تخوف من تعرض ليبيا لـ«تغيير ديموغرافي» على يد قطر وتركيا

تدريب طلاب في الكليات العسكرية بالبلدين

قوات تابعة لحكومة «الوفاق» (أ.ف.ب)
قوات تابعة لحكومة «الوفاق» (أ.ف.ب)
TT

تخوف من تعرض ليبيا لـ«تغيير ديموغرافي» على يد قطر وتركيا

قوات تابعة لحكومة «الوفاق» (أ.ف.ب)
قوات تابعة لحكومة «الوفاق» (أ.ف.ب)

حذر سياسيون ليبيون من تعرض بلادهم لما أسموه بـ«مخطط تغيير ديمغرافي» على يد تركيا وقطر، بالإضافة إلى مخاوفهم من «تعبئة الطلاب صغار السن الذين يذهبون للتدريب في كليات البلدين، بأفكار مغلوطة عن واقع بلدهم السياسي». وجاءت هذه المخاوف على خلفية اتفاق عسكري بين سلطات طرابلس من جهة وأنقرة والدوحة من جهة ثانية يستهدف تدريب طلاب ليبيين في الكليات العسكرية بالبلدين.
وقالت فاطمة عمر كاريس، عضو مجلس النواب الليبي، لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك محاولة جديدة من تركيا لإكمال مخطط التغيير الديمغرافي في بلادنا، بدأتها قبل شهور عديدة باستقدام آلاف المرتزقة السوريين وبعض الجنسيات الأخرى إلى ليبيا، وها هي الآن تريد إفراغ البلاد من الشباب بزعم تدريبهم في أنقرة والدوحة، وكأنه لا توجد دولة أخرى محايدة يمكن اللجوء إليها لتدريب الطلبة الليبيين». وحذرت كاريس من تداعيات هذا الاتفاق، خصوصاً فيما وصفته بإمكانية «ترسيخ الفكر المتطرف في أذهان طلاب صغار السن نسبياً إلى جانب إحداث تغيير ديمغرافي في ليبيا».
وكان وكيل وزارة الدفاع في حكومة «الوفاق»، صلاح النمروش الذي أصبح وزيراً للدفاع، قد قال عقب محادثات للوفدين التركي والقطري في طرابلس مؤخراً إن «الاتفاق العسكري الجديد الهادف لتعزيز قدرات القوات العسكرية يتضمن إرسال مستشارين عسكريين إلى ليبيا، وإتاحة مقاعد لتدريب الطلبة الليبيين في كليات البلدين الشقيقين»، وهو الأمر الذي أثار مخاوف الليبيين من تأثير ذلك على وجدان جيل جديد من الطلاب الليبيين.
وأكدت كاريس، عضو لجنة الشباب في البرلمان الليبي، أن «هناك تخوفاً حقيقياً وواسعاً بين الليبيين من إمكانية ترسيخ الفكر المتشدد لدى هؤلاء الشباب خلال تواجدهم بهاتين الدولتين، لذا ننصحهم وأسرهم بعدم الانجرار وراء هذا المخطط الذي يهدف إلى تفتيت أمتنا... والجميع يعرف نتائج تدخل هذا الثنائي في دول عربية أخرى».
وفي السياق ذاته، استغرب سمير غطاس، عضو مجلس النواب المصري رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والسياسية، من الدفع بالطلاب الليبيين للتدريب في كليات وجامعات قطر، قائلاً «هذه الكليات لا تتمتع بأي سمعة أو تصنيف دولي متميز في مجال التدريب العسكري، مقارنة بتركيا التي تعد ثاني قوة عسكرية في حلف شمال الأطلسي الـ(ناتو).
وأضاف غطاس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قوله إن «هناك أوامر أميركية صدرت منذ فترة لحكومة الوفاق بضرورة تفكيك وتحويل الميلشيات المسلحة التابعة لها إلى جيش نظامي. وبالطبع أوكلت هذه المهمة لتركيا مع تمويل قطري». وأضاف «الدولتان بلا جدال ستعملان على تنفيذ أجندة خاصة بهما، إلى جانب تنفيذ تلك الأوامر الأميركية، إذ ستعمدان على تجنيد عناصر شابة ليبية يتم اختيارها بعناية للعمل مع أجهزة استخباراتهما، وهذا من شأنه تشكيل خطورة على ليبيا مستقبلاً».
ولفت غطاس إلى ما أسماه «الدور الكبير الذي لعبته الاستخبارات القطرية على مدى سنوات داخل ليبيا، وتحديداً منذ اندلاع الثورة ضد نظام القذافي». ورأى أنها «نجحت في استقطاب الشخصيات الإسلامية التي بزرت حين ذاك، وفي مقدمتها علي الصلابي وعبد الحكيم بلحاج الذي سلم كافة الملفات الخاصة بجهاز الاستخبارات الليبية لنظيرتها القطرية». ويتوقع غطاس «أن يكون الحديث عن مشاركة قطر في عملية التدريب جزءاً من التغطية على نشاطها الاستخباراتي، وكذلك لترضيتها عن ما سوف تقدمه من تمويل للمشروعات والمصالح التركية في ليبيا، وتحديداً بنائها للقواعد العسكرية في مصراتة».
في مقابل ذلك، رأت فيروز النعاس، الأمين العام لحزب الجبهة الوطنية، ومقره طرابلس، أن «هناك مبالغات كبيرة وغير منطقية تسود ما طرح من شبهات حول الاتفاق العسكري بين طرابلس وأنقرة والدوحة»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الطلاب الليبيين في تركيا أو قطر سيتلقون تدريباً عسكرياً وليس عقائدياً، مما يجهض أي حديث عن إمكانية تأثرهم بأي فكر متطرف».
وأضافت أن «ما يوحي بأن الاتهامات الموجهة لأنقرة بشأن وجود علاقات تربطها بتنظيمات متطرفة عبارة عن جزء من الحرب الإعلامية التي يثيرها المنافسون لها ممن عجزوا عن اللحاق بها في هذا المجال. وأي دولة تسعى لتكوين جيش أو لتعزيز قدراته ستستعين بدول لديها إمكانيات أفضل، عبر استقدام خبراء ينفذون برامج وخطط التدريب على أرضها أو إرسال الطلبة لبعثات ودورات تدريبية في الخارج».
وخلصت إلى أن أغلب دول العالم تتبادل الخبرات والتجارب سواء في العلوم العسكرية على مستوى القادة أو الجنود بهدف اكتساب مزيد من المهارات وتنمية القدرات، فضلاً عن أن «شراء صفقات الأسلحة والمعدات يرتبط أيضاً بدورات تدريبية لكيفية استخدام وصيانة ما يتم استيراده».



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.