السياسة الخارجية بين ترمب وبايدن: صراع بين الانعزالية المتقلبة والانفتاح المتردّد

بعد انتهاء المؤتمرين الحزبيين... وانطلاق السباق نحو انتخابات «نوفمبر 2020»

السياسة الخارجية بين ترمب وبايدن: صراع بين الانعزالية المتقلبة والانفتاح المتردّد
TT

السياسة الخارجية بين ترمب وبايدن: صراع بين الانعزالية المتقلبة والانفتاح المتردّد

السياسة الخارجية بين ترمب وبايدن: صراع بين الانعزالية المتقلبة والانفتاح المتردّد

في يناير (كانون الثاني) 2017 وقف الرئيس الأميركي الـ45 دونالد ترمب أمام قبة الكونغرس ورفع يده مؤدياً قسم اليمين ومتعهداً للحشود الغفيرة التي تجمعت لمشاهدة حفل تنصيبه رئيساً جديداً للولايات المتحدة بأن أولويته هي «أميركا أولاً». يومذاك قال: «قسم اليمين الذي أديته اليوم هو قسم ولاء لكل الأميركيين. من اليوم فصاعدا ستكون أميركا أولاً. وكل قرار سأتخذه من التبادل التجاري إلى الضرائب والهجرة والسياسة الخارجية سيكون لمصلحة الأميركيين أولاً».
وراء ترمب، على منصة المسؤولين، جلس سلفه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ونائبه جو بايدن. واستمع الرجلان بقلق بالغ إلى تصريحات ترمب، فما قاله انتقاد مباشر لسياستهما الخارجية التي يتباهيان بها، ويضعها كثيرون في خانة السياسة الانعزالية التي قلما اعتمدها الرؤساء الأميركيون السابقون. لكن هذا القلق ترافق مع نوع من الشك في تنفيذ هذه الوعود الانتخابية التي عادة ما يطلقها الرؤساء في خطب التنصيب لإرضاء من انتخبهم. إلا أن الأيام والأشهر التي تلت تسلّم ترمب زمام السلطة أثبتت للمشككين العكس.
تبدّلت معالم السياسة الخارجية الأميركية إبان رئاسة دونالد ترمب بشكل جذري، وشهدت «تسونامي» من التغييرات التي تراوحت بين انسحاب ترمب من معاهدات دولية وانتقاده لحلفاء تقليديين وتغنيه بخصوم لدودين. وهذه مواقف وصفها منتقدوه بالرعناء والمتهورة، بينما تغنى بها مناصروه معتبرين أنها تظهر قوة الولايات المتحدة ونفوذها في العالم.
وكالصقر راقب جو بايدن الغريم الديمقراطي لترمب في انتخابات نوفمبر المقبل طوال السنوات الأربع الماضية سياسات ترمب الخارجية، فاستمع إلى تذمر الأوروبيين وامتعاض الليبراليين، لينقض على السباق الرئاسي هذا العام متوعداً «بإعادة الانضباط والثبات» إلى السياسة الخارجية الأميركية، واستعادة ثقة الحلفاء ودور الولايات المتحدة القيادي في العالم. ويحرص بايدن في وعوده هذه على التذكير بخبرته الطويلة كعضو في مجلس الشيوخ، ورئيس للجنة العلاقات الخارجية فيه، قبل أن يختاره أوباما نائباً له، وهنا يقول: «أنا أعلم الكثير عن السياسة الخارجية الأميركية، ولدي علاقات حول العالم. من لا يحبني يحترمني ومن يحبني يحترمني أيضاً... أنا أعلم كيفية إنجاز الأمور على الصعيد الدولي».
لكن هذه الخبرة «سيف ذو حدين»، فتاريخ بايدن الحافل في السياسة يعجّ أيضاً بالأخطاء التي يعترف بها، أبرزها تصويته لصالح «حرب العراق» عام 2002 الذي ينتقده ترمب كلما سنحت له الفرصة، ولقد قال أخيراً في حدث انتخابي في ولاية بنسلفانيا: «بايدن صوّت لصالح الحرب في العراق، أما أنا فقد حميتكم من حروب جديدة...».
وبينما يرى بايدن نفسه أنه ليبرالي منفتح دولياً، يصف ترمب مقاربة خصمه بـ«القديمة الطراز»، ويعترف من دون تردد أنه يتخذ غالبية قراراته غريزياً.
ورغم الفارق الكبير في مقاربة الرجلين على صعيد السياسة الخارجية، وتعهد بايدن بإعادة إحياء السياسات السابقة في حال فوزه، فإن ثمة تحديات جمة تواجهه في مشواره.
وقد شهد ترمب هذه التحديات نفسها في سعيه الدؤوب لقلب سياسات سلفه. فهو عانى من عوائق حالت دون انسحابه كلياً من الاتفاق النووي مع إيران إلا بعد سنة من توليه الرئاسة. كما أن قراره الانسحاب من «اتفاق باريس المناخي» و«منظمة الصحة العالمية» لن يصبح نهائياً إلا ما بعد انتخابات نوفمبر. أما قراره سحب آلاف القوات الأميركية من ألمانيا فسيتطلب سنوات طويلة للتنفيذ.
ويعود سبب هذه العوائق إلى أن قرارات ترمب تحدّت المفاهيم التقليدية، فقلما تتغير السياسة الخارجية الأميركية بشكل جذري مع تغير الإدارات سواء أكانت ديمقراطية أو جمهورية، إذ إن الحلفاء والخصوم هم نفسهم، وقد جرت العادة أن يقود الجهود الدبلوماسية الأميركية جسم دبلوماسي غير مسيس يبقى من إدارة إلى أخرى بهدف خدمة المصالح الأميركية.
كما أن العائق الآخر أمام تنفيذ ترمب لأجندته هو عدم خبرته في السياسة الخارجية، إضافة إلى عدم خبرة غالبية مستشاريه في هذا المجال، وهذا أمر يتفوق فيه بايدن عليه بحكم خبرته، ما قد يساعد المرشح الديمقراطي على تنفيذ التغييرات التي وعد فيها بسرعة أكبر و«تصحيح» ما فعله ترمب، بحسب وصف مستشاري المرشح الديمقراطي.

إيران والاتفاق النووي
ولعلّ أكثر ما أثار سخط بايدن واستياءه هو سعي ترمب الدؤوب لمحو أكبر إنجازات إدارة أوباما - بايدن ومحط فخرهما على صعيد السياسة الخارجية: الاتفاق النووي مع إيران. فهل سيتمكن بايدن من إحياء الاتفاق أم أن مساعي ترمب جعلت من مهمة بايدن شبه مستحيلة؟
بحسب وثائق من حملة بايدن الانتخابية، سيسعى نائب الرئيس الأميركي السابق إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي من خلال التنسيق مع الحلفاء بشرط «تعهد إيران باحترام شروط الاتفاق مجدداً». لكن هذه المساعي تواجه تحديات عدة، فإدارة ترمب لا تزال في طور الضغط على مجلس الأمن لإعادة فرض العقوبات الدولية ضد إيران وتمديد حظر الأسلحة على طهران، ورغم إصرار أغلبية أعضاء المجلس على رفض الانصياع للمطالب الأميركية، فأي تغيير في هذا الشأن سيؤدي إلى عراقيل جديدة بوجه مساعي بايدن. ثم إن عودة إيران إلى طاولة المفاوضات ستكون رهناً برفع العقوبات الأميركية التي فرضتها إدارة ترمب عليها، وهذا أمر ستصر عليه طهران خاصة في حال تزامنت المفاوضات مع الانتخابات الرئاسية الإيرانية المتوقعة في مايو (أيار) المقبل.
وإضافة إلى الملف النووي الإيراني، يعارض بايدن مقاربة ترمب تجاه إيران فيما يتعلق بأنشطتها المزعزعة في المنطقة، وقد انتقد قرار استهداف قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني، معتبراً أنه سيؤدي إلى مواجهة مع إيران، الأمر الذي لم يحصل.
لكن بايدن أخطأ في تقييمه، وبدلاً من مواجهة كبيرة في الشرق الأوسط، احتفلت إدارة ترمب بأكبر إنجاز حققته في المنطقة: التطبيع بين دولة الإمارات المتحدة وإسرائيل.

التطبيع مع إسرائيل
وحقاً، منذ توليه السلطة تعهد الرئيس الأميركي بالتوصل إلى اتفاق سلام في المنطقة، واختار صهره جاريد كوشنر لقيادة هذه الجهود، الأمر الذي أثار موجة من الانتقادات والتشكيك بسبب غياب أي خبرة تذكر لكوشنر على صعيد السياسية الخارجية. ولم تكن طريق التوصل إلى اتفاق سهلة أبداً، حتى أن البعض افترض فشل المفاوضات كلها بمجرد إعلان ترمب رسمياً عن القدس عاصمة لإسرائيل، والتوصل إلى «صفقة القرن» رغم المعارضة الفلسطينية.
لكن أعين الإدارة كانت موجهة إلى هدف آخر: تطبيع الدول العربية مع إسرائيل. فهي علمت أن اتفاقاً من هذا النوع سيؤدي إلى تأثير كـ«حجارة الدومينو» في المنطقة، ويساعدها على مواجهة خصمها اللدود إيران. وهذا ما أعلن عنه ترمب في أغسطس (آب) المنصرم، تاريخ بدء تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل. وطبعاً تباهى ترمب بإنجازه هذا، الذي أتى قبل أقل من 100 يوم من الانتخابات الأميركية، وسلّط الجمهوريون الضوء عليه في مؤتمرهم الوطني، معربين عن ثقتهم بأن تحذو دول عربية ومسلمة أخرى حذو الإمارات قريباً. وبينما لم يشكك أحد من الديمقراطيين، بأهمية هذا التطور البارز، بمن فيهم بايدن الذي أشاد بالاتفاق، متعهداً «بتوسيع نطاق التقدم الذي حقق بهدف إحقاق السلام في الشرق الأوسط»، فإن المرشح الديمقراطي اعتبر أن سياسات إدارة أوباما ساهمت بشكل كبير في التوصل إلى هذا الاتفاق.
أيضاً واكب دعم بايدن لهذا الاتفاق إصراره على «حل الدولتين»، ومعارضة أي خطوات أحادية تهدد من مصير هذا الحل. كذلك كرر معارضته لخطة توسيع المستوطنات، مع أنه أكد في الوقت نفسه أنه سيبقي السفارة الأميركية في القدس ويعيد فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية.
بايدن، الذي تجمعه علاقة جيدة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعهد أيضاً بأنه «سيتخذ خطوات فورية لإعادة المساعدات الاقتصادية والإنسانية للشعب الفلسطيني، والعمل على معالجة الأزمة الإنسانية في غزة»، وقال إنه سيعمل على إعادة فتح مكاتب السلطة الفلسطينية في واشنطن التي أغلقتها إدارة ترمب.

لبنان و«حزب الله»
وفيما يخص لبنان، اعتمدت إدارة ترمب سياسة الضغط القصوى على «حزب الله»، وفرضت سلسلة من العقوبات القاسية عليه، ودعت إلى نزع سلاحه. أما بايدن فرغم تنديده بـ«حزب الله» يشير منتقدوه إلى أن إدارة أوباما غضت الطرف عن أنشطة الحزب بسبب سعيها إلى التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران. مع هذا، خصصت حملة بايدن جزءاً للبنان في أجندتها، حيث تعهد نائب الرئيس الأميركي السابق بالعمل مع المجتمع المدني هناك والمواطنين اللبنانيين لمساعدتهم على تطوير مستقبل سياسي واقتصادي في بلادهم والعمل على إحقاقه، وقال بايدن في عرض لأجندته الرئاسية في حال فوزه في الرئاسة، إنه سيحرص على أن يكون مستقبل البلاد خالياً من الفساد وشاملاً لكل أبنائه. كذلك أكد دعم إدارته للجيش اللبناني، متماشيا مع سياسة الإدارة الحالية، ووصف الجيش بأنه «الدعامة الأساسية لاستقرار البلاد».

القوات الأميركية في الشرق الأوسط
وحول وضع القوات الأميركية في الشرق الأوسط، يجمع كل من ترمب وبايدن على ضرورة سحب القوات الأميركية من سوريا والعراق وأفغانستان. وفي حين تعهد الرئيس ترمب بسحب كل القوات الأميركية من مناطق الصراع، مؤكداً أن الولايات المتحدة قضت على «تنظيم داعش»، تنص أجندة الحزب الديمقراطي على نية بايدن الإبقاء على عدد محدود من القوات في العراق لهزيمة «تنظيم داعش»، كما سيبقي على وحدة لمكافحة الإرهاب في سوريا، وسيسحب القوات الأميركية من أفغانستان «بشكل مسؤول».

العلاقة مع تركيا
مرت العلاقات التركية الأميركية في عهد ترمب بمراحل متأرجحة، فتوترت العلاقة بشكل كبير إبان العملية العسكرية التركية شمال سوريا، لتعود وتتحسن تدريجياً مع إشادة ترمب المستمرة بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ثم تتوتر مجدداً مع رفع أميركا حظر الأسلحة عن قبرص. وقد وصف ترمب أخيراً نظيره التركي بلاعب الشطرنج المحترف مشككاً بقدرة بايدن على التعامل معه.
أما بايدن فقد أثار موجة من الانتقادات في تركيا عندما ظهر في شريط فيديو قائلاً إنه سيدعم تغيير النظام في تركيا في حال فوزه ومعرباً عن انفتاحه للحديث مع زعماء المعارضة لهزيمة إردوغان.

حظر السفر
وأخيراً، بما يتعلق بحظر السفر عن الدول المسلمة الذي فرضه الرئيس الأميركي. قال بايدن في بيان صادر عن حملته: «في اليوم الأول من تسلمه للرئاسة سيلغي جو بايدن قرار حظر السفر ومنع استقبال اللاجئين المخالف للقيم الأميركية. بايدن سيعيد الولايات المتحدة إلى ما كانت عليه كبلد يستقبل من يسعى إلى الدخول إليه لتحقيق الحلم الأميركي، بمن فيهم المهاجرون من العالم العربي».

فريقا مستشاري السياسة الخارجية
> فريق مستشاري جو بايدن:
جايك سوليفان: مستشار الأمن القومي السابق لجو بايدن في البيت الأبيض.
نيكولاس بيرنز: المسؤول في الخارجية الأميركية في عهدي بوش الابن وبيل كلينتون.
توني بلينكن: نائب وزير الخارجية السابق ونائب مستشار الأمن القومي في إدارة أوباما.

> فريق مستشاري دونالد ترمب:
عرف ترمب بتغيير فريق البيت الأبيض بشكل مستمر، لكنه اعتمد أخيراً على بعض الوجوه في إدارته لنصحه في ملفات السياسة الخارجية. أبرز هؤلاء: وزير الخارجية مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي الحالي روبرت أوبراين وكبير موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز، إضافة إلى صهره جاريد كوشنر.

تعامل المرشحين مع التحالفات والاتفاقات الدولية
> انسحاب دونالد ترمب من الاتفاق النووي «هزّ ثقة حلفاء الولايات المتحدة بها»، وفق جو بايدن، الذي سيعمل على استعادة هذه الثقة، وترميم العلاقة بحلف شمالي الأطلسي «ناتو». وحقاً أغضب ترمب حلفاء بلاده في مناسبات عدة، بدءاً بقرار الانسحاب من «اتفاقية باريس للمناخ»، مروراً بإعلانه مغادرة «منظمة الصحة العالمية»، ووصولاً إلى قراره سحب نحو 12 ألف جندي أميركي من ألمانيا. كلها أمور وعد بايدن بإعادة النظر فيها، وتغييرها. كما تعهد بالتواصل مع قادة الناتو بمجرد فوزه وعقد قمة بعنوان: «لقد عدنا» في العام الأول من توليه الرئاسة. كذلك سيعيد النظر في إعادة عضوية الولايات المتحدة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

روسيا والصين وكوريا الشمالية
تصدّرت روسيا ملف التجاذبات الداخلية الأميركية بعدما اتهمت وكالات الاستخبارات الأميركية الكرملين بالتدخل في الانتخابات الأميركية. وسعى ترمب إلى التخفيف من حدة هذه الاتهامات، الأمر الذي أثار حفيظة الديمقراطيين، الذين توعدوا ـ وعلى رأسهم مرشحهم جو بايدن بالرد بحزم على أي محاولة روسية للتدخل في الانتخابات مجدداً. أيضاً تعهد بايدن بمواجهة بوتين إذا ما تأكدت أنباء تقديم روسيا مكافآت مالية لعناصر من «طالبان» مقابل قتل جنود أميركيين، وهو ما لم يفعله ترمب بحسب ما أكد في مقابلة مع موقع «أكسيوس».
وحيال الصين، وصلت العلاقات الأميركية الصينية إلى أسوأ مراحلها بعد تفشي فيروس (كوفيد - 19) ولم تساعد أزمة شركة الاتصالات هواوي، والخلاف على بحر الصين الجنوبي في تحسين العلاقات. كما أثار قرار إدارة ترمب إنهاء المعاملة التفضيلية لهونغ كونغ غضب بكين، الذي وصل إلى أوجه عندما أمرت الإدارة بإغلاق قنصلية الصين في ولاية هيوستن وسط اتهامات لها بالتجسس.
ومع أن ترمب اتهم بايدن بالليونة تجاه الصين، من المستبعد جداً أن تتغير السياسات الأميركية تجاه بكين في حال فوز المرشح الديمقراطي. فتوجه بايدن مشابه للغاية لتوجه ترمب في هذا الملف، كما أنه توعد بزيادة الضغوطات الدولية على الصين عبر إحياء العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة، إضافة إلى فرض عقوبات إضافية عليها بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ضد أقلية الأويغور المسلمة هناك.
أما عن كوريا الشمالية، فقد أثار اللقاء التاريخي بين ترمب - كيم جون أون حفيظة منافسه الديمقراطي الذي اتهمه بالتنازل من دون شروط، وتعهد بعدم لقاء زعيم كوريا الشمالية من دون شروط مسبقة وفرض عقوبات جديدة على نظام بيونغ يانغ. وكان ترمب أكد أن قراره لقاء كيم جونغ أون يهدف إلى الضغط عليه لوقف أنشطة بيونغ يانغ النووية.

أميركا اللاتينية
في شأن علاقة واشنطن بدول أميركا اللاتينية، شنت إدارة ترمب حملة عقوبات اقتصادية ودبلوماسية مكثفة على نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بأمل دفعه خارج السلطة، وهي السياسة نفسها التي اتبعتها إدارة أوباما لكن بمزيد من التحفظ. إلا أن الإدارتين اختلفتا على ملف كوبا، إذ قرر ترمب إلغاء سياسة الانفتاح على كوبا التي أقرتها إدارة أوباما، وذلك إرضاء لداعميه في فلوريدا، وهو قرار أعلن بايدن أنه سينقضه في حال فوزه.

نظام عالمي جديد
على صعيد آخر، رغم الانتقادات التي واجهتها إدارة ترمب فيما يتعلق بتعاطيها مع السياسة الخارجية تحت عنوان «أميركا أولاً». فإن «النظام العالمي الجديد» الذي فرضه فيروس (كوفيد - 19) سيدفع بايدن باتجاه الحفاظ على بعض الأطر التي وضعها سلفه، في حال فوزه بالرئاسة. ولكن، من يقرأ أجندة الحزب الديمقراطي يعلم أن سياسة بايدن التقليدية ستختلف في حال فوزه بالرئاسة. وتبدو بصمات «اليسار التقدمي» واضحة على الأجندة بطريقة لم تشهدها إدارة أوباما. إذ تمكن «التقدميون» في الحزب أمثال بيرني ساندرز من دفع قيادات الحزب التقليدية باتجاه اعتماد سياسة خارجية تتناسب وحياة الأميركيين اليومية. ويفسر نيكولاس بيرنز المسؤول في وزارة الخارجية السابق وأحد مستشاري بايدن هذه التغييرات فيقول إن «مصلحة الأميركيين من الطبقة الوسطى يجب أن تكون المحرك الذي يدفع بسياستنا الخارجية. لقد تأخرنا كثيراً في فرض تعديلات على مسارنا في هذا المجال».
ويتحدث جيريمي شابيرو، وهو باحث في المجلس الأوروبي للسياسات الخارجية عن أسباب هذا التغيير. فيقول إن الديمقراطيين تعلموا من أخطائهم السابقة التي أدت إلى خسارة كلينتون أمام ترمب في انتخابات العام ٢٠١٦: «لقد كان هناك مفهوم مفاده أن سياسة أوباما الخارجية كان ملعباً للنخبة بعيداً كل البعد عن حياة الأميركيين اليومية. إن التغيير من أوباما إلى بايدن سيكون مرفقاً بتركيز أكثر على أميركا».



أبرز «وزراء الحرب» في تاريخ إسرائيل

غالانت (رويترز)
غالانت (رويترز)
TT

أبرز «وزراء الحرب» في تاريخ إسرائيل

غالانت (رويترز)
غالانت (رويترز)

برزت طوال تاريخ إسرائيل، منذ تأسيسها عام 1948، أسماء عدد من وزراء الدفاع؛ لارتباطهم بحروب كبيرة في المنطقة، لعلّ أشهرهم في الشارع العربي موشيه ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي إبان حرب 1973.

موشيه ديان

وُلد ديان في مستوطنة دغانيا ألف، بمنطقة الجليل الشرقي في شمال فلسطين يوم 20 مايو (أيار) عام 1915، وتوفي يوم 16 أكتوبر (تشرين الأول) 1981، بعد 10 أيام من اغتيال الرئيس المصري أنور السادات، الذي انتصر عليه في حرب أكتوبر 1973. ولقد اشتهر موشيه ديان في المنطقة العربية بالقائد «الأعور»، نتيجة فقْده عينه اليسرى بحادث وقع في سوريا عام 1941، عندما كان قائداً لإحدى السرايا العسكرية التابعة لقوات «الهاغاناه»، وهي نواة تأسيس الجيش الإسرائيلي فيما بعد.

ديان

ديان لعب دوراً مهماً في حرب 1948، عندما قاد بعض العمليات العسكرية في سهل الأردن. ولكن، بعدما اعتبر ديان بطلاً لنصر إسرائيل عام 1967، فإنه تحمّل مسؤولية ما حدث في 1973.

آريئيل شارون

آريئيل شارون اسم آخر ارتبط بالحروب في المنطقة، وتولى لاحقاً منصب رئيس الوزراء.

شارون

شارون ولد عام 1928، وتوفي عام 2014، وهو أيضاً يعدّ واحداً من أبرز الشخصيات وأكثرها إثارة للجدل في التاريخ الإسرائيلي. فقد بدأ شارون اهتمامه بالعمل العسكري منذ بداية حياته، ومِثل موشيه ديان انتسب لـ«الهاغاناه»، وشارك في حرب 1948، وأسهم بارتكاب مجزرة دخلت تاريخ فلسطين في قرية قِبية بالضفة الغربية، إبان قيادته الوحدة 101 عام 1953. ويومذاك ذهب ضحية «مجزرة قبية» 70 فلسطينياً، معظمهم من النساء والأطفال، وكان لهذه الوحدة أيضاً دورٌ في أزمة قناة السويس عام 1956.

بعدها، شارك شارون في حربي 1967 و1973، وانضم لحزب «الليكود» ودخل الكنيست. ويذكر العرب بلا شك دوره في «مجزرة صبرا وشاتيلا» بالعاصمة اللبنانية بيروت، بعد تعيينه وزيراً للدفاع عام 1982.

أفيغدور ليبرمان

أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف، هو أيضاً واحد من أكثر الساسة الإسرائيليين شهرة وإثارة للجدل. ولقد عُيّن ليبرمان وزيراً للدفاع في مايو 2016 في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، واستقال من منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018؛ احتجاجاً على موافقة حكومته على هدنة لإنهاء قتال اندلع في غزة. ليبرمان وُلد عام 1958 في كيشينيف (تشيسينو حالياً) عاصمة جمهورية مولدوفا (مولدافيا السوفياتية سابقاً)، وعمل في بداية حياته عاملاً في ملهى ليلي قبل أن يهاجر إلى إسرائيل عام 1978؛ حيث انضم للجيش الإسرائيلي، ومن ثم يؤسس حزب «إسرائيل بيتنا»، وبعدها تولى عدداً من المناصب الوزارية بالحكومات اليمينية.

موشيه يعالون

ربما يتذكّر البعض وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه يعالون، ويربط اسمه بالحرب على غزة عام 2014.

يومذاك كان يعالون وزيراً في حكومة رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو. وكانت حرب 2014 الأعنف على قطاع غزة، حتى الحرب الحالية التي اندلعت بداية الشهر الحالي.

تلك الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في يوليو (تموز)، عُرفت بعملية «الجرف الصامد»، واستمرت 51 يوماً، وراح ضحيتها 2322 فلسطينياً، إضافة إلى إصابة 11 ألفاً آخرين.

يعالون ولد عام 1950، وانضم للجيش في عام 1968.

يوآف غالانت

مع أن صدمة إقالة يوآف غالانت (66 سنة)، من منصبه الأسبوع الماضي، تزامنت مع انشغال أميركا والعالم بسباق البيت الأبيض، كان الرجل مدركاً أن «ساعة إقالته تأخرت»، وفق معلق إسرائيلي.

غالانت المولود في مدينة يافا عام 1958، دشن مشوار الـ37 سنة في الخدمة الإلزامية مع وحدة الكوماندوز في «الأسطول – 13» التابع للبحرية الإسرائيلية عام 1977، وبعد 6 سنوات من هذا التاريخ عمل حطاباً لسنتين في ألاسكا، قبل أن يعود إلى سلاح البحرية الإسرائيلية، ويتدرّج في القيادة حتى يتسلم في النهاية قيادة «الأسطول – 13».

دخل وزير الدفاع السابق غمار السياسية من مكتب شارون سكرتيراً له عام 2002، ثم ترأس القيادة الجنوبية للبلاد خلال ما تعرف بعملية «الرصاص المصبوب» عام 2005.

ولازمت العلاقة الملتبسة بين غالانت والسياسة وزير الدفاع المقال طوال مشواره، إذ أقاله نتنياهو من منصبه وزيراً للدفاع بعد عام من تعيينه في 26 مارس (آذار) 2023، وذلك إثر تصريحاته المثيرة للجدل حول قضية تعديل النظام القضائي، وفيما بدا أنها شعبية يتمتع بها غالانت، عاد إلى منصبه وزيراً للدفاع في 11 أبريل (نيسان) 2023 تحت وطأة ضغط جماهيري.

بعد هجوم السابع من أكتوبر، أطلق غالانت تحذيرات عدوانية بأنه «سيغير الواقع الراهن لأجيال» في غزة، واصفاً الفلسطينيين بأنهم «حيوانات بشرية». لكن علاقة نتنياهو مع غالانت شابتها سلسلة خلافات بشأن إدارة الحرب، واشتبكا بشكل علني على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية. وعقب إقالته - ووفق «يديعوت أحرونوت» - أرجع غالانت القرار لخلافات بشأن قضية التجنيد، فهو يرى أن كل من هو في سن التجنيد يجب أن يلتحق بالجيش، وآخر يتعلق بإصراره على إعادة المحتجزين الإسرائيليين في غزة بأسرع ما يمكن، و«هذا هدف يمكن تحقيقه بقدر من التنازلات وبعضها مؤلم»، إلى جانب سبب ثالث هو إصراره على تشكيل هيئة تحقيق رسمية فيما حدث بعد 7 أكتوبر 2023.