اتصالات مكثفة للتهدئة بين إسرائيل و«حماس» تصطدم بالتعنت

الخضري: الأزمات وصلت إلى كل مناحي الحياة... و80 % من الغزيين تحت خط الفقر

فلسطينيون يلوحون بالبالونات الحارقة بالقرب من رفح (أ.ف.ب)
فلسطينيون يلوحون بالبالونات الحارقة بالقرب من رفح (أ.ف.ب)
TT

اتصالات مكثفة للتهدئة بين إسرائيل و«حماس» تصطدم بالتعنت

فلسطينيون يلوحون بالبالونات الحارقة بالقرب من رفح (أ.ف.ب)
فلسطينيون يلوحون بالبالونات الحارقة بالقرب من رفح (أ.ف.ب)

قالت مصادر فلسطينية مطلعة على فحوى المفاوضات التي تجري لنزع فتيل التصعيد في قطاع غزة إن الوسطاء يضغطون بشكل متواصل من أجل اتفاق أولي يضمن تطبيق إسرائيل جزءاً مهماً من الطلبات التي وضعتها حركة حماس في عهدة الوفد المصري، على أن تنفذ الطلبات الباقية في وقت لاحق، مقابل وقف الحركة التصعيد المنطلق من القطاع، لكنها تصطدم بتمسك الطرفان بتنفيذ مطالبهما أولاً.
وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن إسرائيل ترفض التجاوب من دون وقف التصعيد، و«حماس» ترفض التوقف من دون تجاوب إسرائيل، ولذلك يضغط الوسطاء لاتفاق متدرج يضمنوه هم.
وكثف الوسطاء اتصالاتهم بكل من إسرائيل و«حماس» في الأيام القليلة الماضية، مع الخشية من تطور المواجهة الحالية إلى حرب حقيقية بسبب حدث غير متوقع أو محسوب العواقب.
ونقلت حركة حماس إلى إسرائيل، عبر الوفد الأمني المصري، الأسبوع الماضي، سلسلة من الطلبات الرئيسية من أجل وقف التصعيد الحالي، تشمل الموافقة على مشاريع البنية التحتية الاقتصادية المتعلقة بالكهرباء والمياه، والسماح بحركة الاستيراد والتصدير، وزيادة تصاريح العمل للعمال الغزيين إلى 100 ألف تصريح، وزيادة مساحة الصيد إلى 20 ميلاً، وفتح معبر كرم أبو سالم التجاري دون إغلاق. وطلبت «حماس» تنفيذ مشاريع متفق عليها سابقاً عبر الأمم المتحدة، وإدخال مواد كانت ممنوعة، والإبقاء على المنحة القطرية ومضاعفتها إلى الحد الذي يسمح باستخدام جزء منها لدفع رواتب موظفي الحكومة في القطاع.
ورفضت إسرائيل التجاوب مع أي مطلب قبل وقف إطلاق البالونات الحارقة ومظاهرات الإرباك الليلي، وأبلغت الوسطاء أنها مستعدة للتصعيد باتجاه جولة حرب جديدة، فردت «حماس» بأنها جاهزة لمثل هذه المعركة.
ويعتقد أن تتجاوب الحكومة الإسرائيلية مع بعض المطالب في نهاية المطاف التي لن يعترض عليها جهاز الأمن العام (الشاباك)، المتعلقة بالمشاريع، والسماح بإدخال المال القطري، لكنها سترفض ما يرفضه «الشاباك»، وهو مبدئياً زيادة التصاريح، وإدخال مواد مزدوجة الاستعمال، وتقليل القيود على حركة التجار.
وتضغط مصر، إلى جانب الأمم المتحدة، الآن، من أجل إعادة الهدوء، كما تعهدت قطر باستمرار دفع الأموال، لكن أي اتفاق لم يخرج للعلن بعد، بسبب رغبة الطرفين في وضع قواعد جديدة لأي اتفاق.
واستمرت «حماس»، أمس، بإرسال البالونات الحارقة، ونظمت مظاهرات ليلية، ردت عليها إسرائيل بمواصلة القصف، وإبقاء إجراءاتها العقابية التي شملت سحب جميع تسهيلاتها السابقة، وتعهدت بالمزيد.
وقصفت المدفعية الإسرائيلية، أمس، مواقع لـ«حماس» شرق محافظتي رفح وخان يونس (جنوب قطاع غزة)، دون إصابات. وقال الجيش إن القصف تم رداً على إطلاق قذيفتان صاروخيتان من غزة باتجاه النقب الغربي، اعترضت منظومة القبة الحديدة إحداهما، فيما سقطت الأخرى في أراضي القطاع.
وأحصت إسرائيل إطلاق 17 قذيفة صاروخية من غزة خلال أسبوع، ومئات البالونات الحارقة خلال 3 أسابيع.
وعثر على أسطح إحدى البنايات في بئر السبع على بالون ناسف، فككه خبير متفجرات، كما سجلت 28 حريقاً بفعل البالونات يوم الجمعة، و7 حرائق حتى منتصف يوم السبت.
وتسبب الوضع الحالي بتعمق الأزمة الإنسانية في القطاع الذي يعاني من 14 عاماً من حصار إسرائيلي. وأبقت إسرائيل بطبيعة الحال على الإجراءات التي اتخذتها سابقاً، وشملت وقف الوقود عن غزة، ما فاقم من مشكلات كثيرة، من بينها توقف محطة توليد الكهرباء في القطاع، وانقطاع الكهرباء عن الغزيين غالبية ساعات اليوم.
وأكد جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، السبت، أن مصانع غزة قلصت من عملها وطاقتها الإنتاجية إلى 20 في المائة بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي للعام الرابع عشر على التوالي، وأزمة الكهرباء الأخيرة، وضعف القوة الشرائية.
وقال الخضري، في بيان: «لليوم التاسع على التوالي، يستمر الاحتلال بفرض القيود المشددة على معبر كرم أبو سالم (المعبر التجاري الوحيد)، ويمنع دخول مواد البناء، والوقود بشكل كامل، بما فيه الوقود المخصص لمحطة التوليد، وهو ما تسبب بانعكاسات خطيرة على غزة، من حيث تصاعد حدة الأزمة الإنسانية، حيث توقفت محطة توليد الكهرباء الوحيدة منذ 4 أيام، ودخل القطاع في أزمة إنسانية جديدة خانقة تطال مليوني فلسطيني في مناحي الحياة كافة».
وأكد الخضري أن الأزمات وصلت القطاع الصحي والصناعي والبيئي والزراعي والمياه، وكل القطاعات في مهب الريح، فغزة بلا كهرباء ولا حياة، ولا يمكن أن تستمر الحياة من دون الاحتياجات الأساسية من كهرباء ووقود.
وأشار الخضري إلى ارتفاع عدد العمال المُعطلين عن العمل إلى أكثر من 320 ألف عامل بسبب الحصار والأزمات المتتالية. وأردف: «إن هذا كله يضاف إلى معاناة متفاقمة أصلاً بسبب الحصار المستمر، تمس الحياة الإنسانية بشكل يخالف القانون الدولي، واتفاقية جنيف الرابعة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان».
ودعا الخضري العالم للتدخل الفوري العاجل لإنهاء هذه العقوبة الجماعية التي يحاسب عليها القانون الدولي. ووجه نداءً عاجلاً إلى جميع الدول المعنية والمؤسسات والأمم المتحدة أن تخصص دعماً خاصاً لإنقاذ الحالة الإنسانية في غزة، حيث تشكل كل هذه الأزمات عبئاً على المواطن، مبيناً أن ما نسبته 80 في المائة يعيشون تحت خط الفقر.
وشدد الخضري على أن استمرار هذه الحالة الكارثية دون تدخل عربي ودولي سيجعل من هذه الأوضاع حالة صعبة جداً يصعب تخطيها.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».