الميليشيات تفض مظاهرات طرابلس بالقوة... وباشاغا يتبرأ

«الجيش الوطني» ينفي استهداف تمركزاتها في سرت بالصواريخ

جانب من مظاهرات طرابلس الثلاثاء الماضي (رويترز)
جانب من مظاهرات طرابلس الثلاثاء الماضي (رويترز)
TT

الميليشيات تفض مظاهرات طرابلس بالقوة... وباشاغا يتبرأ

جانب من مظاهرات طرابلس الثلاثاء الماضي (رويترز)
جانب من مظاهرات طرابلس الثلاثاء الماضي (رويترز)

استعادت الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة «الوفاق» الليبية برئاسة فائز السراج، السيطرة على ساحة المظاهرات في ميدان الشهداء بوسط العاصمة طرابلس، بعد فضها بالقوة، تزامناً مع تهديد جديد بشن هجوم على مدينة سرت «لتخليصها» من «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر الذي اتهمته أيضاً، أمس، بإطلاق صواريخ على مواقعها في المدينة؛ لكن المتحدث باسمه اللواء أحمد المسماري نفى ذلك.
وأعادت قوات «الوفاق» المشاركة فيما يعرف باسم «عملية بركان الغضب» نشر عناصرها داخل طرابلس وضواحيها، وأقامت سلسلة بوابات أمنية ونقاط تفتيش على الطرق الرئيسية والفرعية، وهددت بـ«التعامل بكل حزم وقوة مع المجرمين والخارجين على القانون»، بعد نحو أسبوع متواصل من المظاهرات ضد «الوفاق».
وعرضت وسائل إعلام محلية موالية لـ«الوفاق» تصريحات لقادة ميدانيين لميليشيات قالوا خلالها إن تدخلهم كان بهدف «منع أعمال التخريب والفوضى التي قامت بها عناصر موالية» لـ«الجيش الوطني».
واستبقت ميليشيات «الوفاق» دعوات لمظاهرة «مليونية الغضب ضد الفساد»، اليوم، بانتشار مكثف لعناصرها التي باتت تحاصر ميدان الشهداء وكل الطرق المؤدية إليه.
وتحدى المتظاهرون قرار السراج بفرض حظر تجول كامل لمدة أربعة أيام اعتباراً من أمس، يليه تخفيف جزئي لمدة عشرة أيام، وفرض حظر كلي يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع. وأعلنوا في بيان استمرار المظاهرات، وطالبوا بعثة الأمم المتحدة بفتح تحقيق فوري في أحداث قمعها، بعدما نددوا بفض الميليشيات الاحتجاجات بالقوة بعد محاصرتها.
وأظهرت لقطات مصورة أكدتها روايات لشهود عيان، إطلاق نار كثيف في ساحة التظاهر بميدان الشهداء والشوارع المحاذية له بوسط طرابلس، بعد تطويق المتظاهرين من قبل مجموعات مسلحة موالية لحكومة فائز السراج، وتخلي دوريات الداخلية عن تمركزاتها، بينما تحدث سكان عن دوي إطلاق نار متقطع من أسلحة رشاشة في منطقة صلاح الدين جنوب طرابلس. وقال محتجون إن أحدهم أصيب خلال فض المظاهرات؛ لكن الناطق باسم وزارة الصحة في حكومة «الوفاق» نفى سقوط مصابين.
بدوره، قال السراج عقب اجتماع للمجلس الرئاسي لحكومته، مساء أول من أمس، خُصص لبحث الوضع الأمني، إنه «تم التنسيق مع مكتب النائب العام للإفراج عن كل من لم يتورط في أعمال تخريب للممتلكات العامة والخاصة، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للتحقيق في أي تجاوزات وقعت ضد المتظاهرين وأي إصابات نتجت عن ذلك».
وهدد وزير الداخلية في حكومة «الوفاق» فتحي باشاغا باستخدام القوة «لضبط الأمن وحماية المتظاهرين» في طرابلس. واعترف في بيان، أمس، بواقعة الاعتداء على متظاهرين من قبل مجموعة مسلحة، وإطلاق الأعيرة النارية بشكل عشوائي، واستخدام الرشاشات والمدافع وخطف بعض المتظاهرين وإخفائهم قسراً.
وقال باشاغا إنه «يعلم تبعية المجموعات المسلحة التي هاجمت المتظاهرين والجهات الرسمية المسؤولة عنها»، مؤكداً استعداد وزارة الداخلية «لحماية العزل في طرابلس من بطش مجموعة من الغوغائيين الذين لا يمثلون عملية (بركان الغضب) لقوات (الوفاق) ولا يحترمون دماء وأعراض المتظاهرين السلميين». واتهم هذه المجموعات المسلحة التي لم يحددها، بـ«البطش بالمتظاهرين، وترويع الآمنين، وبث الرعب في طرابلس». وهدد آمر الغرفة العسكرية المشتركة التابعة لحكومة «الوفاق» أسامة جويلي، بالتعامل مع مظاهرات طرابلس، ووصف المشاركين فيها بـ«الغوغائيين»، وتوعد في بيان مساء أول من أمس، بـ«وضعهم تحت طائلة القانون».
ووزع الناطق باسم «الجيش الوطني» اللواء أحمد المسماري لقطات لقمع ميليشيات «الوفاق» للمتظاهرين والرماية عليهم بالذخيرة الحية: «وترهيب أبناء طرابلس، لمنعهم من المطالبة بحقوقهم المشروعة».
وعلى الرغم من أن المسماري كشف عن إقامة قوات الجيش خطوطاً دفاعية في سرت والجفرة ومناطق أخرى عدة، فإنه أكد قدرتها على نقل المعركة من دفاعية إلى هجومية في أي لحظة. وقدَّر عدد العسكريين الأتراك في صفوف «الوفاق» بنحو 3 آلاف.
في المقابل، اتهمت قوات السراج «الجيش الوطني» بإطلاق 12 صاروخاً، مساء أول من أمس، باتجاه مواقع تمركزاتها غرب سرت، فيما وصفه المتحدث باسمها محمد قنونو، بـ«خرق متوقع لإعلان وقف إطلاق النار في محور سرت»، موضحاً في بيان، أمس، أن «قيادة العمليات في انتظار تعليمات السراج للتعامل والرد على مصادر النيران في المكان والزمان المناسبين».
وفى تهديد مبطن بتحريك قوات إلى مدينة سرت، أعلنت حكومة «الوفاق» أنها «لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء الانتهاكات والجرائم» التي قالت إن «الجيش الوطني» ارتكبها في مدينة سرت، معربة عن «قلقها من تقارير واردة من المدينة توثق لحصول اعتداءات على سكان المدينة، واعتقالات، وتصفية للمدنيين».
ونفى «الجيش الوطني» قيام وحداته باستهداف الميليشيات بالمدفعية في منطقة العمليات غرب سرت، مؤكداً التزامه وقف النار. واعتبر المسماري في بيان، مساء أمس، أن «غاية الميليشيات من نشر هذه الأخبار الكاذبة تبرير ما ستقوم به من عمليات عدائية ضد قوات الجيش، للتغطية على المظاهرات الشعبية الرافضة لاستمرار حكومة السراج والغزو التركي ومرتزقته والميليشيات الإجرامية التي تسيطر على العاصمة».
إلى ذلك، قال السراج إن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، جدد في اتصال هاتفي معه مساء أول من أمس، دعمه لحكومة «الوفاق». وأكد «وقوف الجزائر إلى جانب الشعب الليبي». وطبقاً لبيان وزعه السراج، فقد ثمَّن تبون «ما تضمنته البيانات التي صدرت، والتي تؤكد على الحل السياسي للأزمة الليبية، وعلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في أسرع وقت ممكن».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.