إسرائيل تتهم «حماس» باستئناف عمليات التفجير

ضبط متعاونين قبل التنفيذ

TT

إسرائيل تتهم «حماس» باستئناف عمليات التفجير

اتهمت أجهزة الأمن الإسرائيلية حركة «حماس» في قطاع غزة، بالعمل على إعادة العمليات التفجيرية في مدن المنطقة الوسطى وفي المستوطنات، وذلك بدعوى أنها «تخطط لتصعيد المشهد الفلسطيني».
وقال مسؤول في هذه الأجهزة، أمس الاثنين، إن عديداً من المتعاونين مع «حماس» قد ضبطوا في السنة الأخيرة، قبل أن ينفذوا عملياتهم. وتوقع أن تكون الحركة قد جندت عدداً من الفلسطينيين في الضفة الغربية وحتى من سكان إسرائيل (فلسطينيي 48) لهذا الغرض.
وأوضح المسؤول الإسرائيلي، أن «حماس» تنوي استغلال وقف التنسيق الأمني القائم بين الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن الفلسطينية، وكذلك تراجع دور السلطة الفلسطينية ومحاصرتها من إسرائيل والولايات المتحدة، فغياب السلطة أوجد فراغاً تريد «حماس» اليوم ملأه. وهي فضلاً عن كونها تفتش عن إثارة مواضيع تغطي على إخفاقاتها في معالجة الأزمة الاقتصادية والصحية في قطاع غزة، تحاول إثبات وجودها كعنصر أساسي للمفاوضات مع إسرائيل، من أجل تفاهمات على هدنة طويلة الأمد. ووفقاً لتعبير هذا المسؤول، فإن «حماس» تبث رسالة إلى تل أبيب، تفيد بأن «حماس» يمكن أن تكون موجعة أكثر وفي الوقت نفسه مرنة أكثر.
وكان جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، قد أعلن، صبيحة الاثنين، عن اعتقال تسعة فلسطينيين من مواطني إسرائيل، سكان بلدة شقيب السلام في النقب، ادعت أنهم خلية تابعة لحركة «حماس» كانت تخطط لتفجير عبوة ناسفة في مفرق بيلو في الجنوب. وقال البيان إن قائد الخلية هو محمود مقداد (35 عاماً) الذي اعتقلته الشرطة الإسرائيلية في الخامس عشر من الشهر الماضي، عندما ندم على موافقته على تنفيذ العملية وقام بتفجير العبوة في منطقة بعيدة للتخلص منها، فاعتقلته المخابرات الإسرائيلية. وخلال التحقيق معه أدلى باعترافات أدت إلى الكشف عن شركائه. واتضح من التحقيق معه، أن «حماس» تسعى لتجنيد آخرين من إسرائيل والضفة الغربية لتنفيذ عمليات.
وقد تم تقديم لائحتي اتهام بحق محمود وأحمد مقداد لمحكمة بئر السبع، في تهم «أمنية صعبة»، أمس، على أن يحاكم الآخرون بتهم خفيفة في وقت لاحق. ومحمود مقداد في الأصل من سكان رفح، يعيش هناك مع زوجته وأولاده؛ لكنه عمل في إسرائيل وتزوج من امرأة ثانية من عرب النقب. وصار يتنقل من قطاع غزة إلى إسرائيل عبر معبر بيت حانون (إيرز) الإسرائيلي، ويوزع حضوره بين الزوجتين.
وحسب «الشاباك»، فقد استغلت «حماس» وضعيته وتم تجنيده على يد الجناح العسكري (كتائب عز الدين القسام)، نهاية السنة الماضية. وفي البداية طلبوا منه أن يمدهم بمعلومات وصور عن منظومة الدفاع الصاروخية (القبة الحديدية) في المنطقة الجنوبية من البلاد ومناطق عسكرية مختلفة، ثم تلقى تدريبات حول كيفية فك وتركيب العبوة الناسفة وزرعها في المكان المناسب وكيفية تفعيلها وتفجيرها.
وقام محمود بإطلاع عدد من أشقائه وأقاربه وجيرانه على هذا السر، وحاول تجنيد عدد منهم، وبلغ عدد العارفين والمجندين 9 أشخاص، غالبيتهم من شقيب السلام. وادعت المخابرات الإسرائيلية أن المعتقلين التسعة يعتبرون شركاء في العملية، وتهمة قسم منهم أنهم كانوا يعرفون ولم يبلغوا.
ووصف بيان «الشاباك» طريقة عمل محمود، بأنه «اشترى قبل ثلاثة شهور ذخيرة من الرصاص وراح يفككها ويخرج منها مادة البارود، وبدأ في تركيب العبوة وفقاً للإرشاد الذي تلقاه في غزة».
وخطط لتفجيرها في مجمع تجاري قائم على مفرق بيلو بقرب مدينة رحوبوت. وأما أحمد مقداد، أخو محمود، فقد كان شريكاً سرياً بحيث إنه لم يعرقل سير التخطيط لتنفيذ العملية، وكان يجمع معلومات عن «القبة الحديدية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.