مأساة جزيرة توتي: مواجهة الفيضان الأكبر منذ قرن في السودان (صور)

بعض أهالي جزيرة توتي يحاولون التصدي للمياه الغزيرة (أ.ف.ب)
بعض أهالي جزيرة توتي يحاولون التصدي للمياه الغزيرة (أ.ف.ب)
TT

مأساة جزيرة توتي: مواجهة الفيضان الأكبر منذ قرن في السودان (صور)

بعض أهالي جزيرة توتي يحاولون التصدي للمياه الغزيرة (أ.ف.ب)
بعض أهالي جزيرة توتي يحاولون التصدي للمياه الغزيرة (أ.ف.ب)

في جزيرة توتي بالسودان، حيث يلتقي النيلان الأزرق والأبيض حتى يشكلا نهر النيل، يعاني الأهالي من منسوب فيضان قياسي هذه السنة ترك أضراراً كبيرة على منازلهم وحياتهم، ويقولون إنهم لم يروا مثله من قبل.
بين مدينتي العاصمة، الخرطوم وأم درمان، يملأ الناس على أرض توتي الأكياس بالرمال والحجارة الصغيرة في محاولة غير مجدية في كثير من الأحيان لمنع سيل المياه من غمر منازلهم، فعلى الرغم من أن النيل يمنح الحياة، إلا أنه قد يجلب أيضاً البؤس لكثيرين.
وتقول سواكن أحمد لوكالة الصحافة الفرنسية، «قبل ثلاثة أيام، اقتحمت المياه منزلي حوالي منتصف الليل. غمرتنا المياه حتى الركب، وهربت مع زوجي وأطفالنا الخمسة، حاملين أغراضاً بسيطة في أيدينا».
في كل عام خلال موسم الأمطار، يفيض نهر النيل، ويتوقع سكان الجزيرة ارتفاع منسوب المياه، وتقول أحمد: «في السنوات الماضية، كنا نغادر منزلنا لمدة شهرين للعيش مع أصدقاء، لكن هذا العام لم يكن ذلك ممكناً، لأن المياه دخلت منزلهم أيضاً».

ويقول مسؤولو الدفاع المدني، إن الفيضانات الموسمية تسببت بمقتل 94 شخصاً وإصابة 46 آخرين وتدمير أو إتلاف أكثر من 60 ألف منزل في كل أنحاء السودان خلال الموسم الحالي.
وذكرت وزارة المياه والري هذا الأسبوع أن منسوب النيل الأزرق ارتفع إلى 17.57 متر (57 قدماً)، ووصفته بأنه «مستوى تاريخي منذ بدء رصد النهر في عام 1902».
لكن يخشى كثر أن الأسوأ لم يأت بعد إذ يتوقع أن تستمر الأمطار الغزيرة خلال شهر سبتمبر (أيلول) في السودان وفي إثيوبيا المجاورة، منبع النيل الأزرق.
وتقول أحمد، إن «شباناً حاولوا غداة مغادرة العائلة إنقاذ أشياء من منزلي، لكن كان الأمر ميؤوساً منه، لأن الماء كان يصل إلى أعناقهم، ولم يتمكنوا من رؤية أي شيء».


وحاول السكان التخفيف من تيار النيل عن طريق إلقاء بعض الحواجز لتغيير مساره، إلا أن ارتفاع مياه النهر طمس جهودهم.
وتتحدث رئيسة جمعية المرأة والطفل إقبال عباس، التي استضافت جمعيتها العديد من المشردين نتيجة الفيضانات، بفخر عن محاولات الشباب في مواجهة الكارثة.
وتقول: «عندما رأيت الشباب يحجزون مياه النيل بأجسادهم، تذكرت فيضان عام 1998 فعلوا كما فعل أجدادهم».
وتتوقع وزارة المياه السودانية أن يكون فيضان هذا العام أكبر من فيضان 1998 الذي دمّر عشرات الآلاف من المنازل في ولايات عدة وشرّد أكثر من مليون شخص.
ووفقاً لتقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، تضرّر أكثر من 380 ألف شخص حتى الآن في جميع أنحاء البلاد.

وتأتي الفيضانات بينما تقوم إثيوبيا ببناء سد النهضة على النيل الأزرق بارتفاع يبلغ 145 متراً (475 قدماً)، وقد بدأت مؤخراً في ملء خزانه الشاسع الذي يستوعب 74 مليار متر مكعب من المياه.
وأصبح سدّ النهضة الذي تبنيه أديس أبابا منذ 2011، مصدر توتر شديد بينها وبين القاهرة من جهة، والخرطوم من جهة ثانية، ويتوقع أن يصبح هذا السد أكبر منشأة لتوليد الطاقة الكهربائية من المياه في أفريقيا.
لكن بعض الخبراء، مثل مجموعة «الأنهار الدولية» للبحوث بالولايات المتحدة، حذّروا من أن تغيّر المناخ قد يؤدي إلى فترات غير منتظمة من الفيضانات والجفاف في حوض النيل الأزرق.


أما أهالي توتي فلا يتوقفون كثيراً إزاء سبب الفيضانات القياسية، مركزين على مأساة خسارة منازلهم، وتقول المعالجة النفسية انشراح شرف، إن الناس فضلوا المخاطرة بالتعرض إلى الغرق على أن يتركوا ممتلكاتهم، وتضيف: «كنا نحاول أن نقنع الأهالي بأن ينقذوا أرواحهم وبأن جميع الناس يقفون إلى جانبهم، والمنازل يمكن أن تعود كما في السابق».
ومع تراكم المزيد من أكياس الرمل، وصل الجيش للمساعدة، وفي السودان، حيث أطيح بالرئيس السابق عمر البشير العام الماضي، بدا مشهد الجنود الذين يجلبون المساعدات مختلفاً عن أيام عهد التسلط.
ويقول هشام كمال، وهو ضابط بالجيش كان يقود قافلة من 90 شاحنة تحمل طعاماً ورمالاً لوقف المياه: «رأيت عيون الأهالي حمراء من قلة النوم»، ويضيف: «جئت للمساعدة، هذا واجبنا».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.