عصابات حوثية في المدن اليمنية لخطف الأطفال وتجنيدهم للقتال

عصابات حوثية في المدن اليمنية لخطف الأطفال وتجنيدهم للقتال
TT

عصابات حوثية في المدن اليمنية لخطف الأطفال وتجنيدهم للقتال

عصابات حوثية في المدن اليمنية لخطف الأطفال وتجنيدهم للقتال

لم يكن الطفل «ر.م.ع» البالغ من العمر 13 عاما يعرف أن المدن الخاضعة للحوثيين لم تعد آمنة للتجول لمثل من هم في مثل سنه، لذلك كان في الأول من سبتمبر (أيلول) الجاري على موعد مع العصابات الحوثية المتخصصة في خطف الأطفال وتجنيدهم للقتال في صفوف الجماعة الانقلابية.
وبحسب مقربين من الطفل تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن الحادثة، خرج الطفل من منزل جده في مدينة يريم الواقعة إلى الشمال من محافظة إب على أمل أن يستقل أول وسيلة للمواصلات باتجاه القرية التي يسكن فيها والده إلى الجنوب من المدينة، غير أن مسلحي العصابة الحوثية كانوا في انتظاره. اقتاد المسلحون الطفل إلى حافلة لنقل المسافرين باتجاه صنعاء بعد أن غطوا عينيه وهددوه بالقتل إن قام بالصراخ عند نقاط التفتيش، التي تضم إضافة إلى المشرفين الحوثيين عناصر من الشرطة الخاضعة للجماعة.
استجمع الطفل رباطة جأشه - بحسب الرواية التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»- عندما وصل إلى نقطة تفتيش «نقيل يسلح» على بعد 50 كلم جنوب العاصمة صنعاء وهي النقطة الأهم التي يتم فيها تفتيش المسافرين والتدقيق في هوياتهم، ليقوم بالصراخ بشدة، وهو ما لفت إليه عناصر الشرطة الموجودين الذين قاموا بإنزاله من الحافلة للاستماع إلى حكايته التي أعقبها إطلاق سراح المسلحين بعد أن عرفوا بأنفسهم بأنهم يتبعون الجماعة الحوثية.
في اليوم نفسه اقتاد عناصر الشرطة الأمنية الخاضعة للميليشيات الطفل إلى إدارة المباحث الجنائية التابعة لقسم شرطة باب اليمن وسط العاصمة صنعاء، حيث أخبرهم برقم هاتف والده وعنوان سكنه وقريته، لينجو أخيرا من قبضة خاطفيه. هذه الحادثة عززتها في اليوم نفسه واقعة أخرى كان ضحيتها الطفل (ع.ت.م) الذي أبلغ أهله عن فقده بعد خروجه من المنزل في حي شميلة جنوب العاصمة لشراء متعلقات لأسرته من البقالة المجاورة لكنه لم يعد، وسط ترجيحات بأنه وقع في يد العصابة الحوثية لخطف الأطفال وتجنيدهم. الحادثتان أعادتا إلى الأذهان موجات متصاعدة من عمليات خطف الأطفال من المدن والقرى اليمنية خلال السنوات الماضية، إذ يتهم ناشطون وحقوقيون الجماعة الحوثية بخطفهم واقتيادهم إلى أماكن سرية لتلقينهم أفكار الجماعة وتدريبهم على استخدام الأسلحة قبل الزج بهم في جبهات القتال.
في هذا السياق تحدث مصدر أمني مناهض للجماعة الحوثية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» وأكد أن الجماعة أنشأت خلايا تابعة لها ضمن جهاز الأمن الوقائي مهمتها اصطياد الأطفال والمراهقين من جوار منازلهم وأثناء خروجهم من المدارس أو ذهابهم إلى المتاجر لخدمة ذويهم. وبحسب المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفا من بطش الجماعة، فإن أفراد هذه الخلايا المنتشرين في مختلف المدن الخاضعة للميليشيات يحصلون على مبالغ مالية تعادل 500 دولار نظير خطف كل طفل أو مراهق إلى معسكرات الجماعة الانقلابية. وكانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات رصدت خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) 2015، وحتى 30 أغسطس (آب) 2019، ارتكاب الجماعة الحوثية أكثر من 65 ألف واقعة انتهاك بحق الطفولة في اليمن، في 17 محافظة يمنية. وفي وقت سابق أفادت مصادر حقوقية في محافظة إب (170 كلم جنوب صنعاء) لـ«الشرق الأوسط» باتساع ظاهرة خطف الأطفال حيث اختفى العشرات منهم من الشوارع والمدارس بصورة مفاجئة ومن ثم ظهور أعداد منهم في جبهات القتال أو في سجون الميليشيات الحوثية.
وخلال شهرين في المحافظة نفسها، أكدت المصادر وصول عدد الأطفال المختطفين إلى أكثر من 68 طفلا، كان بعضهم قد شارك في احتفالات الجماعة المتكررة التي تقيمها لمناسباتها ذات الصبغة الطائفية.
وفي محافظات ذمار وحجة والمحويت وريمة، كانت تقارير حقوقية أفادت باختفاء العشرات من الأطفال خلال العامين الماضيين، حيث اتضح لاحقا أن الكثير منهم تم اقتياده إلى معسكرات التدريب الحوثية، ومنهم من تم الزج به في جبهات القتال ليعود جثة هامدة إلى أهله.
وسبق أن قامت قوات الجيش اليمني في جبهات عدة بأسر العشرات من الأطفال المجندين في صفوف الجماعة حيث تم إعادة تأهيلهم في محافظة مأرب وإعادتهم إلى أهاليهم في المناطق الخاضعة للميليشيات الحوثية.
من جهتها كانت الحكومة اليمنية حذرت من مضاعفة الجماعة الانقلابية لعمليات التجنيد والتحشيد في صفوف الأطفال، واستمرارها في الزج بهم في جبهات القتال لتعويض خسائرها البشرية الكبيرة، وفق ما ذكره وزير الإعلام معمر الإرياني في تصريحات سابقة.
واتهم الوزير اليمني الميليشيات بأنها تدفع يومياً بالمئات من المجندين غالبيتهم من الأطفال للموت المحقق في جبهات القتال دون أي اكتراث بمصيرهم.
إلى ذلك قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية اليمنية في حكومة تصريف الأعمال، ابتهاج الكمال إن أكثر من 6 ملايين طفل تضرروا بشكل مباشر جراء الحرب التي شنتها الميليشيات الحوثية. وأكدت أن المليشيات حولت أكثر من 5.2 مليون طفل من مقاعد الدراسة إلى سوق العمل، وتسببت في وجود أكثر من مليوني طفل يعانون سوء التغذية الحاد.
واعتبرت الوزيرة في تصريحات رسمية سابقة، أن استمرار الجماعة في تجنيد الأطفال والزج بهم في معارك عبثية وتعريضهم لخطر الإصابة بالألغام وتسريبهم من المدارس، يؤكد مدى بشاعتها واستهتارها بالاتفاقيات الدولية والمبادئ الإنسانية. وتقدر الإحصاءات اليمنية والدولية قيام الجماعة الحوثية بتجنيد أكثر من 30 ألف طفل منذ انقلابها على الشرعية في سبتمبر (أيلول) 2014، في الوقت الذي اتهمت فيه المنظمات الحقوقية قادة الجماعة بارتكاب «جرائم حرب» بحق الطفولة في تحدٍ صارخ لكل القوانين والمواثيق المحلية والدولية التي تجرم تجنيد الأطفال والزج بهم في الصراعات والحروب.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.