أسعار السلع الغذائية ترتفع رغم تراجع صرف الدولار

مع غياب آليات ضبط الأسعار في لبنان ومراقبتها

ارتفاع أسعار المواد الغذائية انعكس على قدرة اللبنانيين  على توفير حاجاتهم المعيشية الأساسية (أ.ف.ب)
ارتفاع أسعار المواد الغذائية انعكس على قدرة اللبنانيين على توفير حاجاتهم المعيشية الأساسية (أ.ف.ب)
TT

أسعار السلع الغذائية ترتفع رغم تراجع صرف الدولار

ارتفاع أسعار المواد الغذائية انعكس على قدرة اللبنانيين  على توفير حاجاتهم المعيشية الأساسية (أ.ف.ب)
ارتفاع أسعار المواد الغذائية انعكس على قدرة اللبنانيين على توفير حاجاتهم المعيشية الأساسية (أ.ف.ب)

اعتاد اللبنانيون في الفترة السابقة ومنذ بدء أزمة الدولار على ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل يومي، إذ غالبا ما كانت تأتيهم الإجابة عند السؤال عن سعر أي منتج غذائي مقرونة بعبارة «حتى الساعة وحسب سعر الدولار»، ولما كان هؤلاء المواطنون قد اقتنعوا أن ارتفاع أسعار السلع مرتبط بارتفاع سعر صرف الدولار توقعوا انخفاض الأسعار مع تراجع سعر الصرف، إلا أن هذا الأمر لم يحصل، بل على العكس تظهر جولة صغيرة على عدد من مراكز بيع المواد الغذائية أن الأسعار ليس فقط لم تتراجع بل أكثر من ذلك تستمر بالارتفاع.
ارتفاع أسعار السلع الغذائية يؤكده أيضا مؤشر جمعية حماية المستهلك، إذ يبين ارتفاع الأسعار خلال شهر أغسطس (آب) الماضي (حتى الـ15 منه) بنسبة 22.84 في المائة مقارنة مع أشهر أبريل (نيسان) مايو (أيار) يونيو (حزيران)، مع العلم أن سعر الدولار لم يتخط منذ بداية الأسبوع الثاني من أغسطس الـ8000 ليرة وفي بعض الأيام انخفض عن الـ7000 بعدما كان ارتفع إلى حدود تجاوزت الـ10 آلاف ليرة أواخر في شهر يوليو (تموز) الماضي.
الارتفاع الأكبر في الأسعار خلال شهر أغسطس، وحسب مؤشر الجمعية، كان في أسعار اللحوم إذ ارتفعت بنسبة 32.70 في المائة تليها أسعار المعلبات والزيوت والحبوب بنسبة 28.60 في المائة ثم بعض أنواع الخبز 25 في المائة والألبان والأجبان 18.20 في المائة، أما الفواكه فكان لها الحصة الأقل من الزيادة 1.8 في المائة فيما انخفضت أسعار الخضار 21.38 في المائة.
وفي هذا الإطار تقول نائبة رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتورة ندى نعمة إن أسعار السلع الغذائية «تواصل ارتفاعها وسط غياب لأي دور رقابي وفي مناخ تسيطر عليه الاحتكارات ويتحكم فيه التجار بالأسعار بحجة أنهم كانوا قد اشتروا المواد الغذائية على سعر دولار مرتفع»، مضيفة في حديث مع «الشرق الأوسط» أن الشراء على سعر صرف مرتفع «لا يبرر للتاجر بيع المنتج على السعر نفسه مع انخفاض سعر الدولار، لأنه بذلك يكون يعمل على زيادة رأس ماله على حساب المستهلك».
وتوقعت نعمة في ظل غياب أي آليات ضبط للأسعار ومراقبتها أن يستمر ارتفاع أسعار السلع الغذائية، لافتة إلى أن أسعار هذه السلع في لبنان هي الأغلى في المنطقة وأنه في ظل فوضى الدولار أصبحت مرتفعة جدا.
بدوره يستغرب رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني البحصلي ارتفاع أسعار السلع الغذائية ويراه غير مبرر، أما عدم انخفاض الأسعار فيراه أمرا طبيعيا شارحا في حديث مع «الشرق الأوسط» أن أسعار هذه السلع «محتسبة أصلا على أساس حد أعلى لسعر صرف الدولار لا يتجاوز الـ7000 ليرة حتى عندما كان سعره 10000 وذلك لأن أي زيادة فوق هذا الحد تعني عدم القدرة على تصريف هذه البضائع»، لذلك «من الطبيعي أن تبقى أسعار السلع على ما هي عليه والدولار اليوم في حدود الـ7000».
وفي حين اعتبر البحصلي أن أسعار السلع يمكن أن تبدأ بالانخفاض عندما يتراجع سعر الصرف إلى ما دون الـ7000. أوضح أن حتى هذا الأمر «قد يحتاج إلى أسابيع لكي يتمكن المستورد من تصريف ما تم شراؤه على أساس سعر صرف مرتفع».
السلع المدعومة غير متوافرة
وفي الوقت الذي تستمر فيه أسعار السلع الغذائية بالارتفاع يحاول المواطن البحث عن السلع المدعومة ضمن السلة الغذائية التي يوفر مصرف لبنان دولار استيرادها على أساس سعر صرف يوازي 3900 ليرة، إلا أنه وفي معظم الأحوال لا تكون هذه المواد متوافرة والسبب يعود إلى كمياتها المحدودة وتعقيدات معاملاتها التي تدفع بعض أصحاب الدكاكين إلى عدم شرائها.
وفي هذا الإطار يلفت البحصلي إلى أن وزارة الاقتصاد لم تلزم التجار بالسلة الغذائية المدعومة ففضل معظمهم عدم الدخول فيها «لأنها تشترط عدم البيع بالجملة أي عدم تسليم المستوردين البضائع إلى الموزعين بل مباشرة إلى المحال التجارية الكبرى والدكاكين الصغيرة مع تحديد هامش الربح»، موضحا أن هذا الأمر «يزيد التكلفة على المستورد إذ يحتاج إلى سيارات نقل وسائقين ما جعل عدد المستوردين للسلة الغذائية المدعومة محدودا وبالتالي جعل كميات المواد الغذائية المدعومة محدودة أيضا».
وتؤكد نعمة أن دعم السلة الغذائية لم يساهم في خفض أسعار السلع موضحة أن جمعية حماية المستهلك ترى أن سياسة الدعم التي اعتمدتها الوزارة كانت خاطئة، إذ «اختارت دعم بضعة تجار مستوردين محظيين بحوالي 1.523 مليار دولار بديلا للدعم المباشر للعائلات المحتاجة بالمال والقسائم أسوة بكل تجارب العالم»، وأن هذا الدعم لا يصل منه إلى المستهلكين إلا ما بين الـ10 و20 في المائة في أحسن الأحوال.
يُشار هنا إلى أن وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة أرسل كتاباً إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يطلب فيه رفع الدعم عن السلع المتعلقة بالإنتاج الحيواني والزراعي، لما يشكله ذلك من هدرٍ للمال العام.
وكان نعمه غرد على «تويتر» معتبرا أنه «منذ أن بدأ دعم السلع المتعلقة بالإنتاج الحيواني والزراعي، لم تنخفض أسعارها بل ارتفع بعضها ضعف الأسعار السابقة للدعم» وأنه لن يوافق «على دعم هذه السلع حيث يشكل ذلك هدرا للمال العام، مع الاستمرار بالموافقة على دعم السلع الأخرى عند انخفاض أسعارها بشكل ملحوظ».
وحول إمكانية انقطاع السلع الغذائية ولا سيما بعد انفجار مرفأ بيروت، طمأن البحصلي أنه لا يوجد أي مؤشر يدل على إمكانية انقطاعها ولكنه لفت إلى أن عددا كبيرا من البضائع لا تزال في المرفأ وهذا يعني المزيد من التكلفة على المستورد أي إمكانية حصول ارتفاع بأسعارها لاحقا.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.