تباين بين عون وأديب حول تشكيل حكومة من 14 وزيراً

TT

تباين بين عون وأديب حول تشكيل حكومة من 14 وزيراً

توسعت الاتصالات بين القوى السياسية اللبنانية للتشاور حول شكل الحكومة المقبلة، وسط تباين في الرأي بين الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة مصطفى أديب العازم على تشكيل حكومة من 14 وزيراً، والرئيس اللبناني ميشال عون الذي طرح تأليف حكومة من 24 وزيراً.
وقالت مصادر مواكبة للاتصالات لـ«الشرق الأوسط» إن اديب حمل معه إلى القصر الجمهوري مسودتين، تتضمن كل منهما تشكيلة من 14 وزيراً، لا تتضمن الأسماء بل الحقائب الموزعة على الطوائف، لكن عون طرح فكرة تشكيل حكومة اختصاصيين مسيسين من 24 وزيراً، بذريعة أن يحمل كل وزير حقيبة واحدة، ما يساعد على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بسرعة، بينما صيغة الـ14 وزيراً سيترتب عليها تحميل كل وزير أكثر من حقيبتين، مما يشكل ضغطاً عليه ويبطئ العمل في تنفيذ الإصلاحات.
وتؤازر القوى التي رشحت أديب لتشكيل الحكومة، وفي مقدمها رؤساء الحكومات السابقون، مسعاه لتأليف حكومة من 14 وزيراً. وتقول مصادر تلك القوى لـ«الشرق الأوسط» إنه «من غير المسموح أن يتم تشكيل حكومة على شاكلة حكومة دياب السابقة مع تغيير في الوجوه»، وتؤكد أن البلاد تعاني من تأزم كبير، وهناك فرصة الآن لالتقاط الأنفاس، والانتقال بالبلد إلى مرحلة الإنقاذ، بالإفادة من عودة الاهتمام الدولي بلبنان بعد انفجار مرفأ بيروت في الشهر الماضي.
وتشدد المصادر على أنها تعارض تشكيل حكومة فضفاضة، وهي تدعم تأليف حكومة اختصاصيين ومهنيين. ومع أن تلك القوى لا تنكر أن معظم اللبنانيين مسيسون، أو لهم ميول سياسية، فإنها تشدد على ضرورة ألا يكون الوزير الاختصاصي المرشح لحمل حقيبة حزبياً أو ينتمي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للأحزاب.
وترفض تلك القوى تشكيل حكومة من 24 وزيراً، بالنظر إلى خشية لديها، انطلاقاً من التجارب السابقة في مباحثات تشكيل الحكومات، من أن يكون الهدف تعويم النائب جبران باسيل، مشددة على أن وظيفة الحكومة الجديدة «يجب ألا تُشكل لتعويم فلان أو فلان». وتستند تلك القوى إلى واقعة أساسية، مفادها أن تشكيل حكومة من 24 وزيراً، تضم 12 وزيراً مسيحياً، وبغياب «القوات اللبنانية» و«حزب الكتائب» اللذين يقاطعان المشاركة في الحكومة، سيعطي فرصة لباسيل والرئيس ميشال عون لأن يكون لهما اليد الطولى في تسمية الوزراء المسيحيين، حتى لو كان الأمر تحت غطاء تمثيل المجتمع المدني. وتشدد تلك القوى على أن الحكومة «يجب ألا تكون مطية لأحد».
وبحسب معلومات «الشرق الأوسط»، طرح النائب جبران باسيل مسألة المداورة في الحقائب الوزارية، بهدف تحسين شروطه في تسمية الوزراء، ويكون ذلك مطلباً للتفاوض والمقايضة، وتعزيز حصته بالحكومة بطريقة غير مباشرة. وتصطدم مطالب المداورة بالحقائب برفض الثنائي الشيعي أن تطال المداورة الحقائب السيادية الأربع (الخارجية والداخلية والمالية والدفاع)، ويتمسك الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) بأن تبقى حقيبة المال من حصة الشيعة، كونها تمثل التوقيع الثالث إلى جانب توقيعي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على المراسيم والقرارات التي تتطلب إنفاقاً مالياً، وهي تمثل مشاركة للطائفة الشيعية في السلطة التنفيذية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.