لبنان يمدّد التعبئة العامة إلى نهاية 2020

قرر لبنان تمديد التعبئة العامة حتى نهاية العام الحالي مع ارتفاع إصابات «كورونا» (رويترز)
قرر لبنان تمديد التعبئة العامة حتى نهاية العام الحالي مع ارتفاع إصابات «كورونا» (رويترز)
TT

لبنان يمدّد التعبئة العامة إلى نهاية 2020

قرر لبنان تمديد التعبئة العامة حتى نهاية العام الحالي مع ارتفاع إصابات «كورونا» (رويترز)
قرر لبنان تمديد التعبئة العامة حتى نهاية العام الحالي مع ارتفاع إصابات «كورونا» (رويترز)

على وقع استمرار ارتفاع عدد الإصابات بـ«كورونا» والذي تجاوز الـ13 ألف حالة، وبعدما وصلت مستشفيات بيروت وجبل لبنان الحكومية إلى أكثر من 80 في المائة من قدرتها الاستيعابيّة، أعلن المجلس الأعلى للدفاع في لبنان تمديد التعبئة العامة حتى نهاية العام الحالي، أي أكثر من ثلاثة أشهر.
والتعبئة العامة لا تعني الإقفال، فلبنان يعيش منذ منتصف أبريل (نيسان) في تعبئة عامة أعلنها المجلس الأعلى للدفاع، وعمد إلى تمديدها أكثر من مرة حسب ما يؤكد مصدر أمني، موضحا في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ التعبئة العامة تعني رفع مستوى جهوزية الأجهزة الرسمية وتوسعة دائرة مهامها، مع احتمال أن تشمل إشراك القطاع الخاص ببعض الأنشطة والمهام لمواجهة حالة استثنائية كوباء «كورونا»، وهي «تختلف أيضا عن حال الطوارئ التي أعلنت في بيروت إثر انفجار المرفأ ولا تزال مستمرة».
وفي الإطار نفسه، أوضح عضو اللجنة العلمية لمتابعة إجراءات «كورونا» الدكتور عبد الرحمن البزري، أنّ التعبئة العامة غير إجراءات الإقفال العام، معتبرا أنّ تمديد التعبئة «خطوة جيدة إن ترافقت مع التنفيذ». فالتعبئة العامة تعني «إعطاء الحكومة الحق في استخدام الوسائل التي تسمح لها السيطرة على الوباء ومعاقبة المخالف»، ولكن منذ إعلان التعبئة مع بداية العام وبعض إدارات الدولة «لا تعرف وليست مستعدة أو لا تملك القدرة على ما هو مطلوب منها من إجراءات تنفيذية للحد من انتشار الوباء، فلم تأت التعبئة العامة بالنتائج المطلوبة».
واعتبر البزري أنّ الحلّ الأنسب في لبنان وبظلّ ما يشهده من أوضاع اقتصادية صعبة هو «العودة إلى الحياة الطبيعية مع تعبئة عامة تضع من خلالها الدولة إجراءات جدية تراقب تنفيذها».
وكان تخلّل التعبئة العامة في لبنان 3 إقفالات، أولها كان في مارس (آذار) الماضي ودام لنحو ثلاثة أشهر، وبعدها أعيد فتح البلد على مراحل وكذلك فتح المطار، ومن ثمّ عادت الحكومة إلى إقفال البلد مرة أخرى بين 30 يوليو (تموز) و3 أغسطس (آب) تزامنا مع عطلة عيد الأضحى وأعادت فتحه جزئيا ليومين فقط، ثم عادت إلى الإغلاق لمدة خمسة أيام. وخلال يومي الإغلاق الجزئي، فرضت السلطات إقفال الحانات والملاهي الليلية وقاعات المؤتمرات والأسواق الشعبية والحدائق العامة، وفتح المطاعم والمقاهي بقدرة استيعابية لا تتخطى خمسين في المائة.
أمّا الإقفال الثالث (مستمر حتى السابع من الشهر الحالي)، فجاء عقب الانفجار الذي أصاب مرفأ بيروت والذي ساهم في انتشار سريع للفيروس بسبب الاختلاط، فضلا عن إخراج مشفى حكومي عن الخدمة (مشفى الكارنتينا) وإشغال بعض الأقسام في المستشفيات، إذ تجاوز عدد إصابات الإنفجار 5 آلاف شخص.
ورغم عدم الالتزام الكلي في الإقفال الأخير، والذي كان واضحا عبر إعلان بعض القطاعات ولا سيما السياحة والتجارة عدم التزامها به، إلّا أنه سيساهم، وبحسب ما يؤكد البزري، «في خفض أعداد الإصابات». ولكنّ الأمر الأكثر أهمية «يبقى في مدى قدرة لبنان على الحفاظ على الأمر»، ولا سيما «أنّ أعداد إصابات (كورونا) التي كان يسجلها لبنان في شهر بات يسجلها في يوم واحد».
ويُشار هنا إلى أنّ عدد إصابات «كورونا» كان في الثالث من أغسطس أي قبل يوم واحد من الانفجار 5062 إصابة، إلا أنه وصل إلى 12698 في 23 من الشهر نفسه، أي أن عدد الإصابات (7636) خلال 9 أيام بعد الانفجار كان أكثر من عدد الإصابات التي سجلها لبنان منذ ظهور أول حالة في أواخر فبراير (شباط).
وإلى جانب ارتفاع عدد الإصابات اليومي، شهد لبنان ارتفاعا غير مسبوق في عدد الوفيات، إذ سجّل منذ يومين 12 حالة وفاة خلال 24 ساعة، إلّا أنّ معدلات الوفاة لم تتجاوز حتى الساعة الواحد في المائة من الإصابات وهذا مؤشر إيجابي حسب ما يوضح البزري، مشيرا إلى أنّ «الخوف الأكبر يبقى على المسنين، إذ إن نسبة الوفاة بسبب «كورونا» في صفوف هذه الفئة بلغت 20 في المائة، الأمر الذي يستدعي اتخاذ تدابير تساهم في حمايتهم». هذا ولفت البزري إلى أنّ هناك أعدادا كبيرة من الحالات الحرجة من إصابات «كورونا» تقبع حاليا في مستشفيات لبنان، ما يعني وجود احتمال أن نشهد المزيد من الوفيات في الأيام المقبلة.
وأوضح البزري أن لبنان «لا يزال في الموجة الأولى، وأنه من المرجح استمرارها وعدم الدخول في موجة ثانية»، محذرا من أنّ فصل الخريف قد يرفع أعداد «كورونا» لأسباب عدة منها أنّ معظم الأنشطة في فصلي الخريف والشتاء تكون في أماكن مغلقة، فضلا عن أنّ الفيروسات التنفسية تكثر في الخريف ما يعني ضغط أكبر على المستشفيات، فضلا عن أن إصابة الشخص بفيروس «كورونا» وفيروس تنفسي قد يزيد حالته سوءا.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.