ساندرين بونير ممثلة باهرة في الفيلم الفرنسي «رؤية النور»

تؤدي دور قابلة ذات ماضٍ مثقل تتلقى أولى صرخات الحياة

ساندرين ممثلة الأدوار الصعبة
ساندرين ممثلة الأدوار الصعبة
TT

ساندرين بونير ممثلة باهرة في الفيلم الفرنسي «رؤية النور»

ساندرين ممثلة الأدوار الصعبة
ساندرين ممثلة الأدوار الصعبة

في صالة الولادة، هناك امرأة تتمخض وتتوجع وهي تعاني آلام الوضع، وهناك قابلة تعيش الألم من الخارج، تعاني أيضاً وتقلق وتجتهد لكي تُنهي عذاب الأم ويخرج الجنين إلى النور. وقد اعتادت السينما أن تركز على قصص الحوامل والأمهات، لكن يندر تخصيص فيلم يتناول ممرضات صالات الولادة، أولئك القابلات اللواتي يستقبلن بين أيديهن الحياة الجديدة. وهذا ما فعلته المخرجة الفرنسية ماريون لين في فيلمها الذي يبدأ عرضه هذا الأسبوع، بعنوان «رؤية النور».
تؤدي الممثلة ساندرين بونير دور القابلة «جان». ويبدأ الفيلم بمشهد لها وهي تخرج من صالة الولادة فتجد الأزواج أو الأقارب وهم يهبّون نحوها لمعرفة تطورات حالة السيدة التي تتمخض في الداخل. إنّ عليها أن تبتسم وأن تخفف من قلقهم وتطمئنهم قدر الإمكان. وها هي تخرج إلى حديقة المستشفى لتشعل سيجارة بعد أن أمضت الليلة بكاملها وهي واقفة أو منحنية، تعطي تعليماتها للحوامل الموشكات على الوضع، تتنفس مثلهن بشهيق طويل وزفير حاد وتعيش مع كل واحدة منهن تلك اللحظات الفارقة في الحياة. إنّها الممرضة التي تشعر بالانتصار وهي تسحب إليها المواليد الجدد. تتلقاهم بين يديها وتمسك بكل واحد من قدميه الصغيرين وتضرب على ظهره برفق لكي تنطلق أولى صرخات الحياة. بعد ذلك تتولى تنظيفه وفحصه وقياس وزنه وتضع في معصمه سواراً يحمل اسم العائلة وتاريخ الوضع، ثم تضمه إلى صدرها قبل أن تمضي به إلى صدر والدته.
الفيلم مأخوذ من رواية «الغرفة 2» للكاتبة جولي بوني التي كانت هي نفسها قابلة مأذونة. وهو تحية لأولئك الجنديات المجهولات اللواتي يمارسن مهنة مرهقة جسدياً ونفسياً، خصوصاً عندما يشتغلن في أوضاع صعبة ومرتبات متواضعة ومستشفيات تفتقر للإمكانيات بسبب محدودية الميزانيات وتقليصها عاماً بعد عام. وهو ليس الفيلم الأول لماريون لين الذي يتناول حياة العاملين في المهن الطبية، فقد سبق لها أن قدمت فيلماً بعنوان «بقلب مفتوح» عن زوجين جرّاحين يكرسان كل جهودهما لمهنتهما قبل أن تأتي هزة تُقلق صفو التعايش بينهما.
بطلة الفيلم ساندرين بونير ليست من نجوم الصف الأول من حيث المواصفات الجمالية. لكنها من الممثلات اللواتي يحظين بتقدير الجمهور بفضل موهبتهن وبراعتهن في تأدية أصعب الأدوار، لا سيما ذات الأبعاد النفسية. وهي هنا تؤدي دور ممرضة أربعينية تشتغل في مستشفى للولادة في مرسيليا وتحاول أن تحصر نفقاتها في حدود مرتبها البسيط لكي تربّي بمفردها ابنتها البالغة من العمر 18 عاماً. إنها تعرف أن بلوغ البنت هذه السن يعني مغادرتها البيت قريباً واستقلالها بحياتها.
يتعرض المستشفى لعاصفة إعلامية بعد وفاة أحد المواليد الرضّع. ويأتي فقدان ذلك الطفل ليعيد إلى ذاكرة القابلة «جان» ذكريات ماضٍ كانت تتصور أنها قد تجاوزته ودفنته إلى الأبد. وهكذا تسير حكاية الفيلم في خطين متوازيين ما بين الحياة المهنية للبطلة وبين حياتها الخاصة. هناك لقطات تسترجع فيها وقائع سابقة بينما هي منهمكة في عملها الذي يتطلب أعلى درجات الصبر والتركيز. هل تتوصل «جان» إلى أن التوليد ليس هو المهنة المناسبة لها، وما المهنة التي كان عليها أن تختارها لكي تكون منسجمة مع ذاتها؟
تتميز ساندرين بونير بأنها قادرة على أن تكون هشة وصارمة في الوقت نفسه. وهي مدهشة في دور «جان» الذي يضيف نجمة جديدة لرصيدها السينمائي. وبالإضافة إلى الإداء الهادئ والحميم لهذه الممثلة، تأتي أجواء صالات الولادة لتمنح الفيلم شحنة قوية من الانفعال العاطفي والإنسانية. ويرسم الفيلم لوحات معبرة لكل أولئك العاملين في هذا الفضاء المغلق والمحظور، وراء الجدران السميكة والهواء المعقم والأبواب التي تُفتح بشفرات سرية. إن كل واحدة من الممرضات، مهما كان عمرها، فإنها محكومة بأن تبذل أقصى درجات التفهم مع الأمهات المتمخضات، وأن تتعامل ببالغ الحنان مع أطفال غرباء سيغادرون الصالة وحضن الممرضة التي كانت الحضن الأول.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.