المستثمرون الأجانب يدفعون سندات لبنان الدولية إلى التحسن النسبي

الأسواق المحلية تترقب مخاض تأليف الحكومة ومسار المبادرة الفرنسية

الدولار يعاودالارتفاع في السوق السوداء (الوكالة المركزية)
الدولار يعاودالارتفاع في السوق السوداء (الوكالة المركزية)
TT

المستثمرون الأجانب يدفعون سندات لبنان الدولية إلى التحسن النسبي

الدولار يعاودالارتفاع في السوق السوداء (الوكالة المركزية)
الدولار يعاودالارتفاع في السوق السوداء (الوكالة المركزية)

تترقب الأسواق المالية في بيروت مسار تطور المبادرة الإنقاذية الفرنسية المدعومة دوليا، ومدى الاستجابة المحلية لتأليف الحكومة الجديدة في مهلة 15 يوما تنتهي «مبدئياً» نهاية الأسبوع الحالي، إذ استعادت الأسواق جزءا يسيرا من حيويتها في أسبوع اختيار السفير مصطفى أديب لرئاسة الحكومة. إنما بقيت الصورة ضبابية في سوق القطع بدفع من تقلص احتياطات العملات الصعبة لدى البنك المركزي إلى مستويات حرجة.
وأبلغ متعاملون كبار في الأسواق «الشرق الأوسط»، أن إشارات التحسن، التي طرأت خلال الأيام الماضية على أسعار سندات الدين الدولية، انحصر ورودها فعليا من أسواق خارجية، حيث تم تسجيل إقبال نسبي من مستثمرين أجانب على شراء شرائح متنوعة من محفظة «اليوروبوندز» المصدرة من الحكومة اللبنانية. بينما لم تشهد البورصة المحلية تطورات لافتة، باستثناء احتفاظ أسهم شركة سوليدير (إعمارية وسط بيروت) بجاذبيتها الخاصة التي كسبتها كملاذ للعديد من المدخرين جراء التشدد في العمليات المصرفية ومنع السحوبات والتحويلات بالعملات الأجنبية.
وفي المقابل، اتسمت التعاملات الداخلية عموما على السندات الدولية، والتي تبلغ محفظتها المحلية نحو 11 مليار دولار بحوزة المصارف ونحو 5 مليارات دولار لدى البنك المركزي، بكثير من التحفظ ريثما يتضح مجرى مشاورات تأليف الحكومة العتيدة. كذلك عادت أسعار الدولار في السوق الموازية إلى الارتفاع لتصل إلى نحو 7500 ليرة لكل دولار في نهاية الأسبوع، بعدما تدنت إلى نحو 7100 ليرة لكل دولار عقب التكليف الذي حاز شبه إجماع وصل إلى نحو 90 صوتا نيابيا من أصل 120 (8 مستيقيلون).
وبدا التردد طاغيا في ترقبات الخبراء المحليين جراء التضارب في المعلومات المسربة بشأن حرص الرئيس المكلف على الانسجام مع مضمون المبادرة الفرنسية بتوزير اختصاصيين من خارج الأحزاب والكتل النيابية، فيما أظهرت مواقف سياسية مطالبات بحصص في الوزارات «الدسمة» أو ذات الصلاحية في تواقيع المراسيم والقرارات المهمة. وهذا ما يعيد صورة الانطباعات غير المشجعة التي رافقت أداء حكومة الرئيس حسان دياب التي تتولى مهام تصريف الأعمال حاليا.
وظهر واضحا أثر الإقبال الاستثماري الأجنبي على شراء الأوراق الحكومية اللبنانية المعروضة عند أدنى مستوياتها على الإطلاق في الأسواق الدولية. فقد سجلت مختلف شرائح المحفظة، والتي يناهز حجمها الإجمالي نحو 32 مليار دولار، نصفها بحوزة بنوك ومؤسسات وصناديق خارجية، ارتفاعات قاربت متوسط 1.8 دولار لكل سند، ليرتفع معها متوسط سعر السند من 16.6 دولار إلى نحو 18.7 دولار. مع التنويه بأن السندات الأقرب آجالا سجلت المستويات السعرية الأعلى.
وليس من المتوقع تسجيل ارتفاعات تقود الأسعار إلى أعلى من 30 في المائة من قيمتها عند الإصدار، أي 100 كقيمة كاملة. وذلك ربطا بتقديرات مسبقة بأن تغيير الحكومة لن يفضي إلى تغيير كبير في التوجه للاقتطاع من القيمة الأصلية لمحفظة ديون الدولة بالعملات الأجنبية، بعدما عمدت الحكومة الحالية مطلع مارس (آذار) الماضي إلى تعليق دفع سندات وفوائد مستحقة. ثم ألحقتها بعيد شهر بالإعلان عن تطبيق الإجراء عينه على كامل محفظة «اليوروبوندز».
وبذلك فإن تحديد نسبة الاقتطاع سيحدد هوامش التداولات مستقبلا. والمأمول أن تكون إيجابية في حال تم توقيع اتفاقية برنامج تمويل مع صندوق النقد الدولي، وإعادة تحريك مساعدات وتمويلات مؤتمر سيدر. إضافة إلى الوعد الفرنسي بعقد مؤتمر دولي جديد لتنسيق المعونات الدولية خلال الشهر المقبل، إذا ما تم تسريع انطلاق الحكومة والتزامها الصريح بإصلاحات الهيكلية الشاملة والشروع بالتدقيق المحاسبي والجنائي بحسابات البنك المركزي وبدء إعادة هيكلة الجهاز المصرفي.
أما على صعيد بورصة بيروت، فقد بينت الإحصاءات المجمعة تراجع عدد الأسهم المتداولة بنسبة 54.56 في المائة سنويا إلى حوالي 86.59 مليون سهم لغاية شهر أغسطس (آب) من العام الحالي. ويعود ذلك تلقائيا إلى الوضع الاقتصادي المتردي وشلل العمليات المصرفية وإلى الحجر الذي فرضه تفشي فيروس الكورونا. وانخفضت أيضا قيمة الأسهم المتداولة بنسبة 85.96 في المائة على أساسٍ تراكمي إلى نحو 114.86 مليون دولار أميركي. لكن المتوسط المثقل للسعر على القيمة الدفترية (P/Bv) للأسهم المدرجة زاد قليلا إلى 0.849 من القيمة الأصلية للإصدار بفضل الارتفاع اللافت في أسعار أسهم سوليدير.
كذلك تراجعت قيمة الموجودات الخارجية لمصرف لبنان بنسبة 26.42 في المائة، أي 10.22 مليار دولار، مقارنة بالمستوى الذي كانت عليه في نهاية شهر أغسطس (آب) من العام الماضي، والبالغ حينها 38.68 مليار دولار. بينما ارتفعت قيمة احتياطات الذهب بنسبة 28.75 في المائة، أي 4.05 مليار دولار عند مقارنتها بالمستوى المسجل في الفترة نفسها، والبالغ حينها 14.08 مليار دولار، وعموما يشكل إجمالي الاحتياطات «نظريا» (الموجودات الخارجية واحتياطات الذهب) حوالي 44.49 في المائة من الدين العام الإجمالي و49.3 في المائة من صافي الدين العام. وهو يغطي حوالي 162 شهرا من خدمة الدين.



هل ينعش الإسرائيليون حركة السياحة في سيناء المصرية؟

تتركز السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر في مدن طابا ودهب وشرم الشيخ (محافظة جنوب سيناء)
تتركز السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر في مدن طابا ودهب وشرم الشيخ (محافظة جنوب سيناء)
TT

هل ينعش الإسرائيليون حركة السياحة في سيناء المصرية؟

تتركز السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر في مدن طابا ودهب وشرم الشيخ (محافظة جنوب سيناء)
تتركز السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر في مدن طابا ودهب وشرم الشيخ (محافظة جنوب سيناء)

أثارت تقارير عبرية تحدثت عن تدفق الآلاف من السياح الإسرائيليين على مصر رغم تحذيرات تل أبيب من خطورة السفر، تساؤلات بشأن ما إذا كان سيسهم في إنعاش حركة السياحة الوافدة إلى سيناء المصرية، التي تأثرت نسبياً منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وبينما توقع خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن تشهد الفترة المقبلة «رواجاً سياحياً في مدن جنوب سيناء؛ طابا ودهب وشرم الشيخ»، عدو ذلك «تعافياً جزئياً لن يصل بالسياحة إلى معدلاتها الطبيعية»، مؤكدين أن «عدد السياح الإسرائيليين ليس كبيراً ما يجعله غير مؤثر في معدلات السياحة الوافدة».

ووفق تقرير نشرته صحيفة «يسرائيل هيوم»، أخيراً، وتناقلته مواقع محلية وعربية، فإن «أكثر من 30 ألف إسرائيلي عبروا الحدود إلى مصر عبر معبر طابا البري خلال الفترة الأخيرة رغم التحذيرات الأمنية المتكررة من السفر إلى الدول المجاورة مثل مصر والأردن»، بحسب ما نقلته الصحيفة عن جهاز مكافحة الإرهاب التابع لمجلس الوزراء الإسرائيلي.

وأوضحت الصحيفة أن «نحو 30 ألفاً و808 سيّاح سافروا إلى شبه جزيرة سيناء خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، معظمهم من العرب الإسرائيليين». وأشارت إلى أن «انخفاض أسعار الفنادق وتكلفة الإجازة في مصر يسهم في جذب السياح الإسرائيليين».

ويرى الخبير السياحي المصري، أحمد عبد العزيز، أن «السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر عادة ما تتركز في مدن جنوب سيناء، وطابا ودهب وشرم الشيخ، نظراً لإمكانية دخول الإسرائيليين حتى شرم الشيخ دون تأشيرة».

وأشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر تأثرت نسبياً بالحرب على غزة»، لافتاً إلى أن «السياح الإسرائيليين كانوا يشكلون في فترة من الفترات نحو 30 في المائة من حركة السياحة في شرم الشيخ».

سانت كاترين ومنطقة التجلي الأعظم في سيناء (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بدوره، قال الخبير السياحي، محمد كارم، إن «مصر منطقة آمنة وجاذبة للسياح الإسرائيليين»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «بالنسبة للسائح الإسرائيلي فإن مدن طابا ونويبع ودهب من أفضل وجهاته السياحية كونه لا يحب الفنادق ويفضل الإقامة في كامبات»، مشيراً إلى أن «إسرائيل تطلق تحذيرات سفر لمختلف دول العالم لكنها عادة غير مؤثرة».

وفي أكتوبر 2023 أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية (فنادق وكامبات) في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

ولفت كارم إلى أن «الفترة الأولى من حرب غزة أثرت جزئياً على معدلات السياحة في سيناء، لكنها استقرت لا سيما مع حملات الترويج السياحي التي جذبت أعداداً كبيرة من السياح لمصر بشكل عام».

وبينما توقع أن «تشهد الفترة المقبلة زيادة في معدلات السياحة الوافدة إلى مصر»، أكد أن «السياحة الإسرائيلية غير مؤثرة نظراً لقلة عددها ناهيك عن انخفاض إنفاق السائح الإسرائيلي بشكل عام».

بدوره، أوضح عبد العزيز أن «حجم تراجع معدلات السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر لم يكن كبيراً، ولم يستمر طويلاً، نظراً لأن معظم الوافدين من عرب إسرائيل، وهم عادة لا يكترثون بتحذيرات تل أبيب المتعلقة بالسفر»، مشيراً إلى أن «سيناء شهدت استقراراً نسبياً في معدلات السياحة الوافدة خلال الفترة الماضية، وإن لم تصل حد التشغيل الكامل لطاقتها السياحية».

وتوقع عبد العزيز أن «تشهد فترة الأعياد المقبلة رواجاً وإقبالاً من السياح الإسرائيليين على مدن جنوب سيناء، لا سيما مع انخفاض تكلفة قضاء الإجازة في مصر مقارنة بالداخل الإسرائيلي». لكنه أكد أن «هذا الرواج سيسهم في التعافي الجزئي للحركة السياحية دون أن يصل إلى درجة التعافي الكامل».

ومنتصف العام الماضي زعمت وسائل إعلام عبرية أن مصر خرجت من قائمة الـ10 وجهات سياحية المميزة بالنسبة للإسرائيليين وحلت مكانها قبرص واليونان.

وقبل اندلاع حرب غزة أشارت تقارير إعلامية عبرية إلى أن «مصر من أكثر الدول العربية استقبالاً للسياح الإسرائيليين وقدرت عددهم بنحو نصف مليون سائح عام 2022».

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية، 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. واقتربت أعداد السياح العرب الوافدين لمصر، العام الماضي، من 3 ملايين سائح، بحسب تصريحات رسمية.

وكانت مصر تستهدف الوصول إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2028 عبر استراتيجية أعلنتها الحكومة سابقاً، لكنها عادت وعدلت الاستراتيجية ورحّلت هدفها إلى عام 2031. وقال رئيس الوزراء المصري في إفادة رسمية الشهر الماضي: «لولا الاضطرابات الإقليمية التي تحيط بمصر لارتفع هذا الرقم إلى 18 مليون سائح».