روائية أجنبية تكتب مأساة عائلة حلبية في جحيم الحرب

«طريق النحَّال الطويل» اختيرت أفضل كتاب صوتي في 2020

روائية أجنبية تكتب مأساة عائلة حلبية في جحيم الحرب
TT

روائية أجنبية تكتب مأساة عائلة حلبية في جحيم الحرب

روائية أجنبية تكتب مأساة عائلة حلبية في جحيم الحرب

كثيرة هي الأعمال الأدبية التي تناولت محنة اللجوء السوري، وعبور المتوسط للضفة الأوروبية في قوارب الموت، وحاولت تتبع حكايات الغربة أو القتل أو الغرق أو الضياع. الحكايات التي ربما لن تجد من ينصفها يوماً، ولو إحصائياً. ونافل عن القول أيضاً الإشارة إلى المبالغة والكذب الذي طال كثيراً من تلك القصص لأغراض مسيسة غالباً. لكن ماذا يمكن للأدب فعله - وتحديداً الرواية - لتخفيف آثار الغربة والمنفى وفقدان الانتماء، وحتى أبسط مقومات الحياة، كالإحساس بالأمان؟
من غير المألوف أن تسمع حكايتك الشخصية والعامة (والمقصود هنا حكايات المقتلة السورية) في آن معاً، من شخص خارج المكان بكل مواصفاته ومعانيه، أي من خارج اللغة والجغرافيا، ما يؤمل بتتبع سرد غير منحاز، إلى حد ما، رغم صعوبة الحياد.
الكاتبة كريستي ليفتري ليست سورية ولا عربية حتى؛ وقد يكون أصلها هو الرابط الوحيد للكاتبة مع الحدث، من حيث الانتماء إلى أسرة تحمل ذاكرة متوسطية. فهي من أبوين يونانيين، هاجرا إلى بريطانيا بسبب احتلال تركيا لشمال قبرص، في بداية سبعينات القرن العشرين.
تروي الكاتبة في عملها «طريق النحَّال الطويل» حكاية نوري إبراهيم وزوجته عفراء. الحكاية التي لا تخلو من مفاجآت تثير الدهشة، حين تتلمس مناطق الألم المتواري في حنايا قصة مبعثرة على مساحات شتات التغريبة السورية المريرة والمستمرة.
الصوت الأساسي في الرواية هو لنوري، نحَّال من حلب اختار مهنة تربية النحل، بدلاً من تجارة آبائه وأجداده في بيع الأقمشة. لقد اختار تلك المهنة مدفوعاً بعشق الطبيعة والنحل.
في جحيم الحرب، تتعرض الأسرة لمأساة فقد طفلها الوحيد، بانفجار قرب المنزل. ويتسبب التفجير في فقدان الأم لبصرها. فيضطر نوري للهروب من حلب نحو تركيا، مصطحباً زوجته عفراء، الفنانة التشكيلية، بعد أن يدفنا وحيدهما سامي في حديقة المنزل. ومن تركيا يستطيعان العبور بحراً نحو اليونان، ثم بريطانيا؛ حيث ينتظرهما مصطفى، قريب نوري وصديقه الحميم منذ أيام الطفولة والمراهقة والشباب والعمل والأحلام المشتركة. 
كان مصطفى قد غادر حلب سابقاً، دون توديع صديق العمر، بعد أن فقد هو أيضاً وحيده فراس الذي قضى في مقتلة نهر قويق. النهر الذي يظهر كثيراً في الرواية عبر رمزين: النهر الذي تحول لمقبرة مفتوحة. والنهر في لوحات عفراء التي تستعيد بصرها في لندن، والتي تستعيض به في رسوماتها عن بحر المدينة التي تنحدر منها في الساحل السوري.
مصطفى حلبي الأصل، يعمل أستاذاً جامعياً في كلية الزراعة بدمشق، باختصاص علوم النحل. حين يكون مع أسرته، في مدينته حلب، يختفي ابنه فراس في ظرف غامض. وتحت وطأة الخوف على أفراد الأسرة، يقوم بتهريب زوجته «ذهب» وابنته «آية». ويبقى هو في حلب متعللاً بالعثور على وحيده. خلال تلك الفترة يمارس العمل التطوعي في مشرحة أحد المشافي الميدانية، داخل إحدى الأبنية المدمرة. يدون أسماء وأعمار الضحايا التقريبية، وعلامات فارقة إن وجدت؛ لتحدث المفاجأة القاسية، بعد بضعة أسابيع، إذ يرى جثة ابنه أمامه!
«يبقى مصطفى وحيداً أمام جثمان ولده صامتاً ربما لساعات، ويتناول قلمه ويكتب في ذلك الدفتر:
الاسم: ولدي الوحيد، ولدي الجميل.
سبب الوفاة: هذا العالم المحطم».
يقرر مصطفى أن يهجر حلب إلى زوجته وابنته، فيترك رسالة وداع مقتضبة لنوري، مشجعاً إياه على اللحاق به، مهما صعبت الظروف، ومهما حاولت عفراء الرفض.
في المرحلة السابقة للوصول إلى أثينا، وعلى جزيرة مليئة بالهاربين، من كل جنسيات الأسى الأفريقي والشرق أوسطي، كاد نوري أن يُقتل من قبل عصابة يقودها نديم، وهو شاب أفغاني يبتز الأطفال العالقين في الجزيرة، فيستغلهم جنسياً ويتاجر بهم وبأعضائهم. ينجو نوري بأعجوبة ويصاب بجرح عميق. لكن نديم سيلقى حتفه لاحقاً بالتواطؤ بين عدة رجال من المخيمين في الجزيرة. حينها كان نوري يقف متفرجاً، قبل أن يؤنبوه بصرخات استنكار لعدم مشاركته في قتل مجرم، كان من الممكن أن يكون ابنه أحد ضحاياه. في تلك اللحظة يخرج من كهف روح نوري مارد رهيب، فيلتقط عصا من يد أحدهم ويقوم فجأة بتكسير جسد نديم، دون رحمة. يضربه على اليد التي طعنته منذ أيام. ويصاب نوري بصعقة ندم، حين يكتشف دواخله، بقوله: «لقد شاركت في قتل إنسان، لقد أصبحت قادراً على ارتكاب فعل القتل!».
بعد أن يصل نوري وعفراء إلى أثينا، يواجهان محنة الافتقار للمبلغ المطلوب للسفر جواً إلى بريطانيا، واللحاق بمصطفى. تمثل هذه اللحظة بالنسبة لهما محنة أشد ألماً ربما من فقدان سامي.
يضطر نوري للعمل مع المهرب، كسائق في نقل بضاعة يجهل ماهيتها، كشرط لتأمين جوازي سفر مزورين وتذكرة الطائرة. وقبل انطلاقه في كل رحلة، كان نوري يقفل الباب على عفراء، خوفاً عليها، كامرأة وحيدة وعمياء. وحين يشاء سوء حظهما أن ينسى في آخر رحلة له أن يقفل الباب؛ ينتبه إلى ذلك وهو في الطريق، فيقف بين خيارين كلاهما مر: فإما العودة إلى زوجته، مما سيحرمه استكمال المبلغ المطلوب للسفر، وإما متابعة طريقه، مغامراً باحتمال تعرض زوجته للخطر. وهو ما أدرك حدوثه لاحقاً، بعد أن أخبرته زوجته بأن المهرب قد اغتصبها تحت التهديد بأنه سيقتل زوجها إن هي رفضت.
يصل الزوجان إلى بريطانيا العظمى، بعد رحلة أثقلها الرعب من الكشف والترحيل من على متن الطائرة، كما حصل مع مسافرَين كانا خلفهما في الرحلة ذاتها.
«نحال حلب» رواية السوري العادي الذي أخذت منه الحرب كل شيء. نوري فقد وحيده، زوجته عفراء فقدت بصرها وكرامة جسدها عنوة، وصديقه وشريكه مصطفى فقد وحيده أيضاً، وكلاهما فقدا النحل والمنحلة، وذاك النسغ الوجودي الذي تمثله النحلة، والأمل الذي تمثله زهور المنحلة.
إنها رواية ترسم جانباً من الألم السوري، دون ابتذال أو تكلف لغة عاطفية مفتعلة. فنرى دمار حلب، ونشهد انهيار مكونات العيش، ونسمع الأنين المكتوم لأطفال غرقوا أو علقوا في جزر العبور، عاجزين حتى عن قول أسمائهم!
نشرت الرواية سنة 2019، ونالت تصويتات مهمة كأفضل كتاب صوتي لعام 2020 (بي بي سي راديو 3)، وتقديرات ومراجعات مهمة في الصحافة الأدبية في بريطانيا وخارجها.



وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
TT

وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)

تُوفي الملحن المصري محمد رحيم، في ساعات الصباح الأولى من اليوم السبت، عن عمر يناهز 45 عاماً، إثر وعكة صحية.

وكان رحيم تعرض لذبحة صدرية منذ أشهر، تحديداً في يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته أنوسة كوتة، مدربة الأسود.

وكان رحيم قد أعلن اعتزاله مهنة الفن والتلحين في فبراير (شباط) الماضي، وتعليق أنشطته الفنية، وبعدها تراجع عن قراره ونشر مقطع لفيديو عبر حسابه الرسمي على «فيسبوك»، قال فيه حينها: «أنا مش هقولكم غير إني بكيت بالدموع من كتر الإحساس اللي في الرسائل اللي بعتوهالي وهتشوفوا ده بعينكم في ندوة، خلاص يا جماعة أنا هرجع تاني علشان خاطركم إنتوا بس يا أعظم جمهور وعائلة في العالم، وربنا ميحرمناش من بعض أبداً».

ونعى تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، رحيم، وكتب عبر موقع «فيسبوك»، اليوم السبت: «رحم الله الملحن محمد رحيم وغفر الله له، عزائي لأهله ومحبيه، خبر حزين».

ورحيم من مواليد ديسمبر (كانون الأول) 1979. درس في كلية التربية الموسيقية، وبدأ مسيرته بالتعاون مع الفنان حميد الشاعري، وأطلق أول أغانيه مع الفنان المصري عمرو دياب «وغلاوتك»، ثم قدم معه ألحاناً بارزة منها أغنية «حبيبي ولا على باله». كما تعاون رحيم مع العديد من الفنانين، ومنهم: محمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، ونانسي عجرم، وروبي، وشيرين عبد الوهاب، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

كما نعى رحيم عدد من نجوم الفن والطرب، وكتب الفنان تامر حسني عبر خاصية «ستوري» بموقع «إنستغرام»: «رحل اليوم صاحب أعظم موهبة موسيقية في التلحين في آخر 25 سنة الموسيقار محمد رحیم. نسألكم الدعاء له بالرحمة والفاتحة»، وأضاف: «صلاة الجنازة على المغفور له بإذن الله، صديقي وأخي محمد رحيم، عقب صلاة الظهر، بمسجد الشرطة بالشيخ زايد، إنا لله وإنا إليه راجعون».

منشور الفنان تامر حسني في نعي رحيم

وكتب الفنان عمرو دياب عبر حسابه الرسمي على «إكس»، اليوم السبت: «أنعى ببالغ الحزن والأسى رحيل الملحن المبدع محمد رحيم».

وكتبت الفنانة أنغام عبر موقع «إكس»: «خبر صادم جداً رحيل #محمد_رحيم العزيز المحترم الزميل والأخ والفنان الكبير، لا حول ولا قوة إلا بالله، نعزي أنفسنا وخالص العزاء لعائلته».

وكتبت الفنانة أصالة عبر موقع «إكس»: «يا حبيبي يا رحيم يا صديقي وأخي، ومعك كان أحلى وأهم أعمال عملتهم بمنتهى الأمانة بموهبة فذّة الله يرحمك يا رحيم».

كما كتب الشاعر المصري تامر حسين معبراً عن صدمته بوفاة رحيم: «خبر مؤلم جداً جداً جداً، وصدمة كبيرة لينا كلنا، لحد دلوقتي مش قادر أستوعبها وفاة أخي وصديقي المُلحن الكبير محمد رحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله».

كما نعته المطربة آمال ماهر وكتبت عبر موقع «إكس»: «لا حول ولا قوة إلا بالله. صديقي وأخي الغالي الملحن محمد رحيم في ذمة الله. نسألكم الدعاء».

وعبرت الفنانة اللبنانية إليسا عن صدمتها بكلمة: «?what»، تعليقاً على نبأ وفاة رحيم، في منشور عبر موقع «إكس»، من خلال إعادة تغريد نبأ رحيله من الشاعر المصري أمير طعيمة.

ونعته إليسا في تغريدة لاحقة، ووصفته بالصديق الإنسان وشريك النجاح بمحطات خلال مسيرتها ومسيرة كثير من زملائها.

ونشرت الفنانة اللبنانية نوال الزغبي مقطع فيديو به أبرز الأعمال التي لحنها لها رحيم، منها أول تعاون فني بينهما وهي أغنية «الليالي»، بالإضافة لأغنية «ياما قالوا»، وأغنية «صوت الهدوء»، التي كتب كلماتها رحيم. وكتبت الزغبي عبر «إكس»: «الكبار والمبدعون بيرحلوا بس ما بيموتوا».

ونشرت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم صورة تجمعها برحيم، وكتبت عبر موقع «إكس»: «ما عم صدق الخبر». وكتبت لاحقا: «آخر مرة ضحكنا وغنّينا سوا بس ما كنت عارفة رح تكون آخر مرة». رحيم قدم لنانسي عدة أعمال من بينها «فيه حاجات» و«عيني عليك»، و«الدنيا حلوة»، و«أنا ليه».

ونشرت المطربة التونسية لطيفة عدة صور جمعتها برحيم عبر حسابها بموقع «إكس»، وكتبت: «وجعت قلبي والله يا رحيم... ده أنا لسه مكلماك ومتفقين على شغل... ربنا يرحمك ويصبر أهلك ويصبر كل محبينك على فراقك».

وكتبت الفنانة أحلام الشامسي: «إنا لله وإنا إليه راجعون، فعلاً خبر صادم ربي يرحمه ويغفر له».

كما نعته الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي وكتبت عبر «إكس»: «وداعاً الفنان الخلوق والصديق العزيز الملحن المبدع #محمد_رحيم».

وشارك الفنان رامي صبري في نعي رحيم وكتب عبر حسابه الرسمي بموقع «إكس»: «خبر حزين وصدمة كبيرة لينا».

وشاركت الفنانة بشرى في نعي رحيم، وكتبت على «إنستغرام»: «وداعاً محمد رحيم أحد أهم ملحني مصر الموهوبين في العصر الحديث... هتوحشنا وشغلك هيوحشنا».

وكان رحيم اتجه إلى الغناء في عام 2008، وأصدر أول ألبوماته بعنوان: «كام سنة»، كما أنه شارك بالغناء والتلحين في عدد من الأعمال الدرامية منها «سيرة حب»، و«حكاية حياة».