بوادر غضب تركي من اتفاق وقف النار في ليبيا

TT

بوادر غضب تركي من اتفاق وقف النار في ليبيا

عبرت تركيا عن قلقها إزاء ما وصفته بـ«تكرار الأخطاء التي ارتكبت خلال الأزمة السورية في ليبيا أيضاً من قبل الدول الصديقة والحليفة»، ما اعتبر انتقاداً ضمنياً لاتفاق وقف إطلاق النار بين حكومة الوفاق الوطني والبرلمان الليبي المنتخب في طبرق، خصوصاً أنه لم يصدر إزاءه أي رد فعل رسمي تركي حتى الآن.
وواصلت تركيا إرسال طائرات الشحن العسكرية المحملة بالأسلحة والتجهيزات العسكرية إلى قاعدة الوطية جنوب طرابلس. وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إن بلاده «تتابع بقلق تكرار الأخطاء التي ارتكبت في سوريا من قبل بعض البلدان الصديقة والحليفة لتركيا»، من دون أن يحددها بليبيا. وأضاف أكار، خلال مراسم تسليم أنظمة بحرية جديدة للقوات المسلحة في إسطنبول: «نكافح من أجل تحقيق السلام والاستقرار والهدوء في ليبيا، وتأمين سيادة أراضيها ووحدتها السياسية، وفق مبدأ ليبيا لليبيين».
وتدعم تركيا حكومة الوفاق الليبية، وتزودها بالسلاح والاستشارات العسكرية، إلى جانب آلاف المرتزقة الذين دفعت بهم من سوريا إلى ليبيا، حسب الأمم المتحدة وجهات أخرى، ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
ولم يصدر حتى الآن تعليق رسمي من تركيا على اتفاق وقف إطلاق النار بين المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق»، ومجلس النواب الليبي في طبرق، المعلن، الجمعة، بينما أكد موقع الرصد العسكري الإيطالي المتخصص في حركة الطيران الحربي «إيتميل» استمرار جسر نقل الأسلحة بين تركيا وغرب ليبيا. وقال إنه رصد تحرك طائرتين تابعتين للقوات الجوية التركية من طرازي «لوكهيد سي 130 إي» و«إيرباص إيه 400 إم» بين إسطنبول ومصراتة.
وأضاف الموقع أن الطائرتين وصلتا إلى مصراتة، أول من أمس، وانتقلتا إلى قاعدة الوطية الجوية في جنوب طرابلس التي تحولت إلى قاعدة عسكرية تابعة لتركيا، وعادتا مرة أخرى إلى إسطنبول بعد إفراغ شحنتيهما، عبر مصراتة أيضاً.
وتحدثت وسائل إعلام تركية عن عدم رضا أنقرة على اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، الذي تردد أنه جاء بضغوط من ألمانيا من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى، بهدف تهيئة الأوضاع لحل الأزمة في ليبيا، وإجراء الانتخابات، وتحقيق الاستقرار.
ويزور وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، أنقرة، اليوم (الثلاثاء)، قبل زيارة مماثلة لأثينا لبحث التوتر بين تركيا واليونان في شرق المتوسط، وإعداد أرضية للحوار بينهما. وقالت مصادر دبلوماسية إن المباحثات التي سيجريها ماس مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو ستتناول أيضاً التطورات في ليبيا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.