صندوق شكاوى لامتصاص غضب عناصر النظام السوري

بعد اعتقال مقدم اشتكى من «فساد يلتهم طعام الجنود»

TT

صندوق شكاوى لامتصاص غضب عناصر النظام السوري

خصصت وزارة الدفاع بدمشق صندوقاً للشكاوى على موقعها الإلكتروني؛ ليتمكن عناصرها من «إرسال أي شكوى وبسرية تامة»، في مسعى لاحتواء موجة الانتقادات التي طالت المسؤولين عن إطعام قوات النظام والاستياء الذي عمّ أوساط عناصر الجيش وذويهم، على خلفية اعتقال المقدم معن عيسى في سلاح الجو قبل أيام.
ورجّح مقربون من المقدم عيسى، أن يكون سبب الاعتقال، منشوراً له عبر حسابه في «فيسبوك» بداية شهر أغسطس (آب) الحالي، بعنوان «طفح الكيل»، انتقد فيه بحدة المسؤولين عن إطعام الجيش، متهماً إياهم بسرقة طعام المقاتلين، ومتوعداً «بفضح فسادهم». وقد أرفق مع المنشور صور حبات من الخيار والبطاطا الفاسدة، نموذجاً للطعام الذي يقدم للمقاتلين.
وزارة الدفاع خاطبت عبر موقعها المقاتلين ليكونوا «شركاء في الإشارة إلى النواقص، وفضح مكامن العيوب والتجاوزات»، موضحة أنه «تم إنشاء الصفحة لمساعدة المقاتلين، وأن عليهم عدم استغلالها لأغراض التشهير والعبث».
ويحظى الضابط معن عيسى الذي لاقى منشوره تفاعلاً واسعاً في أوساط الموالين، بالتقدير، داخل أجهزة النظام؛ لاستبساله في معارك مطار منغ العسكري ضد الفصائل المعارضة، ومعارك مطار كويرس عام 2015 ضد تنظيم «داعش»، وصموده خلال حصار المطار وبقائه في موقعه رغم إصابته، حتى أطلق عليه الموالون للنظام لقب «أسطورة مطار كويرس».
المقدم عيسى وصف الواقع المزري الذي يعانيه جنود النظام بعد عشر سنوات من الحرب بـ«العهر الممنهج». وقال «خضنا الموت ولم نمت، ولكن لا يمكن أن نقبل بما يحصل اليوم». وتوجه بالسؤال إلى «كل مسؤول عن إطعام الجيش العربي السوري، هل تقبل لابنك أن يأكل هذا؟ (...) أين لجان التفتيش والتحقيق مما يحصل بحقنا؟» مؤكداً على أن ما يحصل في موضوع الإطعام «فساد يفوق الوصف والخيال». وختم متوعداً «لن نسكت بعد اليوم، سنرجمكم بقذارتكم ونفضح فسادكم وطغيانكم».
والفساد في صفقات إطعام قوات النظام، قضية ليست جديدة، وأثيرت مرات عدة خلال السنوات الأخيرة، لا سيما بعد الدخول العسكري الروسي إلى ساحة الحرب في سوريا، عندما طرحت المقارنة ذاتها بين جعالة طعام الجندي الروسي المؤلفة من حصة غذائية غنية ومتكاملة، وجعالة طعام الجندي السوري التي تكاد تقتصر على نوع من الخضراوات مع البيض، وأحياناً لحوم دجاج، بقيمة مالية لا تتجاوز الـ500 ليرة سورية يومياً. وهذا بعد زيادة الحصة بنسبة 100 في المائة عام 2018، وحينها كانت الـ500 ليرة تعادل دولارين ونصف الدولار الأميركي. ومع أن قيمة الليرة تدهورت وأصبح الدولار الواحد يعادل الفي ليرة، بقيت جعالة طعام العسكري على حالها، أي أقل من ربع دولار، ما قيمته أربع بيضات فقط. وبدل تحسين طعام الجنود تردت نوعية المواد الغذائية المقدمة، لا سيما الخضراوات كما بدت في الصور التي نشرها المقدم معن عيسى.
الصحافي وعضو مجلس الشعب السابق نبيل صالح في تعليقه على نبأ اعتقال المقدم عيسى، وصفه بـ«رامبو السوري»، وقال، إن الانقسام الحاصل في سوريا هو بين «دولة مؤيدي تسلط السلطة وحماة الوطن والمواطن، ومؤيدي السلطة لأجل منافعهم»، ولفت إلى أن الفئة الأخيرة «يعرفون من كثرة صور الرئيس الأسد في مضافاتهم وعلى سياراتهم وساعاتهم الثمينة، التي يغطون بها على ثرواتهم وفسادهم، ويزايدون علينا بمديحه ومحبته».
غير أن مصادر إعلامية في دمشق، رجحت أن يكون السبب الحقيقي لاعتقال المقدم عيسى، انتقاده ضمن هاشتاغ «صوتك قاتلك»، انتخابات مجلس الشعب التي جرت في يوليو (تموز) الماضي، وتم خلالها توزيع مقاعد المستقلين على أمراء الحرب والأثرياء الجدد من الداعمين للنظام، وقد استنكر عيسى، فوز رجل الأعمال عامر تيسير بخيتي عن ريف دمشق، وقال إنه «فاز بدماء من قتلوهم واختطفوهم من ضباطنا وجنودنا»، في إشارة إلى أن بخيتي هو شقيق أمين سر «جيش الإسلام»، الذي كان يقوده زهران علوش في دوما بالغوطة الشرقية.
وكانت مديرة موقع «زنوبيا» الإخباري، الصحافية لمى توفيق عباس، قد تعرضت للاستدعاء والتحقيق من قبل الأمن الجنائي بدمشق، بعد كشفها عن أن عامر خيتي الذي كان يقيم في مصر خلال سنوات الحرب الأولى، عاد إلى دمشق مع ثروة هائلة بعد إتمام تسوية الغوطة الشرقية عام 2018. وقالت، إنه شقيق عبد الرحمن خيتي، أمين سر «جيش الإسلام»، وله شقيق ثان تاجر مخدرات، وابن عمه مأمون خيتي أمين سر الذي كان يأمر بقتل وأسر جنود النظام. كما ذكرت عباس أن عائلة الخيتي رفضت التسوية وغادرت إلى إدلب عند إخراج الفصائل المسلحة من الغوطة الشرقية عام 2018.



محاولات إخماد الحريق مستمرة في ميناء الحديدة بعد الضربات الإسرائيلية

حريق ضخم في منشأة لتخزين النفط في أعقاب الغارات الإسرائيلية على مدينة الحديدة الساحلية (أ.ف.ب)
حريق ضخم في منشأة لتخزين النفط في أعقاب الغارات الإسرائيلية على مدينة الحديدة الساحلية (أ.ف.ب)
TT

محاولات إخماد الحريق مستمرة في ميناء الحديدة بعد الضربات الإسرائيلية

حريق ضخم في منشأة لتخزين النفط في أعقاب الغارات الإسرائيلية على مدينة الحديدة الساحلية (أ.ف.ب)
حريق ضخم في منشأة لتخزين النفط في أعقاب الغارات الإسرائيلية على مدينة الحديدة الساحلية (أ.ف.ب)

يواصل عناصر الإطفاء محاولاتهم لإخماد النيران التي اندلعت في ميناء الحديدة اليمني الذي يسيطر عليه الحوثيون، بعد ساعات من ضربات إسرائيلية تسببت باندلاع حريق هائل يوم السبت وأسفرت عن قتلى وجرحى بحسب وسائل إعلام حوثية.

وقال موظف في الميناء لم يشأ كشف هويته إن الحريق يتواصل في مستودعات الوقود ومحطة إنتاج الكهرباء، لافتاً إلى أن احتواء الحريق يتطلب أياماً عدة؛ الأمر الذي أكده أيضاً الخبراء في شؤون اليمن، كون فرق الإطفاء تفتقر إلى المعدات اللازمة.

حريق ضخم في منشأة لتخزين النفط في أعقاب الغارات الإسرائيلية على مدينة الحديدة الساحلية (أ.ف.ب)

يشكل الميناء الاستراتيجي الذي يقع غرب اليمن نقطة دخول رئيسية للوقود والمساعدات الإنسانية، والضربات هي الأولى التي تتبناها إسرائيل منذ عمليات «السابع من أكتوبر» في البلد الذي يبعد عن أراضيها نحو 1800 كيلومتر، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وتوعَّد المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع بـ«رد هائل على العدوان» الإسرائيلي.

وأعلن المتحدث أن الحوثيين أطلقوا صواريخ باليستية تجاه مدينة إيلات الإسرائيلية على البحر الأحمر، فيما أفاد الجيش الإسرائيلي الأحد بأنه اعترض صاروخاً آتياً من اليمن و«كان يقترب من إسرائيل».

وكانت مقاتلات إسرائيلية أغارت، السبت، على أهداف للحوثيين في ميناء مدينة الحديدة اليمنية غداة تبني جماعة الحوثي هجوماً بمسيرة مفخخة أوقع قتيلاً في تل أبيب.

وفي منشور على منصة «إكس»، أعلنت وكالة «سبأ» بنسختها الحوثية نقلاً عن وزارة الصحة التابعة للحوثيين سقوط 3 قتلى، ولاحقا نقلت وكالات أنباء عن مصادر طبية ارتفاع الحصيلة إلى 6 قتلى.

وتوعد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بعمليات أخرى ضد الحوثيين «إذا تجرأوا على مهاجمتنا».

والأحد، غطَّت سحابة كثيفة من الدخان الأسود أجواء الحديدة، وفق مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» في المكان.

وأدان مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية بأشد العبارات الهجوم، وعده انتهاكاً لسيادة الأراضي اليمنية، ومخالفة صريحة لكافة القوانين والأعراف الدولية. وحمّل المصدر، في بيان، إسرائيل المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات جراء الغارات الجوية، بما في ذلك تعميق الأزمة الإنسانية التي فاقمتها جماعة الحوثي بهجماتها الإرهابية على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، فضلاً عن تقوية موقف الجماعة المتمردة المدعومة من إيران، وسردياتها الدعائية المضللة.

وأثارت الضربات والتهديدات اللاحقة التي أطلقها المسؤولون الإسرائيليون، وإعلان الحوثيين استمرار الهجمات مخاوف اليمنيين من تكرار سيناريو الدمار الذي أحدثته في قطاع غزة داخل بلدهم.