«الإدارة الذاتية» تنفي حواراً مع النظام وتتهمه باغتيال شيوخ عرب

«مجلس سوريا الديمقراطية» غير معني بـ«الدستورية»

حكمت حبيب نائب الرئاسة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»
حكمت حبيب نائب الرئاسة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»
TT
20

«الإدارة الذاتية» تنفي حواراً مع النظام وتتهمه باغتيال شيوخ عرب

حكمت حبيب نائب الرئاسة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»
حكمت حبيب نائب الرئاسة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»

نفى آلدار خليل، المسؤول الكردي البارز لدى الإدارة الذاتية، عقد لقاءات رسمية مع الحكومة السورية، مؤكداً أن «الحكومة لم تقدم حتى الآن على أي خطوة جدية أو إيجابية في هذا السياق». وعلّق على الدور الروسي الداعم للنظام الحاكم، بقوله إن «موسكو تحمي مصالحها ووجودها في سوريا، ولم تتحرك بخصوص اللقاءات بين الإدارة والحكومة، فهي تنفذ قسماً من مخططاتها عبر تركيا، ولم تفِ بوعودها فيما يخص الهجمات التركية على مناطقنا».
ودعا خليل إلى تغليب لغة الحوار السوري والحلول السلمية، وزاد: «إذا اتفقت الإدارة الذاتية مع دمشق، فإنها لن تكون مجبرة على الاتفاق مع شركات أو دول خارجية»، في إشارة إلى الاتفاق النفطي الذي أعلن نهاية الشهر الماضي بين الإدارة الذاتية وشركة أميركية نفطية، منوهاً: «ماؤنا وأرضنا ونفطنا لجميع الشعب السوري، فإذا لم يقبل النظام بالحوار؛ فليس من حقه المطالبة بتقديم الخيرات، وعليه الاعتراف بالإدارة التي تعمل على أرض الواقع، وأن يتحاور معها».
وحول عمليات الاغتيال التي طالت شيوخ ووجهاء عرب بارزين بريف دير الزور الشرقي، اتهم آلدار خليل النظام الحاكم بالوقوف خلف هذه العمليات، وقال: «النظام جنّد عدداً من الشباب في دير الزور وقتل وجهاء وشيوخ العشائر العربية، وفي اليوم التالي اتهم (قسد) والإدارة، ودائماً يقول بشكل علني إنه لا يقبل بأن يدير أبناء المنطقة منطقتهم».
وتعد مدينة دير الزور ثاني كبرى محافظات سوريا من حيث المساحة، وهي غنية بالنفط، غير أنها منقسمة السيطرة بين القوات النظامية الموالية للأسد من جهة، و«قوات سوريا الديمقراطية» العربية الكردية المدعومة من واشنطن من جهة ثانية، وتتمتع فيها العشائر بنفوذ واسع، إذ تسيطر على مفاصلها، وتسعى كل جهة عسكرية إلى مهادنتها وكسب ولائها، وشدد المسؤول الكردي بأن «العرب والأكراد تكاتفوا لطرد (تنظيم داعش) من المنطقة، كما أنهم كانوا يقظين ولم ينجروا خلف ألاعيب النظام بخلق فتنة بين مكونات المنطقة، لمحاربة الإدارة الذاتية».
في سياق متصل، أعلن «مجلس سوريا الديمقراطية» المدعوم من واشنطن أنه غير معني بمخرجات تشكيل اللجنة الدستورية السورية، وأن نتائج هذه الاجتماعات لا تمثله، نظراً لإقصائه وتغييب مشاركة ممثليه. وطالب بإعادة النظر في اختيار المندوبين، على أن يقوم السوريون باختيارهم، وأن يكتبوا دستورهم بأنفسهم.
ومن المقرر أن تبدأ أولى اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، اليوم، بحضور المبعوث الأممي الخاص لسوريا، غير بيدرسن. وقال حكمت حبيب نائب رئاسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، إن نتائج هذه المباحثات لا تمثلهم «لأننا غير مشاركين فيها، وعند تشكيل لجنة دستورية، يجب أن يقوم السوريون باختيار أعضائها ليكتبوا دستورهم بأنفسهم، لا أن تتم بإملاءات خارجية وفق مصالح تلك الجهات، بعيداً عن مصالح الشعب السوري». وانتقد عمل اللجنة الذي ينحصر بين تفاهمات الدول الراعية لمسارات آستانا وسوتشي، تركيا وإيران وروسيا. وأضاف: «هي بعيدة عن الواقع، وكثير من السوريين مغيبون عن تشكيلتها، فنحو 5 ملايين سوري يعيشون في شمال وشرق البلاد غير ممثلين على المستوى المجتمعي أو السياسي أو الإداري».
واعتبر حبيب أن «المحادثات تنطلق مع حقيقة وجود أراضٍ محتلة من قبل تركيا وفصائل سورية موالية لها»، من بينها مدن وبلدات جرابلس وأعزاز والباب وعفرين بريف حلب الشمالي ورأس العين بالحسكة وتل أبيض في الرقة، إلى جانب التوتر العسكري بإدلب وريفها، غربي البلاد. واعتبر حبيب أن «مناقشة مستقبل سوريا ودستورها في هذه المرحلة، ستكون كسابقاتها، عبارة عن مضيعة للوقت ومارثون طويل الأمد، وستبقي البلاد في حالة من الانقسام والتشظي». وحمّل المبعوث الأممي بيدرسن، مسؤولية محاولته تحقيق اختراق على حساب تمثيل باقي مكونات سوريا، ولفت إلى ضرورة إيجاد صيغ وحلول رسمية وفق القرار الأممي 2254. بمشاركة حقيقية للقوى الفاعلة على الأرض، في اللجنة الدستورية، أو عبر المباحثات الخاصة بالأزمة السورية، بعيداً عن المصالح الدولية والإقليمية التي لا تراعي مصالح الشعب السوري.



أميركا تكثّف ضرباتها على الحوثيين ووزير دفاعها يتوعّد إيران

عنصر حوثي يحمل قاذفة قنابل خلال المشاركة في تشييع جنازة أشخاص قتلوا إثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل قاذفة قنابل خلال المشاركة في تشييع جنازة أشخاص قتلوا إثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)
TT
20

أميركا تكثّف ضرباتها على الحوثيين ووزير دفاعها يتوعّد إيران

عنصر حوثي يحمل قاذفة قنابل خلال المشاركة في تشييع جنازة أشخاص قتلوا إثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل قاذفة قنابل خلال المشاركة في تشييع جنازة أشخاص قتلوا إثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

ركَّزت الولايات المتحدة ضرباتها، يوم الخميس، على تحصينات الحوثيين في صعدة والجوف، وصولاً إلى الحديدة، غرباً على البحر الأحمر، استمراراً لحملتها المتصاعدة لإرغام الجماعة على التوقف عن تهديد الملاحة ومهاجمة إسرائيل.

ومع عدم وجود سقف زمني لانتهاء الحملة التي أمر بها الرئيس دونالد ترمب، في 15 مارس (آذار) الماضي، توعد وزير الدفاع بيت هيجسيث إيران لجهة دعمها للحوثيين الذين يقولون إن تصعيدهم يأتي لمناصرة الفلسطينيين في غزة.

ومنذ بدء الحملة، نفّذ الجيش الأميركي أكثر من ألف ضربة استهدفت أغلب المناطق الخاضعة للحوثيين ابتداءً من معقلهم الرئيسي في صعدة، وصولاً إلى صنعاء وضواحيها وعمران وذمار والبيضاء وإب وانتهاء بخطوط التماس في مأرب والجوف وجنوبَ الحديدة.

وبحسب ما أورده الإعلام الحوثي، استهدفت 3 غارات، الخميس، مديرية كتاف في صعدة، حيث معقل الجماعة الرئيسي، كما استهدفت غارة موقعاً في مدينة الحديدة على البحر الأحمر.

لهب ودخان يتصاعد في ليل صنعاء إثر غارات أميركية على موقع مفترض للحوثيين (إ.ب.أ)
لهب ودخان يتصاعد في ليل صنعاء إثر غارات أميركية على موقع مفترض للحوثيين (إ.ب.أ)

إلى ذلك اعترفت الجماعة بتلقي سلسلة من الغارات على مواقعها في مديرية «خب والشعف»، التابعة لمحافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء)، دون التطرق إلى الخسائر العسكرية على مستوى العتاد والعناصر، كما هو دأب الجماعة في التعتيم على الأضرار بهدف الإبقاء على معنويات أتباعها.

ويوم الثلاثاء، كانت بريطانيا انضمت لأول مرة إلى ضربات ترمب ضد الحوثيين؛ حيث استهدفت في عملية مشتركة مع الجيش الأميركي موقعاً في جنوب صنعاء لتجميع الطائرات المسيرة، مستخدمة مقاتلات «تايفون» وقنابل دقيقة التوجيه.

وعلى الرغم من حديث الجيش الأميركي عن تقليص قدرات الجماعة الحوثية على شن الهجمات إلى نحو النصف، فإن الحكومة اليمنية ترى أن التهديد لا يمكن أن ينتهي دون وجود قوة على الأرض، داعية إلى إسناد قواتها الشرعية لتولي هذه المهمة.

وتسببت الضربات (بحسب البيانات الأميركية) في مقتل المئات من مقاتلي الحوثيين وعدد كبير من قادتهم، بمن في ذلك مسؤولون كبار عن الصواريخ والطائرات المسيرة. كما دمرت الضربات عدة منشآت للقيادة والسيطرة، وأنظمة دفاع جوي، ومرافق تصنيع أسلحة متقدمة، ومستودعات تخزين للأسلحة المتطورة.

وعيد أميركي لإيران

على وقع الهجمات الحوثية المستمرة ضد القوات الأميركية، وباتجاه إسرائيل حذر وزير الدفاع الأميركي، بيت هيجسيث، إيران، من أنها ستدفع ثمن دعمها للحوثيين في اليمن.

وكتب هيجسيث على منصة «إكس» رسالة إلى إيران: «نرى دعمكم الفتاك للحوثيين. نعرف تماماً ما الذي تفعلونه. وأنتم تدركون جيداً ما يستطيع الجيش الأميركي فعله، وقد تم تحذيركم. ستدفعون الثمن في الوقت والمكان الذي نختاره».

وأعاد هيجسيث نشر رسالة سبق أن نشرها الرئيس دونالد ترمب على منصة «تروث سوشيال»، في مارس، وقال فيها الرئيس إنه سيعتبر إيران مسؤولة عن أي هجمات تنفذها الجماعة الحوثية.

وتتولى حاملتا الطائرات الأميركية «هاري ترومان» و«كارل فينسون»، مهمة ضرب الحوثيين؛ حيث تتمركز الأولى مع مجموعتها في شمالي البحر الأحمر، في حين تتمركز الأخيرة في البحر العربي.

كما عزَّز الجيش الأميركي وجوده في الأسابيع الماضية، ونشر 6 قاذفات من طراز «بي - 2» في جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي، وهو موقع يقول الخبراء إنه مثالي للعمليات في الشرق الأوسط.

وخسرت القوات الأميركية، هذا الأسبوع، أولى مقاتلاتها في البحر الأحمر، في حادث لم تتضح تفاصيله، لتضاف بذلك إلى نحو 7 مسيّرات فقدتها منذ بدء حملة ترمب الجديدة.

عنصر حوثي في صنعاء يعاين الأضرار في موقع ضربته غارة أميركية (أ.ب)
عنصر حوثي في صنعاء يعاين الأضرار في موقع ضربته غارة أميركية (أ.ب)

ولم تتخذ حتى الآن واشنطن تغييراً في استراتيجية حملتها على الحوثيين؛ إذ باتت الضربات اليومية أمراً روتينياً على مختلف المواقع التي يُعتقد أنها لتخزين الأسلحة والقدرات العسكرية، لكن لا يستبعد المراقبون أن تدعم واشنطن عملية برية يقودها الجيش اليمني.

وتعهَّد الجيش الأميركي مواصلة تصعيد الضغط والعمل على تفكيك قدرات الحوثيين بشكل أكبر، ما داموا استمروا في عرقلة حرية الملاحة، مؤكداً تنفيذ أكثر من ألف ضربة من بدء العملية التي أطلق عليها «الفارس الخشن».

وكانت الولايات المتحدة فرضت حظراً على دخول الوقود إلى موانئ سيطرة الحوثيين منذ الخامس من أبريل (نيسان)، ودمرت مقاتلاتها قبل أسبوعين ميناء رأس عيسى النفطي، عندما حاولت الجماعة تحدي قرار الحظر.

هجمات جديدة

في ظل مزاعم الحوثيين أنهم مستعدون لمواجهة «طويلة الأمد» مع الولايات المتحدة، مع تهوينهم من أثر الضربات الجوية على قدراتهم، أعلن المتحدث العسكري باسمهم، يحيى سريع، ليل الأربعاء، شن هجمات جديدة ضد القوات الأميركية وباتجاه إسرائيل.

وادعى المتحدث الحوثي استهداف حاملة الطائرات الأميركية «كارل فينسون» والقطع المرافقة لها في بحر العرب بالطائرات المسيرة، دون أن يؤكد الجيش الأميركي هذه المزاعم.

مجسم لطائرة من دون طيار وضعه الحوثيون في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مجسم لطائرة من دون طيار وضعه الحوثيون في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

وفي السياق نفسه، ادعى سريع في بيان متلفز تنفذ عملية ضد أهداف عسكرية في منطقة تل أبيب بثلاث طائرات مُسيرة، ومهاجمة هدف حيوي إسرائيلي في منطقة عسقلان بطائرة مُسيرة. ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على هذه الادعاءات.

وتتبنى الجماعة بشكل شبه يومي مهاجمة القوات الأميركية في البحر الأحمر والبحر العربي حيث تتمركز حاملتا طائرات مع القطع الحربية المرافقة، كما تبنت مهاجمة إسرائيل بـ16 صاروخاً وعدد من المسيرات منذ بدء حملة ترمب.

ومنذ انخراط الحوثيين في الصراع البحري والإقليمي بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أطلقوا نحو 200 صاروخ ومسيرة باتجاه إسرائيل، وتسببت هجماتهم البحرية في غرق سفينتين، وقرصنة ثالثة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة وضربة جوية، في عهد الرئيس جو بايدن، بين 12 يناير (كانون الثاني) 2024. و20 يناير 2025. قبل أن تتوقف إثر هدنة غزة المنهارة بين إسرائيل وحركة «حماس».

الجيش الأميركي نفذ أكثر من ألف ضربة ضد مواقع الحوثيين في اليمن منذ منتصف مارس (إ.ب.أ)
الجيش الأميركي نفذ أكثر من ألف ضربة ضد مواقع الحوثيين في اليمن منذ منتصف مارس (إ.ب.أ)

وردَّت إسرائيل على الهجمات الحوثية السابقة في خمس موجات انتقامية، كان آخرها في 10 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ حيث ضربت موانئ ومستودعات وقود ومحطات كهرباء في صنعاء والحديدة، كما طالت الغارات مطار صنعاء الدولي.

ولم تردّ إسرائيل على أي هجمة للحوثيين حتى الآن منذ أطلق ترمب حملته؛ إذ يبدو أنها تركت المهمة للقوات الأميركية التي كثفت ضرباتها على مخابئ سلاح الجماعة وتحصيناتها وخطوط تماسها مع القوات الحكومية.

ويربط الحوثيون توقف هجماتهم بإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإدخال المساعدات، في حين تربط واشنطن وقف حملتها بإنهاء تهديد الجماعة للملاحة.

يُشار إلى أن مسار السلام في اليمن توقف منذ انخراط الحوثيين في التصعيدين البحري والإقليمي، وسط مخاوف أممية من انهيار التهدئة القائمة مع القوات الحكومية لأكثر من 3 أعوام، والعودة إلى جولة أخرى من القتال قد تكون الأكثر عنفاً.