الخلافات في المعارضة الإسرائيلية تزيد قوة نتنياهو

رغم الاستمرار في المظاهرات الكبيرة ضده 11 أسبوعاً

تخيل جلسة حكومية كوميدية في مظاهرات تل أبيب وقناعان لنتنياهو وغانتس (أ.ف.ب)
تخيل جلسة حكومية كوميدية في مظاهرات تل أبيب وقناعان لنتنياهو وغانتس (أ.ف.ب)
TT

الخلافات في المعارضة الإسرائيلية تزيد قوة نتنياهو

تخيل جلسة حكومية كوميدية في مظاهرات تل أبيب وقناعان لنتنياهو وغانتس (أ.ف.ب)
تخيل جلسة حكومية كوميدية في مظاهرات تل أبيب وقناعان لنتنياهو وغانتس (أ.ف.ب)

رغم استمرار مظاهرات الآلاف ضده للأسبوع الحادي عشر على التوالي، دلت نتائج استطلاع جديد على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما زال يحظى بالتأييد الأكبر بين جميع السياسيين من أحزاب الائتلاف والمعارضة على السواء، وأنه في حال إجراء انتخابات برلمانية، ستحظى أحزاب اليمين تحت قيادته بأكثرية 65 من مجموع 120 مقعداً.
وعندما سئل المستطلعون للقناة 12 في التلفزيون الإسرائيلي، أي الشخصيات يرونها مناسبة أكثر لرئاسة الحكومة، حظي نتنياهو بتأييد 45 في المائة، وجاء بعده زعيم اتحاد الأحزاب اليمينية الأكثر تطرفاً «يمينا»، نفتالي بنيت، الذي حصل على تأييد 28 في المائة، يليه رئيس الوزراء البديل وزير الأمن، بيني غانتس، زعيم حزب الجنرالات «كحول لفان»، الذي حصل على 18 في المائة ثم رئيس المعارضة، يائير لبيد، 16 في المائة.
ويمكن تفسير تعزيز قوة نتنياهو لعدة أسباب، أهمها، الخلافات التي تدب في المعارضة وتفقدها دينامية التصاعد، وقد ظهرت مطلع الأسبوع الماضي، عندما بدأ رفاق لبيد يتمردون عليه ويطالبون بانتخابات لتغييره، وكذلك بسبب الإعلان عن الاتفاق مع دولة الإمارات. ومع ذلك فإن مقربين من نتنياهو، يؤكدون بأنه ما زال يرتدع عن اللجوء إلى انتخابات، لأن تنامي قوة حزب «يمينا» ورئيسه بنيت، تزعجه وتقلقه. فهذا الحزب يشفط الأصوات أولاً من اليمين، كما أن رئيسي الحزب، بنيت وزميلته أييلت شكيد، يعتبران خصماً لدوداً لعائلة نتنياهو. وهو يخشى أن يتعمق الشرخ معهما وتكون النتيجة مضرة له في صندوق الاقتراع.
وكانت المظاهرات ضد نتنياهو قد انطلقت طيلة يومي الجمعة والسبت واستمرت حتى فجر أمس الأحد، للأسبوع الحادي عشر على التوالي، بمشاركة آلاف المتظاهرين. وقد بدأت بمظاهرات رفع شعارات في 300 موقع، على طول إسرائيل وعرضها، على يومين متتاليين، واختتمت بمظاهرتين، واحدة أمام بيته الشخصي في قيسارية وشارك فيها نحو 600 شخص، وأخرى أمام مقره الرسمي في القدس الغربية وشارك فيها نحو 20 ألف شخص. وسبقتها مسيرة بمشاركة عدة آلاف، من مدخل القدس الغربي وحتى وسطها في ساحة صهيون. ولوحظ هذا الأسبوع أيضاً وجود مجموعة من اليهود المتدينين المتزمتين بين المتظاهرين، إضافة لتنظيمات اليسار والشباب من مختلف المعسكرات السياسية، بما فيها اليمين، وكان المطلب الجامع للمتظاهرين، استقالة نتنياهو بنداء «ارحل». وتعاملت الشرطة مع المتظاهرين بمنسوب عالٍ من العنف واعتقلت منهم 12 شخصاً، وخلال مقاومة الاعتقال أصيب شرطيان بجراح.
ونشرت القناة «12». خلال المظاهرات، نتائج استطلاع رأي أجرته في نهاية الأسبوع، وسألت فيه كيف سيصوت الناخبون فيما لو جرت الانتخابات اليوم. فحظي الليكود بقيادة نتنياهو بـ31 مقعداً، أي بزيادة مقعدين عن الاستطلاع قبل أسبوعين، ولكن أقل بخمسة مقاعد عما حققه في الانتخابات الأخيرة التي جرت في شهر مارس (آذار) وحصل فيها على 36 مقعداً.
وتلاه «يمينا» مع 19 مقعداً (يوجد له اليوم 6 مقاعد فقط). وحصل الحزبان اليهوديان المتدينان، حليفاهما في تكتل اليمين، على 15 مقعداً (المتدينون الشرقيون شاس 8 مقاعد والأشكناز 7 مقاعد). وعليه يكون مجموع تكتل اليمين 65 مقعداً.
أما الأحزاب المعارضة لنتنياهو فحصلت على النتائج التالية: «يش عتيد - تيلم» بقيادة لبيد هبط من 16 حالياً إلى 15 مقعداً، مع العلم بأن الاستطلاعات الأخيرة التي جرت قبل أن تدب الخلافات فيه، منحته 20 مقعداً، والقائمة المشتركة للأحزاب العربية تحافظ على قوتها البالغة 15 مقعداً، و«كحول لفان» بقيادة غانتس، حليف نتنياهو اليوم المتوقع أن يصبح خصماً لدوداً له في الانتخابات المقبلة، 11 مقعداً (له اليوم 16 مقعداً)، وحزب ميرتس اليساري 6 مقاعد.
يذكر أن رفيق درب لبيد، عوفر شلح، كان قد تمرد ورفض قراره البقاء زعيماً للحزب بلا انتخابات حتى سنة 2025، وأعلن نيته المنافسة على رئاسة هذا الحرب.
وفي يوم أمس أعلن قائد آخر في الحزب، هو النائب الأسبق لرئيس الموساد (جهاز المخابرات الخارجية)، رام بن براك، نيته المنافسة على رئاسة الحزب. وحذر لبيد من أن أجواء الصراع الشخصي في الحزب تؤدي إلى فقدانه جمهوراً واسعاً، وهذا يؤدي إلى تقوية نتنياهو أكثر، ويشجعه على تحقيق هدفه في اللجوء إلى الانتخابات لتشكيل حكومة يمين متطرف تسن قانوناً يتيح وقف محاكمته بتهم الفساد.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.