واشنطن تنجح في «تطبيع تاريخي» بين صربيا وكوسوفو

ترمب يتوسط رئيس وزراء كوسوفو (يمين) والرئيس الصربي (إ.ب.أ)
ترمب يتوسط رئيس وزراء كوسوفو (يمين) والرئيس الصربي (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تنجح في «تطبيع تاريخي» بين صربيا وكوسوفو

ترمب يتوسط رئيس وزراء كوسوفو (يمين) والرئيس الصربي (إ.ب.أ)
ترمب يتوسط رئيس وزراء كوسوفو (يمين) والرئيس الصربي (إ.ب.أ)

يحاول الاتحاد الأوروبي منذ عقد من الزمن أن يخرق الجدار السميك الذي يفصل بين صربيا وكوسوفو ويقربهما في المحادثات السياسية التي يرعاها بينهما، لكن دون جدوى. ونجحت أخيرا الولايات المتحدة بتحقيق «نصر» وإن صغيرا، بإقناع الدولتين بتطبيع العلاقات بينهما، ولكن من الجانب الاقتصادي فقط. وواقع أن الاتفاق لا يتعدى هذا الجانب، عرضه على الفور لموجة انتقادات كبيرة وتشكيك بمدى فعاليته أو قدرته على تحقيق أي تغيير يذكر. فالخبراء والمتخصصون في منطقة البلقان يقولون بأن أساس كل المشاكل بين بلغراد وبريشتينا، هي الخلافات السياسية. وما دامت هذه الخلافات لم تحل، فلن يتغير الكثير بحسب رأيهم. العقبة الأساسية بين الدولتين تتمحور حول رفض صربيا الاعتراف بكوسوفو كدولة مستقلة. فهي كانت حتى العام 1991 إقليما تابعا لها، بأغلبية إثنية ألبانية ودينية مسلمة. ولكن «حرب كوسوفو» التي اندلعت عام 1998 واستمرت لعام و4 أشهر، غيرت كل شيء. الحرب تسببت بمقتل قرابة 10 آلاف شخص معظمهم من الإثنية الألبانية، ولم تتوقف إلا بعد حملة عسكرية قادها حلف شمالي الأطلسي وقصف فيها الجيش الصربي، وأدت في النهاية إلى إعلان كوسوفو استقلالها عن صربيا عن 2008.
ويوم أول من أمس وقع الرئيس الصربي الكسندر فوتشيتش ورئيس الوزراء الكوسوفي عبد الله هوتي في البيت الأبيض اتفاقا حول «التطبيع الاقتصادي». وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في المكتب البيضوي إن «صربيا وكوسوفو تعهدتا تطبيعا اقتصاديا».
وأضاف «استغرق هذا الأمر عقودا لأن أحدا لم يحاول معالجة الأمر، كانت هناك خلافات كثيرة والآن هناك محبة كثيرة».
ووصف البيت الأبيض الاتفاق بأنه «تاريخي»، علما بأنه لا يشكل حلا للخلاف السياسي العميق بين البلدين في منطقة البلقان.
واعترفت معظم الدول الغربية على الفور باستقلال كوسوفو، باستثناء 5 دول أوروبية. كما رفضت كل من الصين وروسيا الحليف القوي لصربيا والذي تجمعهما الطائفة الأرثوذكسية، الاعتراف باستقلال كوسوفو، وهو أمر عرقل قدرتها على دخول الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى.
ومنذ ما بعد إعلان كوسوفو استقلالها تقريبا، يحاول الاتحاد الأوروبي التوسط بينها وبين صربيا لإطلاق محادثات سياسية وإنهاء حالة العداء بينهما، ما يمهد لقبول كوسوفو فعلا دولة كاملة الحقوق والعضوية في الأمم المتحدة، ودمج صربيا في الاتحاد الأوروبي. ولكن تمسك صربيا برفضها الاعتراف باستقلال كوسوفو، أبقى المحادثات فعليا مكانها طوال تلك السنوات. وفي منتصف يونيو (حزيران) الماضي، عادت هذه المفاوضات واستؤنفت بعد 18 شهرا من التوقف، وعقدت الجلسة الأولى بين الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيش ورئيس الوزراء الكوسوفي عبد الله حوتي، عبر الفيديو، بمشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وفي مقابل هذه «المحادثات السياسية» برعاية أوروبية، كانت الولايات المتحدة تقود وساطتها الخاصة في محادثات اقتصادية بين الجانبين. منتقدو ترمب يقولون بأنه يسعى لنصر دبلوماسي قبل انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) يمكن استخدامه لكسب المزيد من الأصوات. ولكن أيا كان السبب، فإن هذه الوساطة انطلقت بسرعة كبيرة منذ تسلم ريتشارد غرينيل، السفير الأميركي السابق إلى برلين، ملف الوساطة بين الدولتين في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ففي فبراير (شباط) الماضي، أشرف غرينيل على توقيع اتفاقية إعادة استئناف خط السكك الحديدية بين بلغراد وبريشتينا. وقبل يومين، خرج غرينيل إلى جانب الرئيس الأميركي دونالد ترمب ليعلنا «الاتفاق التاريخي» بين الطرفين، محاطان بالرئيس الصربي ورئيس الحكومة الكوسوفي. ولكن الاتفاق كانت تنقصه النقطة الأهم التي حاولت واشنطن إدخالها، واضطرت للتخلي عنها أمام رفض صربيا الكامل لها، وهي تتعلق بالاتفاق على تطبيع العلاقات بينهما. ما يعني بالنسبة لصربيا، اعترافا بدولة كوسوفو، وهو أمر ما زالت ترفضه بشكل كلي. وعوضا عن ذلك، تضمن الاتفاق تعهدا من صربيا بتجميد حملتها لدفع دول بالتخلي عن اعترافها بكوسوفو (ويبلغ عددها 100 حاليا)، مقابل أن تتعهد كوسوفو بوقف مساعيها عن السعي للحصول على عضوية في منظمات دولية. ورغم أن تفاصيل الاتفاق الاقتصادي هذا ما زالت غير واضحة المعالم، إلا أن الخبراء يقولون بأن هناك الكثير من النقاط الاقتصادية العالقة والتي تعود جذورها لأسباب سياسية، مثل الضريبة التي تفرضها بريشتينا على البضائع الصربية والتي تصل إلى 100 في المائة، وهو قرار اتخذته قبل عامين ردا على الحملة الدولية التي تقودها بلغراد ضدها دوليا لمنعها من الانضمام لمنظمات دولية. وبحسب استطلاع لـ«شبكة البلقان للتقارير الاستقصائية»، وهو موقع إخباري استقصائي، فإن 30 خبيرا اقتصاديا في منطقة البلقان يعتقدون بأن صربيا وكسوفو لن يتمكنا من إنجاح أي اتفاق اقتصادي من دون اتفاق سياسي، فيما يعتقد 13 خبيرا آخر بأن هذا قد يكون ممكنا. ويعطي هؤلاء الذين يؤمنون بإمكانية ذلك، مثالا على العلاقات الاقتصادية الجيدة والمتطورة بين أثنيا وبرشتينا رغم أن اليونان هي من بين الدول الأوروبية الـ5 التي لا تعترف باستقلال كوسوفو. ولكن يشير هؤلاء الخبراء أنفسهم، إلى أن التاريخ بين اليونان وكوسوفو تاريخ «نظيف» وليس مطليا بالحروب والجرائم، ما يسهل كهذا تعاون.
ومع كل هذا، فإن واشنطن واعية تماما لهذه التحديات، ولكنها ارتأت أن تبدأ من مكان ما. فاختارت أن تمسك المفاوضات الاقتصادية بين الطرفين، وتترك السياسية منها للاتحاد الأوروبي، على أمل أن يكون الاتفاق الاقتصادي بابا لانفتاح أكبر بين طرفين ومفتاحا للحل عقدة يعجز الاتحاد الأوروبي عن فكها منذ أكثر من 10 سنوات.



أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.