بقاء 3500 جندي أميركي في العراق يجدد الجدل حول الانسحاب

واشنطن أكدت نيتها خفض قواتها بمقدار الثلث خلال شهرين أو ثلاثة

مراسم تسليم القوات الأميركية قاعدة التاجي شمال بغداد إلى الجيش العراقي الأحد الماضي (إ.ب.أ)
مراسم تسليم القوات الأميركية قاعدة التاجي شمال بغداد إلى الجيش العراقي الأحد الماضي (إ.ب.أ)
TT

بقاء 3500 جندي أميركي في العراق يجدد الجدل حول الانسحاب

مراسم تسليم القوات الأميركية قاعدة التاجي شمال بغداد إلى الجيش العراقي الأحد الماضي (إ.ب.أ)
مراسم تسليم القوات الأميركية قاعدة التاجي شمال بغداد إلى الجيش العراقي الأحد الماضي (إ.ب.أ)

حسمت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جيسيكا ماك نولتي، الجدل بشأن ما تداولته الصحافة الأميركية مؤخراً بشأن البدء الفعلي لخفض القوات الأميركية في العراق، بعد تسليم الجيش الأميركي لموقع التاجي شمال غربي العاصمة العراقية بغداد. وفيما ربطت نولتي قرار الخفض «بالتقدم الذي تحقق في الحرب على (داعش)»، فإن الأمر لا يبدو كذلك، إن كان بالنسبة للمراقبين أو المعنيين في العراق.
وبالرغم من الإعلان في وسائل الإعلام الأميركية، قبل الإعلان الرسمي من قبل البنتاغون، عن بقاء 3500 جندي أميركي، فإن المتحدثة الرسمية باسم وزارة الدفاع قالت إنه «لم يتم تحديد رقم للتخفيض، بينما تمت الإشارة إلى أنه يتم تنسيق العملية مع بغداد».
بدورها، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي قوله، الجمعة، إنه يعتقد أن الولايات المتحدة ستخفض قواتها في العراق بنحو الثلث خلال الأشهر المقبلة. وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن الولايات المتحدة ستخفض وجودها في العراق إلى حوالي 3500 جندي في الشهرين أو الثلاثة أشهر المقبلة.
وفي بغداد ومثله في واشنطن، فإن الأمر في كل الأحوال يمثل انتصاراً لصانعيه. وفي هذا السياق يقول رئيس المجلس الاستشاري العراقي فرهاد علاء الدين، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قرار الانسحاب يعد بمثابة انتصار تعدد آباؤه مثله مثل أي انتصار»، مبيناً أن «الرئيس الأميركي دونالد ترمب سوف يعده انتصاراً له على أبواب حملته الانتخابية، حيث أوفى بوعده في سحب قواته». وأضاف علاء الدين أن «رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي يواجه ضغوطاً مختلفة في هذا المجال سيعده بمثابة نجاح له على صعيد المفاوضات التي أجراها في واشنطن مؤخراً، كما أن الفصائل المسلحة الرافضة للوجود الأميركي سوف تنظر للأمر على أنها هي التي أجبرت الأميركيين على الانسحاب».
من جهته، فإن الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يقول إنه «حتى الـ3500 الذين سيبقون، إنما هي محاولة امتصاص الاحتقان الحاد نتيجة الطلبات الملحة جداً، والضغط الكبير فيما يتعلق بسحب تلك القوات». وأضاف أبو رغيف أن «أمر الانسحاب الأميركي الكامل قد يتم في غضون السنتين المقبلتين، وليس السنوات الثلاث المقبلة، حيث إنها سوف تصبح فقط قواعد تمثيلية سوف تكون فيها مضادات اعتراضية ومطار واحد، مع الاحتفاظ بعديد الدبلوماسيين الكثيف والواسع في السفارة التي لا تزال تصنف أنها الأكبر في العالم».
وبشأن ما إذا كان بقاء هذا العدد سوف يقنع الجهات الرافضة للوجود الأميركي في العراق، يقول أبو رغيف إن «البعض قد يقتنع جزئياً، لأنه يؤمن بأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي»، موضحاً أن «كل التوقعات تشير إلى أنه في المستقبل لن يتجاوز عددهم الألف يقتصر وجودهم على الحماية فقط، مع الاحتفاظ بقاعدتي حرير وعين الأسد». وشدد أبو رغيف على أن «ذلك لا يعني أن الأمور سوف تسير بسلاسة بين مختلف الأطراف، لا سيما المطالبين بالانسحاب الكلي، حيث سيبقى ذلك مدعاة لمزيد من القلق والتأزيم معاً».
يأتي ذلك في وقت بدأت العديد من القيادات الشيعية، لا سيما ضمن «تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري، وبعض قيادات الفصائل المسلحة، بالضغط على الكاظمي لجهة ضبط الأوضاع الأمنية في المحافظات الجنوبية، لا سيما ذي قار والبصرة. وقال القيادي في تحالف «سائرون» رياض المسعودي، إن تحالفه حضر اجتماعين للقوى الشيعية مؤخراً مع رئيس الوزراء؛ عقد الأول في منزل العامري، فيما عقد الثاني في منزل نوري المالكي، زعيم ائتلاف «دولة القانون». وقال المسعودي إن «القوى السياسية الشيعية تابعت عن كثب أداء حكومة الكاظمي، وثبتت الأخطاء التي وقعت بها، ولذلك استشعرت بوجوب تحديد تلك الأخطاء، وتنبيه الكاظمي عليها»، مشيراً إلى أن «القوى السياسية الشيعية قررت الاستمرار بعقد مثل تلك اللقاءات باستمرار لغرض وضع الخطوط العريضة لمسار الحكومة». وأوضح أنه «تم إبلاغ الكاظمي بضرورة العمل على استتباب الاستقرار، خصوصاً في المحافظات الوسطى والجنوبية، وتوفير بيئة آمنة ومستقرة فيها، إضافة إلى ضرورة بناء علاقات متوازنة مع الجميع».
إلى ذلك، أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أن «جهاز مكافحة الإرهاب يحظى بثقة العراقيين لما حققه من بطولات ومآثر في الحرب ضد عصابات (داعش) الإرهابية». وقال الكاظمي، خلال زيارة له إلى مقر الجهاز ولقائه قائده الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، إن «جهاز مكافحة الإرهاب نال سمعة دولية أيضاً، ويجب العمل على تعزيز هذه السمعة، من خلال تواصل التدريب الحديث، وضرورة ترسيخ مبدأ العقيدة الوطنية في عمل الجهاز، وأيضاً باقي الأجهزة الأمنية».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.