الحكومة السودانية والحركات المسلحة توقعان اتفاق السلام اليوم

حمدوك اعتبره «إنجازاً كبيراً»

رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك لدى وصوله إلى جوبا
رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك لدى وصوله إلى جوبا
TT

الحكومة السودانية والحركات المسلحة توقعان اتفاق السلام اليوم

رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك لدى وصوله إلى جوبا
رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك لدى وصوله إلى جوبا

وقّع ممثلون للحكومة السودانية و«الجبهة الثورية»، التي تضم 4 حركات مسلّحة، أمس، بالأحرف الأولى اتفاقاً لإنهاء 17 عاماً من الحرب الأهلية.
ومن المقرر أن يتم التوقيع الرسمي للاتفاق، (اليوم) الاثنين، في جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان. وذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا)، أمس، أن ممثلين لمختلف الأطراف قاموا بتوقيع الأحرف الأولى من أسمائهم في جوبا على البروتوكولات الثمانية التي تشكل اتفاق السلام، وهي الأمن وقضية الأرض والحواكير والعدالة الانتقالية والتعويضات وجبر الضرر وبروتوكول تنمية قطاع الرحل والرعاة وقسمة الثروة وبروتوكول تقاسم السلطة وقضية النازحين واللاجئين.
ومن المتوقع أن يقوم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ورئيس جنوب السودان سلفا كير وكثير من الوفود الأجنبية بالتوقيع الرسمي مع الجبهة الثورية السودانية. ويضم هذا التحالف الحركات التي حاربت في دارفور (غرب) وفي ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق في الجنوب. وتوجه حمدوك إلى جوبا، أمس (الأحد)، على رأس وفد كبير يضم 5 وزراء، بحسب وكالة «سونا» للأنباء.
واستقبل كير في مكتبه في جوبا حمدوك، الذي اعتبر الاتفاق انجازا كبيرا, وناقشا القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمها توقيع اتفاق السلام. وقال حمدوك، في مؤتمر صحافي عقب اللقاء: «إننا سعيدون جداً، لنكون في وطننا الثاني، دولة جنوب السودان والتقينا مع فخامة الرئيس الفريق أول سلفا كير ميارديت، وكان لقاء مثمراً، وتناقشنا معه في قضايا كثيرة، على رأسها ما نصبو لتوقيعه غداً لاتفاق السلام كمرحلة أولى».
وأضاف: «عند توقيع إعلان جوبا في سبتمبر (أيلول) الماضي، توقع الجميع أن يتم الوصول إلى السلام خلال شهرين أو 3 أشهر»، متابعاً: «ذلك الإحساس نابع من حقيقة أن الطرف الحكومي لا يتفاوض مع طرف آخر مختلف، بل نتحاور مع قوى الكفاح المسلح، وهم جزء من هذه الثورة، لكن حين بدأنا مناقشة القضايا، اتضح لنا (...) أن هذه القضايا معقدة في مكان ما، لكن استطعنا أن ننجز هذا العمل الكبير في هذه الفترة، وهذا يشكل البداية لبناء السلام». وأورد: «سنعمل معاً مع فريق الوساطة وقيادة دولة جنوب السودان لتحقيق ما تبقى من أجندة».
ويرافق رئيس الوزراء وفد رفيع المستوى، يضم وزير شؤون مجلس الوزراء السفير عمر بشير مانيس، ووزير العدل نصر الدين عبد الباري، ووزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح، وهبة محمد علي وزيرة المال والتخطيط الاقتصادي المكلفة، والمهندس خيري عبد الرحمن وزير الطاقة والتعدين المكلف، والمدير العام لجهاز الاستخبارات العامة الفريق أول جمال عبد المجيد.
وبدأت مفاوضات السلام، وهي أولوية للحكومة السودانية الجديدة بعد سقوط عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019، في نوفمبر (تشرين الثاني) في جوبا. وينص الاتفاق على ضرورة تفكيك الحركات المسلحة وانضمام مقاتليها إلى الجيش النظامي الذي سيعاد تنظيمه ليكون ممثلاً لجميع مكونات الشعب السوداني. لكن مجموعتين لن توقعا الاتفاق، الاثنين، هما «حركة تحرير السودان» بزعامة عبد الواحد نور و«الحركة الشعبية لتحرير شمال السودان» بزعامة عبد العزيز الحلو. وقد انهارت اتفاقات سلام سابقة مثل اتفاق عام 2006 في أبوجا (نيجيريا) واتفاق العام 2010 في قطر.
وكان وفدا الحكومة والحركات المسلحة في مسار دارفور، وقّعا أول من أمس، على اتفاق الترتيبات الأمنية، آخر الملفات العالقة على طاولة التفاوض. واتفق الجانبان على تشكيل قوات مشتركة من الجيش والدعم السريع والشرطة ومقاتلي الحركة باسم «القوات الوطنية لحفظ السلام والأمن في دارفور». ونصّ الاتفاق على دمج وتسريح قوات الحركات المسلحة في مدة 39 شهراً، تمثل عمر الفترة الانتقالية التي تم التوافق على أن تبدأ بعد التوقيع على اتفاق السلام النهائي.
وأعلنت الوساطة أن رئيس حكومة الجنوب، سلفاكير ميادريت، سيخاطب حفل مراسيم التوقيع على اتفاق السلام بين الفرقاء السودانيين، معتبرة ما تم إنجازه خلال المرحلة الماضية حدثاً كبيراً ومهماً في تاريخ السودان، يكتمل بتوقيع اتفاق السلام النهائي والشامل بالعاصمة الخرطوم.
وضمّ وفد الحكومة السودانية وزراء العدل والإعلام والثقافة والمالية والطاقة والتعدين المكلف ومدير جهاز المخابرات العامة.
وشمل الاتفاق بين الحكومة وحاملي السلاح تقاسم السلطة في أجهزة ومؤسسات الحكم الانتقالي (مجلسي السيادة والوزراء)، بجانب مشاركتهم بنسبة 25 في المائة في المجلس التشريعي الذي لم يتشكل بعد.



اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
TT

اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

شهدت العاصمة السورية دمشق اجتماعاً رفيع المستوى بين رئيس الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، ورئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، الذي زارها على رأس وفد رفيع لبحث الملفات المشتركة، في أول تواصل رسمي بين البلدين، وأول زيارة لرئيس حكومة لبناني إلى سوريا منذ اندلاع الأزمة في عام 2011. وانتظر رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، انتخاب رئيس جديد للبنان قبل تلبية دعوة قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، لزيارة سوريا.

ميقاتي مغادراً بيروت (أ.ف.ب)

وعلى رأس وفد رسمي رفيع، وصل ميقاتي السبت إلى دمشق؛ حيث عقد مع الشرع مشاورات لحلحلة مجموعة من الملفات العالقة، خصوصاً بعد إشكالات واشتباكات حدودية بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين في الأسابيع الماضية، وكذلك بعد قرار الإدارة الجديدة في دمشق مطلع العام فرض قيود غير مسبوقة على اللبنانيين الذين يرغبون في الدخول إلى أراضيها، في إطار المعاملة بالمثل.

ملف النازحين

ووضع لبنان وسوريا خلال اللقاء هواجسهما على الطاولة. وقال ميقاتي خلال مؤتمر صحافي عقده مع الشرع: «تجمع بلدينا علاقات تاريخية وندية بين الشعبين، وسوريا هي البوابة الطبيعية للبنان إلى العالم العربي، وما دامت سوريا بخير فلبنان بخير».

وأضاف ميقاتي: «واجبنا أن نفعّل العلاقات على قاعدة الاحترام المتبادل، ومن الملح معالجة ملف النزوح وعودة النازحين إلى سوريا. هذا الملف يضغط بشكل كبير على لبنان برمته، ولمستُ تفهماً له، وتطرقنا إلى الوضع بين البلدين على الحدود لمنع أي أعمال تسيء إلى أمنيهما، وهذه الزيارة هي فاتحة خير، وما لمسته من السيد الشرع عن علاقة البلدين يجعلني مرتاحاً».

وعبّر ميقاتي عن ارتياحه لوضع سوريا، والعلاقات اللبنانية - السورية، مشدداً على أنه «على سلّم الأولويات الآن ترسيم الحدود مع سوريا، وهذا قد يأخذ بعض الوقت، ويجب ضبط الحدود ضبطاً كاملاً لوقف أي محاولة تهريب، وسنتعاون عبر تشكيل لجنة مشتركة لترسيم الحدود».

مصافحة بين الشرع وميقاتي على مرأى من أعضاء الوفدين (

التهريب والحدود

من جهته، قال الشرع: «نعطي فرصة لأنفسنا لنبني علاقات جدية قائمة على احترام البلدين وسيادة لبنان وسوريا التي ستقف على مسافة واحدة من الجميع، ونحاول أن نعالج كل المشكلات بالتفاصيل، وتحدثنا عن الودائع السورية في البنوك اللبنانية، والتهريب والحدود، واتفقنا على لجان مختصة تدرس الوضع». ولفت إلى أن «هناك كثيراً من الأمور العالقة، والملفات التي تحتاج إلى وقت لعلاجها، والأولوية الآن للوضع الداخلي وحصر السلاح بيد الدولة، وطمأنة الدول المجاورة، وعلى رأس ذلك موضوع الحدود».

وأضاف الشرع: «كان هناك شبه توافق في لبنان على الرئيس جوزيف عون، ونحن ندعم خيارات التوافق على صعيد الرئاسة وعلى أي صعيد»، مشيراً إلى أنه «ستكون هناك علاقات استراتيجية مع لبنان تُبنى على قواعد سليمة، ونبحث عن حلول هادئة لأي مشكلة».

وشارك في الاجتماع من الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ونائب المدير العام لأمن الدولة، العميد حسن شقير. وعن الجانب السوري شارك وزير الخارجية أسعد شيباني، ورئيس الاستخبارات أنس خطاب، ومدير مكتب الشرع علي كده.

عناق بين الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

عون في جو الزيارة

وأشار النائب في تكتل «الاعتدال الوطني» أحمد الخير إلى أن الزيارة تم بثها بعد الأحداث الأمنية التي شهدتها الحدود اللبنانية - السورية، وتُرك للرئيس ميقاتي تحديد توقيتها، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه فضّل حصولها بعد انتخاب رئيس للجمهورية لاستئذانه قبل الذهاب؛ لذلك فإن الرئيس عون في جو هذه الزيارة، ويُدرك تماماً أهميتها للبنان وسوريا على حد سواء.

واستغرب الخير حديث البعض عن أنه لا دولة في سوريا لإتمام هذه الزيارة، لافتاً إلى أن «المجتمعين العربي والدولي سارعا للانفتاح على سوريا الجديدة، واعترفا بالحكم الانتقالي هناك، فكيف، بالأحرى، نحن بصفتنا بلداً جاراً تجمعنا مصالح شتى»، وأضاف: «اليوم سوريا ولبنان عادا معاً إلى كنف الدولة والمؤسسات وإلى موقعيهما الطبيعي في الحضن العربي».