صناعة الحافلات المدرسية تواجه أزمة وجودية بسبب كوفيد 19

تشكل شركات الحافلات المملوكة إلى القطاع الخاص في نيويورك، والتي تعمل على نقل ما لا يقل عن 10 ملايين طفل إلى المدارس سنويا، ما يقرب من نسبة 40 في المائة من صناعة الحافلات المدرسية (نيويورك تايمز)



 غلين إيفري صاحب أسطول من باصات المدارس بنيويورك قام بتعليق أعمال كافة موظفيه البالغ عددهم 32 موظفا، بما في ذلك نجله (نيويورك تايمز)
تشكل شركات الحافلات المملوكة إلى القطاع الخاص في نيويورك، والتي تعمل على نقل ما لا يقل عن 10 ملايين طفل إلى المدارس سنويا، ما يقرب من نسبة 40 في المائة من صناعة الحافلات المدرسية (نيويورك تايمز) غلين إيفري صاحب أسطول من باصات المدارس بنيويورك قام بتعليق أعمال كافة موظفيه البالغ عددهم 32 موظفا، بما في ذلك نجله (نيويورك تايمز)
TT

صناعة الحافلات المدرسية تواجه أزمة وجودية بسبب كوفيد 19

تشكل شركات الحافلات المملوكة إلى القطاع الخاص في نيويورك، والتي تعمل على نقل ما لا يقل عن 10 ملايين طفل إلى المدارس سنويا، ما يقرب من نسبة 40 في المائة من صناعة الحافلات المدرسية (نيويورك تايمز)



 غلين إيفري صاحب أسطول من باصات المدارس بنيويورك قام بتعليق أعمال كافة موظفيه البالغ عددهم 32 موظفا، بما في ذلك نجله (نيويورك تايمز)
تشكل شركات الحافلات المملوكة إلى القطاع الخاص في نيويورك، والتي تعمل على نقل ما لا يقل عن 10 ملايين طفل إلى المدارس سنويا، ما يقرب من نسبة 40 في المائة من صناعة الحافلات المدرسية (نيويورك تايمز) غلين إيفري صاحب أسطول من باصات المدارس بنيويورك قام بتعليق أعمال كافة موظفيه البالغ عددهم 32 موظفا، بما في ذلك نجله (نيويورك تايمز)

عندما تلقى «غلين إيفري» مذكرة في أول مارس (آذار) من العام الجاري بشأن إغلاق المدارس في وادي هدسون بمدينة نيويورك بسبب وباء كورونا المستجد، أوقف أسطول السيارات المكون من 20 حافلة مدرسية على ظن منه بأن الأمور سوف تعود إلى طبيعتها في غضون شهور قليلة.
غير أن الوباء ازداد تفاقمه وظلت المدارس على إغلاقها. وأبلغ مديرو المدرسة السيد غلين أنه مع بقاء الطلاب في منازلهم فلن تتمكن المدرسة من سداد فواتير الحافلات العاطلة عن العمل. واستمر السيد غلين متحملا لتكاليف الحافلات، وتلاشت كل فرصة من فرص تعويض الدخل المفقود عن خسارة الإيرادات من خلال تعاقدات ما بعد الدراسة أو في الصيف بسبب الوباء الفتاك الراهن.
ومن أجل مواصلة البقاء في دورة العمل، قام السيد غلين بتعليق أعمال كافة موظفيه البالغ عددهم 32 موظفا، بما في ذلك نجله. وأخيرا، خسرت شركته لتسيير الحافلات المدرسية مبلغا وقدره 750 ألف دولار خلال فترة الوباء، مما شكل صدمة قوية للغاية لأعمال شركته، التي يبلغ متوسط إيراداتها نحو مليوني دولار على أساس سنوي.
أما الآن، يساور السيد غلين القلق من أنه مع عودة المدارس إلى العمل بكامل طاقتها وافتتاح أبوابها من جديد ربما لا تكون شركته متواجدة بالأساس لنقل الطلاب من وإلى المدرسة. ويقول السيد غلين عن ذلك: «لقد مارسنا تلك الأعمال التجارية منذ أكثر من 60 عاما وحتى اليوم، ولكن ربما قد تكون هذه هي نهاية المطاف بالنسبة إلينا».
تشكل شركات الحافلات المملوكة إلى القطاع الخاص، والتي تعمل على نقل ما لا يقل عن 10 ملايين طفل إلى المدارس سنويا، ما يقرب من نسبة 40 في المائة من صناعة الحافلات المدرسية، تلك التي تواجه في الآونة الراهنة تهديدات غير مسبوقة لاستمرار بقائها قيد العمل.
في المناطق التعليمية التي تعتمد على نظام التعلم عن بُعد، يساور شركات الحافلات القلق بشأن الحصول على أي دخل على الإطلاق. وفي الأماكن التي ترجع بالكامل إلى نظام التعليم المباشر أو النموذج المختلط من التعليم، تتوقع شركات الحافلات ارتفاع تكاليف النظافة والنفقات التشغيلية الأخرى بصورة كبيرة بسبب الحاجة الماسة إلى تسيير المزيد من الحافلات لضمان تنفيذ معايير التباعد الاجتماعي بين الطلاب.
واستجابة لذلك، يدعو أصحاب شركات الحافلات وزعماء تلك الصناعة الكونغرس الأميركي إلى الموافقة على تمرير مبلغ 10 مليارات دولار من المساعدات المالية الطارئة دعما للحافلات المدرسية ومدربي قيادة الحافلات. ولقد أشاروا إلى أنه مع عجزهم عن التنبؤ بما سوف يجري في السنة الدراسية الجديدة، بالإضافة إلى ما يقرب من ستة أشهر كاملة من التوقف عن العمل، وبالتالي فهم لا يعرفون إلى أي مدى سوف يكونون قادرين على مواصلة العمل.
ومع عودة المدارس إلى العمل – وإذا ما شرعت شركات حافلات النقل المدرسية في الانهيار، كما هو متوقع – يقول قادة تلك الصناعة المهمة أن المعاناة سوف تلحق بأطفال المدارس وأولياء الأمور الذين سوف يتعين عليهم تغيير أنماط حياتهم بالكلية والبحث عن وسيلة أخرى تحل محل وسائل النقل المدرسية التي كانت من الأمور المسلم بها في السابق.
ومنذ أن ظهر الوباء، أصيبت أغلب وسائل النقل العام في الولايات المتحدة تقريبا بالشلل المالي إثر الانخفاض الرهيب في عدد الركاب مع انخفاض الإيرادات المصاحبة لها. وللحيلولة دون مزيد من الانهيار، خصص الكونغرس مبلغ 50 مليار دولار لصالح شركات الطيران، ومبلغ 25 مليار دولار لصالح وسائل النقل العام، فضلا عن تخصيص مليار دولار إلى شركة «أمتراك» لخدمات الترام.
غير أن خبراء الصناعة قالوا إن الحافلات المدارة بواسطة القطاع الخاص بقيت إلى حد كبير خارج نطاق الإغاثة الحكومية المشار إليها آنفا. وأن نسبة 60 في المائة الباقية من الحافلات المدرسية مملوكة ومدارة من قبل المناطق التعليمية.
وكان المشرعون الفيدراليون قد منحوا المناطق التعليمية مبلغا وقدره 13.5 مليار دولار للمساعدة في مواجهة أزمة الوباء، غير أنهم تركوا الأمر بيد مدراء المقاطعات في تقرير ما إذا كانوا سوف يدفعون الأموال للمقاولين من القطاع الخاص من عدمه، بما في ذلك تكاليف تسيير حافلات النقل المدرسية.
وحض الحكام في ولايات مثل كونيتيكيت ومينيسوتا مدراء المقاطعات على سداد مدفوعات مقاولي الحافلات المدرسية بالدرجة التي تكفي لتغطية التكاليف الثابتة التي تكبدوها حتى مع توقف الحافلات عن العمل خلال فترة الإغلاق الماضية. غير أن بعض المناطق التعليمية في ولايات مثل بنسلفانيا ونيويورك قد تخلت عن سداد مدفوعات شركات الحافلات المدرسية بالكلية، مما أسفر عن إفلاس بعض تلك الشركات أو تحولها إلى مقاضاة المناطق التعليمية من أجل الفواتير غير المدفوعة التي بلغت حوالي مليوني دولار في بعض الحالات.
يقول الخبراء المعنيون بالأمر إن تلك الصناعة يمكن أن تتأثر بتلك المجريات السلبية إلى الأبد. واستعانت شركات الحافلات الصغيرة بمدخراتها المالية في محاولة التغلب على فصل الصيف من دون إيرادات، الأمر الذي جعلها تستشرف حافة الانهيار المالي الوشيك. كما تحول سائقو الحافلات المسرحين من العمل إلى صناعات أخرى مثل النقل بالشاحنات وتوصيل الطرود، مما زاد من صعوبة الأوضاع على الشركات التي تحتاج إلى سائقين لحافلات الطلاب في الخريف من أجل اضطرارها إلى توظيف عمال وسائقين جدد.
يقول كايل دي فيفو، محامي شركات الحافلات ونائب رئيس شركة «داتكو» لتسيير الحافلات المدرسية في ولاية كونيتيكت: «بمجرد أن تنهار تلك الشركات لن يكون من اليسير إعادتها إلى مباشرة الأعمال مرة أخرى».
ولقد أدرك المشرعون الفيدراليون حاجة صناعة الحافلات المدرسية الماسة إلى مزيد من اهتمام الكونغرس. وفي أبريل (نيسان) من العام الجاري، أرسل نحو 100 عضو في الكونغرس رسالة مفتوحة إلى قيادة مجلسي الشيوخ والنواب يطالبون فيها بتصحيح الخطأ الرقابي المتمثل في إخراج صناعة الحافلات المدرسية الأميركية من حزمة المساعدات المالية المخصصة لمواجهة وباء فيروس كورونا والتي بلغت قيمتها تريليوني دولار وجرى تمريرها اعتبارا من شهر مارس (آذار) من العام الجاري.
تشكل حقائق إدارة شركة حافلات النقل المدرسية أثناء وباء كورونا المستجد حالة من التحديات غير المسبوقة.
تشترط العديد من الولايات الأميركية ألا يزيد عمر الحافلات عن 4 إلى 6 سنوات بحد أقصى، الأمر الذي يجبر العديد من الشركات على تحمل مدفوعات القروض الثابتة حيال أسطول الحافلات لديها. ويبلغ متوسط تكلفة شراء الحافلة المدرسية الواحدة ما بين 90 إلى 120 ألف دولار، وفقا لتقديرات خبراء الصناعة. ويمكن لأقساط التأمين الشهرية لتلك الحافلات أن تتراوح بين 2500 إلى 4 آلاف دولار لكل حافلة. وإذا ما بقيت الحافلات خارج دورة العمل، فمن المتوقع ارتفاع نسب الأعطال الميكانيكية في الحافلات مع مرور الوقت.
ومما يُضاف إلى ذلك، تعمل العديد من شركات الحافلات المدرسية في تسيير خدمات الحافلات الخاصة، ولقد اقترب الطلب على هذه الخدمات الخاصة من التلاشي تماما، مما يؤدي إلى مزيد من تدهور الأوضاع المالية لشركات الحافلات بصفة عامة.
يقول السيد غلين متهكما عن امتلاك شركة تعتمد على مزيج من إيرادات الحافلات المدرسية والحافلات الخاصة: «لقد كان مزيجا لطيفا للغاية، إنني أخرج إلى الشارع الآن وأقول للجميع: انظروا إلى كل هذه الحافلات المتوقفة بلا عمل».
ومن بين الضحايا الآخرين لتلك الأزمات كان تسريح سائقي الحافلات المدرسية على نطاق كبير. ويقدر اتحاد النقل المدمج – وهو أحد أكبر نقابات العمال التي تمثل سائقي حافلات المدارس في البلاد – أنه قد جرى تسريح ما يقرب من 13 ألف سائق خارج قوة العمل البالغ عددها نحو 20 ألف سائق، أو ما يساوي نسبة 65 في المائة منهم.
أما بالنسبة إلى سائقي الحافلات من شاكلة السيدة دينا دريك – 45 عاما – والتي جرى تسريحها من عملها في طريق الحافلات خارج مدينة شيكاغو، فليست لديها أي فكرة عن الميعاد المحتمل لعودتها إلى عملها مرة أخرى.
ولقد دخلت السيد دينا دريك – وهي العائل الرئيسي لأسرتها وسائقة الحافلات من الجيل الثالث – في تلك الوظيفة لأنها شعرت أنها من الوظائف المستمرة الثابتة التي لن تختفي أبدا من خارطة العمل. لكن إذا كانت شركة تسيير الحافلات المدرسية التي تعمل لديها لن تطلب سائقين للعمل حتى شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، فهي غير متأكدة ما إذا كانت سوف تستمر في العمل في هذه الصناعة من عدمه. وهي تقول عن ذلك: «أشعر بأننا منسيون تماما. بمجرد إغلاق المدرسة لأبوابها لن نستطيع العثور على المال الذي نعيل به أنفسنا».
يحذر خبراء الصناعة من أنه بمجرد إغلاق شركة من شركات الحافلات المدرسية لن يكون من السهل على المسؤولين استبدالها بشركة أخرى على الفور. كانت العديد من شركات الحافلات المدرسية الخاصة تواصل العمل منذ أجيال ولقد اكتسبت خبرات كبيرة في ذلك المجال من توظيف، وتدريب السائقين في تلك الصناعة التي تتسم بالتنظيم الشديد.
وتتطلب الإرشادات الجديدة الصادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في البلاد من شركات الحافلات تعديل عمليات التشغيل من أجل السماح بالتنظيف اليومي للحافلات واحترام معايير التباعد الاجتماعي لضمان سلامة الأطفال والسائقين على حد سواء.
يقول مايك كانين – أحد أنصار حقوق سائقي الحافلات المدرسية، والذي يعمل لدى شركة «لورينز باص سيرفيس» في مدينة مينيابوليس: «لا يمكننا تعيين أي شخص ونستأمنه على سلامة وأرواح أطفالنا في الحافلات المدرسية، إن الموظفين لدينا محترفون للغاية ومدربون تدريبا فائقا، ويحظون باحترام الجميع».
* خدمة نيويورك تايمز



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».