فشل سلتيك في التأهل لدوري الأبطال يكشف الهيمنة الزائفة على المستوى المحلي

الفوز بلقب الدوري الاسكوتلندي للمرة العاشرة على التوالي يعكس انعدام المنافسة في المسابقة

مباراة سلتيك أمام فيرينكفاروس المجري (إ.ب.أ)  -  لينون مدرب سلتيك ناجح محلياً فقط (غيتي)
مباراة سلتيك أمام فيرينكفاروس المجري (إ.ب.أ) - لينون مدرب سلتيك ناجح محلياً فقط (غيتي)
TT

فشل سلتيك في التأهل لدوري الأبطال يكشف الهيمنة الزائفة على المستوى المحلي

مباراة سلتيك أمام فيرينكفاروس المجري (إ.ب.أ)  -  لينون مدرب سلتيك ناجح محلياً فقط (غيتي)
مباراة سلتيك أمام فيرينكفاروس المجري (إ.ب.أ) - لينون مدرب سلتيك ناجح محلياً فقط (غيتي)

فاز نادي سلتيك بلقب الدوري الاسكوتلندي الممتاز في آخر تسعة مواسم، وقد يحتفظ باللقب للمرة العاشرة في شهر مايو (أيار) المقبل. ومع ذلك، فشل الفريق في التأهل لدور المجموعات بدوري أبطال أوروبا بعد خسارته على ملعبه أمام فيرينكفاروس المجري، وهو المشهد الذي عودنا عليه النادي الاسكوتلندي في السنوات السابقة بفشله في التأهل لدوري أبطال أوروبا بعد الخسارة أمام كلوج، وأيك أثينا، ومالمو، وماريبور، رغم هيمنته على الساحة المحلية.
لكن لا تزال الحقيقة المدهشة تتمثل في أن البعض يفضل فوز سلتيك بلقب الدوري الاسكوتلندي الممتاز - في ظل منافسة معدومة أو منافسة ثنائية مع نادٍ واحد فقط - على التأهل لدوري أبطال أوروبا! ومن الغريب أن نادي سلتيك، الذي يهيمن تماماً على الساحة المحلية، قد خسر أمام فريق ينتمي لدولة تأتي في تصنيف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم خلف ليختنشتاين!
ودائماً ما تكون هناك مبالغة في الإشادة بقدرات نادي سلتيك عندما يسحق نادياً متواضعاً في الدوري الاسكوتلندي الممتاز يلعب بميزانية لا تتجاوز واحد على ثلاثين من ميزانية سلتيك. وبالتالي، يكون رد الفعل غاضباً للغاية أيضاً عندما يخسر بطل الدوري الاسكوتلندي على ملعبه أمام فريق متواضع مثل فيرينكفاروس المجري. وعندما يشيد المدير الفني لنادي سلتيك، نيل لينون، بقدرات لاعبيه، فإن ذلك يكون مفهوماً وطبيعياً تماماً، لأنه يتحدث من منطلق ما يقدمه اللاعبون على المستوى المحلي أمام أندية متواضعة، لكن الأمر يختلف تماماً عند اللعب على المستوى الأوروبي.
وعلى الرغم من ضعف مستوى فيرينكفاروس المجري، الذي لن يكون قادراً على تحقيق نتائج إيجابية في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، فإن فوزه على سلتيك على ملعبه لم يكن غريباً أو صادماً كما يعتقد البعض. ونظراً لأن سلتيك كان يهيمن على كرة القدم الاسكوتلندية تحت قيادة روني ديلا وبريندان رودجرز، فقد منح ذلك الأمر الفريق الفرصة لتطوير قدرات العشرات من اللاعبين، وبناء فلسفة معينة والوصول إلى مستويات أعلى من أندية منافسة مثل سانت ميرين وهاملتون.
وتجب الإشادة بسياسة النادي في هذا الصدد، لأن النادي نجح في بيع كيران تيرني وموسى ديمبيلي مقابل مبلغ إجمالي قدره 40 مليون جنيه إسترليني، ومن المؤكد أن النادي سيجني أرباحاً قياسية عندما يقرر أودسون إدوارد الانتقال إلى نادٍ آخر من أجل البحث عن تحدٍ جديد. ومع ذلك، فإن سلتيك يهدر كثيراً من الأموال، حيث يشير آخر الإحصائيات إلى أن فاتورة الرواتب بالنادي بلغت 60 مليون جنيه إسترليني سنوياً. لكن هذا النادي، الذي يمكنه أن يبيع 50 ألف تذكرة موسمية ويحب أن يصور نفسه على أنه نادٍ عملاق، يجب أن يحقق مزيداً من النجاح على الصعيد القاري.
لكن النادي يعاني حالياً فيما يتعلق بالتخطيط على المدى الطويل، خصوصاً في مجال التعاقدات الجديدة. صحيح أن الفريق يضم لاعباً جيداً مثل رايان كريستي اشتراه في صفقة ممتازة من أينفيرنيس مقابل 500 ألف جنيه إسترليني فقط، لكن في المقابل فإن النادي أبرم صفقات بالملايين للتعاقد مع لاعبين لم ينجحوا في ترك أي بصمة على أداء الفريق.
وطوال الوقت يشعر المتابع لهذا النادي أنه لا توجد سياسة واضحة في هذا الشأن، ربما باستثناء إبرام بعض الصفقات الجيدة من وقت لآخر للاعبين القادمين من الخارج. ولم يكن المهاجم باتريك كليمالا، الذي كلف خزينة النادي 3.5 مليون جنيه إسترليني، جيداً بما يكفي لقيادة سلتيك لتحقيق فوز كان في أمس الحاجة إليه أمام النادي المجري. وحتى ألبيان أجيتي انضم للفريق قادماً من وستهام يونايتد في وقت متأخر، وهو الأمر الذي لم يمكنه من حجز مكان له في تشكيلة الفريق. وعلاوة على ذلك، كان سلتيك يعاني لإيجاد حارس مرمى أساسي للفريق قبل أيام قليلة من انطلاق الموسم الجديد.
وفي الوقت الذي تغيرت فيه حدود كرة القدم بشكل كبير، وأصبحت فيه الفجوة المالية بين أندية كرة القدم الاسكوتلندية أوسع وأكبر من أي وقت مضى، فمن الغريب أن ينجح نادٍ بهذه الإمكانات المتواضعة في الحصول على لقب الدوري الاسكوتلندي الممتاز 10 مرات متتالية، وهو ما يظهر عدم وجود منافسة على الإطلاق على الساحة المحلية. بالطبع، لا يمكن إعفاء لينون من مسؤولية الخسارة أمام فيرينكفاروس، خصوصاً أن الفريق ظهر بطيئاً للغاية في النواحي الهجومية، ويرتكب أخطاء دفاعية قاتلة.
ومع ذلك، يرى لينون الصورة الأكبر أكثر وضوحاً من أي شخص آخر، وقد اعترف بذلك قبل بداية الموسم، عندما قال عن إمكانية الفوز بلقب الدوري المحلي للمرة العاشرة على التوالي: «كل شيء لا يتوقف فقط في نهاية هذا الموسم، إذا نجحنا في تحقيق هذا الإنجاز». لقد لعب لينون بقميص سلتيك وقاده كمدير فني لتحقيق تقدم كبير في المسابقات الأوروبية، وبالتالي فهو يعرف جيداً حجم المهمة الموجودة على عاتقه. إن التشدد الذي نراه عندما تُطرح الأسئلة بشأن مستوى كرة القدم الاسكوتلندية يعكس ضيق الأفق لدى من ينكرون هذه الحقيقة الواضحة. لقد كان مستوى المباريات في المراحل الأولى للدوري الاسكوتلندي هذا الموسم سيئاً بشكل صادم. ومن الواضح أن سلتيك قد فشل في أن يجعل الدوري الاسكوتلندي الممتاز مجرد نقطة انطلاق لتحقيق نجاح أكبر على المستوى القاري.
لقد كان من الغريب أن ينتقد لينون لاعبين معينين في فريقه، لأنه من الواضح أن بعض لاعبي الفريق يتطلعون بالفعل إلى الرحيل إلى أندية أخرى. ويجب أن يعرف مسؤولو سلتيك جيداً أن اللاعبين أصحاب المستويات الجيدة لا يهتمون بالحصول على لقب الدوري للمرة العاشرة على التوالي، وإنما يسعون لخوض تحدٍ أكبر في مسابقة أقوى. وفي الحقيقة، لا يمكن لأحد أن يلومهم على ذلك! وعلاوة على ذلك، فإن الأشخاص الذين يشيدون بلا داعٍ بكرة القدم الاسكوتلندية وإنجازاتها الرتيبة لديهم مشكلة أكبر بكثير من أولئك الذين يمكنهم رؤية أشياء أكبر وأفضل في مكان آخر. ومن الواضح أن سلتيك يعاني الآن من «انحراف التركيز»، إن جاز التعبير.


مقالات ذات صلة

الدوري الإيطالي: أتالانتا يبتعد بالصدارة

رياضة عالمية أتالانتا هزم كالياري وابتعد بصدارة «السيريا إيه» (أ.ب)

الدوري الإيطالي: أتالانتا يبتعد بالصدارة

حقق أتالانتا رقماً قياسياً جديداً للنادي بفوزه العاشر على التوالي في دوري الدرجة الأولى الإيطالي بتغلبه 1-صفر على كالياري، السبت.

«الشرق الأوسط» (كالياري)
رياضة عالمية كيليان مبابي مهاجم فريق ريال مدريد الإسباني (رويترز)

مبابي يفوز بجائزة أفضل لاعب فرنسي

فاز كيليان مبابي، مهاجم فريق ريال مدريد الإسباني، بجائزة أفضل لاعب كرة قدم فرنسي للموسم الماضي 2023-2024 المقدمة من مجلة «فرانس فوتبول».

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية أحمد مجدي القائم بأعمال المدير الفني لفريق الزمالك قبل مواجهة المصري (نادي الزمالك)

مدرب الزمالك: مواجهة المصري صعبة

اعترف أحمد مجدي، القائم بأعمال المدير الفني لفريق الزمالك، بصعوبة مواجهة المصري البورسعيدي، الأحد.

«الشرق الأوسط» (الإسكندرية)
رياضة عربية الجيش الملكي تعادل في الكونغو وتصدر مجموعته (نادي الجيش الملكي)

«أبطال أفريقيا»: الجيش الملكي في الصدارة بتعادل مع مانياما

فرض فريق الجيش الملكي المغربي التعادل الإيجابي بنتيجة 1/1 على مضيفه مانياما يونيون من الكونغو الديمقراطية.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا)
رياضة سعودية ترقب لانطلاق دوري تحت 21 عاما (الاتحاد السعودي)

اتحاد القدم السعودي يطلب مرئيات الأندية حول «دوري تحت 21 عاماً»

وجَّهت إدارة المسابقات بالاتحاد السعودي لكرة القدم تعميماً لجميع الأندية، وذلك لإبداء مرئياتها تمهيداً لإطلاق دوري تحت 21 عاماً، الموسم الرياضي المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».