الأمم المتحدة تطالب بمنطقة منزوعة السلاح وآلية دولية ـ ليبية لوقف النار

TT

الأمم المتحدة تطالب بمنطقة منزوعة السلاح وآلية دولية ـ ليبية لوقف النار

طالبت القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني ويليامز، بإقامة منطقة منزوعة السلاح، بدءاً من سرت، مع التوصل إلى هدنة شاملة وتأسيس آلية دولية - ليبية مشتركة لمراقبة وقف إطلاق النار، معبرة عن «الأسف الشديد» لاستمرار تدفق شحنات الأسلحة لطرفي النزاع الليبي، فضلاً عن المرتزقة.
جاء ذلك خلال إحاطة قدمتها ويليامز، أمس، أمام مجلس الأمن في جلسة عبر الفيديو، استهلتها بالتعبير عن «الأسف» لتكرار «التحذير من أن ليبيا تمر بمنعطف حرج»، مضيفة أن «دعم أعضاء المجلس، ليس فقط بالكلام، بل بالعمل الذي سيساعد في تحديد ما إذا كانت البلاد ستنزلق إلى درك جديد من التشرذم والفوضى، أم تتقدم نحو مستقبل أكثر ازدهاراً».
وكشفت ويليامز أن «المواجهة الصعبة حول سرت لا تزال متواصلة، ما يعرض حياة 130 ألف شخص من الضعفاء في المدينة للخطر، بالإضافة إلى البنية التحتية النفطية الحيوية، التي تشكل شريان حياتها الاقتصادية»، مضيفة أنه «بينما ظلت الجبهات هادئة نسبياً منذ يونيو (حزيران)، فإن قوات طرفي النزاع ما تزال تواصل الاستفادة من دعم أجنبي يتمثل في الأسلحة والمعدات المتطورة»؛ حيث «هبطت 70 رحلة لإعادة الإمداد في المطارات الشرقية دعماً لقوات الجيش الوطني، بينما أرسلت 30 رحلة لإعادة الإمداد إلى مطارات غرب ليبيا، لدعم حكومة الوفاق الوطني». مبرزة أن «نحو 9 سفن شحن رست في الموانئ الغربية دعماً لحكومة الوفاق الوطني، فيما وصلت 3 سفن شحن دعماً لقوات حفتر». وحذّرت ويليامز من أن هذا التصرف «يشكل خرقاً مقلقاً للسيادة الليبية، وانتهاكاً صارخاً لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، ناهيك عن التزامات المشاركين في مؤتمر برلين». وأكدت أن البعثة الأممية «لا تزال تتلقى تقارير عن وجود واسع النطاق للمرتزقة والناشطين الأجانب، ما يعقد أكثرَ فرصَ التسوية المستقبلية». كما حذّرت من أن «أي عمل طائش يخاطر بإشعال مواجهة واسعة النطاق، لها عواقب مدمرة على البلاد وعلى المنطقة الأوسع». ولاحظت المبعوثة الدولية أن الرفع الجزئي للحصار النفطي، الذي أعلنته قوات «الجيش الوطني» في 18 أغسطس (آب)، كان له «تأثير ضئيل على أزمة الطاقة الشديدة» في البلاد، مبرزة أن ذلك «سمح لمؤسسة النفط الوطنية بأن تواصل توفير الغاز الطبيعي لمعامل توليد الطاقة الشرقية»، ودعت إلى «رفع تام للحصار النفطي»، بالتأكيد على أن هناك «تأثيراً منهكاً» لوباء «كوفيد 19» الذي يبدو أنه يخرج عن السيطرة»، خاصة أن «عدد الحالات المؤكدة تضاعف في الأسبوعين الماضيين، مع تسجيل 15156 حالة، و250 وفاة مسجلة حتى الأول من سبتمبر (أيلول)». من جهة ثانية، عبّرت ويليامز عن «القلق» من أن المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء «يواصلون محاولات عبور البحر الأبيض المتوسط، بما يشكل خطراً كبيراً على حياتهم»، مضيفة أنها تشعر «بحزن عميق بسبب الوفيات الأخيرة لـ45 مهاجراً ولاجئاً في حادثة واحدة، في 18 أغسطس عندما غرق قاربهم قبالة الساحل الليبي». وقالت إن «أكثر من 7 آلاف مهاجر ولاجئ سلكوا هذا المعبر خلال العام، وتوفي أكثر من 300 بينهم». وأكدت أنه «لا يمكن اعتبار ليبيا ميناء آمناً» للمهاجرين واللاجئين الذين يجري اعتراضهم في البحر، ويعادون إلى ليبيا «حيث يجري احتجازهم فيتعرضون بشكل روتيني لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان»، مطالبة بـ«معالجة الإفلات من العقاب على هذه الانتهاكات». ومن هذا المنطلق، أكدت ويليامز أن «الاتجاهات المزعجة يجب أن تجبرنا على الضغط من أجل التهدئة الفورية، والعودة إلى العملية السياسية»، مشيرة إلى «بصيص أمل» ظهر في 21 أغسطس الماضي، حين أصدر كل من رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بيانين منفصلين يدعوان فيهما إلى وقف فوري لإطلاق النار، ورفع الحصار النفطي والعودة إلى العملية السياسية، برعاية الأمم المتحدة. وشجّعت الجانبين على النظر في التأسيس المتزايد لمنطقة منزوعة السلاح، تبدأ بسرت، مدعومة بمجموعة شاملة من تدابير بناء الثقة، على أن يشمل الاقتراح آلية دولية - ليبية مشتركة لمراقبة وقف النار، كما طالبت بتشجيع أعضاء مجلس الأمن للأطراف، ومعالجة الدوافع الاقتصادية للنزاع.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».