«ضغوط» أميركية على إثيوبيا تدعم مصر في مفاوضات السد

عززت ضغوط أميركية على إثيوبيا، موقف مصر في نزاع «سد النهضة»، الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير مخاوف لدى القاهرة. ويعد التلويح الأميركي الأخير، بحجب مساعدات عن إثيوبيا، «مؤشراً إيجابياً» لصالح مصر، وفق مراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد يسهم في حلحلة المفاوضات، الدائرة حاليا، برعاية الاتحاد الأفريقي، والتي تشهد عثرات عدة.
وكشفت تقارير أميركية، نشرت مؤخراً، عزم واشنطن على إيقاف مساعدات خارجية تمنحها لإثيوبيا، تصل إلى 130 مليون دولار، بسبب تعنتها في ملف «سد النهضة»، محل النزاع مع مصر والسودان، وذلك في قرار لوزير الخارجية مايك بومبيو.
ويبدو أن الموقف الأميركي أثار استياءً لدى إثيوبيا، رغم إصرارها على المضي قدما في المشروع. وقال سفير إثيوبيا لدى واشنطن، فيتسوم أريغا، أمس، «إنه سمع عن نية واشنطن حجب 130 مليون دولار من المساعدات، وأن الأمر مرتبط بسد النهضة»، مضيفا أنه «ينتظر التوضيح من الولايات المتحدة في وقت لاحق».
وشدد السفير الإثيوبي، في تغريدة عبر «تويتر»، على عزم بلاده على استكمال مشروع سد النهضة، وكتب: «سنخرج إثيوبيا من الظلام». وتشيد أديس أبابا سد النهضة، منذ عام 2011، على نهر النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل. وتنظر إليه باعتباره أساسيا لنموها الاقتصادي ولإمدادها بالكهرباء، في حين تخشى والقاهرة وأيضا الخرطوم أن يحدّ المشروع الضخم الذي يبلغ ارتفاعه 145 متراً، وسيكون الأكبر في أفريقيا، من إمكان وصولهما للمياه. وتسببت خلافات قانونية وفنية، بين الدول الثلاث، في تعثر مفاوضات يقودها الاتحاد الأفريقي، منذ يوليو (تموز) الماضي، بهدف التوصل إلى اتفاق ينظم عملية ملء وتشغيل السد.
وتتركز الخلافات حول عملية ملء بحيرة السد في فترات الجفاف، وكذا آلية فض المنازعات ومدى إلزامية الاتفاقيات التي سيتم التوصل إليها، فضلاً عن مطالبة إثيوبيا بحصة في مياه النيل الأزرق ومشروعاتها المستقبلية هناك. ويعد مجرد التلويح الأميركي بحجب المساعدات عن إثيوبيا أمرا إيجابيا يدعم الموقف المصري، ويمنح القضية المصرية مزيدا من الشرعية الدولية، باعتبارها قضية عادلة، حتى وإن لم يتم تنفيذه، بحسب محمد العرابي، عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري، ووزير الخارجية الأسبق.
وطالب العرابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الدبلوماسية المصرية، بالبناء على هذه الرسالة السياسية المهمة، والسعي نحو المزيد من الضغوط الدولية على إثيوبيا، لإرغامها على وقف تعنتها للوصول إلى حلول عادلة، متهماً القيادة الإثيوبية بـ«تجاهل القوانين والأعراف الدولية، وفق تصورات وأوهام لشخصيات تتحدى النظام الدولي، دون أن تدرك عواقب ذلك».
وسبق أن رفضت إثيوبيا التوقيع على اتفاق نهائي، أبرم برعاية وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي، في فبراير (شباط) الماضي، متهمة واشنطن بـ«الانحياز لصالح مصر».
ويرى السفير أشرف حربي عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» أن الإدارة الأميركية جادة في تهديداتها حاليا لإثيوبيا، بعد أن تبين لها رفض الأخيرة التوصل إلى حل سياسي أكثر من مرة، مؤكدا أن مثل تلك الضغوط تشير إلى اهتمام الإدارة الأميركية بالقضية، وضرورة العمل على تسويتها، الأمر الذي سيكون له صدى في المفاوضات الحالية. وتعول الإدارة الأميركية على جهود الاتحاد الأفريقي في تسوية النزاع.
وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية، الجمعة الماضي، «نعتقد أن مسار عمل مصر وإثيوبيا والسودان في السابق يشي بإمكانية التوصل لاتفاق عادل ومتوازن بأسلوب يضع في الحسبان مصالح الدول الثلاث». كما أكد أن الإدارة الأميركية ملتزمة بالعمل مع الدول الثلاث حتى تتوصل لاتفاق عادل حول تلك القضية. واتفق وزراء المياه للدول الثلاث نهاية الأسبوع الماضي، على إرسال تقارير منفصلة إلى رئيس المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي، ناليدي باندور، وزير العلاقات الدولية والتعاون في جنوب أفريقيا (التي ترأس الاتحاد العام الحالي)، لعرض رؤيتهم عن سير المفاوضات.
وتوقع وزير الري الإثيوبي، سيليشي بيكلي، استئناف الاجتماعات منتصف سبتمبر (أيلول) المقبل. فيما ذكر مصدر مصري مضطلع، لـ«الشرق الأوسط»، أن «بلاده سوف تقرر موقفها من استمرار المفاوضات، بناء على موقف الاتحاد الأفريقي والمراقبين الدوليين، من التقارير المرسلة، ورؤيته لشكل المفاوضات المقبلة، وإمكانية وقف التعنت الإثيوبي».