قالت مصادر فلسطينية مطلعة على فحوى المفاوضات التي تجري لنزع فتيل التصعيد في قطاع غزة إن الوسطاء يضغطون بشكل متواصل من أجل اتفاق أولي يضمن تطبيق إسرائيل جزءاً مهماً من الطلبات التي وضعتها حركة حماس في عهدة الوفد المصري، على أن تنفذ الطلبات الباقية في وقت لاحق، مقابل وقف الحركة التصعيد المنطلق من القطاع، لكنها تصطدم بتمسك الطرفان بتنفيذ مطالبهما أولاً.
وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن إسرائيل ترفض التجاوب من دون وقف التصعيد، و«حماس» ترفض التوقف من دون تجاوب إسرائيل، ولذلك يضغط الوسطاء لاتفاق متدرج يضمنوه هم.
وكثف الوسطاء اتصالاتهم بكل من إسرائيل و«حماس» في الأيام القليلة الماضية، مع الخشية من تطور المواجهة الحالية إلى حرب حقيقية بسبب حدث غير متوقع أو محسوب العواقب.
ونقلت حركة حماس إلى إسرائيل، عبر الوفد الأمني المصري، الأسبوع الماضي، سلسلة من الطلبات الرئيسية من أجل وقف التصعيد الحالي، تشمل الموافقة على مشاريع البنية التحتية الاقتصادية المتعلقة بالكهرباء والمياه، والسماح بحركة الاستيراد والتصدير، وزيادة تصاريح العمل للعمال الغزيين إلى 100 ألف تصريح، وزيادة مساحة الصيد إلى 20 ميلاً، وفتح معبر كرم أبو سالم التجاري دون إغلاق. وطلبت «حماس» تنفيذ مشاريع متفق عليها سابقاً عبر الأمم المتحدة، وإدخال مواد كانت ممنوعة، والإبقاء على المنحة القطرية ومضاعفتها إلى الحد الذي يسمح باستخدام جزء منها لدفع رواتب موظفي الحكومة في القطاع.
ورفضت إسرائيل التجاوب مع أي مطلب قبل وقف إطلاق البالونات الحارقة ومظاهرات الإرباك الليلي، وأبلغت الوسطاء أنها مستعدة للتصعيد باتجاه جولة حرب جديدة، فردت «حماس» بأنها جاهزة لمثل هذه المعركة.
ويعتقد أن تتجاوب الحكومة الإسرائيلية مع بعض المطالب في نهاية المطاف التي لن يعترض عليها جهاز الأمن العام (الشاباك)، المتعلقة بالمشاريع، والسماح بإدخال المال القطري، لكنها سترفض ما يرفضه «الشاباك»، وهو مبدئياً زيادة التصاريح، وإدخال مواد مزدوجة الاستعمال، وتقليل القيود على حركة التجار.
وتضغط مصر، إلى جانب الأمم المتحدة، الآن، من أجل إعادة الهدوء، كما تعهدت قطر باستمرار دفع الأموال، لكن أي اتفاق لم يخرج للعلن بعد، بسبب رغبة الطرفين في وضع قواعد جديدة لأي اتفاق.
واستمرت «حماس»، أمس، بإرسال البالونات الحارقة، ونظمت مظاهرات ليلية، ردت عليها إسرائيل بمواصلة القصف، وإبقاء إجراءاتها العقابية التي شملت سحب جميع تسهيلاتها السابقة، وتعهدت بالمزيد.
وقصفت المدفعية الإسرائيلية، أمس، مواقع لـ«حماس» شرق محافظتي رفح وخان يونس (جنوب قطاع غزة)، دون إصابات. وقال الجيش إن القصف تم رداً على إطلاق قذيفتان صاروخيتان من غزة باتجاه النقب الغربي، اعترضت منظومة القبة الحديدة إحداهما، فيما سقطت الأخرى في أراضي القطاع.
وأحصت إسرائيل إطلاق 17 قذيفة صاروخية من غزة خلال أسبوع، ومئات البالونات الحارقة خلال 3 أسابيع.
وعثر على أسطح إحدى البنايات في بئر السبع على بالون ناسف، فككه خبير متفجرات، كما سجلت 28 حريقاً بفعل البالونات يوم الجمعة، و7 حرائق حتى منتصف يوم السبت.
وتسبب الوضع الحالي بتعمق الأزمة الإنسانية في القطاع الذي يعاني من 14 عاماً من حصار إسرائيلي. وأبقت إسرائيل بطبيعة الحال على الإجراءات التي اتخذتها سابقاً، وشملت وقف الوقود عن غزة، ما فاقم من مشكلات كثيرة، من بينها توقف محطة توليد الكهرباء في القطاع، وانقطاع الكهرباء عن الغزيين غالبية ساعات اليوم.
وأكد جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، السبت، أن مصانع غزة قلصت من عملها وطاقتها الإنتاجية إلى 20 في المائة بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي للعام الرابع عشر على التوالي، وأزمة الكهرباء الأخيرة، وضعف القوة الشرائية.
وقال الخضري، في بيان: «لليوم التاسع على التوالي، يستمر الاحتلال بفرض القيود المشددة على معبر كرم أبو سالم (المعبر التجاري الوحيد)، ويمنع دخول مواد البناء، والوقود بشكل كامل، بما فيه الوقود المخصص لمحطة التوليد، وهو ما تسبب بانعكاسات خطيرة على غزة، من حيث تصاعد حدة الأزمة الإنسانية، حيث توقفت محطة توليد الكهرباء الوحيدة منذ 4 أيام، ودخل القطاع في أزمة إنسانية جديدة خانقة تطال مليوني فلسطيني في مناحي الحياة كافة».
وأكد الخضري أن الأزمات وصلت القطاع الصحي والصناعي والبيئي والزراعي والمياه، وكل القطاعات في مهب الريح، فغزة بلا كهرباء ولا حياة، ولا يمكن أن تستمر الحياة من دون الاحتياجات الأساسية من كهرباء ووقود.
وأشار الخضري إلى ارتفاع عدد العمال المُعطلين عن العمل إلى أكثر من 320 ألف عامل بسبب الحصار والأزمات المتتالية. وأردف: «إن هذا كله يضاف إلى معاناة متفاقمة أصلاً بسبب الحصار المستمر، تمس الحياة الإنسانية بشكل يخالف القانون الدولي، واتفاقية جنيف الرابعة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان».
ودعا الخضري العالم للتدخل الفوري العاجل لإنهاء هذه العقوبة الجماعية التي يحاسب عليها القانون الدولي. ووجه نداءً عاجلاً إلى جميع الدول المعنية والمؤسسات والأمم المتحدة أن تخصص دعماً خاصاً لإنقاذ الحالة الإنسانية في غزة، حيث تشكل كل هذه الأزمات عبئاً على المواطن، مبيناً أن ما نسبته 80 في المائة يعيشون تحت خط الفقر.
وشدد الخضري على أن استمرار هذه الحالة الكارثية دون تدخل عربي ودولي سيجعل من هذه الأوضاع حالة صعبة جداً يصعب تخطيها.
اتصالات مكثفة للتهدئة بين إسرائيل و«حماس» تصطدم بالتعنت
الخضري: الأزمات وصلت إلى كل مناحي الحياة... و80 % من الغزيين تحت خط الفقر
اتصالات مكثفة للتهدئة بين إسرائيل و«حماس» تصطدم بالتعنت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة