تحقيق في أملاك عائلة قائد الجيش الجزائري السابق

احتجاجات في العاصمة الجزائر الأحد الماضي للمطالبة بإطلاق معتقلي الرأي (أ.ف.ب)
احتجاجات في العاصمة الجزائر الأحد الماضي للمطالبة بإطلاق معتقلي الرأي (أ.ف.ب)
TT

تحقيق في أملاك عائلة قائد الجيش الجزائري السابق

احتجاجات في العاصمة الجزائر الأحد الماضي للمطالبة بإطلاق معتقلي الرأي (أ.ف.ب)
احتجاجات في العاصمة الجزائر الأحد الماضي للمطالبة بإطلاق معتقلي الرأي (أ.ف.ب)

أطلقت مصالح الأمن الجزائرية تحقيقات واسعة، تخص أملاك واستثمارات عائلة رئيس أركان الجيش السابق، الفريق أحمد قايد صالح الذي توفي نهاية العام الماضي. وتم ذلك بعد عزل مسؤولين عسكريين ومدنيين، وملاحقة آخرين قضائيا كانوا تابعين له خلال فترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019).
وكانت صحيفة «الوطن» نشرت أول من أمس، أن القضاء أصدر قرارا بمنع نجلي قايد صالح، عادل وبومدين، من السفر إلى الخارج وأنهما أصبحا بذلك عرضة للمتابعة القضائية، مرتبطة بأملاك وعقارات وشركات وامتيازات كبيرة حصلت عليها العائلة خلال الفترة التي كان فيها قايد صالح ركيزة النظام في البلاد، والقائد الأوحد للجيش.
وأكد مصدر قضائي أن النيابة وضعت عدة أشخاص من عائلة قايد صالح، على لائحة الممنوعين من السفر لوجود شبهات فساد حولهم. وأوضح المصدر نفسه أن قرار بدء التحري بخصوص العائلة اتخذ في إطار استجواب كاتبه الخاص قرميط بونويرة، الذي سلَمته السلطات التركية للجزائر مطلع الشهر الحالي. ويعد قرميط كاتم أسرار قايد صالح، وقد غادر البلاد بعد أسابيع قليلة من وفاته في 23 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وشمل التحقيق أملاكا للعائلة منتشرة بكثافة في عنابة، وهي كبرى مدن شرق البلاد، منها مبان إدارية وعمارات مؤجرة، وصحيفة يسيرها عادل أحمد قايد، تم منذ شهرين قطع الإعلانات الحكومية عنها، وذلك بقرار سياسي، ما أدى إلى توقفها عن الصدور. وذكر المصدر القضائي أن «شبهة ثراء غير مشروع ظهرت بشكل جلي، عندما أرسلت زوجة المرحوم أحمد قايد، شاحنات محملة بالأغذية إلى ولاية البليدة (جنوب العاصمة) عندما عزلتها السلطات في فبراير (شباط) الماضي عن باقي المناطق، على إثر تفشي وباء كورونا بها».
وكانت عقيلة الضابط النافذ في الحكم سابقا، أعلنت أنها أرسلت 20 شاحنة كبيرة إلى البليدة تحمل أطنانا من المنتجات الغذائية، تضامنا مع سكانها وتساءل مراقبون حينها عن مصدر ثروة قايد صالح، الذي قضى 60 سنة من عمره، كعسكري يتقاضى أجرا شهريا من وزارة الدفاع.
وبعد فترة قصيرة من وفاته بسكتة قلبية، أطلقت قيادة الجيش الجديدة حملة ضد المحسوبين عليه بالمؤسسة العسكرية والمخابرات، أسفرت عن عزل مدير الأمن الداخلي واسيني بوعزة ثم سجنه، كما تم عزل قادة «نواح عسكرية» كان وضعهم في مناصب حساسة. وأنهيت أيضا مهام مسؤولين حكوميين وقضاة محسوبين عليه. واستغرب ملاحظون ما سمي في الإعلام «حملة محو آثار قايد صالح»، على اعتبار أن الرئيس عبد المجيد تبون وافق عليها، أو على الأقل لم يعترض عليها، رغم أن الفضل في وصوله إلى الحكم يعود إلى قايد صالح. فهو الذي ضغط على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ليتنحى في 2 أبريل (نيسان) 2019. وهو من فرض انتخابات الرئاسة رغم رفضها من طرف الحراك الشعبي، ولاحت قبل إجرائها مؤشرات قوية على أنه كان يدعم المترشح عبد المجيد تبون.
وفي سياق ذي صلة، غادر الجنرال عبد القادر آيت وعرابي الشهير بـ«حسان»، مسؤول مكافحة الإرهاب بالمخابرات العسكرية سابقا، السجن أول من أمس، بعدما أنهى عقوبة 5 سنوات سجنا بتهمتي «مخالفة أوامر القيادة العسكرية» و«إتلاف وثائق عسكرية مهمة». وكان آيت وعرابي من أشد المقربين لمدير المخابرات سابقا، الفريق محمد مدين الذي دانه القضاء العسكري العام الماضي، بـ15 سنة سجنا، بتهمتي «التآمر على سلطة الدولة» و«التآمر على الجيش».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.