تمام سلام يرفض ترؤس الحكومة بقرار {عدم التعامل مع العهد}

الرئيس الفرنسي ميّال لعودة الحريري

الرئيس السابق للحكومة تمام سلام (تويتر)
الرئيس السابق للحكومة تمام سلام (تويتر)
TT

تمام سلام يرفض ترؤس الحكومة بقرار {عدم التعامل مع العهد}

الرئيس السابق للحكومة تمام سلام (تويتر)
الرئيس السابق للحكومة تمام سلام (تويتر)

قال رئيس الحكومة السابق النائب تمام سلام إن موقفه واضح ولا لبس فيه بعدم التعامل مع هذا العهد لأنه لا سبيل للتفاهم معه ولا مع الذهنية والعقلية والأسلوب الذي اتبعه منذ وصوله إلى سدة رئاسة الجمهورية وإصراره على المكابرة بدلاً من أن يطلق إشارة يبدي فيها استعداده للقيام بمراجعة نقدية وجذرية للسياسات التي كانت وراء ارتفاع منسوب التأزُم في لبنان.
ونقل زوار الرئيس سلام، الذي كان في عداد النواب الذين لم يقترعوا لمصلحة انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، عنه قوله إن هذا العهد هو من أوصل البلد إلى طريق مسدود لأنه يتنكر لكل المساوئ والأخطاء التي عشناها وأوقع البلد فيها طوال السنوات الأربع من ولايته الرئاسية.
ولفت سلام بحسب زواره، إلى أن هذا العهد هو الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه اليوم من واقع مأساوي مأزوم أقحم البلد في مأزق وطني كبير.
وسأل سلام، كما نقل عنه زواره لـ«الشرق الأوسط»: كيف يمكن التعاون مع هذا العهد الذي يمعن في ابتداع أعراف غير مسبوقة في تاريخ لبنان تشكل خروجاً على الدستور وإضعافاً لاتفاق الطائف الذي اتفق عليه اللبنانيون بمبادرة كريمة من المملكة العربية السعودية ورأوا فيه المعبر الإلزامي لإنقاذ بلدهم بعد حرب مضنية ومدمرة وصراع مرير؟
كما سأل سلام أمام زواره: كيف يوفق هذا العهد بين تأييده لاتفاق الطائف والانقلاب عليه والخروج عن روحيته وتعطيله للحوار الوطني وتوفيره الغطاء السياسي للذين يخرقون سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الصراعات الدائرة في المنطقة؟ فهل يعلم أنه بموقفه هذا استحضر الويلات إلى البلد وأمعن في استعدائه للأشقاء العرب الذين لم يترددوا في توفير كل الدعم ومد يدهم لمساعدتنا في أوقات الشدائد التي مرت على بلدنا؟
واستغرب سلام إصرار هذا العهد على تعداد الإنجازات التي حققها، وسأل: أين كنا قبل انتخابه رئيساً وأين أصبحنا منذ اللحظة الأولى لانتخابه؟ وقال إنه يتحدث عن إنجازات وهمية من دون أن نصرف النظر عن الدور الذي لعبه صهره جبران باسيل في خلال فترة وجودي على رأس الحكومة وقبل انتخاب عمه رئيساً والذي يمكن اختصاره بالتعطيل وبافتعال صدامات مع حلفائه الذين كانوا يشكون منه باستمرار، وهذا ما أعاق تفعيل العمل الحكومي.
ورأى أن تعطيل باسيل للبلد اضطرني للقول بأن «تكتل الإصلاح والتغيير» تحول إلى تكتل للتعطيل والعرقلة، ولكن رغم كل هذه العوائق التي افتعلها فأنا لن أتوانى عن دعم كل جهد يُبذل لإنقاذ البلد، وإنما لست على استعداد للتعاون مع هذا العهد بوجودي على رأس الحكومة.
وفي هذا السياق، يؤكد سلام أمام زواره بأنه ليس معنياً بكل ما يجري التداول به حول طرح اسمه لتولي رئاسة الحكومة المقبلة، علماً بأن اسمه كان طُرح قبل تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب وبعد استقالتها لكنه باقٍ على موقفه من «العهد القوي».
ويتوجه سلام بحسب زواره لكل المخلصين من خارج لبنان الذين لم يترددوا في مد يد العون لإنقاذ البلد، ويخص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بهذا الشكر، وهذا ما يحصل الآن بعد أن أخذ هذا العهد البلد إلى إفلاس داخلي وإخفاق سياسي كبير ما أوصلنا لتحويل بلدنا إلى دولة فاشلة تتحكم فيها الصراعات السياسية والطائفية والمذهبية والفئوية.
واعتبر سلام أمام زواره: إننا أحوج ما نحن إليه في هذه الظروف الصعبة هو وجود رئيس عاقل ومنصف وعادل يجمع من حوله اللبنانيين ويوحدهم بدلاً من أن يفرقهم وينحاز لفريق ضد الآخر ويتخلى كما هو اليوم عن مهماته كمرجعية وطنية للجميع.
وعليه فإن سلام من وجهة نظره ليس في وارد التعاون مع عون لأنه خبر هذا العهد من موقعه كنائب بعد أن كان خبره من خلال باسيل أثناء توليه رئاسة الحكومة.
وقالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قبل طلب الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سعد الحريري سحب اسمه من التداول كمرشح لتكليفه برئاسة الحكومة، كان ميالاً لترشيحه ولا يزال، على قاعدة تشكيل حكومة تتضمن أسماء اختصاصيين، وتكون أقرب إلى الحكومة الحيادية لا تمثيل للأحزاب فيها، تحاكي الحراك ومطالبه، كما تستطيع أن تخاطب المجتمع الدولي ومطالبه بالإصلاحات المطلوبة والتغيير بهدف إنقاذ البلاد من أزماتها.
وتدور المباحثات حول ضرورة أن تكون الحكومة ملزمة ببرنامج عمل للاستفادة من الاهتمام الدولي لدعم لبنان، وألا يبقى محصوراً بالمساعدات الإنسانية إنما يدفع باتجاه وقف الانهيار المالي والاقتصادي وتلتزم الحكومة ببرنامج إصلاحي كامل.
وقالت المصادر إن بري، رغم عزوف الحريري، لا يزال مصراً عليه، ولا يزال يعده المرشح الأكثر ضرورة لأن وجوده عامل استقرار للبلاد، كما أن للحريري علاقات دولية يمكن توظيفها لإنقاذ لبنان، مشيرةً إلى أن «حزب الله» لا يعارض هذا التوجه بتاتاً.
وعلى خط الاتصالات والمباحثات، اجتمع رؤساء الحكومات السابقين بعيداً عن الإعلام عصر أمس، للتداول بالمستجدات المرتبطة بتحديد موعد للاستشارات النيابية، فيما يواصل النائب علي حسن خليل، بتكليف من بري، التواصل مع الأطراف لإنضاج توافق حول الرئيس المكلف.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الحريري أبلغ رؤساء الحكومات السابقين عزوفه الكامل عن قبول ترؤس الحكومة المقبلة، مشيرةً إلى أن المجتمعين اتفقوا على متابعة البحث في موضوع الحكومة، مشيرين إلى أن الأمر لا يرتبط بالأسماء بقدر ما يرتبط بالنهج الواجب اتباعه في المرحلة المقبلة، خصوصاً في ظل الأوضاع المالية والاقتصادية وتداعيات انفجار مرفأ بيروت، وهو ما من شأنه أن يشكِّل تحدياً حقيقياً لا يمكن معالجته بذات النهج القائم للسلطة الحاكمة.
وكشفت المصادر أنْ لا تسمية لرئيس مكلف من قِبل الحريري وحلفائه قبل منتصف ليل الأحد أو صباح الاثنين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.