وجدت إدارة نادي برشلونة، وصيف بطل الدوري الإسباني لكرة القدم، نفسها تحت ضغط رهيب، وسط مطالبة بسحب الثقة منها، وذلك غداة الزلزال الذي تسبب فيه نجم الفريق وقائده ليونيل ميسي بإعلان رغبته في الرحيل، في حين تبرز من الآن فرق إنتر ميلان وباريس سان جيرمان ومانشستر سيتي كوجهات محتملة للنجم الأرجنتيني.
على الرغم من أن «قنبلة ميسي»، كما أطلقت عليها الصحافة الرياضية الإسبانية، انفجرت بالفعل، فإنها لم تصل بعد إلى الرئيس جوسيب ماريا بارتوميو وإدارة النادي التي لا تزال تواصل مهمتها... ولكن حتى متى؟
وتلقت إدارة النادي الكاتالوني التي كانت مهددة أصلاً بسبب الانتقادات الكثيرة التي طالتها عقب موسم كارثي تخللته فضائح متسلسلة («برشلونة غيت»، فشل التعاقد مع تشافي للإشراف على الفريق، وتخفيض رواتب اللاعبين أثناء وباء «كوفيد- 19»...) ونتائج رياضية مخيبة للآمال، ضربة موجعة أخرى صباح أمس، عندما تقدم جوردي فاريه أحد المعارضين لها بطلب سحب الثقة منها.
وكتب فاريه، أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية التي تم تقديمها إلى منتصف مارس (آذار) المقبل عوضاً عن صيف 2021، في تغريدة على «تويتر» مرفقة بصورة له بمكاتب ملعب «كامب نو»: «كما أعلنت قبل يومين، قدَّمت مرة جديدة اقتراحاً كتابياً بسحب الثقة من جوسيب ماريا بارتوميو وجميع أعضاء مجلس إدارته... لا يمكنهم الاستمرار في رئاسة النادي لمدة دقيقة واحدة. من الآن لم يعد هناك وقت للأقوال، حان وقت الأفعال».
وعبَّر ميسي الذي فاز بجائزة أفضل لاعب في العالم ست مرات (رقم قياسي)، عن غضبه في أكثر من مناسبة خلال الـ12 شهراً الماضية من الطريقة التي يدار بها النادي تحت رئاسة بارتوميو. وفي فبراير (شباط) الماضي انتقد ميسي الفرنسي إيريك أبيدال المدير الرياضي وقتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبعدها بشهرين انتقد ميسي مسؤولي النادي بسبب الطريقة التي أجبروا بها اللاعبين على خفض رواتبهم بسبب التداعيات المالية لجائحة فيروس «كورونا».
وبعد أن تنازل برشلونة عن لقب الدوري الإسباني لريال مدريد الشهر الماضي، انتقد ميسي الفريق ووصفه بأنه «ضعيف» خلال مقابلة نارية غير مألوفة من اللاعب.
لكن بارتوميو الذي تميزت ولايته بحصيلة متواضعة، أكد الأسبوع الماضي أن ميسي سيبقى في صفوف النادي. وقال بارتوميو في مقابلة مع تلفزيون النادي الكاتالوني في 18 أغسطس (آب) الحالي: «إنها ليست نهاية حقبة؛ بل بداية حقبة جديدة مع ميسي تبدأ الآن». وأضاف: «ميسي يريد إنهاء مسيرته في برشلونة. لقد قال ذلك عدة مرات».
وتابع: «ميسي متعاقد مع برشلونة حتى عام 2021. إنه يعرف ذلك، وكلنا نعرف ذلك. أتحدث معه بانتظام وخصوصاً مع والده (خورخي ميسي). يعرفون أن هناك مشروعاً جديداً مع المدرب الجديد الذي يُعول عليه».
وبحسب الصحافة الإسبانية المتخصصة، فإن اللجنة الإدارية للفريق التي اجتمعت في جلسة طارئة مساء الثلاثاء للرد على رسالة ميسي، بعثت للاعب رسالة بالطريقة ذاتها «بوروفاكس» (وهو نوع من الرسائل البريدية المسجل يمكن إرساله فعلياً أو إلكترونياً في إسبانيا، ويملك قيمة الدليل في المحكمة)، لإبلاغه بأنه متعاقد مع النادي حتى 30 يونيو (حزيران) 2021، وبأنه يعول عليه في الموسم المقبل.
وبحسب صحيفة «أوليه» الرياضية الأرجنتينية اليومية، فإن ميسي لم تعجبه لهجة المدرب الجديد الهولندي رونالد كومان خلال أول مقابلة بينهما الخميس الماضي، عندما أخبره الأخير أن «الامتيازات التي كان يحظى بها في غرف الملابس انتهت، ولا بد من القيام بكل شيء من أجل الفريق. لن أكون مرناً».
وبحسب «أوليه» فإن ميسي يشعر بأنه مستهدف، وهذا الخطاب مع الطريقة التي أبلغ بها كومان المهاجم والصديق المقرب من النجم الأرجنتيني الدولي الأوروغوياني لويس سواريز بأنه لن يعتمد عليه في الموسم المقبل، أديا إلى زيادة الرغبات الشديدة في رحيل أفضل لاعب في العالم ست مرات عن البيت الكاتالوني.
وتأكيداً على ذلك أن طلب اللاعب الأرجنتيني بالرحيل جاء بعد يوم من تقارير لوسائل إعلام إسبانية، ذكرت أن المدرب الجديد رونالد كومان أبلغ لويس سواريز بأنه لا يرغب في بقائه مع الفريق، هو ولاعب الوسط التشيلي أرتورو فيدال، ونجم الوسط الكرواتي إيفان راكيتيتش، والمدافع الفرنسي صمويل أومتيتي، وأنهم سقطوا من حساباته للموسم الجديد.
لقد أحدث خبر إعلان ميسي رغبته في فسخ عقده مع برشلونة ردود فعل كبيرة بين رموز النادي، وأيضاً في وسائل الإعلام. وأيد كارليس بويول قائد برشلونة السابق رغبة النجم الأرجنتيني، برسالة على «تويتر» قال فيها: «كل الاحترام والتقدير لك يا ميسي... أساندك تماماً في هذه الخطوة يا صديقي». كما انتقد رئيس برشلونة السابق خوان لابورتا سياسة بارتوميو التي أدت إلى اتخاذ ميسي هذا القرار، وكتب على «تويتر»: «يتعين على بارتوميو ومجلس الإدارة الاستقالة فوراً. لو استقالوا فسيكون هناك بعض الأمل للإبقاء على ميسي في برشلونة».
ونشرت «ماركا»، الصحيفة الأكثر انتشاراً في إسبانيا، في صدر صفحتها الأولى بأحرف صفراء كبيرة على خلفية سوداء: «وانفجرت القنبلة... أريد الرحيل عن برشلونة».
وتحدثت الصحيفة الرياضية الرئيسية في إسبانيا عن آخر حلقات الانفصال المتوقع بين ميسي وبرشلونة، مذكرة بعنوان صفحتها الأولى في 18 أغسطس الحالي: «ميسي يضع برشلونة في حالة من الترقب».
وشككت الصحيفة أيضاً في عددها، الجمعة، في إمكانية بقاء الأرجنتيني، معنونة: «أرى نفسي في الخارج أكثر من الداخل»، بالنسبة لمشروع النادي مع قدوم المدرب الجديد الهولندي رونالد كومان الذي تسلَّم مهامه الأسبوع الماضي. وعنونت صحيفة «موندو ديبورتيفو» الرياضية الكاتالونية على خلفية سوداء بالكامل من صفحتها الأولى: «قنبلة... ميسي يريد الرحيل!»، مرفقة ذلك بصورة للنجم الأرجنتيني من الخلف منحني الرأس، بينما صدَّرت صحيفة «سبورت» الكاتالونية الأخرى عنوان «الحرب الشاملة!» بين الظاهرة الأرجنتينية والنادي المرتبط معه منذ 20 عاماً.
وجاء عنوان «أس» الرياضية: «وداعاً عبر البوروفاكس» في إشارة إلى الوسيلة التي اعتمدها ميسي لإيصال الرسالة إلى إدارة النادي.
وهي الطريقة نفسها التي استخدمها النادي الكاتالوني مع البرازيلي نيمار، خلال الأزمة التي سبقت انتقاله إلى باريس سان جيرمان الفرنسي في أغسطس 2017.
وكتبت صحيفة «أوليه» الأرجنتينية الرياضية: «ضجة عالمية في المدينة: ميسي أثار ضجة كبيرة لتحذير برشلونة في البريد المسجل، بأنه سيترك النادي الذي لعب فيه طوال مسيرته. فريق غوارديولا في حالة تأهب، على الرغم من أنه لا يزال هناك الكثير لتسويته».
وتساءلت «أوليه» عن الطريقة التي سيرحل بها ميسي: «مجاناً أم مع البند (الجزائي)؟ معركة قانونية ساخنة للغاية»، متوقعة بذلك معركة خبراء، مرجحة أن تستمر طويلاً من أجل تحديد ما إذا كان من الممكن تمديد صلاحية البند الذي يسمح لميسي بمغادرة النادي مجاناً كل صيف (انتهى في 10 يونيو الماضي) نظراً للظروف الاستثنائية التي فرضها فيروس «كورونا» المستجد، وتسببه في تعليق الموسم من مارس وحتى يونيو.
لكن من يستطيع الترحيب بضم النجم ميسي وراتبه الفلكي، بعد موسم أثر بشكل كبير على ميزانية جميع الأندية الكبيرة بسبب فيروس «كورونا» المستجد؟. في الوقت الحالي، يبدو أن مانشستر سيتي الإنجليزي وإنتر ميلان الإيطالي وباريس سان جيرمان الفرنسي هي الأندية المرشحة بجدية للتعاقد معه.
كما أن مانشستر سيتي يغري ميسي بسبب وجود مدربه السابق في النادي الكاتالوني جوسيب غوارديولا، الذي قاد الأرجنتيني إلى مرتبة النجومية خلال قيادته برشلونة في الفترة بين عامي 2008 و2012. كذلك الطموحات الأوروبية القوية لمالكي النادي الإنجليزي الأثرياء. وقد يرى سيتي في النجم الأرجنتيني القطعة الناقصة لحل اللغز، وانتزاع لقب دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخ النادي.
واعتمد مانشستر سيتي لسنوات طويلة على المهاجم سيرخيو أغويرو زميل ميسي في هجوم المنتخب الأرجنتيني، كما أكدت تقارير وجود اتصالات هاتفية بين غوارديولا وميسي بالفعل. ولطالما أبدى إنتر ميلان إعجابه بالبرغوث الأرجنتيني، وبحسب وسائل الإعلام الإيطالية، اشترى والده بالفعل منزلاً في ميلانو.
ولم يحرز إنتر أي ألقاب على مدار آخر تسع سنوات؛ لكنه أنهى الموسم المنقضي بالدوري الإيطالي في المركز الثاني بفارق نقطة واحدة فقط خلف يوفنتوس البطل، كما وصل الفريق إلى نهائي مسابقة الدوري الأوروبي؛ لكنه خسر أمام إشبيلية الإسباني. وتمتلك مجموعة تجارية صينية عملاقة نادي إنتر ميلان حالياً، وينتظر ألا تواجه مشكلة في تمويل صفقة ميسي؛ خصوصاً مع رغبة النادي الإيطالي في تحقيق طفرة هائلة على مستوى المنافسة في مختلف البطولات.
كما باستطاعة باريس سان جيرمان جذب الأرجنتيني إلى صفوفه بفضل البرازيلي نيمار، الصديق الأبرز للأرجنتيني منذ فترة وجوده في برشلونة (2013 - 2017) وكذلك مواطنه أنخل دي ماريا؛ لتشكيل ثلاثي هجومي يمكن أن يكون كذلك مدمراً، مع نيمار وميسي والواعد كيليان مبابي.
«قنبلة» ميسي تزلزل برشلونة... ومطالب بسحب الثقة من الإدارة
إنتر ميلان ومانشستر سيتي وباريس سان جيرمان تترقب موقف النجم الأرجنتيني للتعاقد معه
«قنبلة» ميسي تزلزل برشلونة... ومطالب بسحب الثقة من الإدارة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة