«حدود» مناطق النفوذ الثلاث تتعمق في سوريا خلال 6 أشهر

بسبب التفاهمات الدولية ـ الإقليمية و«كورونا» والأزمة الاقتصادية في دمشق

قوات أميركية وروسية وسورية في ريف القامشلي شرق الفرات في فبراير الماضي(أ.ب)
قوات أميركية وروسية وسورية في ريف القامشلي شرق الفرات في فبراير الماضي(أ.ب)
TT

«حدود» مناطق النفوذ الثلاث تتعمق في سوريا خلال 6 أشهر

قوات أميركية وروسية وسورية في ريف القامشلي شرق الفرات في فبراير الماضي(أ.ب)
قوات أميركية وروسية وسورية في ريف القامشلي شرق الفرات في فبراير الماضي(أ.ب)

لأول مرة منذ 2012، لم يحصل أي تغير على خطوط التماس العسكرية في سوريا لمدة 6 أشهر متواصلة. وبعد 5 سنوات على التدخل العسكري الروسي المباشر في نهاية سبتمبر (أيلول) 2015، لا تزال سوريا التي تبلغ مساحتها 185 ألف كلم مربع، مقسمة إلى 3 مناطق نفوذ: الأولى تمتد على ثلثي أراضي البلاد، وتسيطر عليها قوات الحكومة، بدعم روسي إيراني؛ والثانية تشمل ربع مساحة البلاد في شمال شرقي البلاد، وتسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية، بدعم من التحالف الدولي، فيما تقع المنطقة الثالثة الواقعة في شمال البلاد وشمالها الغربي تحت نفوذ فصائل مقاتلة يدعمها الجيش التركي.

ذروة التقهقر... والسيطرة
شهدت خريطة السيطرة العسكرية تغيرات كبيرة خلال 9 سنوات. وحسب «مركز جسور للدراسات» السوري، فإنه بعد تحول الاحتجاجات السلمية في مارس (آذار) 2011 إلى «حراك مسلح، أصبح النظام يُسيطر بالكاد على ثلث هذه الأراضي في نهاية عام 2012، فيما كانت المعارضة المسلحة بكل تشكيلاتها تُسيطر على الثلثين الآخرين. وانخفضت سيطرة النظام بعد ذلك إلى نحو ربع الأراضي بين 2015 و2016».
وفي منتصف 2015، كانت ذروة سيطرة الفصائل وتقهقر قوات الحكومة. يقول «جسور»: «سيطرة المعارضة انخفضت بشكل كبير حتى قبل أن ترتفع نسبة سيطرة النظام، إذ شكل ظهور (داعش) فاعلاً ميدانياً في نهاية عام 2013 عاملاً أدى إلى تغيير قواعد اللعبة عسكرياً، إذ بدأ التنظيم يقضم بشكل سريع مناطق سيطرة المعارضة، وبدرجة أقل مناطق سيطرة النظام، حتى وصلت نسبة سيطرته في عام 2015 إلى أكثر من نصف الأرض السورية».
وبعد بدء التحالف الدولي، بقيادة أميركا، حربه ضد «داعش» في سبتمبر (أيلول) 2014، بدأت «وحدات حماية الشعب» الكردية بالاستحواذ التدريجي على بعض مناطق سيطرة التنظيم. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2015، تم الإعلان عن تأسيس «قوات سوريا الديمقراطية» التي أصبحت المظلة التي ستتولى قيادة المعركة ضد التنظيم، بدعم من التحالف الدولي. وتوسعت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» بشكل تدريجي، حتى وصلت إلى نحو 15 في المائة من الأرض السورية في عام 2016، ثم نحو 20 في المائة منتصف 2017، ثم في النصف الثاني من عام 2018 إلى نحو 27 في المائة، قبل أن تنخفض بشكل طفيف في خريف العام الماضي.
ولم تتمكن المعارضة منذ عام 2015 من السيطرة على أي أرض جديدة، ولا يشمل ذلك بطبيعة الحال الأراضي التي تمت السيطرة عليها بالتدخل التركي، والمعروفة بأسماء عملياتها العسكرية، وهي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» و«نبع السلام» و«درع السلام»، التي قام بها الجيش التركي مع فصائل موالية في شمال سوريا وشمالها الغربي والشرقي.
وأعلن مسؤولون روس أكثر من مرة أنه قبل تدخل جيشهم، في سبتمبر (أيلول) من 2015، لم تكن حصة قوات الحكومة السورية أكثر من 10 في المائة من مساحة البلاد. وبعدها، بدأت قوات الحكومة، بدعم القوة الروسية، إحراز مزيد من التقدم التدريجي، إلى أن «وصلت سيطرة النظام إلى نحو الثلثين منذ عام 2018 حتى الآن».

معارك وتفاهمات
كانت العمليات العسكرية بين 2012 و2016 عاملاً أساسياً في تغيير خطوط التماس ومناطق السيطرة. وفي بداية 2017، بدأ مسار آستانة بين روسيا وإيران وتركيا «بعد خسارة المعارضة الاستراتيجية في مدينة حلب»، في ديسمبر (كانون الأول) 2016، حسب «جسور»، إذ ساهم المسار في «إعادة جدولة العمليات العسكرية، حيث أخذت طابعاً موسمياً يعكس فشل الأطراف في التوصل إلى تفاهم آني، أو رغبة أحد الأطراف في رفع مستوى الضغط التفاوضي قبيل انطلاق جولة جديدة من المسار».
وإلى جانب أساليب العمليات العسكرية و«الأرض المحروقة» و«البراميل»، تمكنت بعض الأطراف، خصوصاً قوات الحكومة، من توسيع سيطرتها بفعل أدوات أخرى، كان أهمها «الحصار»، خاصة في ريف دمشق ودمشق وحمص، التي أوصلت إلى «التسويات»، وهي اتفاقات توقعها الأطراف المحلية داخل المناطق المحاصرة، وأفضت في الغالب إلى خروج المقاتلين نحو الشمال، واستسلام المناطق لقوات الحكومة. وقال المركز: «ساهمت التفاهمات بين الفاعلين المحليين، بوساطات خارجية في بعض الأحيان، إلى توسيع خرائط السيطرة، فقد أدى اتفاق المدن الأربع، في أبريل (نيسان) 2017، برعاية روسية إقليمية، إلى تبادل غير مسبوق للسيطرة على المدن بين المعارضة والنظام، حيث خرجت قوات المعارضة من مدينتي الزبداني ومضايا في ريف دمشق، مقابل تفريغ كامل لبلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب».
وتسببت التفاهمات الدولية في تغيير خرائط السيطرة دون معارك بين الفاعلين المحليين، ومن أبرز هذه الحالات سيطرة قوات الحكومة، المدعومة روسياً، على محافظتي درعا والقنيطرة، بعد تفاهم أميركي - روسي في منتصف 2018. كما شمل ذلك السيطرة التركية على الشريط الحدودي ضمن عملية «نبع السلام» شرق الفرات، بتفاهم أميركي - تركي، إضافة إلى جيوب أخرى شمال البلاد، أو تثبيت الأمر الواقع في شمالها الغربي، بتفاهمات بين أنقرة وموسكو.

جمود ممدد
وأظهرت خريطة النفوذ العسكري لشهر أغسطس (آب) 2020 التي أعدها «جسور» ثبات نسب السيطرة بين أطراف النزاع منذ فبراير (شباط) الماضي. وحافظت فصائل المعارضة على نسبة سيطرتها البالغة 10.98 في المائة، ويشمل هذا قاعدة التنف الأميركية في زاوية الحدود العراقية - السورية - الأردنية. كما حافظت الحكومة على 63.38 في المائة من البلاد، وبقيت 25.64 في المائة من البلاد تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية». وقال المركز: «لم يعد لتنظيم داعش أي سيطرة عسكرية على الأرض السورية منذ فبراير 2019»، لكن لا تزال هناك خلايا للتنظيم في شرق الفرات، إضافة إلى وجود جيوب له في البادية السورية.
ويعود ثبات خطوط التماس لمدة 6 أشهر منذ بدء الصراع السوري إلى سلسلة عوامل خارجية وداخلية، تتعلق بالتفاهمات بين روسيا وأميركا وتركيا شمال شرقي سوريا، وبين أنقرة وموسكو في إدلب، وإلى وباء «كورونا» والأزمة الاقتصادية التي تعصف بدمشق لأسباب عدة، بينها فرض واشنطن عقوبات «قانون قيصر».

تفاهم صعب
في منتصف 2017، توصل الجيشان الأميركي والروسي إلى مذكرة تفاهم تتعلق بـ«منع الصدام» لتبادل المعلومات عن تحركات طائرات الجانبين، ورسم خط تماس نظري هو نهر الفرات، بحيث يكون طرفه الشرقي لأميركا وحلفائها، وطرفه الغربي لروسيا وحلفائها. وأبقت أميركا على قاعدة التنف ومنبج غربه، بينما حافظت الحكومة السورية على وجودها في «مربعين أمنيين» في القامشلي والحسكة شرق الفرات.
وبقيت الخطوط مستقرة نسبياً إلى أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما سحب الرئيس دونالد ترمب قواته من مناطق قرب حدود تركيا، ما شجع الجيش التركي على التوغل عسكرياً مع فصائل موالية بين تل أبيض ورأس العين، ضمن عملية «نبع السلام». كما لجأت «قوات سوريا الديمقراطية» إلى دمشق، ووقعت مذكرة قضت بالتعاون مع الجيشين السوري والروسي لنشر نحو 10 آلاف عنصر في مناطق أخلَتْها أميركا، وتسيير دوريات روسية - تركية على الطريق الرئيسية بين حلب والقامشلي، تحت حماية مروحيات روسية، إضافة إلى نشر حرس الحدود السوري على حدود تركيا، عدا منطقة «نبع السلام».
وعاد ترمب ووافق على الإبقاء على 500 جندي شرق الفرات، ومائة جندي في التنف، فتحول شرق الفرات إلى مناطق نفوذ بين أطراف مختلفة، ما أدى إلى إرباك الصورة، الأمر الذي استدعى مفاوضات عسكرية روسية - أميركية للتأكد من عمل اتفاق «منع الصدام» بين الجيشين. وفي ديسمبر (كانون الأول)، تم تجديد الاتفاق.
وكان لافتاً أن الجيش الروسي استمر في تحديه واختباره براً، وأسس قواعد ونقاط تمركز، وسير دوريات في محافظتي الحسكة والرقة، وعلى الطريق إلى حدود العراق، بالتزامن مع تكثيف الجهود لتجنيد عناصر من السكان المحليين. وأعلن الجنرال كينيث مكنزي، في يونيو (حزيران)، أن قوات التحالف رصدت حشداً لمعدات عسكرية روسية في المنطقة، علماً بأن روسيا أقامت قاعدة في مطار القامشلي. وأشار الجانب الأميركي إلى أن وجود روسيا يعطيها فرصة لـ«تعطيلنا وزيادة صعوبة عملنا»، حسب ما جاء في وثيقة أميركية.
وفي نهاية يونيو (حزيران)، بدأت القوات الروسية في الدخول إلى مناطق توجد بها قوات التحالف، وذلك في إطار حملة متعمدة لـ«طردها» من المنطقة. وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، روبرت أوبراين، أول من أمس، إن الولايات المتحدة عبرت عن قلقها لروسيا بشأن حادث في سوريا أصيب فيه عدد من الجنود الأميركيين عندما اصطدمت مركبة عسكرية روسية بمركبتهم. وقال أوبراين، خلال مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض: «تم إيصال الأمر إليهم (روسيا) بوضوح شديد... تم ذلك على المستوى المناسب». لكن لا تزال موسكو متمسكة بالاتفاق، وتطلب من دمشق التمسك به، فيما استمر الجيش الإسرائيلي بقصف مواقع إيرانية في ريف دير الزور.

هدنة هشة... صامدة
خلال السنتين الماضيتين، شنت قوات الحكومة، بدعم إيراني روسي، أكثر من هجوم على «مثلث الشمال» الذي يضم إدلب وأرياف حماة وحلب واللاذقية، وتقدمت في شمال حماة وغرب حلب، وفتحت طريق حلب – دمشق، وسيطرت على سراقب، وذلك رغم وجود اتفاق سوتشي بين روسيا وتركيا حول «خفض التصعيد» في هذه المناطق. لكنه بعد سيطرة قوات الحكومة السورية على معرة النعمان، جنوب إدلب، في نهاية يناير (كانون الثاني)، بدأ الجيش التركي، في فبراير (شباط)، بتعزيز قواته بشكل غير مسبوق في شمال غربي سوريا «حيث أرسل إلى داخل الأراضي السورية آلاف من القوات الخاصة التي تعد نخبة القوات المسلحة التركية، مدعومة بدبابات ومدرعات ووحدات مدفعية وصاروخية»، حسب المركز. وقالت مصادر عدة إن الجيش التركي نشر أكثر من 12 ألف جندي وآلاف العربات والمدرعات في إدلب وريفها لـ«ردع» قوات الحكومة من استمرار عملياتها في شمال غربي البلاد.
وفي بداية مارس (آذار)، توصل الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان إلى اتفاق في موسكو على ملحق لاتفاق خفض التصعيد في إدلب، نص على «وقف كل الأعمال القتالية على خط التماس القائم في منطقة إدلب، وإنشاء ممر آمن عرضه 6 كيلومترات شمالاً و6 كيلومترات جنوباً من طريق حلب - اللاذقية، ليتم تنسيق المعايير الدقيقة لعمل الممر الآمن عبر قنوات الاتصال بين وزارتي الدفاع الروسية والتركية، وبدء الدوريات الروسية التركية المشتركة على طريق حلب - اللاذقية من بلدة ترنبة غرب مدينة سراقب ووصولاً إلى بلدة عين الحور».
وتعرضت الدوريات المشتركة الروسية التركية على طريق حلب - اللاذقية لهجمات وتحديات كثيرة. كما تبادلت قوات الحكومة والفصائل القصف في جنوب إدلب، إضافة إلى حصول غارات بين فينة وأخرى، واستهداف لمتطرفين بطائرات «درون» في ريف إدلب. لكن الهدنة لا تزال صامدة، رغم الخروقات، واستطاع الطرفان تسيير أكثر من 25 دورية، أنجز بعضها العمل على طول الطريق. وكان لافتاً أن الجيشين نفذا تدريبات مشتركة، ما يمهد الطريق للعمل على «محاربة الإرهاب». وسياسياً، استمر العمل بين الطرفين ضمن صيغة آستانة لرعاية عمل اللجنة الدستورية في جنيف.

الجنرال «كورونا»
في مارس (آذار) الماضي، وصل وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى دمشق لتأكيد ضرورة الالتزام بالاتفاق الروسي - التركي حول إدلب، وضرورة تجنب معارك شاملة وسط انتشار «كورونا». وبعد بقاء الوباء تحت السيطرة في الأشهر الماضية، بدأ في أغسطس (آب) بتسجيل قفزات كبيرة في دمشق ومناطق سيطرة الحكومة، بما في ذلك بين عناصر الجيش والضباط. يضاف إلى ذلك، تعمق الأزمة الاقتصادية، وانخفاض سعر صرف الليرة السورية لأسباب كثيرة، بينها بدء واشنطن في منتصف يونيو (حزيران) بتطبيق «قانون قيصر»، وإصدار قوائم ضمت عشرات المسؤولين والشخصيات السورية. كما ضغطت واشنطن على دول عربية وأوروبية كي لا تطبع مع دمشق ولا تساهم في إعمار سوريا، بل إن «قانون قيصر» يتضمن بنوداً بفرض عقوبات على من يمول العمليات العسكرية أو الإعمار، سواء كان سورياً أو غير سوري. ويقول مسؤولون أميركيون إن الهدف هو «منع النظام من الفوز بالسلام في حال فاز بالحرب»، إضافة إلى «حرمانه من تمويل العمليات العسكرية، وتغيير خطوط التماس»، مع المطالبة بـ«وقف نار شامل» في جميع الأراضي السورية.
ويُعتقد إلى حد كبير أن مصير خطوط التماس في شمال غربي البلاد وشمالها الشرقي، وكيفية التعاطي مع العقوبات الغربية والأزمة الاقتصادية السورية، وسرعة عمل اللجنة الدستورية، وتنفيذ القرار (2254)، ستكون في صلب محادثات الوفد الروسي العسكري السياسي الاقتصادي الرفيع الذي سيحط في دمشق خلال ساعات، ويلتقي الرئيس بشار الأسد، وكبار مساعديه، في وقت برزت فيه تساؤلات عما إذا كانت هذه الخطوط بين مناطق النفوذ الثلاث دائمة أم مؤقتة.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.