على «فنجان قهوة».. فيروز تستقبل ماكرون الاثنين

صورة لفيروز تزين واجهة إحدى البنايات في بيروت (الشرق الأوسط)
صورة لفيروز تزين واجهة إحدى البنايات في بيروت (الشرق الأوسط)
TT

على «فنجان قهوة».. فيروز تستقبل ماكرون الاثنين

صورة لفيروز تزين واجهة إحدى البنايات في بيروت (الشرق الأوسط)
صورة لفيروز تزين واجهة إحدى البنايات في بيروت (الشرق الأوسط)

من بين ثلة سياسية متناحرة على كل شيء، اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن يبدأ زيارته إلى لبنان بالاجتماع برمز وطني يلتقي على اسمه اللبنانيون ولا يتفرقون وتجسده فيروز، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء.
وأدرج قصر الإليزيه اسم الفنانة اللبنانية في صدارة برنامج الرئيس الفرنسي خلال زيارته الثانية لبيروت خلال أقل من شهر، وكتب ماكرون في برنامجه عبارة: «موعد على فنجان قهوة مع فيروز في أنطلياس مساء الاثنين».
وسيعود ماكرون، يوم الاثنين، وعلى جدول أعماله برنامج مزدحم باللقاءات السياسية في محاولة لإخراج البلاد من المأزق السياسي، الذي يمنع تشكيل «حكومة مهمة» كان قد طرحها الإليزيه في ورقة وزعت على السياسيين اللبنانيين، واطلعت عليها «رويترز».
كانت حكومة حسان دياب قد قدمت استقالتها، في وقت سابق من هذا الشهر، عقب انفجار المرفأ الذي أودى بحياة 180 شخصاً على الأقل، ودمر أحياء بأكملها، وتسبب في تشريد 250 ألف شخص، وهدم مؤسسات تجارية، وأطاح بإمدادات الحبوب الأساسية.
كان الرئيس الفرنسي اختتم زيارة إلى بيروت في السابع من أغسطس (آب) الحالي، وكتب على «تويتر»، عبارة «بحبك يا لبنان»، وهي عنوان أغنية شهيرة لفيروز صاحبت اللبنانيين طيلة 15 عاماً من الحرب الأهلية.
وسيزور ماكرون الفنانة اللبنانية فور وصوله مساء الاثنين في منزلها في الرابية قرب أنطلياس بشمال بيروت بعيداً عن العدسات الإعلامية.
وتربط فيروز بالدولة الفرنسية علاقات صداقة متينة توطدت في عام 1975 عندما ظهرت للمرة الأولى على شاشة التلفزيون الفرنسي ضمن برنامج «سبيسيال ماتيو» الذي كانت تقدمه صديقتها الفنانة الفرنسية ميراي ماتيو، وقدمت هناك أغنية «حبيتك بالصيف».
واتخذت العلاقة شكلاً أعمق خلال الحرب اللبنانية، عندما أقامت فيروز حفلاً ضخماً في «الأولمبيا» بباريس عام 1979، وغنت «باريس يا زهرة الحرية»، ويقول المقطع الأخير من الأغنية: «يا فرنسا شو بقلن لأهلك عن وطني الجريح/ عن وطني اللي متوج بالخطر وبالريح/ قصتنا من أول الزمان/ بيتجرح لبنان بيتهدم لبنان/ بيقولوا مات وما بيموت/ وبيرجع من حجارو يعلي بيوت/ وتتزين صور وصيدا وبيروت».
ونالت فيروز أرفع الأوسمة الفرنسية، منها وسام قائد الفنون والآداب من الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران عام 1988، ووسام فارس جوقة الشرف من الرئيس الراحل جاك شيراك عام 1998.
ولم يصدر أي تعقيب من مكتب فيروز في لبنان، أو من ابنتها المخرجة ريما الرحباني.
وتفاعل عدد من الفنانين والإعلاميين مع الإعلان عن لقاء الرئيس الفرنسي بفيروز، واعتبر الفنان اللبناني ملحم زين، في اتصال مع «رويترز»، أن الرئيس الفرنسي «سوف يحصل على وسام الشرف من رتبة فيروز من خلال هذا اللقاء، لكون الاجتماع بها سوف يدوّنه في سجله ويتذكره الرأي العام أكثر من أي لقاء سياسي آخر».
وأضاف زين: «لا أعتقد أن هذه الفرصة التاريخية تتكرر لأحد، حتى لزعماء كبار، كلنا نعرف أن حكاية فيروز والأبواب المغلقة حكاية طويلة، وهذا سرها الذي أحببناه كما حبنا لفنها، طبعاً سنحسد ماكرون على هذه الفرصة، ونعتبر أنه اختار الطريق الصح، هو أراد أن يقول لنا هذا لبنان الذي نريد، على صورة فيروز الناصعة التي صنعت المجد».
ومن المقرر أن تستمر زيارة ماكرون إلى بيروت حتى يوم الثلاثاء، حيث سيزور الأحياء المنكوبة والمتضررة من جراء الانفجار، كما سيزرع شجرة أرز مع أطفال لبنانيين في غابة جاج في شمال شرقي بيروت.



مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)
مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)
TT

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)
مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

منذ انطلاقها عام 2020، وضعت مؤسّسة «فضاء لفنون المسرح العربي» هدفاً أساسياً لجمع كل المواد والمعلومات المتعلّقة بمسرحَي لبنان والعالم العربي، وتنظيم نقاشات وورشات عمل للوصول إلى مواد بحثية مؤرشفة ومُرقَّمة بمهنية عالية.

اليوم، في زمن الحرب، تُقدِم «فضاء» على خطوة جديدة تتمثَّل بأرشفة المسرح اللبناني في هذه المرحلة الصعبة. وضمن جولات فريقها على مراكز الإيواء، تُترجم هدفها.

يشير أحد أعضاء المؤسّسة والمُشرف على النشاطات، عوض عوض، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أنّ مهمّة الفريق تكمن في اختيار 10 مراكز إيواء يزورها بعنوان «حكاية بشنطة ومسرح بكل مطرح». ويتابع: «هذه الأرشفة الحيّة التي نريدها ركيزتها زياراتنا، وخلالها، نجتمع بالأولاد في المركز، فيتشكّل عمل مسرحيّ نقدّمه بموازاة نشاطات أخرى لإحداث التفاعل».

من المتوقَّع أن يُكمل الفريق جولاته على 10 مراكز إيواء (فضاء)

هدف هذه المبادرة بثّ التوعية عند الأولاد والتخفيف من همومهم جرّاء النزوح. ويضيف عوض: «نتوجّه مع كمية من الحقائب إلى تلك المراكز. لـ3 أيام متتالية، نقدّم عروضاً مسرحية مختلفة تتألّف من مسرح دمى وحكواتي وعرض لأحد المهرّجين من فريقنا. بعدها، نعقد نقاشاً حول المسرحية التي نقدّمها، يرتكز على التوعية العاطفية والنفسية. فيتعرّف الأولاد إلى الفرق بين الخوف والغضب، وبين الحزن والتوتّر، وما إلى هناك من مشاعر تغمرهم خلال الأزمة التي يعيشونها».

في نهاية العرض، تقدّم «فضاء» للأولاد حقيبة تحتوي على أقلام ودفاتر تلوين وقرطاسية، وعلى أدوات للعناية بصحّتهم، من بينها ما يتعلّق بسلامة الأسنان. وتوزّع لهم ألعاباً صغيرة ترسم الابتسامة على وجوههم. وإذ يأتي اختيار الشنطة هديةً للأولاد لتزويدهم بحسّ المسؤولية، يوضح عوض: «كذلك لأنها تُترجم علاقة شخصية يقيمونها معها».

العروض الفنّية تتواصل لـ3 أيام (فضاء)

مبادرات من هذا النوع، وفق عوض، تتطلّب ميزانية؛ «في كل مرّة استطعنا جمع التبرّعات اللازمة، نحسم أمرنا للتوجّه إلى مركز إيواء. هذه المراكز هي في الواقع مدارس فتحت أبوابها أمام النازحين. وبعد أن نحصي عدد الأولاد، نضع برنامجاً كاملاً لنشاطاتنا فيها».

تشمل النشاطات الأولادَ من عمر صفر حتى 18 عاماً؛ «الأطفال لا يستطيعون التفاعل معنا كما الكبار. لذلك نكتفي بتوزيع الحقائب عليهم، وفيها أدوات عناية صحّية وألعاب تناسب أعمارهم. ومن عمر 4 إلى 18 عاماً، نجمعهم في مكان المسرح ونتواصل معهم عبر عروض فنّية».

يروي عوض متأثراً حكايات صادفته في «المدرسة الإنجيلية» بمنطقة الحمراء: «ثمة مَشاهد حفرت في أذهان الفريق، تنمّ جميعها عن مدى فرحة الأولاد بتواصلنا معهم. قبل زيارتنا، كانوا يعيشون ما يشبه الوحدة. لا نشاطات يمارسونها للترفيه عن أنفسهم».

يُعطي مثالاً فتاة نزحت من الجنوب، فكتبت مونولوغاً عن الشجر الذي يحوط بمنزلها هناك: «من بين 10 أشجار، اختارت 9 لتتحدّث معها. سألناها عن السبب، فردَّت بأنّ الشجرة العاشرة لم يزرعها جدّها. لذلك فضّلت أن تتناول الشجر والعلاقة التي تربط جدّها بها».

بدورها، تأخذ مؤسِّسة ورئيسة «فضاء»، عليّة الخالدي، على عاتقها تنظيم هذه النشاطات. وبالشراكة مع مسرح «نور» في نيويورك، تُطلق النشاطات. بالنسبة إلى عوض عوض: «يكفي أننا رسمنا الابتسامة على وجوه هؤلاء الأولاد وشهدنا مدى حماستهم للتواصل معنا. فهم يكتبون قصصهم وحكاياتهم خلال فترة النزوح وقبلها. الأكبر سنّاً عبّروا بشكل أفضل عن هذه الفرصة. كتبوا قصصهم وطرحوا أسئلة وتناقشوا معنا».

يجول الفريق على مراكز الإيواء للالتقاء بالأولاد النازحين (فضاء)

يختصر أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها. إنهم أولاد يتمتّعون بالصلابة ويسعون إلى الأفضل».

يسهم عدد من أعضاء الفريق المتخصّصين بالفنون على أنواعها في النشاطات التي تقدّمها «فضاء». ويختم عوض عوض: «عرض الحكواتي الذي يتضمّن نوعاً من المعالجة النفسية تهتم بتنظيمه فاطمة فرحات. أما عرض المهرّج الترفيهي والتوعوي، فيعود إلى محسن العبدالله. يبقى العرض الذي يُقام في اليوم الثالث والأخير من برنامجنا الأسبوعي، فهو من كتابة آدون خوري وإخراجه بعنوان (أنا لمّا أكبر)».