مرفأ بيروت يستعيد نشاطه التجاري... وكندا تشارك في التحقيقات

مرفأ بيروت قبل زلزال الانفجار (الوكالة المركزية)
مرفأ بيروت قبل زلزال الانفجار (الوكالة المركزية)
TT

مرفأ بيروت يستعيد نشاطه التجاري... وكندا تشارك في التحقيقات

مرفأ بيروت قبل زلزال الانفجار (الوكالة المركزية)
مرفأ بيروت قبل زلزال الانفجار (الوكالة المركزية)

استعاد مرفأ بيروت نشاطه التجاري، بعد التفجير الكبير الذي تسبب في أضرار واسعة فيه، بموازاة استمرار التحقيقات بمشاركة دولية، وقد انضمت إليها كندا أمس (الخميس).
وقال المدير العام لإدارة واستثمار مرفأ بيروت باسم القيسي، إن «المرفأ انطلق بكامل طاقاته شحناً وتفريغاً مائة في المائة، والعمليات تتم بصورة عادية، وتشمل كل المجالات، مستوعبات وبضائع مختلفة».
وخلال اجتماع حضره ممثلون عن الجيش الفرنسي الموجود في المرفأ؛ عرض الجيش الفرنسي النتائج العملية التي توصل إليها من خلال العمليات الميدانية في المرفأ، وأشار إلى أنهم «استقدموا شركة فرنسية لسحب الركام والبواخر الغارقة بالتعاون مع الجيش اللبناني؛ لأن المياه هي لبنانية، والتنسيق ضروري لتنظيف الأحواض بالسرعة اللازمة لتُستخدم في استقبال السفن على الأرصفة الأخرى، بدل التي حصل فيها الانفجار».
وأوضح أن «الروتين الإداري يؤثر على العمل؛ لكننا استدعينا أصحاب البواخر الغارقة وشركات التأمين في مهلة أقصاها 24 ساعة، حتى نتمكن من سحب كل الركام بالسرعة المطلوبة، وأعتقد أن مدة أسبوعين كافية لإنهاء هذه الأعمال».
في غضون ذلك، رحب لبنان أمس بالمساعدة التي أعلنت كندا عزمها تقديمها في التحقيقات الجارية حول انفجار المرفأ. وقال الرئيس اللبناني ميشال عون خلال استقباله وزير خارجية كندا فرنسوا فيليب شامباين: «نرحب بالمساعدة التي تنوي كندا تقديمها في التحقيقات الجارية والمستمرة في الانفجار بمرفأ بيروت».
وجاء ترحيب عون بعد إعلان شامباين من بيروت أن بلاده «تود المساهمة في التحقيق» الذي تجريه السلطات في الانفجار، مشدداً على ضرورة إجراء «تحقيق ذي صدقية» لتحديد الأسباب التي أدت إلى هذه الفاجعة. وتجري السلطات اللبنانية التي رفضت إجراء تحقيق دولي، تحقيقاتها حول الانفجار المروع بمشاركة محققين فرنسيين وآخرين من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي.
وأصدر المحقق العدلي القاضي فادي صوان حتى الآن مذكرات توقيف وجاهية بحق 16 شخصاً، بينهم رئيس مجلس إدارة المرفأ ومديره حسن قريطم، والمدير العام للجمارك بدري ضاهر، على أن يبدأ الأسبوع المقبل استجواب ستة مدعى عليهم غير موقوفين، بينهم مدير عام النقل البري والبحري، وأربعة من كبار الضباط التابعين للأجهزة الأمنية المسؤولة عن أمن المرفأ.
وشدد الوزير الكندي الذي تفقد الخميس غداة وصوله إلى بيروت المرفأ وسير العمليات الإغاثية في الأحياء المتضررة وفوج إطفاء بيروت، على أهمية إجراء «الإصلاحات الاقتصادية والسياسية الضرورية من أجل تحقيق انتعاش مستدام».
وعبر الوزير شامباين عن «تضامن الكنديين مع الشعب اللبناني الصديق في المحنة التي ألمت به»، واضعاً إمكانات بلده «في تصرف لبنان للمساعدة في إزالة آثار الانفجار، والمساهمة في ترميم المناطق المتضررة، وفي التحقيق الذي تجريه السلطات اللبنانية». وأوضح أن بلاده التي أرسلت مساعدات فورية إلى لبنان: «رفعت قيمة هذه المساعدات إلى 30 مليون دولار، وهي جاهزة لتقديم المزيد إذا اقتضت الحاجة».
ونوه شامباين بـ«الدور الذي يلعبه أبناء الجالية اللبنانية في كندا، والذين وقفوا إلى جانب إخوتهم في لبنان وساهموا في تقديم المساعدات».
وعن أكثر الإصلاحات إلحاحاً المطلوبة من لبنان، قال: «إن أبرز إصلاح مطلوب يقوم على اعتماد مبدأ المحاسبة، وطبيعي أن يمر ذلك عبر إصلاح المؤسسات، كما يعود إلى شابات لبنان وشبابه أن يحددوا أي نوع من المجتمع يريدون العيش في ظله. وما تقدمت به إلى فخامة الرئيس هو وضع الخبرات الكندية المؤسساتية من قضائية وغيرها في تصرف لبنان. وهذا الصباح عرضنا على سبيل المثال في وزارة الخارجية مسألة تنشئة الجيل الجديد من الدبلوماسيين. وهذا مثال واضح؛ حيث باستطاعة كندا أن تحدث فرقاً. وحين يتم اعتماد برنامج صندوق النقد الدولي وإطلاق عملية الإصلاح، فإن باستطاعة كندا أن تقدم كل المساعدة التقنية لتحقيق ذلك».
وأكد: «إننا نضع أنفسنا في سياق إحداث هذا التغيير. والجميع يؤمن بأن المساعدة الدولية يجب أن تترافق بإصلاحات جدية. وأنا أشعر بإرادة صلبة في الدخول إلى هذه الإصلاحات. وهنا يمكن لكندا أن تحدث إلى جانب الشعب اللبناني كافة الفرق المنشود».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».