البلدين... لطالما كانت لدينا علاقات جيدة جداً، مكثفة وعميقة، مع سويسرا». وأضاف أن «ما يجري بين سويسرا والولايات المتحدة يتعلق بهما، لكن هذه الزيارة ليست مرتبطة بإيران والولايات المتحدة. سياستنا حيال الولايات المتحدة لم تتغير». واعتبر أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، «أظهرت أنها لا تدخر فرصة لتطبيق ما تسميها سياسة الضغوط القصوى على إيران».
كان ترمب قد أعلن قبل عامين انسحاب بلاده من الاتفاق الذي أبرم في 2015 بين إيران والدول الخمس الكبرى زائد ألمانيا. وأعادت واشنطن حينها فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران، وتسعى إلى إعادة فرض العقوبات الدولية التي كان قد تم رفعها بموجب الاتفاق، في خطوة لقيت معارضة من دول موقعة على الاتفاق.
إلى ذلك، قال كاسيس عبر «تويتر»: «أنا سعيد لقدرتنا على أن نؤسس معاً (مع إيران) القناة الإنسانية السويسرية لنقل الغذاء والمستلزمات الطبية إلى شعب إيران». ووضعت هذه القناة موضع التطبيق بموجب اتفاق تجاري يعرف باسم «إس إتش تي إيه» أبرم مع الولايات المتحدة بداية العام.
ويخصص الاتفاق للشركات السويسرية العاملة في مجالات الصيدلة والطب والغذاء، ويسمح لها بإرسال مساعدات إلى إيران الخاضعة لعقوبات أميركية قاسية. ورأى خطيب زاده أن «هذه القناة قادرة على أن تكون ذات أهمية في حال بقيت بعيدة من الضغوط السياسية» الأميركية.
إضافة إلى دورها في رعاية المصالح، ساهمت سويسرا في إتمام عمليات تبادل سجناء بين الولايات المتحدة وإيران. وكان كاسيس قد بدأ زيارة الأيام الثلاثة السبت بمحطة سياحية في مدينة أصفهان جنوب طهران، ليشرع في اليوم التالي بالشق السياسي بلقاء مع رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف في العاصمة الإيرانية.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».