سفير قطر يتوسط بين إسرائيل و«حماس» لوقف النار

تجدد «كورونا» في القطاع يساعد على احتواء الأزمة

بائع ماء للشرب في غزة على عربته خلال 48 ساعة حجر بسبب «كورونا» (أ.ف.ب)
بائع ماء للشرب في غزة على عربته خلال 48 ساعة حجر بسبب «كورونا» (أ.ف.ب)
TT

سفير قطر يتوسط بين إسرائيل و«حماس» لوقف النار

بائع ماء للشرب في غزة على عربته خلال 48 ساعة حجر بسبب «كورونا» (أ.ف.ب)
بائع ماء للشرب في غزة على عربته خلال 48 ساعة حجر بسبب «كورونا» (أ.ف.ب)

بدأ السفير القطري محمد العمادي رحلة جديدة في الوساطة بين إسرائيل و«حماس»، في محاولة لنزع فتيل التوتر في قطاع غزة، بعد حوالي أسبوعين من التصعيد.
واجتمع العمادي أمس برئيس حركة «حماس» في قطاع غزة يحيى السنوار وقياديين آخرين، وهو يحمل أجوبة إسرائيل على طلبات «حماس» السابقة من أجل العودة إلى اتفاق تهدئة.
وقالت مصادر مطلعة في غزة لـ«الشرق الأوسط»، إن العمادي نقل إلى «حماس» إصرار إسرائيل على وقف كل أشكال التصعيد قبل إعادة فتح بحر القطاع، واستئناف عمل المعابر، ورفع القيود عن إدخال الوقود.
وأكدت المصادر أن العمادي نقل أيضاً أن إسرائيل لا تمانع حول إقامة مشروعات في القطاع؛ لكن التأخير متعلق بانشغال العالم بأزمة «كورونا».
ونوقشت أزمة «كورونا» التي انفجرت في القطاع خلال اليومين الماضيين، إذ أضافت «حماس» إلى طلباتها تزويد إسرائيل القطاع بكل ما يلزم لإجراء فحوصات ومحاربة الوباء، وعدم اعتراض أي مساعدات في هذا المجال.
وعبَّر مسؤولو الصحة في غزة عن قلقهم من أن وقف محطة الكهرباء قد يؤدي إلى تفاقم تفشي فيروس «كورونا» في غزة التي يقطنها مليونا فلسطيني.
وكانت إسرائيل قد أغلقت معبرها التجاري الوحيد مع غزة وحظرت الوصول للبحر، وأوقفت واردات الوقود إلى القطاع الساحلي، ما أدى إلى إغلاق محطة الكهرباء الوحيدة هناك الأسبوع الماضي. وأكد العمادي للسنوار أن قطر مستعدة لدراسة طلب زيادة المنحة القطرية؛ لكنه طالبه بأهمية العودة إلى مربع الهدوء من أجل المساعدة في تحقيق طلبات «حماس».
ودخول العمادي بشكل مباشر على خط المباحثات، جاء في وقت واجهت فيه هذه المباحثات تعقيدات شديدة بسبب تشدد إسرائيل و«حماس». ورفضت إسرائيل التجاوب مع طلبات «حماس» التي وضعتها في عهدة الوفد المصري الأسبوع الماضي، من دون وقف التصعيد، بينما رفضت «حماس» التوقف من دون تجاوب إسرائيل أولاً.
وكانت «حماس» قد طلبت عبر الوفد الأمني المصري أنه من أجل وقف التصعيد الحالي، تنبغي الموافقة على مشروعات البنية التحتية الاقتصادية المتعلقة بالكهرباء والمياه، والسماح بحركة الاستيراد والتصدير، وزيادة تصاريح العمل للعمال الغزيين إلى 100000 تصريح، وزيادة مساحة الصيد إلى 20 ميلاً، وفتح معبر كرم أبو سالم التجاري دون إغلاق. وطلبت «حماس» تنفيذ مشروعات متفق عليها سابقاً عبر الأمم المتحدة، وإدخال مواد كانت ممنوعة، والإبقاء على المنحة القطرية ومضاعفتها إلى الحد الذي يسمح باستخدام جزء منها لدفع رواتب موظفي الحكومة في القطاع، وعودة منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة للعمل في قطاع غزة.
وفي سبيل الضغط أكثر على «حماس» منعت إسرائيل العمادي من توزيع الأموال في القطاع أمس، ورهنت الأمر بوصوله إلى اتفاق مع «حماس» بإنهاء التصعيد. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، إن إسرائيل لم تسمح بإدخال المساعدات المالية القطرية إلى قطاع غزة قبل عودة الهدوء التام لمستوطنات الغلاف. وأضافت أن سفير دولة قطر، محمد العمادي، سيعود لينقل ما جرى في غزة للجانب الإسرائيلي، قبل أن تقرر إسرائيل بشأن الأموال القطرية وقضايا أخرى. وأكدت الصحيفة أنه في حال فشل الوساطة القطرية، فمن المتوقع أن تشهد الأوضاع تصعيداً أكبر.
وقصفت إسرائيل، أمس، مواقع لـ«حماس» في غزة، على الرغم من وجود العمادي هناك. وقال الجيش الإسرائيلي إنه قصف أهدافاً لحركة «حماس» في قطاع غزة، رداً على إطلاق بالونات حارقة صوب إسرائيل. ولم ترد تقارير عن سقوط قتلى أو جرحى في الضربات التي قال الجيش الإسرائيلي إنها استهدفت البنية التحتية تحت الأرض لحركة «حماس» التي تحكم غزة، رداً على إطلاق بالونات حارقة.
وقال الجيش في تغريدة له على «تويتر»: «أغارت طائرات حربية على بنية تحتية تحت أرضية تابعة لمنظمة (حماس) في جنوب قطاع غزة، رداً على إطلاق البالونات الحارقة والمفخخة بالمتفجرات من القطاع نحو إسرائيل».
واندلعت عدة حرائق في مستوطنات غلاف غزة الثلاثاء والأربعاء، بفعل استمرار إطلاق البالونات الحارقة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».