عون يدعو لاستشارات لتسمية رئيس الحكومة عشية زيارة ماكرون

سرّع وتيرة الاتصالات بغرض التوصل إلى توافق حول هويته

الرئيس مستقبلاً السفير ناجي أبي عاصي أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس مستقبلاً السفير ناجي أبي عاصي أمس (دالاتي ونهرا)
TT

عون يدعو لاستشارات لتسمية رئيس الحكومة عشية زيارة ماكرون

الرئيس مستقبلاً السفير ناجي أبي عاصي أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس مستقبلاً السفير ناجي أبي عاصي أمس (دالاتي ونهرا)

حدد الرئيس اللبناني، ميشال عون، الاثنين المقبل موعداً للمشاورات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة، عشية زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى بيروت، وسط غموض لا يزال يكتنف الاسم الذي سترشحه القوى السياسية للموقع.
وكان عون يسعى لأن تكون الاستشارات اليوم (السبت)، لكن رئيس مجلس النواب، نبيه بري، تدخل لإجرائها الاثنين، بهدف منح الاتصالات مزيداً من الوقت للتوصل إلى قاسم مشترك بين الكتل النيابية لتسمية رئيس، وتأمين الحد الأدنى من التوافق على اسم الرئيس المقبل، بحسب ما قالته مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط».
وفي معلومات خاصة بـ«الشرق الأوسط»، دعا عون الكتل النيابية إلى الاستشارات، رغم الغموض على الاسم، كونه يريد أن يستبق بذلك زيارة ماكرون الذي يصل الثلاثاء إلى بيروت للمشاركة في احتفالات مئوية لبنان الكبير، ويضع حداً لملامة باريس له على التأخير في الاستشارات.
وتنظر قوى سياسية إلى المشاورات التي قام بها عون قبل الدعوة للاستشارات النيابية على أنها ناقصة، لأنها كانت ضيقة، وشملت فريقاً دون الآخر، إذ لم تجرِ مشاورات مع معارضيه، في إشارة إلى «تيار المستقبل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«القوات اللبنانية» و«تيار المردة»، وهي القوى التي تصر على أن ما انتهجه عون هو «تأليف قبل التكليف»، لذلك ترى المصادر أن المشاورات لم تتوصل إلى أي شيء، ووصلت إلى طريق مسدود. واللافت أن عون يبدأ المشاورات يوم الاثنين مع كتلة «المستقبل»، في طليعة الكتل النيابية التي سيستقبلها بدءاً من العاشرة صباحاً، بعد لقائه برؤساء الحكومة السابقين على التوالي نجيب ميقاتي وسعد الحريري وتمام سلام، ثم نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي.
ورأت مصادر سياسية واسعة الاطلاع أن وضع اسم كتلة «المستقبل» في البداية كي يسمي الحريري في البداية اسم مرشحه. وعليه، «إذا اقتنع عون بمرشح الحريري، فإنه سيقول لماكرون أنه تم المضي بمرشح الحريري، وإذا لم يقتنع به، فإنه سيسمي البديل الحاضر حكماً في ذهنه». أما إذا لم يسمِ الحريري مرشحاً من قبله «فإن عون سيقول لماكرون إن الحريري والقوى الأخرى تعطل تسمية رئيس للحكومة، وليس هو، بمعنى أنه سيرمي الكرة في ملعب الآخرين».
ورأت المصادر أن الرئيس عون «كان مربكاً بسبب الحملة السياسية التي تتصاعد ضده لأنه يريد أن تأتي الاستشارات معلبة، أي يريد معرفة الرئيس قبل موعد الاستشارات. أما الآن، فإنه يريد رمي الكرة في ملعب الآخرين الذين باتوا مربكين»، في وقت «ليست هناك بوادر تفاهم على مرشح، وهو ما دفع باتجاه تسارع الاتصالات بين الكتل النيابية نفسها، وبين الكتل مع كتل أخرى»، لافتة إلى أن هناك خلطاً للأوراق في المشاورات، مشددة على أن اتجاه عون إلى التأليف قبل التكليف، أي التفاهم على شكل الحكومة وتمثيلها قبل تكليف رئيس بها «هو موضع انتقاد خارجي وداخلي، وهناك ضغط فرنسي لإنجاز المشاورات، وتكليف رئيس جديد للحكومة».
وبغياب أي وضوح حول هوية الشخص الذي ستتم تسميته، قال رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي»، وليد جنبلاط: «بعد تأخير في الدعوة للاستشارات، خلافاً لـ(اتفاق) الطائف، وكأن بعض القوى السياسية تختبر مسبقاً دستوراً جديداً، وبعضها ينادي به جهارة، تحددت الاستشارات نهار الاثنين، حياءً كون الرئيس الفرنسي سيأتي الثلاثاء». وأضاف: «نعم، لبنان كما قال وزير الخارجية الفرنسية لودريان قابل للزوال، إذا لم يتم الحد الأدنى من الإصلاح، لذا لا يحق لأي جهة سياسية الاعتراض المسبق على أي تسمية، وكفى التهرب من الإصلاح، ابتداء من قطاع الكهرباء وخفاياه المتشعبة». وتابع: «أما الانتخابات وفق القانون الحالي فلا قيمة لها، كونها تجدد للطبقة الحاكمة نفسها. هذه نصيحة كون الإصلاح للبنان مثل المياه للسمك، إذا غابت مات السمك، ومات لبنان».
ومن جهته، أكد نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي «ضرورة الدعوة إلى الاستشارات النيابية في أسرع وقت»، مستغرباً «التفكير بغير حكومة لم شمل التي هي المدخل لأي إصلاحات»، وقال في حديث إذاعي إن «القرار السياسي هو من يصنع لم الشمل، ويجمع الناس، ويهدئ الوضع على الأرض». وإذ رأى أن «لبنان في أعلى درجات الخطورة، إذا لم نذهب إلى وضع البلد على سكة الاتفاق السياسي، وفقاً لإرادة المجتمع الدولي»، لفت إلى أن «أحداً لا يستطيع أن يتخلف عن الواجب الوطني في مثل هذا الظرف، والمهم الإرادة السياسية الجامعة لإحداث الإصلاحات المطلوبة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.