إدانات لـ«السلاح المتفلت» بعد اشتباكات بين «حزب الله» و«عرب خلدة»

معلومات عن توقيف 4 متورطين... والعشائر تشيع أحد الضحايا

عشائر عرب خلدة تشيع أحد الضحايا (رويترز)
عشائر عرب خلدة تشيع أحد الضحايا (رويترز)
TT

إدانات لـ«السلاح المتفلت» بعد اشتباكات بين «حزب الله» و«عرب خلدة»

عشائر عرب خلدة تشيع أحد الضحايا (رويترز)
عشائر عرب خلدة تشيع أحد الضحايا (رويترز)

سيطر الهدوء الحذر على منطقة خلدة (جنوب بيروت)، أمس (الجمعة)، وسط انتشار للجيش بعد ليلة تخللتها اشتباكات مسلحة، ما أدى إلى مقتل شخصين، وإصابة آخرين بجروح، مساء أول من أمس، وسط إدانات واسعة للسلاح المتفلت في مختلف الأراضي اللبنانية. وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، في بيان صادر عن مديرية التوجيه، أنه «إثر وقوع إشكال في منطقة خلدة، قرب سوبر ماركت رمال، بين أشخاص من عرب خلدة وعدد من سكان المنطقة، على خلفية رفع راية لمناسبة عاشوراء، ما لبث أن تطور إلى إطلاق نار من أسلحة رشاشة وقذائف (آر بي جي)، ما أدى إلى سقوط قتيلين وعدد من الجرحى، تدخلت وحدات الجيش الموجودة في المنطقة لضبط الوضع، وإعادة الهدوء. كما تم اتخاذ إجراءات أمنية مكثفة، واستقدام تعزيزات عسكرية، وتسيير دوريات مؤللة».
وتحدثت معلومات عن أن الإشكال اندلع بين عائلات من عرب خلدة وشبان مناصرين لـ«حزب الله» في أثناء تعليق صور للمسؤول في «حزب الله» سليم عياش، المدان بتدبير عملية اغتيال الرئيس الأسبق للحكومة رفيق الحريري ورفاقه عام 2005 في المنطقة، الأمر الذي تطور إلى إشكال وتبادل لإطلاق النار، إذ انتشرت مقاطع فيديو تظهر أشخاصاً يطلقون النار من أسلحة رشاشة وفردية.
وعلى خلفية الإشكال، أوقف الجيش 4 أشخاص، بينهم اثنان من الجنسية السورية. وقالت قيادة الجيش إنه «تجري ملاحقة باقي المتورطين في الإشكال لتوقيفهم».
وشيعت عشائر عرب خلدة، أمس، أحد الضحايا، وتم تناقل صور لإطلاق نار في أثناء التشييع استهدف مركزاً تجارياً. وقالت العشائر، في بيان، إن «عناصر من (حزب الله) ارتكبت مجزرة آثمة في حق مجموعة من شباب عرب خلدة، وذلك بإطلاق النار عليهم في أثناء تجمعهم في حيهم (حي العرب)، ما أدى إلى استشهاد شابين وجرح عدد آخر، ودفع بشباب العشائر العربية مكرهين إلى الدفاع عن كرامتهم، ورد هذا الاعتداء عنهم».
وأكدت أنها «كانت ولا تزال وستبقى متجذرة في خلدة وفي كل لبنان منذ مئات السنين، فإنها في الوقت ذاته تعد نفسها مكوناً أساسياً في المجتمع اللبناني، وداعماً تاريخياً لدولة القانون والمؤسسات والجيش اللبناني، وهذا ما يفسر حرصها الدائم على السلم الأهلي في لبنان، ما دام أن الأمر لا ينتقص من كرامتها».
واستنكرت «هذا الاعتداء الذي أصابها على أيدي الظلاميين»، واضعة «هذا الحادث في عهدة الجيش والقضاء»، طالبة «توقيف المرتكبين القتلة المعروفين بالاسم من القاصي والداني. وعليه، سوف يكون للحديث صلة».
وإثر اندلاع الاشتباك الذي قطع على أثره الطريق الدولي الذي يربط الجنوب بالعاصمة، قال رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي»، وليد جنبلاط: «طريق الجنوب وأمن المواطنين في منطقة خلدة والجوار فوق كل اعتبار، وممنوع على أي جهة حزبية أو سياسية أو مذهبية العبث بالطريق والمنطقة التي هي للجميع».
وتابعت قيادة «تيار المستقبل» تطورات الحوادث الأمنية الخطيرة في منطقة خلدة التي أدت إلى سقوط عدد من الضحايا في صفوف الأهالي، وانتشار حالة من الفوضى وقطع الطرقات والاستنفارات المسلحة «نتيجة السلاح المتفلت، والاستفزازات التي لا طائل منها»، بحسب ما قالت في بيان، مشيرة إلى أنها أجرت اتصالاتها مع قيادة الجيش والقوى الأمنية المعنية «للضرب بيد من حديد، واتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بإعادة الأمن والأمان إلى المنطقة، وتوقيف المعتدين على أهلها، كائناً من كانوا».
وناشدت القيادة «الأهل في عشائر العرب في خلدة، وفي كل المناطق اللبنانية، الاستجابة لتوجيهات الرئيس سعد الحريري، بالتزام أقصى درجات ضبط النفس، والعمل على تهدئة الأمور، والتعاون مع الجيش والقوى الأمنية لضبط الأمن، وتفويت الفرصة على كل العابثين بأمن اللبنانيين وسلامهم، وعدم الانجرار وراء الساعين إلى ضرب السلم الأهلي من خلال افتعال الإشكالات الأمني».
ولم يكن التوتر في خلدة الوحيد في المشهد الأمني الذي يتدهور نتيجة انتشار السلاح المتفلت، فقد تطور إشكال فردي بين شبان في منطقة جرد القيطع في عكار في شمال لبنان إلى إطلاق نار. وأفيد بإصابة أحد الأشخاص، تم نقله إلى مستشفى الحبتور في بلدة حرار للمعالجة. كما أصابت طلقات نارية طائشة سيارة في مركز الصليب الأحمر القريب من موقع حصول الحادثة، بحسب ما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية.
وتطور كذلك إشكال فردي في حي الشراونة في بعلبك (شرق لبنان)، ليل الخميس، إلى إطلاق نار كثيف وقذائف صاروخية، وعمل الجيش على ملاحقة مطلقي النار.
وأدان مفتي بعلبك الهرمل، الشيخ خالد الصلح، في خطبة الجمعة، أمس «الفتنة المتنقلة والسلاح المتفلت في لبنان الذي أصاب فيها أبرياء، جريمتهم أنهم في بيوتهم وأعمالهم»، ورأى أن «الأحداث المتنقلة بين المناطق، وآخرها خلدة، والأحداث اليومية المتكررة في بعلبك، تدفع البلد باتجاه فتنة لن ينجو منها أحد، وأن السلاح المتفلت الذي يروع الآمنين في مناطقهم يهدم البلد، ويسقط هيبة الدولة»، مشدداً على «ضرورة الوقوف خلف الجيش والقوى الأمنية لوضع حد لهذه الجرائم المتنقلة، وعدم رمي المسؤولية عليهم وحدهم، لأن المسؤولية تقع على الحامين لهذا التفلت».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».