«المبادرات السياسية»... خطوات لحل الأزمة الليبية أم اتجاه لتعقيدها؟

البعض يعتبرها تشتيتاً للجهود الرامية لتوحيد الصف

تقرير أممي يتهم جهات عديدة بعدم التزام حظر إرسال السلاح والمرتزقة إلى ليبيا (أ.ف.ب)
تقرير أممي يتهم جهات عديدة بعدم التزام حظر إرسال السلاح والمرتزقة إلى ليبيا (أ.ف.ب)
TT

«المبادرات السياسية»... خطوات لحل الأزمة الليبية أم اتجاه لتعقيدها؟

تقرير أممي يتهم جهات عديدة بعدم التزام حظر إرسال السلاح والمرتزقة إلى ليبيا (أ.ف.ب)
تقرير أممي يتهم جهات عديدة بعدم التزام حظر إرسال السلاح والمرتزقة إلى ليبيا (أ.ف.ب)

يترقب الليبيون بحذر شديد التحركات الإقليمية والدولية الرامية إلى إيجاد حل توافقي ينهي أزمة بلادهم المستحكمة منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي. لكنهم يتساءلون في الوقت ذاته عن جدوى تعدد طرح المبادرات السياسية، ومدى تأثير ذلك على تشتت الجهود الرامية لتوحيد الصف الليبي.
ففي فترات زمنية متقاربة، وفي أعقاب وقف الحرب على العاصمة طرابلس مطلع يونيو (حزيران) الماضي، أبدت عدة دول معنية بالأزمة الليبية، انشغالاً واضحاً بمجريات الأمور هناك، سعياً لوضع حل لتثبيت وقف إطلاق النار، وتوحيد الليبيين على اتفاق دائم ينهي الصراع على السلطة، وهو ما تم ترجمته بجهود مغربية تجري حالياً لاستضافة طرفي الأزمة في المغرب، قصد مناقشة تعديل اتفاق (الصخيرات)، الذي وُقع في المملكة قبل خمسة أعوام. كما سبق أن أبدت الجزائر رغبتها في احتضان حوار بين الأفرقاء الليبيين، لا يستثني أحداً، بهدف البحث أيضاً عن حل توافقي بينهم.
واعتبر الشيخ محمد المُبشر، رئيس مجلس أعيان ليبيا للمصالحة، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، هذه التحركات السياسية «ضوءا في نهاية النفق، وتفكيرا مغايرا للحرب»، لكنه رأى أنه من «المبكر الحكم عليها».
وفي أكثر من فعالية سياسية، تحدث ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، عن رغبة بلاده في مساعدة الليبيين على التوصل إلى حل سياسي، وكشف خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية الذي عقد في 23 يونيو الماضي، عن ملامح مبادرة مغربية تسهم في حلحلة الأوضاع في ليبيا، يشارك فيها الجميع.
غير أن الدكتور محمد العباني، عضو مجلس النواب الليبي، رأى أن «تعدد التحركات قد يصيب أزمة بلاده في مقتل، وينهيها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» ليوضح أن المبادرات المتعددة المُستندة إلى اتفاق الصخيرات (المنتهية صلاحيته)، «لن تتمكن من بعث الحياة فيه، أو تخليصه من المثالب والمغالطات التي احتواها».
ونتج عن اتفاق الصخيرات، الذي وقع في 17 من ديسمبر (كانون الأول) بالمغرب، بإشراف المبعوث الأممي الأسبق مارتن كوبلر، المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، والمجلس الأعلى للدولة بقيادة خالد المشري.
ويحتضن المغرب اليوم لقاء بين رئيسي مجلس النواب عقيلة صالح، و«الأعلى للدولة» خالد المشري، لبحث التوصل إلى نسخة منقحة من اتفاق الصخيرات، يتفق عليها الأفرقاء السياسيين. لكن هذا التوجه يلقى معارضة واسعة بين عدد من نواب البرلمان بشرق ليبيا، وهو ما دفع العباني النائب عن مدينة ترهونة (95 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة) إلى القول إن التفكير في حل الصراع الليبي «يجب أن يكون من خارج الصندوق، وهذه التحركات لا تنتج حلاً»، واصفاً اتفاق الصخيرات بأنه «وثيقة فاسدة لا يمكن ترميمها، بعدما ساهمت في إرباك المشهد»، قبل أن ينتهي إلى أن احترام عقول الليبيين «هو أساس الحل».
وذّكر العباني بأن «مجلس النواب الليبي بوصفه السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من كل الليبيين، سبق أن قرر إلغاء مصادقته على هذا الاتفاق في جلسته مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، ومع ذلك فقد استمر في فرض تطبيقه عنوة على الشعب الليبي حتى بعد انتهاء صلاحيته، المحددة بنهاية عام 2017 وفقاً لنص الاتفاق».
ورغم أن عددا من الليبيين باتوا لا يعولون كثيراً على «حلول الخارج»، في ظل تعاقب المبادرات الإقليمية والدولية على أزمتهم، فإن البعض يفضل «عدم إغلاق الباب أمام أي جهود تبذل»، أملاً في التوصل إلى حل قد ينهي الصراع الدائر في البلاد منذ عام 2011.
وأمام معارضة البعض لتعديل اتفاق الصخيرات، قال المُبشر: «هذه مجرد مناورات، ورفع لسقف التفاوض وتحسين للتموضع، فالكل سيذهب وسيشارك توجيه القوى العظمى»، مستدركاً: «نرجو ألا يكون إدارة للأزمة».
وبموازاة التحرك المغربي، كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قد أبدى موافقة بلاده على احتضان حوار ليبي - ليبي لبحث تداعيات الأزمة؛ أملا في التوصل إلى حل سلمي ينهي الصراع الدائر في البلاد.
وجاءت هذه التحركات الإقليمية في أعقاب «إعلان القاهرة»، الذي أطلقه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بحضور صالح، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، والذي ضم محاور عدة لحلحلة الأزمة، تبدأ بإعادة انتخاب مجلس رئاسي جديد معبر عن الأقاليم الليبية الثلاثة.
وتدعم عديد الأطراف الدولية والإقليمية التمسك بمخرجات مؤتمر برلين، الذي عقد في 18 و19 من يناير الماضي، بحضور 11 رئيس دولة، والذي شدد على ضرورة احترام حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا، وبعدم التدخّل في شؤونها الداخلية. لكن شيئا من هذا لم يحدث، حسب تقارير الأمم المتحدة.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.