«بنت دجلة»... النهاية التراجيدية المركبة

«بنت دجلة»... النهاية التراجيدية المركبة
TT
20

«بنت دجلة»... النهاية التراجيدية المركبة

«بنت دجلة»... النهاية التراجيدية المركبة

اعتاد كُتاب التراجيديا في شتى العصور على توظيف تقنية الـ(hamartia الهامارتيا أو tragic flaw) أو بما نسميه عربياً بالـ(نقيصة/عيبة) عيب مأساوي، في تركيبة شخصية البطل، وهو فعل ترتكبه الشخصية الرئيسية التي تكون رمزاً مرموقاً وقائداً بشكل ما في بيئتها، بحيث يقودها هذا الفعل في نهاية الأمر إلى حتفها، وغالباً ما يكمن هذا العيب في الجزء المعتم أو الشرير داخل النفس البشرية، ويظهر على شكل طمع، غريزة، بحث عن السلطة، حب المال... وغيرها.
وقد اعتدنا على أن الكتاب يبتكرون خطيئة واحدة أو تصرفاً خاطئاً واحدا يقود الإنسان/البطل إلى حتفه ويشيرون بكثافة إلى ذلك التصرف من خلال التركيز الدرامي بكل المدلولات التي من شأنها جذب انتباه القارئ، عبر استخدام التقنيات المسرحية كجوقة منشدين أو المناجاة الفردية أو حوار الشخصية مع الجمهور، دون علم الشخصيات الأخرى، أو حتى الإشارة من قبل الشخصيات الثانوية إلى تلك الخطيئة. بحيث يدرك المتلقي مبكراً بأن ذلك سيكون بمثابة بداية النهاية للبطل، الأمر الذي قد يضعف عنصر التشويق. ففي مسرحية (الدكتور فاوستس) كانت العيبة هي الطموح المفرط لعالم كانت له الهيبة والشهرة في زمنه. دفعه ذلك الطموح الجامح إلى استخدام الفن الأسود أو السحر للهيمنة على العالم، مما قاده إلى أن يلقى حتفه، وكذا الحال مع (ماكبث) الذي تزعم الجيوش وحقق الانتصارات، قادته غريزة حب السلطة إلى ارتكاب تلك العيبة، وهي قتل الملك، فانتهى مشنوقاً.
في رواية (بنت دجلة) للكاتب العراقي محسن الرملي، استطاع المؤلف بحذاقة أن يضع ثلاثة من تلك التصرفات في شخصية واحدة، مما يجعلها، في رأيي، واحدة من الشخصيات الأكثر تراجيدية في الرواية الحديثة، فتركيبة شخصية (قِسمة) المثيرة، المعقدة، الصعبة، امتلكت بشكل مقنع الكثير من السمات والدوافع المتضادة، والانفعالات النبيلة الدنيئة، الشريرة الخيرة، المنتقمة المثيرة للشفقة، الظالمة المظلومة... كان لديها حب المال والجاه والطموح المفرط والسعي إلى السلطة بطرق ملتوية، وفي لحظات معينة، توحي لنا بأنها تزهد أو تمقت كل ذلك.
استطاع الكاتب أن يسيطر على مشاعرنا ويتحكم بها عن بعد بواسطة أداة تحكم اسمها (قسمة)، شخصية تعد عينة مكثفة للطبيعة البشرية بانفعالاتها المتناقضة... تارة تبكي وتارة تنتقم… ووضع فيها شراسة الأسد وجمال الغزالة وشراهة الضبع. فهي البنت الفخورة بأبيها والناقمة عليه، وهي الأم المدافعة عن ابنها ومتهربة منه في الوقت نفسه، الساعية لضمانة تأمينه أكثر من نفسها بغرض التحرر منه، بين يتيمة خذلها واضطهدها الناس، وبين متسلطة وقحة جدا... كل تلك الانفعالات، كانت تسير بها (وبنا معها) نحو حتفها دون الشعور بذلك. وبذلك، تستدرجنا رواية (بنت دجلة)، نحن والشخصية معاً، دون أن ندرك، إلى نهاية تراجيدية مُركبة. كان مثلث الحدث الدرامي (triangle of dramatic events)، قائم الزاوية في هذه الرواية، ولم يكن لرتابة المثلث متوازي الأضلاع من وجود، إذ أن العمل قد جاء كله ذروة، فنحن نسير مع «قسمة» في صعود، ثم هبوط بعد اختطافها، ثم ذبحها وهي تتأمل النهر والبساتين… فنشعر بفداحة خسارتها، وكأننا مسؤولون عنها، عن حمايتها... كأنها تعنينا شخصياً. في لحظة ما، ضغط محسن الرملي على زر جهاز التحكم بمشاعرنا عن بعد، ليقلبها من التحامل والغضب ضد قسمة إلى الشعور بالتعاطف الكبير معها وإدراك فداحة خسارتها.



سائق ياباني يخسر 83 ألف دولار بسبب 7 دولارات!

السائق رفع دعوى ضد سلطات المدينة (رويترز)
السائق رفع دعوى ضد سلطات المدينة (رويترز)
TT
20

سائق ياباني يخسر 83 ألف دولار بسبب 7 دولارات!

السائق رفع دعوى ضد سلطات المدينة (رويترز)
السائق رفع دعوى ضد سلطات المدينة (رويترز)

خسر سائق حافلة ياباني عمل 29 عاماً تعويضه التقاعدي البالغة قيمته 83 ألف دولار، بعد سرقة ما يعادل 6.82 دولار من سعر تذكرة الركاب.

وطردت سلطات مدينة كيوتو الرجل الذي لم تفد بهويته، بعدما صوّرته كاميرا مراقبة داخل حافلته وهو يختلس 6 يوروات (1000 ين) عام 2022، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ورفع السائق دعوى ضد سلطات المدينة بعد رفضها طلبه بالحصول على تعويضه التقاعدي الذي يبلغ 83 ألف دولار (أكثر من 12 مليون ين). وبعدما أدين الرجل في البداية، أُلغي الحكم الصادر في حقه إذ وجدت المحكمة أن العقوبة مبالغ بها.

وأصدرت المحكمة العليا، الخميس، حكماً نهائياً لصالح المدينة وأعادت فرض العقوبة الأساسية، معتبرة أنّ سلوكه قد يقوض الثقة العامة في النظام والإدارة السليمة لخدمة الحافلات.

وفي وقت الحادث، صعدت مجموعة من خمسة ركاب إلى الحافلة ودفعوا 1150 يناً. ثم طلب السائق منهم إيداع 150 يناً في صندوق التبرعات، وقبل شخصياً ورقة نقدية بقيمة 1000 ين (ستة يوروات) لم يُعلن عنها.

ورغم تصويره، حاول الرجل الذي تم توبيخه مرات عدة بسبب حوادث مختلفة بحسب حكم المحكمة، إنكار الوقائع خلال مقابلة مع مدير عمله.

وقال شينيتشي هيراي، وهو مسؤول في مكتب النقل العام في كيوتو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة: «كل سائق حافلة يعمل بمفرده ويدير المال العام. لقد أخذنا هذا الاختلاس على محمل الجد».