«سد النهضة»: تحركات دبلوماسية مصرية للضغط على إثيوبيا

القاهرة أكدت أنها لن تتخلى عن حقوقها المائية تحت أي ظرف

وزيرا الري والهجرة في مصر خلال ندوة لحشد المصريين بالخارج لدعم بلادهم في نزاع السد الإثيوبي (وزارة الري المصرية)
وزيرا الري والهجرة في مصر خلال ندوة لحشد المصريين بالخارج لدعم بلادهم في نزاع السد الإثيوبي (وزارة الري المصرية)
TT

«سد النهضة»: تحركات دبلوماسية مصرية للضغط على إثيوبيا

وزيرا الري والهجرة في مصر خلال ندوة لحشد المصريين بالخارج لدعم بلادهم في نزاع السد الإثيوبي (وزارة الري المصرية)
وزيرا الري والهجرة في مصر خلال ندوة لحشد المصريين بالخارج لدعم بلادهم في نزاع السد الإثيوبي (وزارة الري المصرية)

كثفت الدبلوماسية المصرية تحركاتها للضغط على إثيوبيا، عشية جولة حاسمة من مفاوضات «سد النهضة»، برعاية الاتحاد الأفريقي، تعقد غداً (الجمعة)، بحضور مراقبين دوليين.
وأجرت الخارجية المصرية، على مدار الأيام الماضية، سلسلة لقاءات مع السفراء الأوروبيين والأفارقة في القاهرة، لعرض تطورات المفاوضات، وجهود القاهرة لتوقيع اتفاق عادل ومتوازن حول ملء وتشغيل السد. في حين شددت على أنها لن تتخلى عن «حقوقها المائية تحت أي ظرف».
وتخشى القاهرة تضرر حصتها السنوية من مياه النيل، وهي 55.5 مليار متر مكعب، التي تعتمد عليها بأكثر من 90 في المائة، بينما تقول إثيوبيا، إن السد المقام على النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل، أمر حيوي لتحقيق التنمية في البلاد، وتزوديها بالكهرباء.
وبدأت مطلع يوليو (تموز) الماضي، جولة جديدة من المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، برعاية الاتحاد الأفريقي، وحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وخبراء مفوضية الاتحاد الأفريقي، وتعمل حالياً الدول الثلاث على إعداد نسخة أولية مجمعة من مقترحات الدول الثلاث.
ومن المقرر رفع التقرير النهائي إلى دولة جنوب أفريقيا، الرئيسة الحالية للاتحاد، غداً (الجمعة)، للنظر فيها».
وتسعى مصر لإحاطة المجتمع الدولي على آخر مستجدات التفاوض حول هذا الملف الحيوي. وخلال يومي الاثنين والثلاثاء من الأسبوع الحالي، استضاف نائب وزير الخارجية المصري السفير حمدي سند لوزا، السفراء الأوروبيين والأفارقة المعتمدين في القاهرة، حيث عرض المسؤول المصري تطورات المفاوضات، مؤكداً أهمية التوصل لاتفاق عادل ومتوازن حول ملء تشغيل سد النهضة يحقق مصالح الدول الثلاث ويعزز من التكامل الإقليمي بينهم، كما ثمّن نائب وزير الخارجية دور جنوب أفريقيا الرئيس الحالي للاتحاد في رعاية هذه المفاوضات، معرباً عن أمله في أن تسفر هذه المفاوضات عن هذا الاتفاق.
وفي إطار الزخم الدولي الذي تسعى له القاهرة بهدف الضغط على إثيوبيا، استقبل محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية المصري، والسفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، مجموعة من أبناء المصريين بالخارج؛ بهدف استعراض جهود الدولة المصرية في الحفاظ على أمنها المائي وحقوقها القانونية في حصة مياه نهر النيل، بحسب بيان وزارة الري.
وأكد الدكتور عبد العاطي، أمس، أهمية وجود اتفاق يؤدي إلى تكامل إقليمي بين الثلاث دول بما يؤدي إلى تحقيق رفاهية شعوبها. في حين قالت وزيرة الهجرة، إن الدولة المصرية لن تتخلي عن حقوقها المائية تحت أي ظرف.
وأوضحت مكرم، أن المصريين بالخارج يلعبون دوراً بارزاً في مختلف مراحل مفاوضات مصر في سد النهضة، وكان لهم عدد من المواقف المشرفة والداعمة لحق مصر في الحفاظ على نصيبها من المياه، بدأت بتنظيم عدد من الوقفات الاحتجاجية أمام البيت الأبيض الأميركي نددوا فيها بما سيخلفه بناء «سد النهضة» من أضرار على مصر، كذلك مشاركتهم في عدد من الحملات الإلكترونية التي تحمل الموقف نفسه، وكان أبرزها حملة «النيل حياتنا» أطلقتها وزارة الهجرة.
وأكدت وزيرة الهجرة أهمية ملف سد النهضة كونه واحداً من أهم التحديات التي تواجهها مصر خلال هذه المرحلة، ويعد هذا اللقاء فرصة لمزيد من التوعية بأبعاد قضية سد النهضة حتى نتمكن من العمل سوياً في الترويج لحق مصر في مياه النيل، واستعراض حقيقة ما ينشر في الإعلام الخارجي من ادعاءات تهدف لتشويه صورة مصر وتصويرها بأنها ليست صاحبة حق في هذه القضية، بل معتدية على تطلعات إثيوبيا في مستقبل أفضل.
في المقابل، قال عدد من السفراء الإثيوبيين، إن موقف بلادهم الثابت من المفاوضات الثلاثية الجارية والمرحلة الأولى لملء سد النهضة شجع الإثيوبيين في جميع أنحاء العالم. وأوضح السفير الإثيوبي لدى الصين، تيشوم توجا، في مقابلة مع وكالة الأنباء الإثيوبية، أمس، إن إثيوبيا لها الحق في استخدام مواردها الطبيعية للتنمية بما في ذلك نهر النيل. وأشار تيشوم إلى أن الموقف الذي اتخذته الحكومة والملء الأول للسد في يوليو الماضي، شجع الإثيوبيين بالخارج.
وقال السفير الإثيوبي لدى الولايات المتحدة فيتسوم أريغا، إن الإثيوبيين بالولايات المتحدة منخرطون في دعم سد النهضة. وأشار إلى أن الموقف الذي اتخذته الحكومة الإثيوبية من سد النهضة واضح جداً على أساس اتفاقية المبادئ الموقعة بين الدول الثلاث في الخرطوم، وهي أيضاً اتفاقية عادلة.
وقال إن المغتربين الإثيوبيين يفهمون بوضوح النقاط العالقة في المفاوضات بشأن السد وموقف إثيوبيا، مضيفاً أن الإثيوبيين منخرطون أكثر من قبل ولأول مرة في الولايات المتحدة، فتحنا حساباً لدعم والمشاركة في هذا المشروع الكبير، ولنكون جزءاً من التاريخ في النهضة والتكاتف والوحدة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.