تركيا تنتهك سماء العراق وتقتل مدنيين في نينوى

TT

تركيا تنتهك سماء العراق وتقتل مدنيين في نينوى

جدد الطيران التركي، مساء أول من أمس (الثلاثاء)، انتهاكه للأراضي العراقية، عبر قيامه باستهداف عربة مدنية في قضاء سنجار بمحافظة نينوى، ما أدى إلى مقتل مدنيين.
وقالت خلية الإعلام الأمني العراقية في بيان، إن «طائرات مسيَّرة تركية خرقت الأجواء العراقية، واستهدفت عجلة من نوع (بيك آب دبل قمارة) في قرية بهرافا التابعة لمجمع خانصور في ناحية الشمال بقضاء سنجار، ما أدى إلى استشهاد مدنيين اثنين بينما نجا سائقهما».
وطبقاً للبيان الأمني، فإن الطيران التركي قام في الوقت نفسه باستهداف موقع في قرية بارة التابعة لخانصور: «ولم تعرف أعداد الضحايا جراء هذا الاستهداف؛ لكن سيارات الإسعاف هرعت إلى موقع الحادث لإجلاء الشهداء والجرحى».
وهذا ليس الانتهاك التركي الأول لأجواء العراق بذريعة ملاحقة عناصر «حزب العمال الكردستاني» كما تدعي أنقرة. وسبق أن تسبب قصف تركي في 11 أغسطس (آب) الجاري بمقتل آمر اللواء الثاني في حرس الحدود، وآمر الفوج الثالث، وسائق عجلتهما العسكرية، ما أثار أزمة سياسية كبيرة بين أنقرة وبغداد، استدعت خلالها وزارة الخارجية العراقية سفير تركيا في بغداد فاتح يلدز، وسلمته مذكرة احتجاج شديدة، كما أثار القصف التركي حينها غضباً واستنكاراً عربياً ودولياً.
ودعا نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون العراق ديفيد كوبلي تركيا والعراق إلى «التفاوض لحل الخلافات كافة المتعلقة بوجود أنصار حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، والذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية». وقال كوبلي خلال إحاطة تناقلتها وسائل إعلام عدة: «نود أن تعمل تركيا والعراق معاً لحل المخاوف بشأن وجود (حزب العمال الكردستاني) في شمال العراق. من المهم احترام السيادة العراقية؛ لكن من المهم أيضاً الاعتراف بالمصالح الأمنية الخاصة لتركيا».
واعتبر الدبلوماسي الأميركي أن «أفضل طريقة لحل هذه المشكلات كلها هي أن يعمل الجانبان معاً. وآمل أن نتمكن من لعب دور ما في تعزيز هذا الموقف؛ بحيث يؤدي إلى الاستقرار، ويلبي مصالح الجانبين».
وفي خبر أمني آخر من محافظة نينوى، أصدرت قيادة شرطة المحافظة، أمس، توضيحاً بشأن انفجار عبوة ناسفة على عجلتين تابعتين لمنظمة الصحة العالمية، في الموصل. وقالت القيادة في بيان إن «عبوة ناسفة من مخلفات عصابات (داعش) الإرهابية على جانب طريق الموصل - أربيل العام، قرب قرية شاقولي التابعة لناحية برطلة شمال مدينة الموصل، انفجرت على إحدى العجلات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة».
وأضافت أن «العبوة الناسفة مؤشَّر عليها بعلم لونه أحمر، تم جمعها وتأشيرها من قبل منظمات إزالة الألغام في بداية عمليات التحرير، وتوقف سائق العجلة على جانب الطريق العام (على الجزء الترابي يمين الطريق) وترجَّل من عجلته في هذه المنطقة المحرمة والمؤشرة، ما أدى إلى انفجار العبوة وإصابة سائق العجلة الذي تم نقله من قبل زملائه إلى المستشفى، وحدوث أضرار في العجلة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم