«عودة الموت» إلى شواطئ ليبيا

«الدولية للهجرة» تعيد 118 شخصاً إلى غانا

جانب من ترحيل 118 مهاجراً غانياً من ليبيا ضمن «العودة الطوعية» (المنظمة الدولية للهجرة)
جانب من ترحيل 118 مهاجراً غانياً من ليبيا ضمن «العودة الطوعية» (المنظمة الدولية للهجرة)
TT

«عودة الموت» إلى شواطئ ليبيا

جانب من ترحيل 118 مهاجراً غانياً من ليبيا ضمن «العودة الطوعية» (المنظمة الدولية للهجرة)
جانب من ترحيل 118 مهاجراً غانياً من ليبيا ضمن «العودة الطوعية» (المنظمة الدولية للهجرة)

استغلت مافيا الاتجار بالبشر المنتشرة في مدن غرب ليبيا حالة الهدوء النسبي عقب توقف الحرب في البلاد، وعادت لنشاطها القديم، في استقطاب ضحاياها من المهاجرين الأفارقة والآسيويين لتهريبهم إلى أوروبا.
وقال مسؤول أمني إن أجهزة الشرطة في مدن صبراتة والزاوية وزوارة (بغرب البلاد) تشن حملات مكثفة «على أوكار هذه العصابات التي تستخدمها كـ(نقاط تجميع) لمئات من الشباب الراغبين في الهجرة غير المشروعة، مقابل الأموال»، مشيراً إلى أن هذه المداهمات تسفر دائماً عن ضبط مجموعات من الشباب من مختلف الجنسيات الأفريقية والآسيوية «تم إخفاؤهم في شقق سكنية بعيداً عن عيون الأجهزة الأمنية لحين تسريبهم إلى البحر خلسة».
وأضاف المسؤول الأمني لـ«الشرق الأوسط» أنه في نهاية الأسبوع الماضي، لقي 45 مهاجراً حتفهم غرقاً في المتوسط، بعدما تم إنقاذ العشرات، لافتاً إلى أنه قبل هذه الحادثة التي وصفتها المنظمة الدولية للهجرة بالأكثر مأساوية خلال العام الحالي، غرق ثلاثة شباب أفارقة.
وتحدث المسؤول الليبي عن أن شواطئ بعض المدن المُطلة على «المتوسط» كانت ودعت لفترة تقترب من عام عمليات تهريب المهاجرين، «لكن العصابات المختصة استغلت الشباب المتلهفين على الهجرة وعاودت نشاطها من جديد، ومن ثم بدأت هذه الشواطئ في استقبال مزيد من جثث الغرقى».
وقالت المنظمة الدولية للهجرة مساء أول من أمس، إن أكثر من 300 مهاجر ولاجئ لقوا مصرعهم أثناء محاولتهم عبور البحر من ليبيا إلى أوروبا هذا العام، «لكن العدد الفعلي للقتلى قد يكون أعلى من ذلك بكثير».
ورأت المنظمة الأممية أن هناك «حاجة ملحة لتوسيع نطاق البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط»، داعية وكالات الأمم المتحدة إلى تكثيف عمليات البحث والإنقاذ في المتوسط، في أعقاب غرق السفينة المأساوي الذي أودى بحياة 45 مهاجراً ولاجئاً.
وقبل نحو أسبوع أوقفت أجهزة الأمن بمدينة زوارة (شمال غربي) أحد الليبيين المتهمين بالاتجار بالبشر، بعدما حررت 66 مهاجراً من باكستان وبنغلاديش، كان قد أودعهم داخل شقة مستأجرة بالمدينة تمهيداً للدفع بهم إلى البحر.
وبات يتردد في الأوساط الليبية تمكن عشرات الليبيين من الهجرة غير المشروعة إلى أوروبا بعضهم يتمكن من الوصول والآخرون يغرقون في «المتوسط»؛ واحد من هؤلاء هو الشباب الليبي أحمد عبد العزيز الزروق، الذي روى رحلته عبر حسابه على «فيسبوك»، بعد وصوله في قوارب الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا.
ولفت إلى أن رحلته تستهدف «الدراسة وتحصيل العلم، وأن مفارقة الأهل والأحباب والأصحاب أمر قاس وصعب تحت أي ظرف».
وقبل يومين قالت المنظمة الدولية للهجرة إنها تمكنت من ترحيل 118 مهاجراً غانياً، كانوا عالقين في ليبيا بسبب الإجراءات الاحترازية للتعامل مع جائحة «كورونا»، لافتة إلى أن عملية الترحيل تمت على متن رحلة طيران هي الأولى لـ«برنامج العودة الطوعية» التابع المنظمة الدولية للهجرة، منذ أن بدأت فترة توقف مؤقتة منذ خمسة أشهر، وقالت إن من بين المرحلين سبع نساء وثلاثة أطفال ورضيعين تم فحصهم طبياً من قبل المنظمة الدولية للهجرة قبل المغادرة وتلقوا أدوات الحماية الشخصية مثل الأقنعة والقفازات ومعقمات اليدين والمساعدة النفسية والاجتماعية.
وتابعت المنظمة بأنها ستواصل تقديم الدعم خلال فترة الحجر الصحي التي تبلغ 14 يوماً بغانا، ثم المساعدة في إعادة إدماجهم في الوطن. ونقلت المنظمة عن روجرسون باباتاغري، (47 عاماً)، وهو عامل بناء أصيب بجروح خطيرة في حادث مروري، «أتيت إلى ليبيا وعملت لجمع ما يكفي من المال لدفع الرسوم الدراسية لأطفالي في غانا».
وتابع: «لكنني لم أعد أستطيع العمل كما كان من قبل، فقد قررت العودة إلى بلدي بغض النظر عن حقيقة أنني لم أكسب ما يكفي من المال لتغطية الرسوم الدراسية لأولادي. الآن أنا سعيد للغاية لأنني سأرى عائلتي بعد سبع سنوات. كان من الصعب جداً البقاء بعيداً عنهم في ظل هذا الوضع».
وقال أشرف حسن، مدير «برنامج العودة»، إن «كوفيد - 19» أضاف تعقيدات جديدة لم تمكن للبرنامج الذي يعد شريان حياة بالغ الأهمية للمهاجرين الراغبين في العودة إلى ديارهم منذ بدء الرحلات الجوية في عام 2015. ولفت إلى أنه في ظل قيود التنقل الناجمة عن فيروس «كورونا» والنزاع المتصاعد في ليبيا خلال الأيام الماضية، تلقت المنظمة الدولية للهجرة العديد من الطلبات الجديدة للحصول على مساعدة (VHR) حيث تم تسجيل أكثر من 2300 مهاجر للعودة الطوعية إلى بلدانهم الأصلية منذ مارس (آذار).
وانتهى حسن قائلاً: «نواصل تشغيل خط ساخن مع المهاجرين والعمل من كثب مع السفارات والسلطات الليبية والهيئات الحكومية في البلدان الأصلية لمساعدة الراغبين في العودة إلى ديارهم وإعادة بناء حياتهم من جديد».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).