ضغوط أميركية لخفض عدد «يونيفيل» ومنع انتهاكات «حزب الله»

فرنسا تقدم مشروعاً «متوازناً» يطالب بحكومة لبنانية تستجيب لتطلعات الشعب

دورية لليونيفيل والجيش اللبناني في جنوب لبنان (يونيفيل)
دورية لليونيفيل والجيش اللبناني في جنوب لبنان (يونيفيل)
TT

ضغوط أميركية لخفض عدد «يونيفيل» ومنع انتهاكات «حزب الله»

دورية لليونيفيل والجيش اللبناني في جنوب لبنان (يونيفيل)
دورية لليونيفيل والجيش اللبناني في جنوب لبنان (يونيفيل)

وزعت فرنسا مشروع قرار في مجلس الأمن يسمح بتمديد القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل)، حتى نهاية أغسطس (آب) 2021 بغية مواصلة تطبيق القرار 1701، ولكنه تضمن تعديلات وصفها دبلوماسيون بأنها «متوازنة»، في محاولة للتغلب على ضغوط من الولايات المتحدة لإدخال «تغييرات» على التفويض الممنوح لهذه المهمة الدولية، ومنها خفض عددها بنسبة الثلث والاكتفاء بستة أشهر بدلاً من عام كامل وإعطائها «صلاحيات أوضح» لمنع المسلحين والأسلحة غير المشروعة في منطقة عملياتها بين الخط الأزرق ونهر الليطاني.
وحصلت «الشرق الأوسط» على المسودة الثانية التي وزعت على أعضاء المجلس بعد ثلاث جولات من المفاوضات. ووضعت تحت الإجراء الصامت حتى اليوم (الاثنين) لمعرفة ما إذا كان أي من الدول الـ15 يرغب في المزيد من التعديلات. وعلى رغم من أن فرنسا، حاملة القلم في المسائل المتعلقة بلبنان في مجلس الأمن، لم تستجب لمطالب الولايات المتحدة «لأن بعضها يتعدى التفويض الممنوح للقوة بموجب القرار 1701 الذي صدر عام 2006 تحت الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة». وكشف دبلوماسي أنه «حتى الجولة الأخيرة من المفاوضات، كانت المفاوضة الأميركية سامانتا ساتون تصر على ثلاثة تعديلات: خفض سقف عديد اليونيفيل من 15 ألفاً إلى عشرة آلاف، وخفض مدة التمديد من 12 شهراً إلى ستة أشهر، ومنع (حزب الله) من مواصلة انتهاكاته للقرار 1701». وينتهي التفويض الراهن لليونيفيل في 31 أغسطس.
تقرير جديد بعد 60 يوماً
وخلافاً للرغبة الأميركية، وزع المفاوضون الفرنسيون المسودة الثانية لمشروع القرار المؤلفة من 29 فقرة، وفيها يقرر مجلس الأمن «تمديد التفويض الحالي للقوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان حتى 31 أغسطس 2021»، مرحباً بـ«توسيع النشاطات المنسقة بين اليونيفيل والجيش اللبناني، ويدعو إلى زيادة تعزيز التعاون من دون المساس بتفويض اليونيفيل». وأشار إلى طلبه «تحديد جداول زمنية محددة بشكل مشترك وسريع من الجيش اللبناني والأمين العام للأمم المتحدة» بغية نشر القوات المسلحة اللبنانية «بشكل فعال ودائم في جنوب لبنان والمياه الإقليمية اللبنانية بوتيرة متسارعة من أجل التنفيذ الكامل لأحكام القرار 1701»، مكرراً دعوته حكومة لبنان إلى «تقديم خطة لزيادة قدراتها البحرية في أقرب وقت ممكن، بما في ذلك الدعم المناسب من المجتمع الدولي، بهدف تقليص القوة البحرية لليونيفيل في نهاية المطاف ونقل مسؤولياتها إلى الجيش اللبناني».
وأدخلت فقرة جديدة على المسودة تفيد بأن المجلس «يرحب بتقرير الأمين العام (للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش) في شأن تقييم الاستمرارية ذات الصلة لموارد اليونيفيل وخياراتها لتحسين الكفاءة والفاعلية بين اليونيفيل ومكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، مع مراعاة الحد الأقصى لعدد القوات والمكون المدني في اليونيفيل». ويطلب كذلك من الأمين العام أن «يضع خطة مفصلة، مع جداول زمنية ونماذج محددة، بما في ذلك عبر التشاور مع الأطراف والبلدان المساهمة بقوات، لتنفيذ التوصيات، ويطلب منه كذلك أن يقدم العناصر الأولى لتلك الخطة لمجلس الأمن في غضون 60 يوماً من إصدار القرار». ويحض على «زيادة الدعم الدولي للجيش اللبناني وكل المؤسسات الأمنية للدولة». ويندد بـ«كل انتهاكات الخط الأزرق، جواً وبراً»، داعياً كل الأطراف إلى «احترام وقف الأعمال العدائية، ومنع أي انتهاك للخط الأزرق واحترامه برمته، والتعاون بشكل كامل مع الأمم المتحدة واليونيفيل».
وإذ يرحب مجلس الأمن بـ«الدور البناء الذي تؤديه الآلية الثلاثية» بين لبنان والأمم المتحدة وإسرائيل في «تيسير التنسيق وتهدئة التوترات»، يشجع «اليونيفيل، بالتنسيق الوثيق مع الطرفين، على تنفيذ تدابير لزيادة تعزيز قدرات الآلية الثلاثية، بما في ذلك إنشاء لجان فرعية إضافية». وطالب كل الأطراف بـ«ضمان احترام حرية تنقل اليونيفيل لى الخط الأزرق بكل أجزائه احتراماً كاملاً ومن دون عوائق»، مندداً «بأشد العبارات بكل المحاولات الرامية إلى تقييد حرية حركة أفراد اليونيفيل وكل الهجمات على أفراد اليونيفيل ومعداتها». ويدعو الحكومة اللبنانية إلى «تسهيل وصول اليونيفيل الفوري والكامل إلى المواقع التي تطلبها بغرض التحقيق السريع، تماشيا مع القرار 1701، مع احترام السيادة اللبنانية».
ويأذن مشروع القرار لليونيفيل «من دون الإضرار بتنفيذ تفويضها وفي حدود قدراتها الحالية، باتخاذ تدابير مؤقتة وخاصة لتقديم الدعم للبنان وشعبه في أعقاب الانفجارات التي وقعت في مرفأ بيروت»، طالباً من الأمين العام «إجراء تقييم لأثر تلك الإنفجارات على أفراد اليونيفيل وقدراتها وعملياتها، بالإضافة إلى توصيات لمعالجة هذا الأثر، بهدف الحفاظ على استمرارية عمليات اليونيفيل وفاعليتها».
وأضيفت فقرات عدة على ديباجة مشروع القرار تفيد بأن مجلس الأمن يعبر عن «تضامنه مع الشعب اللبناني» في أعقاب الانفجارات التي شهدتها بيروت في 4 أغسطس 2020، ورحب بالمؤتمر الدولي حول تقديم المساعدة والدعم للبنان وبيروت، الذي نظمته فرنسا والأمم المتحدة في 9 أغسطس 2020 داعياً إلى «تشكيل سريع لحكومة جديدة قادرة على الاستجابة لحاجات وتطلعات الشعب اللبناني والتحديات الرئيسية الحالية التي يواجهها لبنان، ولا سيما إعادة إعمار بيروت وإجراء الإصلاحات الضرورية للغاية بغية التغلب على الوضع الحالي والتعافي من الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الحادة غير مسبوقة». وإذ يأخذ علماً بموافقة الحكومة اللبنانية على خطة اقتصادية وكذلك بقرارها طلب برنامج من صندوق النقد الدولي، يؤكد «الحاجة الملحة إلى أن تستجيب السلطات اللبنانية لتطلعات الشعب اللبناني من خلال تنفيذ إصلاحات اقتصادية ذات مغزى، ولا سيما الالتزامات التي جرى تعهدها في إطار مؤتمر سيدر وكذلك في اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان الذي عقد في باريس في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2019».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».