استعادت الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة «الوفاق» الليبية برئاسة فائز السراج، السيطرة على ساحة المظاهرات في ميدان الشهداء بوسط العاصمة طرابلس، بعد فضها بالقوة، تزامناً مع تهديد جديد بشن هجوم على مدينة سرت «لتخليصها» من «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر الذي اتهمته أيضاً، أمس، بإطلاق صواريخ على مواقعها في المدينة؛ لكن المتحدث باسمه اللواء أحمد المسماري نفى ذلك.
وأعادت قوات «الوفاق» المشاركة فيما يعرف باسم «عملية بركان الغضب» نشر عناصرها داخل طرابلس وضواحيها، وأقامت سلسلة بوابات أمنية ونقاط تفتيش على الطرق الرئيسية والفرعية، وهددت بـ«التعامل بكل حزم وقوة مع المجرمين والخارجين على القانون»، بعد نحو أسبوع متواصل من المظاهرات ضد «الوفاق».
وعرضت وسائل إعلام محلية موالية لـ«الوفاق» تصريحات لقادة ميدانيين لميليشيات قالوا خلالها إن تدخلهم كان بهدف «منع أعمال التخريب والفوضى التي قامت بها عناصر موالية» لـ«الجيش الوطني».
واستبقت ميليشيات «الوفاق» دعوات لمظاهرة «مليونية الغضب ضد الفساد»، اليوم، بانتشار مكثف لعناصرها التي باتت تحاصر ميدان الشهداء وكل الطرق المؤدية إليه.
وتحدى المتظاهرون قرار السراج بفرض حظر تجول كامل لمدة أربعة أيام اعتباراً من أمس، يليه تخفيف جزئي لمدة عشرة أيام، وفرض حظر كلي يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع. وأعلنوا في بيان استمرار المظاهرات، وطالبوا بعثة الأمم المتحدة بفتح تحقيق فوري في أحداث قمعها، بعدما نددوا بفض الميليشيات الاحتجاجات بالقوة بعد محاصرتها.
وأظهرت لقطات مصورة أكدتها روايات لشهود عيان، إطلاق نار كثيف في ساحة التظاهر بميدان الشهداء والشوارع المحاذية له بوسط طرابلس، بعد تطويق المتظاهرين من قبل مجموعات مسلحة موالية لحكومة فائز السراج، وتخلي دوريات الداخلية عن تمركزاتها، بينما تحدث سكان عن دوي إطلاق نار متقطع من أسلحة رشاشة في منطقة صلاح الدين جنوب طرابلس. وقال محتجون إن أحدهم أصيب خلال فض المظاهرات؛ لكن الناطق باسم وزارة الصحة في حكومة «الوفاق» نفى سقوط مصابين.
بدوره، قال السراج عقب اجتماع للمجلس الرئاسي لحكومته، مساء أول من أمس، خُصص لبحث الوضع الأمني، إنه «تم التنسيق مع مكتب النائب العام للإفراج عن كل من لم يتورط في أعمال تخريب للممتلكات العامة والخاصة، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للتحقيق في أي تجاوزات وقعت ضد المتظاهرين وأي إصابات نتجت عن ذلك».
وهدد وزير الداخلية في حكومة «الوفاق» فتحي باشاغا باستخدام القوة «لضبط الأمن وحماية المتظاهرين» في طرابلس. واعترف في بيان، أمس، بواقعة الاعتداء على متظاهرين من قبل مجموعة مسلحة، وإطلاق الأعيرة النارية بشكل عشوائي، واستخدام الرشاشات والمدافع وخطف بعض المتظاهرين وإخفائهم قسراً.
وقال باشاغا إنه «يعلم تبعية المجموعات المسلحة التي هاجمت المتظاهرين والجهات الرسمية المسؤولة عنها»، مؤكداً استعداد وزارة الداخلية «لحماية العزل في طرابلس من بطش مجموعة من الغوغائيين الذين لا يمثلون عملية (بركان الغضب) لقوات (الوفاق) ولا يحترمون دماء وأعراض المتظاهرين السلميين». واتهم هذه المجموعات المسلحة التي لم يحددها، بـ«البطش بالمتظاهرين، وترويع الآمنين، وبث الرعب في طرابلس». وهدد آمر الغرفة العسكرية المشتركة التابعة لحكومة «الوفاق» أسامة جويلي، بالتعامل مع مظاهرات طرابلس، ووصف المشاركين فيها بـ«الغوغائيين»، وتوعد في بيان مساء أول من أمس، بـ«وضعهم تحت طائلة القانون».
ووزع الناطق باسم «الجيش الوطني» اللواء أحمد المسماري لقطات لقمع ميليشيات «الوفاق» للمتظاهرين والرماية عليهم بالذخيرة الحية: «وترهيب أبناء طرابلس، لمنعهم من المطالبة بحقوقهم المشروعة».
وعلى الرغم من أن المسماري كشف عن إقامة قوات الجيش خطوطاً دفاعية في سرت والجفرة ومناطق أخرى عدة، فإنه أكد قدرتها على نقل المعركة من دفاعية إلى هجومية في أي لحظة. وقدَّر عدد العسكريين الأتراك في صفوف «الوفاق» بنحو 3 آلاف.
في المقابل، اتهمت قوات السراج «الجيش الوطني» بإطلاق 12 صاروخاً، مساء أول من أمس، باتجاه مواقع تمركزاتها غرب سرت، فيما وصفه المتحدث باسمها محمد قنونو، بـ«خرق متوقع لإعلان وقف إطلاق النار في محور سرت»، موضحاً في بيان، أمس، أن «قيادة العمليات في انتظار تعليمات السراج للتعامل والرد على مصادر النيران في المكان والزمان المناسبين».
وفى تهديد مبطن بتحريك قوات إلى مدينة سرت، أعلنت حكومة «الوفاق» أنها «لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء الانتهاكات والجرائم» التي قالت إن «الجيش الوطني» ارتكبها في مدينة سرت، معربة عن «قلقها من تقارير واردة من المدينة توثق لحصول اعتداءات على سكان المدينة، واعتقالات، وتصفية للمدنيين».
ونفى «الجيش الوطني» قيام وحداته باستهداف الميليشيات بالمدفعية في منطقة العمليات غرب سرت، مؤكداً التزامه وقف النار. واعتبر المسماري في بيان، مساء أمس، أن «غاية الميليشيات من نشر هذه الأخبار الكاذبة تبرير ما ستقوم به من عمليات عدائية ضد قوات الجيش، للتغطية على المظاهرات الشعبية الرافضة لاستمرار حكومة السراج والغزو التركي ومرتزقته والميليشيات الإجرامية التي تسيطر على العاصمة».
إلى ذلك، قال السراج إن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، جدد في اتصال هاتفي معه مساء أول من أمس، دعمه لحكومة «الوفاق». وأكد «وقوف الجزائر إلى جانب الشعب الليبي». وطبقاً لبيان وزعه السراج، فقد ثمَّن تبون «ما تضمنته البيانات التي صدرت، والتي تؤكد على الحل السياسي للأزمة الليبية، وعلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في أسرع وقت ممكن».
الميليشيات تفض مظاهرات طرابلس بالقوة... وباشاغا يتبرأ
«الجيش الوطني» ينفي استهداف تمركزاتها في سرت بالصواريخ
الميليشيات تفض مظاهرات طرابلس بالقوة... وباشاغا يتبرأ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة