مصطفى أديب... دبلوماسي «هادئ» في مهمة إنقاذ لبنان

لبنانيون يلتقطون صوراً تذكارية مع مصطفى أديب خلال جولته التفقدية في بيروت (أ.ف.ب)
لبنانيون يلتقطون صوراً تذكارية مع مصطفى أديب خلال جولته التفقدية في بيروت (أ.ف.ب)
TT

مصطفى أديب... دبلوماسي «هادئ» في مهمة إنقاذ لبنان

لبنانيون يلتقطون صوراً تذكارية مع مصطفى أديب خلال جولته التفقدية في بيروت (أ.ف.ب)
لبنانيون يلتقطون صوراً تذكارية مع مصطفى أديب خلال جولته التفقدية في بيروت (أ.ف.ب)

مصطفى أديب الذي كُلّف، اليوم (الاثنين)، بتشكيل حكومة جديدة، شخصية غير معروفة من اللبنانيين، يواجه مهمة شبه مستحيلة بإحداث تغيير سياسي وإجراء إصلاحات ملحة لإنقاذ البلاد من أزمة غير مسبوقة.
ويتولّى أديب (48 عاماً) المتحدّر من مدينة طرابلس في الشمال مهام سفير لبنان في ألمانيا منذ عام 2013، وشغل من قبل منصب مستشار لرئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي.
بعد تكليفه وتعهده في كلمة مقتضبة بإجراء إصلاحات وتشكيل الحكومة في «أسرع وقت ممكن»، اختار أديب أن يبدأ مهمته الصعبة من شارع الجميزة المتضرر بشدة جراء انفجار المرفأ المروّع.
وجال سيراً على الأقدام في الشارع متبادلاً أطراف الحديث مع السكان الذين بادر مجموعة منهم بالقول «نزلت مباشرة من فوق (القصر الرئاسي) إلى هنا حتى أقول لكم: يا إخوان أنا أريد ثقتكم». وردد مراراً على مسامع السكان والمتطوعين «الحمد لله على السلامة».
برز اسمه إلى التداول فجأة عشية الاستشارات النيابية، خلفاً لحسان دياب الذي استقالت حكومته تحت ضغط الشارع إثر انفجار المرفأ.
وأعلن بيان صدر عن أربعة رؤساء حكومة سابقين، بينهم سعد الحريري، ونجيب ميقاتي، ترشيحه، قبل أن تشير مصادر متطابقة إلى توافق عليه بين القوى السياسية الأبرز.
ولن تكون المرة الأولى التي يدخل فيها أديب الذي احتفل الأحد بعيد مولده، إلى السراي الحكومي؛ إذ عيّنه ميقاتي مديراً لمكتبه في رئاسة الحكومة عام 2011، بعدما عمل مستشاراً له بين عامي 2000 و2004، ثمّ عيّنه سفيراً من خارج الملاك في السلك الخارجي في وزارة الخارجية والمغتربين برتبة سفير.
وبحسب سيرة ذاتية منشورة على موقع سفارة لبنان في برلين، يحمل أديب دكتوراه في القانون والعلوم السياسية. بدأ مسيرته المهنية أستاذاً جامعياً في جامعات عدة في لبنان، وعمل أستاذاً متفرغاً في الجامعة اللبنانية منذ عام 2010، وفي فرنسا. وشارك في إعداد أبحاث أكاديمية وقدّم استشارات في مجالات عدة، بينها الرقابة البرلمانية على قطاع الأمن واللامركزية والقوانين الانتخابية.
وأديب متزوج من فرنسية ولديهما خمسة أولاد. وقال أحد معارفه في طرابلس، طالباً عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، «تتسم طباعه بالهدوء والسلاسة واللياقة والدبلوماسية»، مشيراً إلى أنه «ليس رجل مواجهة ولا يبدي مواقف حادة، إنما يتجنب المشاكل ويسعى لحلها دبلوماسياً من منطلق تعزيز علاقته مع مختلف الأطراف».
وقال محمد الدهيبي (40 عاماً) الذي كان أحد طلابه عندما درّس في كلية الحقوق في طرابلس في السنة الدراسية 2000 - 2001 «كان يبلغ نحو 28 عاماً، إذ جاء لتعليمنا فور إنهاء دراسته العليا في الجامعة اللبنانية نفسها»، مضيفاً «كان حينها أستاذاً خجولاً، ولو لم يكن يرتدي بزة رسمية لما كنا لنصدق أنه أستاذ جامعي».
على مواقع التواصل الاجتماعي، سارع مستخدمون إلى انتقاد تكليفه حتى قبل تعيينه رسمياً، معتبرين أنه «نسخة» أخرى عن رئيس الحكومة السابق حسان دياب الذي دخل الحكومة من بوابة الاختصاصيين وكبّلته القوى السياسية، ومن بينها تلك التي دعمت وصوله وعلى رأسها «حزب الله».
وكتب أحد مستخدمي «تويتر» باللغة الإنجليزية «دياب وأديب وجهان لعملة واحدة».
بينما انتقدت أخرى تسميته من القوى السياسية التي تتعرض للانتقاد، قائلة «ما يحدث اليوم وكل ما حدث سابقاً».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».